الشرود الذهني عند الأطفال: أسبابه وعلاجه

يُعَدُّ الشرود الذهني من الموضوعات الهامة التي يجب على الأهل الانتباه إليها؛ وذلك لأنَّ تأثيرات الشرود الذهني كثيرة في بناء شخصية الطفل وفي حياته الاجتماعية، والأهم هو تأثيره في التحصيل العلمي للطفل، وهذه الظاهرة منتشرة بكثرة بين جميع الفئات العمرية للأطفال؛ فهي لا تتعلق بأطفال معيَّنين دون غيرهم.



مفهوم الشرود الذهني:

هو عبارة عن خلل بسيط يصيب وظيفة الانتباه؛ إذ يُعطِّل قدرات الطفل الحسيَّة واستجابته إلى المؤثرات الخارجية المحيطة به، فيقلل إحساسه بالمكان والزمان الحالي، فقد يكون تفكيره منشغلاً بأمر ماضٍ أو موضوع يريد القيام به مستقبلاً، وغالباً الأطفال الصغار يتمتعون بخيال واسع؛ الأمر الذي يجعلهم معرَّضين إلى الشرود الذهني أكثر من غيرهم، ومن أبرز أعراض الشرود الذهني عند الأطفال ما يأتي:

  1. عدم إكمال الطفل لنشاط معيَّن يقوم به حتى النهاية، وانتقاله من نشاط إلى آخر فجأة دون الانتهاء من السابق.
  2. يواجه الطفل مشكلة في المثابرة والتحمُّل بشكل دائم.
  3. تشتُّت الطفل فكرياً.
  4. طفل قليل التنظيم ينسى أغراضه باستمرار.
  5. ذاكرة الطفل تكون قصيرة الأمد ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح عند التعلُّم بالإضافة إلى ضعف تركيزه.
  6. غالباً يميل الأطفال في هذه الحالة عندما يُعَلَّمون الكتابة إلى محو ما يكتبونه باستمرار.

أسباب الشرود الذهني عند الأطفال:

كل مشكلة نفسية يتعرَّض إليها الطفل أو الإنسان بشكل عام لها أسباب أدَّت إلى حصولها، ومن أسباب الشرود الذهني:

1. قلة نوم الطفل:

إذ تقول الدراسات إنَّ الطفل الذي يتعرَّض إلى الأرق بشكل مستمر يُرهَق جسمه ويصبح مشتت الذهن ويفقد قدرته على التركيز في أثناء التعلُّم والدراسة؛ وذلك لوجود خلل في نشاط أعضاء الجسم، فيؤدي ذلك إلى تراجُع الإدراك لديه.

2. الحالة النفسية للطفل:

فالطفل مثل الإنسان البالغ تؤثر حالته النفسية في حياته وفي نشاطه اليومي، فيمكن أن تكون حالة الشرود الذهني بسبب قلق نفسي وتوتر عصبي يتعرَّض إليه الطفل، وهذه الاضطرابات التي يعاني منها الطفل هي نتيجة خلل في عائلته، أو مشكلات عائلية مستمرة بين الوالدين، أو عدم اهتمام والديه به؛ مما يجعله مفتقراً إلى الحنان والعطف والحب والحماية، أو وجود مشكلات مادية تجعل الطفل محروماً من عدَّة أمور.

3. وجود الطفل في بيئة غير مريحة له:

مثل البيئة كثيرة الموسيقى أو الفوضى أو الضوضاء، أو المكان غير المريح؛ إذ قد يكون سيئ الإضاءة أو شديد البرد أو الحر ولا يمكنه النوم فيه براحة؛ مما يجعله مشتت التفكير دائماً.

4. معاناة الطفل من مشكلات عضوية واضطرابات صحيَّة مزمنة:

مثل داء السكري، أو ارتفاع الضغط الشرياني، وفقر الدم والأنيميا، أو مشكلات متعلقة بالعينين والأذنين وغيرها من الأمراض التي لها تأثير في قدرة الطفل على الانتباه والتركيز والإدراك.

5. اعتماد الطفل على الغذاء غير الصحي وتناول أطعمة ضارة بصحته:

إذ يمكن عدُّ الغذاء الصحي على أنَّه العامل الأساسي في تحديد مزاج الطفل ونشاطه العقلي؛ وذلك لأنَّه يعطيه الطاقة التي يحتاج إليها ويساهم في نمو دماغه ويحافظ على خلاياه العصبية سليمة، فيمكن ملاحظة الشرود الذهني والتوتر والتشنجات العصبية بشكل أكبر عند الطفل الذي يتغذَّى بشكل قليل، أو يعتمد في غذائه على الوجبات السريعة وعلى الأطعمة الغنية بالسكريات.

شاهد بالفديو: 8 أمراض خطيرة تسببها لك الوجبات السريعة

6. السلوكات الخاطئة في أثناء اللعب:

إذ تؤدي ممارسة بعض العادات الخاطئة إلى نتائج سلبية على شخصية الطفل وعلى مستوى تركيزه وإدراكه، مثل وضع الألعاب في فمه؛ وذلك لأنَّ الكثير من الدراسات تؤكِّد أنَّ المواد التي تُصنَع منها الألعاب قد تكون مواداً ضارة مثل الرصاص، فعندما يضعها في فمه تنتقل إلى دماغه فتتسبب بتدمير خلايا الدماغ.

أيضاً مشاهدة التلفاز بكثرة في مرحلة عمرية صغيرة؛ إذ تؤكِّد الدراسات أنَّ مشكلة إصابة الأطفال في سن السابعة من أعمارهم بالشرود الذهني تزداد عندما تزداد ساعات مشاهدتهم للتلفاز من عمر السنة إلى عمر ثلاث سنوات؛ وذلك بسبب تأثيره الكبير في نمو الدماغ، وأكَّد المتخصصون أنَّ كل ساعة يقضيها الطفل يومياً في مشاهدة التلفاز خلال هذه المرحلة العمرية، تزيد من خطر إصابته بالشرود الذهني بنسبة 10% تقريباً.

7. توكيل الطفل بمهام صعبة:

فعندما تكون المهمة المطلوب منه تنفيذها لا تتناسب مع قدرته الجسدية والعقلية أو غير ممتعة بالنسبة إليه، فسوف يُصاب الطفل سريعاً بالملل وينتقل انتباهه بسهولة إلى أشياء أكثر إثارة له.

8. معاناة الطفل من صعوبة في التعلُّم:

الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التعلُّم يشعرون بالخجل أمام أصدقائهم، ويميلون إلى الشرود بسبب انشغالهم بالتفكير في أنَّهم لا يستطيعون القيام بما يقوم به أصدقاؤهم.

إقرأ أيضاً: 10 وصايا للوالدين للتعامل مع صعوبات التعلم عند الأطفال

معالجة مشكلة الشرود الذهني عند الطفل:

لأنَّ الشرود الذهني من أبرز معوقات التحصيل العلمي والتعلُّم عند الطفل، فلا يمكن التغاضي عن هذه المشكلة، ويجب اتِّباع أساليب العلاج للتغلُّب والسيطرة عليها، ومن هذه الأساليب:

  1. حرص العائلة على إبعاد الطفل عن جو المشكلات والمشاحنات، وحل الخلافات العائلية بعيداً عنه، وتوفير أجواء تسودها المحبة والاحترام دائماً، وإحاطته بالرعاية الكافية.
  2. التحدُّث إلى الطفل دائماً وإشراكه في بعض النقاشات المناسبة لعمره؛ كي لا يشعر بأنَّ عائلته بعيدة عنه، ومن الهام عند التحدُّث إلى الطفل النظر إليه والتركيز في عينيه ليشعر بالاهتمام به؛ مما يدفعه إلى المزيد من الانتباه والتركيز.
  3. تنظيم وقت الطفل وجدول أعماله اليومية؛ إذ يُخصَّص وقت للدراسة ووقت للعب والمرح، ومن الهام اكتشاف مواهب الطفل أو الهوايات التي يحب ممارستها وتخصيص وقت لها، كما يُعَدُّ من الهام تعويد الطفل على ممارسة القليل من الرياضة بما يتناسب مع عمره؛ وذلك لدورها الكبير في زيادة الانتباه والتركيز، وعلى الأهل الانتباه إلى نوع الألعاب التي يلعبها الطفل والتشديد على أن تكون مدة مشاهدة التلفاز قصيرة لتجنُّب آثاره السلبية.
  4. اهتمام الأهل بالنظام الصحي للطفل؛ فمن الضروري تحضير أطعمة غنيَّة بالفيتامينات والعناصر الغذائيَّة الضرورية لنمو الطفل وصحَّة دماغه وخلاياه العصبية، وتجنُّب الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة والسكريات والدهون قدر الإمكان.
  5. عندما يُوعَد الطفل بأمر معيَّن من الضروري الإيفاء بالوعود وعدم الكذب بهذا الشأن عليه؛ مثل وعده بالذهاب في رحلة أو إلى مكان يحبه؛ لما لذلك من تأثير كبير في صحته النفسية، كما يُعَدُّ اتِّباع نظام المكافآت أسلوباً جيداً في زيادة تركيز الطفل وتشجيعه على إنهاء الأعمال التي يُطلَب منه تنفيذها، ومن الهام التنويع في نوع المكافآت المادية أو المعنوية كي لا يعتاد على نمط معيَّن فيشعر بالملل.
  6. يجب تعويد الطفل على النوم في وقت محدَّد مُبكراً وعدم السماح له بالسهر لساعات متأخرة؛ وذلك لأنَّ جسده بحاجة إلى ساعات كافية من الراحة ليبقى بمستوى عالٍ من النشاط والتركيز.
  7. الاستعانة بالألعاب التعليميَّة والذهنية التي تعتمد على الذكاء والتفكير؛ مما يُنشِّط الذاكرة ويجعل الطفل أكثر انتباهاً؛ مثل لعبة الشطرنج التي تحفِّز العقل على حل المشكلات، ولعبة الكلمات المتقاطعة والألغاز التي تتطلَّب التفكير واستخدام الذاكرة.
  8. من الضروري انتباه الأهل ومعرفة طريقة تعلُّم طفلهم؛ هل هي بصرية أم سمعية أم حركية؟ وذلك لأنَّ الأطفال يتعلَّمون بطرائق مختلفة، ويُعَدُّ فهم طريقته ضرورياً جداً لمساعدته على فهم المعلومات بشكل أفضل وزيادة تركيزه خلال الدرس. فإن كان الطفل ممن يتعلَّمون بشكل أفضل بصرياً برؤية المعلومات بنفسه، فيجب السماح له بقراءة هذه المعلومات بنفسه، أمَّا في حال كان يُفضِّل التعلُّم سمعياً، فيجب أن تُقرأ له المعلومات بصوتٍ عالٍ أو السماح له بالدراسة بصوتٍ عالٍ ليسمعَ نفسه فيزداد تركيزه وحفظه للمعلومات، وفي حالة التعلُّم الحركي يحتاج الطفل إلى لمس الأشياء والإحساس بها ليستطيعَ الفهم والتركيز، فعندها من الممكن أن تساعده المجسمات مثلاً على الدراسة.
  9. توكيل المهام إلى الطفل بحسب طاقته وتوزيعها حسب طبيعة نشاطه، فبعض الأطفال لديهم طاقة عالية في الصباح وبعضهم طاقتهم العالية تكون خلال فترة الظهيرة أو المساء، فيمكن وضع المهام أو النشاطات الصعبة خلال فترة النشاط العالي، أما النشاطات البسيطة يجب وضعها في وقت النشاط المُنخفض.
  10. تقسيم المهام الكبيرة إلى عدَّة مهام صغيرة متسلسلة، فمثلاً بدلاً من أن يُطلَب من الطفل حفظ مجموعة صفحات؛ يمكن تقسيمها إلى عدَّة فقرات؛ وذلك ليشعر بالإنجاز عندما ينهي الفقرة ويتحفز ليحفظ الفقرة التالية فيبقى تركيزه عالياً، أو مثلاً بدلاً من أن يُطلَب منه ترتيب غرفته؛ يمكن تقسيم المهمة على عدَّة أيام.
  11. الاهتمام بالصحة الجسدية للطفل؛ ففي حال لُوحِظت أيَّة أعراض تدل على مرض جسدي، يجب المسارعة إلى فحص الطفل وعلاجه تجنُّباً للآثار السلبية لاحقاً.
  12. توفير وسط مريح للطفل خلال الدراسة بعيداً عن الضوضاء والموسيقى الصاخبة وكل ما يمكن أن يُلفت انتباهه ويشتِّت تفكيره.
  13. للمدرسة دور كبير أيضاً في زيادة تركيز الطفل وتحفيزه على الدراسة؛ وذلك من خلال القيام بنشاطات ترفيهية، والاهتمام بوجود ساعات للرياضة ضمن ساعات الدراسة كفاصل مُنشِّط ليَشحن فيه الطفل طاقته من جديد؛ مما يقلِّل من شروده في أثناء تلقِّي المعلومات. من الضروري اهتمام المعلمين بإيصال المعلومة إلى الطلاب بطرائق بسيطة تناسب مستواهم العقلي كي لا يشعر الطفل بصعوبة الفهم؛ مما يتسبب في كرهه للمادة المدروسة وزيادة الملل؛ فيزداد شروده الذهني خلال الاستماع للدرس، ويمكن أن يُعِدَّ المعلم مسابقات للأطفال تكون تعليميَّة ومسلِّية في آنٍ واحد. يُعَدُّ وجود اختصاصيين نفسيين في المدرسة ضرورياً جداً لتوجيه المدرسين إلى الطرائق الصحيحة في التعامل مع الأطفال ولمساعدة الأطفال على معالجة المشكلات التي قد تواجههم خلال دراستهم.

الأطعمة التي تزيد التركيز عند الطفل:

من الأطعمة التي تزيد التركيز عند الطفل نذكر ما يأتي:

  1. الأسماك والمأكولات البحرية والبيض؛ وذلك لاحتوائها على أحماض أوميجا 3 التي تُعَدُّ عنصراً هاماً جداً لزيادة التركيز والذكاء، ويمكن إعداد هذه الأطعمة بطرائق مختلفة كي لا يملَّ الطفل منها.
  2. الخضار الورقية وخاصة السبانخ؛ وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من عنصر الحديد وحمض الفوليك ومادة البيتا كاروتين وفيتامين اللوتين، فكل هذه العناصر تساعد على زيادة التركيز وتنشيط العقل.
  3. البروكلي الذي يُعَدُّ من الأطعمة المُحفِّزة للذاكرة؛ وذلك بسبب غناه بفيتامين C ومادة الكولين.
  4. الكركم الذي يُعَدُّ من التوابل التي تحسِّن من أداء العقل وتُنشِّط الذاكرة؛ إذ يجب إضافتها إلى الطعام من حين إلى آخر.
  5. زيت الزيتون الذي يُحسِّن أداء الذاكرة ويزيد قدرة الطفل على التركيز، فمن الضروري إضافته بشكل دائم إلى الطعام.
  6. الشوكولا الداكنة اللون التي تتميَّز باحتوائها على مضادات الأكسدة والكثير من المعادن كالبوتاسيوم والمغنيزيوم التي تفيد في تحسين الوظائف العقلية.
  7. الموز لغناه بالبوتاسيوم الهام للمحافظة على صحة أعصاب ودماغ الطفل.
  8. الأفوكادو لأنَّه يحتوي على حمض الفوليك والدهون التي تُفيد عقل الطفل.

شاهد بالفديو: 6 أطعمة فعّالة لتعزيز ذكاء الطفل

في الختام:

يبقى الأطفال محوراً رئيساً في حياة والديهم، وتربيتهم هي المهمة الأصعب، ولكنَّها على الرغم من ذلك مهمة تحمل الكثير من البهجة والسرور، ومعرفتهم جيداً وفهم طبيعتهم هما أساس النجاح في تربيتهم وبناء شخصياتهم.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة