الشخصية الواقعية والشخصية الحالمة: 8 أمثلة على اختلاف الشخصيتين

هل تستطيع تحديد نمط شخصيتك؟ هل أنت شخصية أكثر واقعية أم أنَّك شخصية حالمة؟ هل أنت شخصية تميل إلى التركيز على الجانب العملي؟ أم أنَّك تريد السعي وراء الأحلام الكبيرة، وإن كنت ستخفق في تحقيقها؟



تصف هذه الأسئلة الاختلافات الجوهرية بين ما يُعرف بالشخصيات الواقعية والحالمة؛ لذا سنتحدث في هذا المقال عن الاختلافات بين كلٍّ من هذين النوعين من الشخصيات باستخدام ثمانية أمثلة يجب على الجميع أخذها في الحسبان.

من هم الواقعيون ومن هم الحالمون؟

من الهام أولاً تحديد ما هو المقصود بكلٍّ من الشخص الواقعي، والشخص الحالم، فالواقعيون هم الأشخاص الذين يُفضلون العيش في اللحظة الآنية؛ أولئك الذين يركِّزون دائماً على ما يحدث في الوقت الحاضر، إنَّهم لا يميلون إلى استباق الأحداث، ويفضلون أن يكونوا واقعيين، وأن تُفاجئهم الحياة بطريقة إيجابية بين الحين والآخر، ويميلون عند التفكير في أهدافهم إلى أن يقوموا بتحديد أهداف للمستقبل القريب؛ وتركيز الانتباه على ما يمكن تحقيقه في الواقع.

في المقابل، إنَّ الحالمين هم الأشخاص الذين يميلون إلى أن يحلموا بأمور كبيرة؛ فهُم الذين يفضلون أن يُحدِّدوا بأنفسهم أهدافاً عظيمة، وهذا ما يجعلهم يُصابون أحياناً بخيبة أمل، والحالمون هم أولئك الناس الذين يرغبون في تغيير العالم أيضاً، وسيرغب الشخص الحالم بالمحاولة حتى إن كان يعلم أنَّ أهدافه قد لا تتحقق جميعها؛ لذلك فإنَّهم أشخاص يميلون إلى تحديد أهداف كبيرة وبعيدة الأمد.

8 اختلافات بين الواقعيين والحالمين:

توجد بعض الاختلافات الجوهرية بين الشخصيات الواقعية والحالمة، وتشمل الجوانب الآتية:

1. استجابتهم المختلفة للتقلبات:

إحدى أولى الاختلافات التي تظهر بين الواقعي، والحالم هي كيفية استجابتهما للتقلبات، ويُشير التقلب إلى التغيرات السريعة التي تحدث في طريقة ترتيب الأمور، ففي حال تأرجح هذا التوازن واختلَّ بسرعة، حينها سيُشير الأمر إلى وجود حالة مُتقلبة، وسوف يستجيب كلٌّ من الواقعي والحالم لهذا الموقف استجابة مختلفة.

سيقلق الواقعيون عندما ينتبهون لوجود وضع مُتقلب؛ وذلك لأنَّ التقلبات تجعل التنبؤ بالمستقبل أمراً شاقاً؛ لذلك لن يُفضل الأشخاص الواقعيون هذه الحالة؛ لأنَّهم أشخاص يحبُّون أن يكونوا على دراية بما هو قادم، وتُصعِّب التقلبات التنبؤ بالأمر؛ لذا سيود الأشخاص الواقعيون أن يستعيدوا التوازن السابق بأسرع وقت ممكن.

على النقيض من ذلك سيكون الحالمون هم الذين ينظرون إلى الحالة المتقلبة على أنَّها فرصة، وإذا امتلك الحالمون هدفاً محدداً يودُّون تحقيقه على الأرجح؛ فإنَّهم قد يحاولون أن يقوموا بتحويل الحالة المتقلبة إلى أُخرى متوازنة؛ وذلك بإنشاء حالة طبيعية جديدة تتلاءم مع أهدافهم، وهذا ما يجعلنا نرى بوضوح أنَّه سيتفاعل كلٌّ من الحالمين والواقعيين مع التقلبات بطريقة مختلفة في نهاية المطاف.

2. يضعون أهدافهم وضعاً مختلفاً:

ستختلف هاتان الشخصيتان من ناحية كيفية تحديد أهدافهما، فعلى سبيل المثال: سيكون الحالم هو الشخص الذي يضع أهدافاً كبيرة وعظيمة للمستقبل البعيد، وقد تبدو هذه الأهداف غير واقعية بالنسبة إلى بعض الناس.

لكن من ناحية أخرى تُشير هذه الأهداف إلى رؤية مستقبلية، فبالنسبة إلى الحالم، لا يُشكل عدم قدرته على تحقيق هذه الأهداف في المستقبل مشكلة؛ إذ إنَّه يُفضِّل أن يكون شخصاً شديد الطموح، وأن يحاول ويفشل بين الحين والآخر بدلاً من التعايش مع الأسف والندم.

في المقابل، إنَّ الواقعي هو الشخص الذي سيضع أهدافاً قصيرة الأمد، ويسير نحوها سيراً تدريجياً، إضافة إلى ذلك، قد يملك الشخص الواقعي نموذجاً معيناً يستخدمه لتحديد تلك الأهداف.

فعلى سبيل المثال: يحبُّ معظم الواقعيين استخدام قوالبٍ لتحقيق أهدافهم، مثل أسلوب الأهداف الذكية (SMART)؛ إذ تكون هذه الأهداف قابلة للقياس، ويمكن تحقيقها بواقعية، وتستند إلى وقت محدَّد، وبوجود أُسسٍ واضحة يضع الواقعيون أنفسهم على أهبَّة الاستعداد لتحقيق تلك الأهداف، وبعدما يقوم بتحقيقها سيضع الواقعي أهدافاً جديدة للمستقبل، وعلى الرَّغم من أنَّ هذه الأهداف قد لا تكون بحجم أهداف الشخص الحالم، لكن يظنُّ الواقعيون أنَّهم سيتمكنون من تحقيقها.

3. كيفية اختلافهم من ناحية الابتكار:

سيمنح كلٌّ من الحالم والواقعي تركيزاً لعملية الابتكار، ولكنَّهم سيتعاملون معها تعاملاً مختلفاً تماماً، فعلى سبيل المثال: سيستمر الشخص الواقعي بالسير حسب النظام المعتاد مُتجنباً المخاطرة عندما يتعلق الأمر بعملية الابتكار؛ إذ إنَّه يعتقد أنَّها مهمة فريق البحث والتطوير، ولكنَّه سيعمل عملاً وثيقاً مع هذا الفريق من أجل إحداث تطور تدريجي لبعض المنتجات والخدمات الحالية، ليقوم بعد ذلك بإنتاج منتجٍ مُبتَكر يمثل تطوراً طبيعياً لما يُمثل حالة قائمة كانت موجودة بالفعل.

في المقابل، سيكون الحالم هو الشخص الذي يحاول أن يبتكر في حالات الاضطراب؛ فقد يحاول مثلاً ابتكار مُنتَج أو خدمة جديدة كُلياً تُغير الطريقة التي يتعاطى الناس بها مع العالم.

على الرَّغم من أنَّ إنجاز أمرٍ بهذه الطريقة قد يستغرق وقتاً طويلاً، إلا أنَّ الشخص الحالِم يدرك أنَّه في حال كان مُنتَجه ناجحاً، فقد يكون لديه القدرة على تغيير الطريقة التي يعيش الناس بها حياتهم اليومية، وللحالمين هدف كبير وشامل للمستقبل؛ وذلك لأنَّهم لا يخشون أن يُخِلُّوا بالوضع الراهن باتباعهم هذه العملية المبتكرة.

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات لتدريب نفسك على الابتكار

4. كيفية اختلافهم من الناحية القيادية:

من الممكن أن يكون الشخص قائداً سواء كان واقعياً أم حالماً؛ لكنَّهم يميلون إلى القيادة ميلاً مختلفاً كلياً عن بعضهم بعضاً؛ فينظر الناس في كثير من المواقف إلى الحالمين على أنَّهم قادة غير عمليين؛ وذلك لأنَّهم من الممكن أن يمتلكوا أسلوب قيادة لم يسبق للناس رؤيته من قبل.

وفي حين قد يكون للأشخاص الذين يعملون في شركة ما توقعات محددة لمديريهم أو المشرفين عليهم، سيقودهم الحالم بطريقة جديدة؛ وذلك لأنَّه قد يوفِّر مزيداً من الاستقلالية للأشخاص الذين يعملون تحت قيادته، وقد يطلب آراء موظفيه، وتغذية راجعة منهم أكثر ممَّا يفعل القادة الآخرون، وعلى الرَّغم من أنَّ هذا الأسلوب في القيادة غير عملي، إلا أنَّ الحالم يستثمر نقاط قوته بصرف النظر عن مدى اختلافها.

في المقابل، سيكون الواقعيون قادة عمليين أكثر، فعلى الرَّغم من أنَّهم قد لا يتصرفون بمعزل عن الصورة النمطية في كثير من الأحيان، إلا أنَّهم سيستخدمون أسلوب قيادة أثبت نجاحه مسبقاً، وإن لم يكن أسلوب القيادة هذا هو الخيار الأكثر راحة بالنسبة إليهم، فإنَّ الواقعيين يعلمون أنَّ هذا الأسلوب في القيادة قد أثبت فعاليته؛ لذلك سوف يطبقونه في أثناء قيادتهم لأعضاء فريقهم.

صحيح أنَّ هاتين الشخصيتين مختلفتان تماماً، إلا أنَّ لكلٍّ منهما أساليبها القيادية الفعالة.

5. كيفية استخدامهما عواطفهم:

توجد طريقة أخرى يختلف بها الأشخاص الحالمون والأشخاص الواقعيون، وتتعلق بعواطفهم، وكوننا لسنا أشخاصاً آليين فبداخل كلِّ شخص منَّا مشاعر، لكن يختلف استخدام هذه المشاعر تماماً بالنسبة إلى كلٍّ من الشخص الحالم والواقعي.

فالواقعي هو الشخص الذي يحاول أن يضع كلَّ تلك المشاعر جانباً، وعلى الرَّغم من أنَّهم يشعرون بعواطفهم ياستمرار، إلا أنَّهم لن يتصرفوا وفقاً لها طول الوقت.

ولأنَّ الواقعيين هم أشخاص يمنحون الأفضلية للمنطق والعقل على كلِّ شيء؛ فإنِّهم يظنون أنَّ العواطف ستؤثِّر سلباً في عملية صنع القرار؛ لذلك بصرف النظر عن الموقف الذي يواجهه، يبذل الواقعي قصارى جهده لعدم التصرف بحسب تلك المشاعر.

يتبنى الحالمون في المقابل تلك المشاعر؛ فيظنون أنَّ تلك المشاعر تعتريهم لسبب ما، وأنَّ تجاهلهم لها هو أمر مغلوط، فيستخدمون هذه المشاعر في أثناء عملية اتخاذ القرار؛ لأنَّهم يُقدِّرونها على الرَّغم من أنَّهم يفهمون أنَّ هذه المشاعر قد لا تؤدِّي إلى الإجابة الصحيحة دائماً، إلا أنَّهم يظنون أنَّ كبحها كبحاً كاملاً ليس أمراً صائباً.

شاهد بالفديو: ما هي سمات الشخصية المثالية؟

6. كيفية قيامهم بعملية التخطيط:

توجد أيضاً عدة اختلافات فيما يتعلق بالكيفية التي يتصرف بها كلٌّ من الحالمين والواقعيين في عملية التخطيط؛ فيُحب الواقعي التحكم بأكبر قدر ممكن من الأمور؛ لذلك قبل أن يتخذ أيَّة خطوة سوف يخطط بدقة لكلِّ جزء من أيِّ أمر قادم.

لن يكون الواقعي مرتاحاً بالمُضي قُدماً حتى يقوم بإجراء قياس كامل لتلك الخطة؛ وذلك لأنَّه يخشى من أنَّ عدم قيامه بهذا الأمر سيُفقده القدرة على التحكم بما يحدث، وإضافة إلى ذلك، لن يفوِّض الواقعيون هذا الأمر إلى أشخاص آخرين ما لم يضطروا إلى القيام بذلك؛ لأنَّهم سيضطرون إلى التنازل عن مستوى معين من السيطرة.

في المقابل يشعر الحالم بالراحة عندما يقوم بتفويض عملية التخطيط لأشخاص آخرين، وعلاوة على ذلك يعتقد الحالم أنَّ تحديد التفاصيل الدقيقة لكلِّ جزء من الخطة قبل المضي قدماً ليس أمراً ضرورياً، ويشعر هؤلاء الأشخاص براحة أكبر عند ترك الأمور تجري بحسب الظروف.

على الرَّغم من أنَّ الالتزام بالخطة قد لا يكون - في حال بدت أنَّها مُلائمة - أمراً مغلوطاً، إلا أنَّ الحالمين يُظهرون رشاقة ومرونة وتكيفاً كبيراً؛ فلا بأس لديهم في تبديل الخطة إذا تطلَّب الموقف ذلك، وهذا من الأمور التي تُعدُّ من أكبر الاختلافات بين الأشخاص الواقعيين والأشخاص الحالمين.

7. كيفية تعاملهم مع الأفكار الجديدة:

توجد أيضاً بعض الاختلافات الهامة في كيفية تعامل هاتين الشخصيتين مع الأفكار، فيُفضِّل الشخص الواقعي الأفكار الملموسة؛ وذلك لأنَّه يُحبِّذ رؤية أفكار واضحة قبل أن يمضي قُدماً.

الواقعيون أشخاصٌ يفضِّلون الأرقام، والأشياء التي يمكن قياسها قياساً موضوعيَّاً، فمن المحتمل أن يتبنى الواقعي الفكرة في حال قُدِّمت بهذه الطريقة؛ وذلك لأنَّهم يريدون أن يعرفوا ما الذي سيحدث بالضبط إن قرروا تنفيذ تلك الفكرة الجديدة؟

لكن من ناحية أخرى، لا يُعدُّ الواقعي شخصاً قادراً على التعامل مع الأفكار المجردة بسهولة؛ إذ إنَّه على الرَّغم من قدرته على التفكير المجرد، إلا أنَّه ليس أمراً سيفضله في حال قُدِّم خياراً له.

في المقابل، يُعدُّ الحالم شخصاً يفكر تفكيراً مجرداً، فلا يُشكِّل عدم وجود تعريف موضوعي لكلِّ شيء مُشكلةً بالنسبة إليه، لكن على الرَّغم من أنَّه يعلم أنَّ هذا يعني عدم جهوزية بعض عناصر الخطة عند المباشرة، إلا أنَّه لا مشكلة لديه بالمُضي قُدماً مع وجود أفكار مجردة وغامضة.

فيعتقد الحالم أنَّ كلَّ شيء سينجح بنفسه في حال قام بالتحرك نحو أهدافه بسهولة؛ وذلك لأنَّ الحالمين يظنون أيضاً أنَّ الابتكار يتطلب درجة معينة من التفكير المجرد؛ لذا هذا ما يجعلهم يتبنون أفكاراً مجردة من وقت لآخر؛ لأنَّها بظنهم يمكن أن تُحدِث فرقاً كبيراً في العالم.

من الهام أن نفهم أنَّ الطريقة التي يتبنى بها الواقعيون، والحالمون الأفكار ليست جيدة أو سيئة بالضرورة؛ فهم مختلفون تماماً.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن الشخصيات في علم النفس

8. كيف ينظرون إلى إمكانية إجراء تجارب جديدة:

تختلف هاتان الشخصيتان في النهاية اختلافاً كبيراً في كيفية رؤيتهما للتجارب الجديدة؛ ففي حين سيتبنى الشخص الحالم التغيير، فإنَّ الواقعي سيلتزم على الأرجح بالوضع الراهن.

من الممكن بالتأكيد إقناع الواقعي بتجربة شيء جديد، لكن ينبغي من ناحية أخرى أن يكون لدى الواقعي نوع من التنبؤ عن الطريقة التي ستظهر فيها هذه الفكرة الجديدة، وكون الشخص الواقعي يحب إبقاء الوضع على ما هو عليه، فهو شخص لا يحب أن يشوب الأمور حالة من عدم اليقين.

لكن سيوجد بالتأكيد مستوى معيناً من الغموض إذا كان يجرِّب شيئاً جديداً؛ لذلك يرغب الواقعي في أن يشعر أنَّه اتخذ كلَّ ما هو ضروري لتقليل احتمالية الغموض هذه قبل المُضي قُدماً، في حين يتطلع الحالم في المقابل إلى الأشياء الجديدة.

يعرف الشخص الحالم أنَّه في حال جرَّب أمراً جديداً، فلديه احتمالية كبيرة أن يكون أفضل من الطريقة القديمة التي كان يتبعها، وبالطبع قد تكون هذه التجربة الجديدة أسوأ من القديمة أيضاً، ولكنَّ الشخص الحالم غالباً ما سيغتنم هذه الفرصة بدلاً من أن يتجاهلها، وقد يخوض الحالمون التجارب الجديدة بحيوية محاولين إيجاد طرائق مختلفة للقيام بالأمور.

من الممكن أن تكون الطريقتان القياديتان فعالتين، وعلى الرَّغم من اختلاف الشخصيتين الحالمة والواقعية، إلا أنَّهما تقومان بعمل رائع في تحقيق التوازن بين بعضهما بعضاً، وعندما يتعلق الأمر بتجربة أفكار جديدة، ربما يكون الوصول إلى حلٍّ وسط بين الشخص الواقعي والشخص الحالم أمراً ممكناً.

في الختام:

ستكون هذه الجوانب التي ذُكِرت آنفاً بعضاً من الطرائق التي تختلف بها الشخصيات عند موازنة الواقعيين بالحالمين؛ لذلك من الهام أن نفهم أنَّه لا يوجد بالضرورة شخصية أفضل من الأخرى؛ وذلك لأنَّهم مختلفون عن بعضهم بعضاً، وستفهم نفسك فهماً أفضل عندما تخطط للمستقبل إذا كنت على دراية بنوع شخصيتك. لا تخشَ الخروج من منطقة راحتك من وقت لآخر؛ فلا حرج في كلٍّ من تحديد الأهداف وامتلاك أحلام كبيرة.

المصدر




مقالات مرتبطة