الشباب وشهر رمضان

لفهم العلاقة القائمة بين المقولتين المكونتين لعنوان المقال "الشباب" و"شهر رمضان"، والتواصل الإيجابي بينهما، لابدّ من بيان طبيعة وأبعاد كلّ واحدة من هاتين المقولتين، والفهم الصحيح للصيام وأبعاده.



أهمية شهر رمضان في حياة الشباب:

يُعدّ شهر رمضان شهراً فريداً ومميزاً في حياة الشباب، حيثُ يُتيحُ لهم فرصةً عظيمةً للتغييرِ والتطويرِ على مختلفِ الأصعدةِ. وإليكَ بعضَ أهمّ فوائدِ شهرِ رمضانَ في حياةِ الشبابِ:

1. تعزيزُ التقوىِ والإيمانِ:

  • يُساعدُ الصيامُ على تهذيبِ النفسِ، والتحكمِ في الشهواتِ، وتعزيزِ الإيمانِ باللهِ تعالى.
  • يُتيحُ رمضانُ فرصةً للتقرّبِ من اللهِ تعالى بأعمالِ الخيرِ والطاعاتِ.

2. تنميةُ مهاراتِ الصبرِ والتحمّلِ:

  • يُعلّمُ الصيامُ الشبابَ الصبرَ على الجوعِ والعطشِ، وتحملَ مشاقِّ الحياةِ.
  • يُساعدُ رمضانُ على تنميةِ الإرادةِ والعزيمةِ، والقدرةِ على التحكمِ بالنفسِ.

3. تعزيزُ الشعورِ بالمسؤوليةِ والتعاطفِ:

  • يُشجّعُ رمضانُ على تقديمِ المساعدةِ للفقراءِ والمحتاجينَ، والشعورِ بآلامِهم.
  • يُساعدُ رمضانُ على تنميةِ روحِ التكافلِ الاجتماعيِّ، وتعزيزِ الشعورِ بالمسؤوليةِ تجاهَ المجتمعِ.

4. تنميةُ مهاراتِ التنظيمِ وإدارةِ الوقتِ:

  • يُساعدُ رمضانُ على تنظيمِ وقتِ الشبابِ، واستغلالِهِ في أعمالِ الخيرِ والطاعاتِ.
  • يُتيحُ رمضانُ فرصةً لتطويرِ مهاراتِ التخطيطِ وإدارةِ الوقتِ.

5. تعزيزُ الشعورِ بالانتماءِ إلى الدينِ والمجتمعِ:

  • يُساعدُ رمضانُ على تقويةِ الروابطِ الاجتماعيةِ بينَ الشبابِ.
  • يُتيحُ رمضانُ فرصةً للتعارفِ والتواصلِ مع مختلفِ أفرادِ المجتمعِ.

6. تنميةُ مهاراتِ القراءةِ والتدبرِ:

  • يُشجّعُ رمضانُ على قراءةِ القرآنِ الكريمِ بتدبرٍ وتمعنٍ.
  • يُساعدُ رمضانُ على تنميةِ مهاراتِ الفهمِ والاستيعابِ.

شاهد بالفديو: عبارات وأقوال رائعة عن الإيمان

الشباب ورمضان:

إنّ شهرَ رمضانَ هو فرصةٌ عظيمةٌ للشبابِ لتغييرِ حياتهمْ للأفضلِ، وتطويرِ أنفسهمْ على مختلفِ الأصعدةِ.

أولاً: الشباب

1. الحيويّة والنشاط:

تتميّز فترة الشباب بالحيويّة والنشاط، وهما يعبّران عن حالة صحيّة وإيجابيّة في واقع الشباب، ولكن بشرط أن تنضبط هذه الحيويّة وهذا النشاط بروح الإيمان وحاجز التقوى، ويصبحان حالة عطاء في الإيمان وحركة في التقوى، وفي ضوء ذلك يتحوّل الشاب شعلة من الضياء والعطاء، ويستحق الشاب بذلك وسام الفتوّة، وهذا الوسام وإن لم يكن مختصاً بالشباب "يعني السن الخاص" بل يشمل كلّ مؤمن صادق في إيمانه ومتق حركيّ في تقواه.

إلّا أنّ الغالب حصول ذلك في السن الخاص الذي يسمى بسن الشباب، أو ما يقرب منه. هذا، وإذا افترقت الحيوية والنشاط عن الإيمان والتقوى، وقع الشاب في حالة الغرور بل الجنون، وهذا واضح، إذ الحيويّة والنشاط غير المنضبطتين بالإيمان والتقوى، والمنطلقين في أجواء اللهو والهوى، يخلقان من الشاب قنبلة موقوتة مخرّبة، وكتلة من المشاعر المتناقضة.

إقرأ أيضاً: 6 أسباب لإنخفاض طاقة الجسم عند الشباب والمراهقين

2. الميل لتحقيق شهواته ورغباته بالأساليب المختلفة:

هذا الميل هو الطبيعة الأولية للشباب، وهو مقتضى الحيوية والنشاط في ذاتهما، ولكن من الواضح أنّه بالإيمان والتقوى تتكوّن لدى الشاب طبيعة ثانية تمثل التعفف والتورّع، وهذا الأمر وإن كان صعباً إلّا أنّه ممكن وحاصل في ظلّ التربية الصالحة، والإرادة القوية، وهذا هو السر في الثناء الكبير في النصوص الدينية على الشاب المتعفف المتورّع، والشاب التائب.

3. القابليّة والإستعداد لتحصيل الكمالات العلميّة والعمليّة:

هذه حقيقة ملموسة، ولكن المهم إخراج هذه القابلية إلى مرحلة الفعليّة، وفي الاتجاه المناسب، واستثمار هذه الطاقة الهائلة المخزونة في كيان الشاب ووجوده، وهذه مسؤولية المنزل أولاً، والمجتمع ثانياً، بالإضافة للإرادة الواعية المسؤولة لدى الشاب نفسه.

وهذا بالطبع يحتاج إلى جهد مدروس وتعاون صادق من جميع الجهات التي لها تأثير على حياة الشاب ومستقبله، وفي هذا السّياق نجد الإسلام يؤكّد على هذه الحقيقة، ويدعوا إلى استثمارها على أحسن وجه.

ثانياً: رمضان

وأقصد به هذه الحقبة الزمنيّة المباركة بما تختزنه من بركة وعطاء: إنّه لمن الصعب القريب من المحال أن يتمكّن إنسان من بيان حقيقة هذا الشهر الكريم، واستيعاب دائرة عطائاته وبركاته، فإنّه شهر الله تعالى، شهر القرآن، شهر الإسلام.

ولكن لا يمنع ذلك من الإشارة إلى بعض جوانب هذا الشهر الكريم، في ضوء اللفتات التي تطرحها النصوص المتعدّدة:

1. إنّه شهر نزول القرآن وانتشار الهدى، يعتبر موسماً تربوياً ثقافيّاً:

يتميّز شهر رمضان بعدة ميزات مهمة تجعله أفضل شهور شهور السنة، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات.

من هذه الميزات أنّه شهر نزول القرآن وانتشار الهدى بين الناس، قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ» (البقرة-185).

ولذلك تجد هذا الشهر الكريم يتميّز عن غيره من الشهور بانتشار النشاطات الدينية والثقافية، وانتعاش حركة التبليغ والإرشاد بين الناس، حتى يتحوّل الشهر الكريم بأكمله إلى موسم ثقافي تربوي، وظاهرة دينية كبيرة.

ويتزين هذا الشهر بمجموعة من المناسبات الإسلامية المهمة التي كانت - ولا زالت تصلح أن تكون - منطلقا لتحول أساسي في حيات المسلمين، كغزوة بدر وغيرها، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (خير من ستّين عاماً)، فإنّها فرصة استثنائية لإعادة الحساب وترتيب الأمور في الاتجاه الصحيح.

إقرأ أيضاً: فضائل ليلة القدر وأهم الأعمال المُحببة فيها

وهنا أؤكد على إخواني الشباب بلزوم استغلال واستثمار الفرص المتاحة في هذا الشهر الكريم للرجوع إلى الله تعالى، وتقوية العلاقة بالله سبحانه، والاستنارة بنور الوعي الديني من خلال التواجد والتواصل مع الأنشطة الدينية والثقافية.

2. إنّه شهر ضيافة الله يعتبر موسماً معنوياً:

إنّ التعبير عن شهر رمضان بأنّه شهر ضيافة الله، تعبير عميق ولطيف عن البعد المعنوي لهذا الشهر الكريم، فهو تعبير مستوعب لجميع حالات القرب من العبد لمولاه، وحالات اللطف من المولى على عبده.

3. إنّه شهر التوبة والمغفرة والرحمة، رجوع العبد إلى مولاه، وقبول المولى لعبده:

هذه نتيجة طبيعيّة لتلك الحقيقة المتعالية لشهر رمضان، فكيف يردّ المضيّف ضيفه إذا طلب شيئاً ممّا هو في متناول يديه وسهل عنده.

في ضوء فهم حقيقة هاتين المقولتين (الشباب وشهر رمضان) فهماً واعياً، تتضح طبيعة العلاقة بينهما، ومدى التفاعل والتواصل الإيجابي بينهما، فلشهر رمضان تأثير كبير في جذب الشباب للتعاليم الإسلاميّة العالية، وربطهم بالحالة الإيمانيّة، فشهر رمضان مركز إسلامي كبير لرعاية الشباب وتربيتهم، وجذبهم إلى الحياة الدينيّة الكريمة، والانطلاق بهم في مدارج الكمال والجمال الروحي.

شاهد بالفديو: كيف تجعل من شهر رمضان نقطة انطلاقة للتغيير الإيجابي؟

كيف يمكن استثمار رمضان لتنمية الشخصية:

يُعدّ شهر رمضان فرصةً ذهبيةً لتنمية الشخصيةِ على مختلفِ الأصعدةِ، وذلك من خلالِ اغتنامِ الأجواءِ الروحانيةِ والعباداتِ التي تُميّزُ هذا الشهرَ الفضيلَ.

وفيما يلي بعضُ الطرقِ التي يُمكنُ من خلالِها اغتنامُ شهرِ رمضانَ لتنميةِ الشخصيةِ:

1. الصيامُ:

يُعلّمُنا الصيامُ معنىَ الصبرِ والتحكّمِ بالنفسِ، كما يُعزّزُ من مشاعرِ التعاطفِ والرحمةِ مع الفقراءِ والمحتاجينَ.

2. الصلاةُ:

تُساعدُنا الصلاةُ على التركيزِ والتأملِ، كما تُقرّبُنا من اللهِ تعالى وتُعزّزُ من إيمانِنا.

3. تلاوةُ القرآنِ الكريمِ:

يُعدّ القرآنُ الكريمُ مصدراً غنياً بالقيمِ والأخلاقِ، كما يُساعدُنا على فهمِ الحياةِ بشكلٍ أفضلَ.

4. الصدقاتُ:

تُعزّزُ الصدقاتُ من مشاعرِ العطاءِ والكرمِ، كما تُساعدُنا على مساعدةِ الفقراءِ والمحتاجينَ.

5. المشاركةُ في الأعمالِ الخيريةِ:

تُساعدُنا المشاركةُ في الأعمالِ الخيريةِ على الشعورِ بالسعادةِ والرضاِ، كما تُعزّزُ من مشاعرِ المسؤوليةِ الاجتماعيةِ.

بالإضافةِ إلى هذهِ الطرقِ، هناكَ العديدُ من الطرقِ الأخرى التي يُمكنُ من خلالِها اغتنامُ شهرِ رمضانَ لتنميةِ الشخصيةِ، مثلَ:

  • قراءةُ الكتبِ المفيدةِ.
  • حضورُ الدروسِ الدينيةِ.
  • المشاركةُ في حلقاتِ الذكرِ.
  • الاعتكافُ في المسجدِ.

في الختام:

إنّ شهرَ رمضانَ هو فرصةٌ عظيمةٌ لتنميةِ الشخصيةِ على مختلفِ الأصعدةِ، ويجبُ على كلّ مسلمٍ أن يُغتنمَ هذهِ الفرصةَ لكي يُصبحَ شخصًا أفضلَ.




مقالات مرتبطة