العجز الجنسي والعلاجات السايكولوجية الحديثة

تتطور الحياة باستمرار وبسرعة، فكل يوم لدينا اختراع جديد وموقع إلكتروني جديد وعملة رقمية جديدة، وربما كل ساعة وكل دقيقة، فهذا التسارع الرهيب على الرغم من كل فوائده في تسهيل حياة الناس، غير أنَّ هذا التطور الجنوني لا يخلو من الآثار السلبية من قلق وتوتر ينعكس على الصحة النفسية للإنسان، ويؤثر كذلك في جميع وظائف أجهزة الجسم، ومنها الجهاز التناسلي والوظيفة الجنسية، وسنسلط الضوء على موضوع العجز الجنسي من جوانبه المختلفة، وسنركز على العلاجات السايكولوجية الحديثة التي تتناول هذه المشكلة.



ما هو تعريف العجز الجنسي؟

يتضمن تعريف العجز الجنسي وجود أيَّة مشكلة تمنع أحد الزوجين أو كلاهما من الشعور بالرضى أو المتعة خلال عملية النشاط الجنسي؛ إذ أثبتت إحدى الدراسات الحديثة ذات الموثوقية العالية أنَّ نحو 43% من السيدات ونحو 31% من الرجال يعانون بدرجة معينة من العجز الجنسي، فإنَّ العجز الجنسي هو اضطراب قد يحدث خلال أيَّة مرحلة من مراحل الاستجابة الجنسية بشكل يمنع الإنسان من الشعور بالرضى عن العملية الجنسية.

تشير الأبحاث إلى أنَّ العجز الوظيفي الجنسي منتشر بكثرة، ولكنَّ معظم الناس لا تحب الحديث عنه، لأسباب اجتماعية ونفسية معروفة للجميع، لكن يجب على من يعاني من هذه المشكلة مشاركة مخاوفه مع الشريك ومقدِّم الرعاية الصحية.

ما هي أنماط العجز الجنسي؟

تتضمن دورة الاستجابة الجنسية المراحل الآتية المعروفة وهي الإثارة، والهضبة، والنشوة، والراحة، مع الأخذ في الحسبان أنَّ بعض النساء لا يمرون بشكل دائم بكل هذه المراحل، وكل مشكلة تحدث في أيَّة مرحلة من المراحل ينجم عنها اضطراب مختلف، وفق ما يأتي:

  1. اضطرابات في مرحلة الرغبة: قلة الرغبة الجنسية أو نقص الاهتمام بالجنس عموماً.
  2. اضطرابات في مرحلة الإثارة: وتتضمن عدم القدرة على الإثارة الجسدية أو نقص الإثارة في أثناء الجماع.
  3. اضطرابات في مرحلة النشوة: التي تتضمن تأخر أو غياب النشوة "ذروة الجماع".
  4. اضطرابات في عملية الإيلاج أو الإدخال: والتي تتضمن ألماً في أثناء الجماع أو عسر الجماع.

ما هي الأعمار التي تُصاب بالضعف الجنسي؟

يمكن أن يصيب الضعف الجنسي الإنسان في أي عمر، غير أنَّه أكثر شيوعاً عند من تزيد أعمارهم عن 40 سنة، بسبب ارتباطه الكبير بتدهور الصحة الناجم عن التقدم في السن.

ما هي أعراض العجز الجنسي عند الرجال؟

  1. نقص القدرة على تحقيق الانتصاب أو الحفاظ عليه لفترة كافية لإنجاز جماع كامل ينتهي برضى الطرفين.
  2. عدم وجود القذف أو تأخر حدوثه على الرغم من الإثارة الجنسية الكافية.
  3. نقص القدرة على التحكم في توقيت القذف أو ما يسمى بالقذف المبكر.

ما هي أعراض العجز الجنسي عند النساء؟

  1. عدم القدرة على الوصول إلى النشوة أو الرعشة الجنسية، سواء كان ذلك بشكل مستمر أم متقطع.
  2. نقص التزليق المهبلي قبل وفي أثناء الجماع؛ وهذا يسبب آلاماً في المهبل تعوق عملية الإيلاج، وتعوق الوصول إلى الرعشة الجنسية.
  3. عدم القدرة على إرخاء عضلات المهبل بدرجة كافية للسماح بعملية إيلاج مريحة وسلسة، وأغلب أسباب هذه المشكلة تكون نفسية أو عاطفية.
إقرأ أيضاً: البرود الجنسي عند النساء: أسبابه وطرق علاجه

ما هي الأسباب الجسدية للعجز الجنسي؟

يمكن أن تسبب العديد من الأمراض الجسدية أو العضوية اضطرابات في الوظيفة الجنسية، من بينها:

  1. مرض السكري.
  2. أمراض القلب والأوعية الدموية.
  3. الاضطرابات العصبية.
  4. الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي وقصور الكبد.
  5. إدمان الكحول وتعاطي مختلف أنواع المخدرات.
  6. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الضعف الجنسي أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، ومن ذلك بعض الأدوية المضادة للاكتئاب.

ما هي الأسباب النفسية للعجز الجنسي؟

  1. الإجهاد والقلق المرتبطين بالعمل.
  2. القلق بشأن الأداء الجنسي كفيل بإحداث مشكلات في الأداء الجنسي.
  3. المشكلات الزوجية والأسرية.
  4. الاكتئاب واضطرابات القلق المختلفة.
  5. وجود مخاوف بشأن صورة الجسد وهي أكثر شيوعاً عند النساء، وخصوصاً في حال اهتمام زوجها بنساء أخريات جميلات.
  6. آثار الصدمة الجنسية السابقة، مثل الاغتصاب أو التعنيف الجنسي.

ما هي العلاقة بين العجز الجنسي والشعور بالذنب؟

الشعور بالذنب من أكثر المشكلات مشاهدة عند النساء اللواتي يأتين من بيئة منغلقة، تنظر إلى موضوع الجنس على أنَّه خطيئة كبيرة، وتكبر هذه الأفكار عند الطفلة أو حتى الطفل، ويكبر على هذه الاعتقادات، وتترسخ في ذهنه بطريقة غير واعية؛ وهذا يسبب مشكلات سلوكية ونفسية في مرحلة الزواج وخلال الأداء الجنسي، بسبب ارتباط صورة الجنس بالخطيئة والإحساس بالذنب.

ما هي الأدوية التي يمكن أن تسبب العجز الجنسي؟

يمكن أن يكون لبعض الأدوية الموصوفة من قِبل أطباء متخصصين، وحتى الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، تأثير واضح في الأداء الجنسي؛ فإنَّها قد تؤثر في الرغبة الجنسية أو في بلوغ الرعشة الجنسية، ويزداد خطر الآثار الجانبية الجنسية عندما يتناول المريض مجموعة من الأدوية.

إليكم قائمة بأهم الأدوية التي يمكن أن تسبب العجز الجنسي:

  1. يمكن لبعض مضادات الهيستامين ومضادات الاحتقان المتاحة دون وصفة طبية أن تسبب ضعفاً في الانتصاب أو مشكلات في عملية القذف.
  2. مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة ومنها أميتريبتيلين وإيميبرامين.
  3. مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) مثل فلوكستين وسيرترالين وباروكستين.
  4. مثبطات مستقبلات مونو أمين أوكسيديز (MAOIs)، بما في ذلك فينيلزين وترانيلسيبرومين.
  5. الأدوية المضادة للذهان، مثل ثيوريدازين وثيوثيكسين وهالوبيريدول.
  6. الأدوية المضادة للهوس مثل كربونات الليثيوم.

شاهد بالفديو: 6 أسباب قد تعرّضك للعجز الجنسي

ما هي الأدوية التي قد تسبب ضعفاً في عملية الانتصاب؟

تسبب الأدوية المضادة لارتفاع ضغط الدم ضعفاً في عملية الانتصاب؛ وذلك لأنَّها تتسبب في نقص حصة القضيب من الدم؛ وذلك لأنَّ عملية الانتصاب تعتمد على دخول الدم إلى أجواف الجسم الكهفي في القضيب، وأهم هذه الأدوية:

  1. مدرات البول، مثل سبيرونولاكتون والثيازيدات.
  2. ميثيل دوبا، وريزيربين.
  3. حاصرات مستقبلات ألفا الأدرينالية، مثل دواء برازوسين.
  4. حاصرات مستقبلات بيتا الأدرينالية، مثل الدواء الشهير بروبرانولول، المعروف تجارياً باسم الإنديرال.

كيف يمكن تشخيص الضعف الجنسي؟

في معظم الحالات، تدرك أنَّ أمراً ما يعكر استمتاعك أو استمتاع الشريك بعلاقة جنسية طبيعية؛ وهذا يدفعك إلى مراجعة الطبيب الذي يبدأ بأخذ معلومات كاملة عن تاريخك المرضي، وقد يطلب بعض الأطباء تحاليل مخبرية لاستبعاد الأمراض العضوية، التي قد تسبب عجزاً جنسياً، لكن في أغلب الحالات تكون التحاليل طبيعية ولا توحي بوجود أي مرض عضوي حقيقي؛ وذلك لأنَّ أغلب أسباب الاضطرابات الجنسية هي أسباب نفسية بحتة.

ما هو العلاج السلوكي لحالة العجز الجنسي؟

  1. تتضمن العلاجات السلوكية تقنيات مختلفة، ومنها إجراء تعديل للسلوكات السيئة التي تضر العلاقة الجنسية، مثل عدم احترام رغبة الطرف الآخر وما يحبه ويفضله، وهذا يتطلب إجراء حوار صريح بين الزوجين.
  2. يمكن اللجوء إلى إدخال سلوكات جديدة تساعد على حل المشكلة مثل تقنية التحفيز الذاتي لعلاج مشكلات الإثارة والنشوة الجنسية.
  3. يمكن لاختصاصيي العلاج الجنسي مساعدة المرضى الذين يعانون من مشكلات جنسية لا يمكن معالجتها من قِبل الطبيب المعالج، وبالنسبة إلى الزوجين اللذين يرغبان في بدء الاستمتاع بعلاقتهما الجنسية، فإنَّ الأمر يستحق الوقت والجهد للعمل مع اختصاصي علاج جنسي محترف.

ما هو دور العلاج النفسي في حل مشكلات العجز الجنسي؟

  1. يمكن للعلاج النفسي أن يساعد على حل مشكلات العجز الجنسي التي يكون سببها سايكولوجياً، مثل سوابق التعرض للتعنيف الجنسي وخاصة في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى مشاعر القلق المتعلق بنوعية الأداء الجنسي، والتوجس الدائم حيال ما إذا كان هذا الأداء مُرضياً للشريك أم لا.
  2. كذلك يقوم المعالج النفسي بتخفيف مشاعر الذنب حيال فكرة الجنس من خلال تقنيات العلاج المعرفي، وشرح أسباب هذه المشاعر وطريقة التغلب عليها، والتأكيد على أنَّ فترة العلاج قد تكون طويلة؛ إذ إنَّ مشكلة عمرها عشرات السنين، من غير الممكن حلها بين ليلة وضحاها.
  3. علاج اضطراب تشوه صورة الجسد الذي قد يكون علاجه صعباً، وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام بعض الأدوية لفترة محددة.

ما هو دور الحوار المفتوح في علاج المشكلات الجنسية وتجنبها؟

يساعدك التثقيف الجنسي عن السلوكات والاستجابات الجنسية على التغلب على القلق بشأن العملية الجنسية وبعض المشكلات التي قد تحدث خلالها؛ إذ يساعد الحوار المفتوح بين الشريكين عن احتياجات ومخاوف كل طرف، على كسر العديد من الحواجز التي تحول دون حياة جنسية صحية، والقضاء على أيَّة مشكلة صغيرة من بدايتها؛ وذلك قبل أن تتحول إلى اضطراب حقيقي أو مشكلة دائمة قد يكون من الصعب علاجها فيما بعد.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح صحيّة للحصول على علاقة جنسية ناجحة

في الختام:

لا بد من التنويه إلى معلومة في غاية الأهمية، وهي أنَّ العجز الجنسي ليس عاراً أو نقيصة، فالجهاز التناسلي مثله مثل الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي يمكن أن يصيبه المرض، أو قد يدخل في اضطرابات وانتكاسات؛ وهذا يحتم العلاج، ولا يمكن الحصول على العلاج المناسب دون مراجعة الطبيب المتخصص.

تحذِّر الهيئات الطبية في مختلف أنحاء العالم من الانجرار وراء الخرافات والسحر والشعوذة والأساليب العلاجية غير الطبية؛ وذلك لأنَّ لها أضراراً تتجاوز حدود الفوائد، كما أنَّها غير آمنة، وقد تسبب مشكلات لا تُحمَد عقباها.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة