السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات: علاقة معقدة وتأثيرات صحية

سنتناول في هذا المقال كيف تؤثر السمنة في متلازمة المبيض متعدد الكيسات وخلاف ذلك، وأفضل الطرائق للتعامل مع هاتين الحالتين لتقليل التأثيرات السلبية في الصحة.

ما هي متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS)؟

متلازمة المبيض متعدد الكيسات (Polycystic Ovary Syndrome - PCOS) هي اضطراب هرموني يؤثر في النساء في سن الإنجاب، ويُعد من أكثر أسباب تأخر الحمل والعقم شيوعاً.

وتتمثل أعراض متلازمة المبيض متعدد الكيسات في:

• عدم انتظام الدورة الشهرية.
• ظهور أكياس صغيرة على المبايض.
• زيادة في نمو الشعر في مناطق غير معتادة.
• حب الشباب.
• صعوبة في فقدان الوزن.

وغالباً ما ترتبط هذه الأعراض بخلل في مستويات الهرمونات، مثل ارتفاع هرمون التستوستيرون ومقاومة الإنسولين.

وترتبط السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات بعلاقة معقدة ومتبادلة التأثير؛ فالسمنة – وخصيصاً تراكم الدهون حول البطن – تزيد من مقاومة الجسم للإنسولين، مما يؤدي إلى اضطراب في التوازن الهرموني ويحفز المبايض على إنتاج كميات أكبر من الهرمونات الذكرية، وهذا بدوره يُفاقِم أعراض المتلازمة، مثل اضطرابات الإباضة وعدم انتظام الدورة، ما يؤثر سلباً في الخصوبة.

وتشير الدراسات إلى أنَّ أكثر من 50-80% من النساء المصابات بـ (PCOS)، يعانين من زيادة الوزن أو السمنة، ما يجعل السمنة ومشكلات المبيض متعدد الكيسات تحدياً مزدوجاً يتطلب تدخلاً شاملاً، فقد أظهرت الأبحاث أنَّ فقدان الوزن بنسبة بسيطة، تتراوح بين 5% و10% فقط من وزن الجسم يمكن أن تحسن الأعراض، مثل استعادة التبويض الطبيعي، وتنظيم الدورة الشهرية، وزيادة فرص الحمل الطبيعية.

ويُعد الجمع بين العلاج الدوائي وتعديل نمط الحياة، كالنظام الغذائي الصحي والتمرينات الرياضية، من أنجح أساليب علاج السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات، كما أنَّ التحكم في الوزن يمكن أن يقلل خطر الإصابة بأمراض أخرى مرتبطة، مثل السكري وأمراض القلب على الأمد الطويل.

الأعراض الرئيسة لمتلازمة المبيض متعدد الكيسات

تظهر أعراض متلازمة المبيض متعدد الكيسات ظهوراً متنوعاً وتختلف من امرأة لأخرى، لكنَّها غالباً ما تبدأ في سن المراهقة أو بداية العشرينيات، ومن أبرز الأعراض عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها تماماً، نتيجة اضطراب التبويض، كما تعاني كثير من النساء من نمو الشعر الزائد في مناطق، مثل الوجه أو الصدر أو الظهر، إلى جانب تساقط شعر الرأس.

ويُعد ظهور حب الشباب ظهوراً مزمناً ومقاوماً للعلاج، وزيادة الوزن، خصيصاً حول منطقة البطن من الأعراض الشائعة، مما يعكس العلاقة القوية بين السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات.

وتشير الدراسات إلى أنَّ ما بين 50% إلى 80% من النساء المصابات بالمتلازمة، يعانين من زيادة الوزن أو السمنة، وهي عوامل تؤدي إلى تفاقم الأعراض بسبب تأثيرها في التوازن الهرموني.

وتؤدي الهرمونات والسمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات دوراً مشتركاً في تطور الحالة، فتؤدي مقاومة الإنسولين وزيادة مستويات التستوستيرون إلى مزيد من الاضطرابات الهرمونية.

كما أنَّ تكيس المبايض نفسه قد لا يكون العرض الوحيد؛ بل هو جزء من مجموعة أعراض تؤثر في الخصوبة والمظهر الخارجي والصحة النفسية أيضاً؛ لذلك، فإنَّ فهم هذه الأعراض مبكراً، يساعد على التدخل العلاجي المناسب، خصيصاً في ما يتعلق بـعلاج السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات للحد من تطورها ومضاعفاتها طويلة الأمد.

الأسباب المحتملة لمتلازمة المبيض متعدد الكيسات

تُعد متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS) اضطراباً معقداً ينتج عن تفاعل غير متوازن بين العوامل الوراثية والهرمونية والبيئية، ولا يوجد سبب واحد معروف قطعاً لهذه الحالة، ولكن تُشير الأدلة العلمية إلى وجود عدة عوامل تساهم في تطورها.

1. العامل الوراثي

يؤدي العامل الوراثي دوراً كبيراً، فالنساء اللاتي لديهنَّ تاريخ عائلي للإصابة بـ (PCOS)، مثل الأم أو الأخت، يكنَّّ أكثر عرضة للإصابة بها، مما يوحي بوجود استعداد جيني للمرض.

2. الخلل الهرموني

يُعد الخلل الهرموني أحد المحركات الرئيسة، وخصيصاً عندما ترتفع مستويات هرمونات الذكورة (الأندروجينات) في الجسم، ما يؤدي إلى توقف التبويض وظهور أعراض، مثل الشعر الزائد، وحب الشباب، واضطراب الدورة الشهرية.

3. مقاومة الأنسولين

تُعد مقاومة الأنسولين من أهم المحفزات التي أُثبِتَت علمياً، وهي حالة يفشل فيها الجسم في استخدام الإنسولين بفعالية، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوياته في الدم، وهذا بدوره يدفع المبايض لإنتاج كميات غير طبيعية من الهرمونات الذكرية، وهنا تتداخل السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات في علاقة معقدة، فالسمنة تزيد مقاومة الإنسولين وتُفاقم الأعراض، بينما تؤدي المتلازمة نفسها إلى صعوبة فقدان الوزن.

وتشير الدراسات إلى أنَّ أكثر من 50% إلى 80% من النساء المصابات بـ (PCOS)، يعانين من زيادة الوزن أو السمنة، خصيصاً في منطقة البطن، مما يعزز ارتباط السمنة ومشكلات المبيض متعدد الكيسات؛ لذلك، فإنَّ علاج مقاومة الإنسولين وخسارة الوزن، يؤديان دوراً جوهرياً في علاج السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات وتحسين الأعراض الهرمونية.

تأثير السمنة في الهرمونات في متلازمة المبيض متعدد الكيسات

تؤدي السمنة دوراً كبيراً في تفاقم الأعراض الهرمونية لدى النساء المصابات بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS)، فتؤثر مباشرةً في التوازن الهرموني في الجسم.

وعند زيادة الوزن – خصيصاً في منطقة البطن – ترتفع مستويات مقاومة الإنسولين، وهي حالة لا يستجيب فيها الجسم بكفاءة لهرمون الإنسولين، وهذا الخلل يزيد إنتاج الإنسولين، والذي يحفز بدوره المبايض لإفراز مزيد من الهرمونات الذكرية (الأندروجينات).

حيث يسبب هذا الاضطراب في الهرمونات عدداً من أعراض متلازمة المبيض متعدد الكيسات، مثل:

• اضطراب الدورة الشهرية.
• صعوبة في الإباضة.
• زيادة نمو الشعر في أماكن غير مرغوبة.
• ظهور حب الشباب.

لذلك، فإنَّ العلاقة بين الهرمونات والسمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات، تُعد أساسية في فهم الحالة والتعامل معها.

حيث تشير الدراسات إلى أنَّ أكثر من 70% من النساء المصابات بـ (PCOS)، يعانين من زيادة الوزن أو السمنة، مما يزيد شدة الأعراض ويجعل العلاج أكثر تعقيداً.

وفي المقابل، أظهرت الأبحاث أنَّ خسارة الوزن بنسبة 5% إلى 10% فقط يمكن أن تقلل من مقاومة الإنسولين وتحسن مستويات الهرمونات، وتنظم الدورة الشهرية، وتعزز فرص الحمل.

ويُعد فهم تأثير السمنة في الهرمونات بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات خطوة أساسية في تحديد مسار العلاج المناسب والسيطرة على الأعراض المرتبطة بها.

استراتيجيات إدارة السمنة في حالة متلازمة المبيض متعدد الكيسات

تُعد إدارة الوزن من الركائز الأساسية في علاج السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات؛ إذ أظهرت الدراسات أنَّ فقدان الوزن حتى بنسبة بسيطة، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في التوازن الهرموني وتحسين الأعراض، وهناك ثلاث استراتيجيات رئيسة تُستخدم لتحقيق ذلك، وتشمل: التغذية السليمة، والنشاط البدني، والعلاج الطبي عند الحاجة.

1. دور التغذية السليمة

يؤدي النظام الغذائي المتوازن دوراً محورياً في تقليل مقاومة الإنسولين وتحسين مستويات الأندروجين، ويوصى بتناول أطعمة ذات مؤشر جلايسيمي منخفض، مثل الحبوب الكاملة، والخضروات، والبقوليات، إلى جانب تقليل السكريات والدهون المشبعة.

فالتغذية السليمة تقلل الدهون في الجسم، خصيصاً في منطقة البطن، والتي تُعد من أهم مسببات تفاقم أعراض السمنة ومشكلات المبيض متعدد الكيسات.

2. التمرينات الرياضية وفقدان الوزن

تعزز ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام، مثل المشي السريع أو تمرينات المقاومة من حساسية الجسم للإنسولين وتحرق الدهون، وتوصي الإرشادات بممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة أسبوعياً على الأقل، وهذا الأسلوب يُحسن فرص الإباضة الطبيعية ويُقلل اضطرابات الدورة الشهرية المرتبطة بأعراض متلازمة المبيض متعدد الكيسات.

3. الأدوية والعلاج الطبي

قد تكون التغييرات في نمط الحياة غير كافية وحدها، وهنا يأتي دور العلاج الطبي، وتُستخدم أدوية، مثل "الميتفورمين" لتحسين مقاومة الإنسولين، أو "حبوب منع الحمل" لتنظيم الدورة الشهرية وتقليل الأندروجينات، كما يُنصح ببعض العلاجات الهرمونية بناءً على الحالة الفردية لكل مريضة.

في الختام

تبرز العلاقة المعقدة بين السمنة ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات بوصفها أحد التحديات الصحية التي تؤثر في حياة عدد من النساء. فمن خلال اتباع استراتيجيات علاجية شاملة تشمل التغذية السليمة، والتمرينات الرياضية المنتظمة، واستخدام العلاجات الطبية المناسبة، يمكن تقليل التأثيرات السلبية لكل من السمنة و(PCOS)؛ لذلك، يجب توعية النساء بكيفية التعامل مع هذه الحالات وتحقيق التوازن الصحي في حياتهنَّ.