الحب الإلكتروني: مزايا ومخاطر ونصائح

لقد دخلت التكنولوجيا في كل جوانب حياتنا اليومية، حتى الجانب العاطفي منها، فصار الحب ينشأ عبر الإنترنت، وكثُر الجدل فيما يتعلق بجدوى هذا الحب، فدعونا نناقش في السطور القادمة هل الحب الإلكتروني ناجحاً أم فاشلاً؟ وما هي ميزاته؟ وما هي مخاطره؟



أولاً: الحب عبر الإنترنت أو الحب الإلكتروني

الحب الإلكتروني هو علاقة الحب التي تنشأ بين طرفين شاب وفتاة، عبر مواقع التعارف الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، وهو علاقة من وراء الشاشات أو الكاميرات، تبدأ بأن يطلب أحد الطرفين محادثة أو صداقة الآخر، وعندما يقبل الآخر، يبدأ كل طرف منهما بالتعريف عن نفسه، والحديث عن صفاته وطباعه، وما يُحب وما يكره، وما هي أفكاره ومعتقداته، فإن شعرا بالتوافق المبدئي، يُكثِّفان تواصلهما، وينتقلان إلى تبادل المشاعر والكلام العاطفي، ثم يتحول الأمر إلى حب وتعلُّق.

قد تصل هذه العلاقة إلى طريق مسدود وتنتهي لأنَّها تفتقر إلى التفاعل المباشر والتجربة المشتركة التي تجعل الطرفين يفهمان ويكتشفان بعضهما بشكل حقيقي، وإلى اختبار ردود فعلهما في مواقف معينة، وفي حالات نادرة يلتقي الطرفان في الواقع ويتحقق بينهما الانسجام كما هو على الإنترنت، وتتكلل علاقتهما بالزواج.

ثانياً: أسباب الحب الإلكتروني

1. الفراغ والوحدة:

يكون الشخص الذي يعاني من الفراغ والوحدة، أكثر عرضةً للوقوع في علاقات الحب الإلكتروني، والتعلق بأي شخص وهمي يمنحه العاطفة والاهتمام، ويملأ له فراغه.

2. البيئة:

ينشأ لدى الشخص الذي يعيش في مجتمعات أو بيئات مُنغلقة ومُتشددة، ويفرض قيوداً كثيرة على الحب وعلى علاقات الشباب والفتيات، رد فعل على الإقبال بكثرة على علاقات الحب الإلكتروني وربما الإدمان عليها.

3. قلة الثقة بالنفس:

تُعَدُّ قلة الثقة بالنفس أحد أهم أسباب لجوء الشخص إلى علاقات الحب الإلكتروني، كونه يختبئ فيها خلف الشاشة، ويتخلَّص من اللقاء المباشر مع الطرف الآخر.

ثالثاً: ميزات الحب عبر الإنترنت

من أبرز ميزات الحب الإلكتروني ما يأتي:

1. سهولة التعارف:

يتميز الحب عبر الإنترنت بسهولة التعرف إلى الأشخاص؛ إذ لا يحتاج الأمر إلى مغادرة المنزل؛ بل أمامك الكثير من الأشخاص من مختلف بقاع العالم، يمكنك التعرف إليهم بكل سهولة، فالإنترنت يكسر حواجز الزمان والمكان واللغة.

2. اختيار ما يناسبك:

قد لا يتوفر في واقعك أشخاص بالمواصفات التي تحلم بها، في حين تُوفر لك المواقع الإلكترونية الكثير من الخيارات التي قد تجد فيها ما تبحث عنه.

3. التعرف إلى حضارات جديدة:

من ميزات الحب عبر الإنترنت أنَّه يجمع أشخاصاً من دول مختلفة، وربما من قارات مختلفة؛ وهذا يُتيح لك التعرف إلى حضارات وثقافات مختلفة، ويُضفي المتعة على العلاقة.

4. كثرة الانشغال:

أغلبنا اليوم مشغول، ويقضي معظم وقته في العمل، وباقي الوقت للراحة والنوم، فلا يجد لديه متسعاً من الوقت للخروج والتقاء الأشخاص والبحث عن الشريك؛ إذ تمنحنا وسائل التواصل الاجتماعي فرصة للتعرف والارتباط، ونحن في المنزل.

5. تحقيق هدف ما:

قد يهدف بعض الأشخاص من الحب عبر الإنترنت، إلى تحقيق هدف ما؛ كالسفر مثلاً، ولو أنَّ في هذا نوعاً من الاستغلال.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح بسيطة لتجاوز علاقة الحب الفاشلة

رابعاً: مخاطر وعيوب الحب الإلكتروني

من أبرز مخاطر الحب الإلكتروني ما يأتي:

1. الكذب:

أكبر مخاطر الحب الإلكتروني الكذب؛ ففيه يتكلم كل شخص كما يحلو له، وبالطريقة التي يريدها، ويُظهِر صورة مُشرقة عن نفسه، قد لا تمت لحقيقته في شيء، ويُعلِن ما يريد ويُخفي ما يريد.

2. لا يوجد ضوابط:

يُتيح الإنترنت للعلاقات جواً خالياً من أي قيد أو ضابط أو رقيب؛ وهذا قد يجعل انحراف الأشخاص، والتحدث فيما يرفضه الدين والأخلاق والمجتمع متاحاً وسهلاً.

3. عدم التأكد من حقيقة العلاقة:

لا يستطيع كل طرف في علاقة الحب الإلكتروني، التأكد من صدق الطرف الآخر أم أنَّه يتلاعب به، فقد يكون يصطنع الحب والكلام المعسول، فلا توجد مواقف تجمعه به، ولا إمكانية لملاحظة لغة الجسد التي تساعد كثيراً على كشف الشخص.

4. الاصطناع:

يصعب في علاقات الحب الإلكتروني اكتشاف مدى اصطناع الطرف الآخر فيما يتكلم ويتصرف، أو مدى قناعته بالأفكار التي يطرحها، فالمواقف الواقعية هي التي تكشف حقيقة الشخص.

5. أنت تتخيَّل:

في علاقة الحب الإلكتروني أنت تتخيَّل حالة أو مشاعر الطرف الآخر من خلال طريقة كتابته، وقد يكون هذا غير مطابق للواقع، فقد ترسم تخيلات له وحقيقته بعيدة تماماً عن هذه التخيلات.

6. الواقع مختلف:

غالباً ما يُصاب عشاق الحب الإلكتروني بخيبة أمل، عندما يلتقون على أرض الواقع، فالصورة التي يرسمها الشخص لنفسه على الإنترنت، غالباً ما تكون غير مُطابقة للحقيقة، لدرجة يشعرون فيها أنَّهم أمام شخص جديد، مختلف تماماً عن الذي كانوا يُحادثونه خلف الشاشة.

7. علاقة غير آمنة:

كثيراً ما تكون علاقات الحب الإلكترونية لغايات مشبوهة، وقد يجد المرء نفسه ضحية للابتزاز الجسدي أو المادي أو المعنوي؛ إذ يمتلئ عالم الإنترنت اليوم بالكثير من قصص النصب والاحتيال والابتزاز.

8. علاقات غير مستقرة:

لا تتمتع علاقات الحب الإلكتروني بالاستقرار؛ إذ يستطيع الشخص إنهاء العلاقة والاختفاء بسهولة بعد قيامه بتعطيل حسابه الإلكتروني، أو حظر الطرف الآخر، أو قد تحدث مشكلة تقنية أو انقطاع إنترنت وتنتهي قصة الحب.

9. العزلة الاجتماعية:

تؤثِّر العلاقات الإلكترونية فيك؛ إذ تجعل الشخص يفقد مهارة التواصل الاجتماعي الحقيقي، والتفاعل مع الناس تفاعلاً حياً ومباشراً، ويدخل في عزلة اجتماعية، ويغرق أكثر في عالمه الافتراضي.

إقرأ أيضاً: العزلة الاجتماعية: أنواعها، وأسبابها، وأعراضها، وطرق علاجها

10. كثرة التواصل:

يكثر التواصل في علاقات الحب الإلكتروني، فقد يتواصل الحبيبان طوال اليوم، وهذا أمر ضار للعلاقة؛ إذ تحتاج العلاقة إلى بعض البُعد الذي يمنح كلاً منهما بعض الخصوصية، ويُؤجِّج مشاعر الشوق واللهفة، ولا يُحوِّل الحديث بينهما إلى حديث روتيني مُمل.

11. الخيانة:

تكثُر الخيانة في علاقات الحب الإلكتروني؛ فلا يوجد أحد من الطرفين فعلياً في حياة الآخر، حتى يلاحظ سلوكه أو يراقبه، ولا يستطيع أحد أن يضمن أنَّ هذا الشخص الذي يراسله أنَّه لا يراسل أشخاصاً غيره.

إقرأ أيضاً: أقوال وحكم عن الغدر والخيانة

12. الانتكاسات:

كثيراً ما ينتج عن الكذب والخداع في علاقات الحب الإلكتروني، إصابة الشخص بالخذلان والانتكاسات؛ وهذا يُفقِده الثقة بالآخرين، ويصبح لديه رد فعل سلبي تجاه الحب.

13. عذاب بلا طائل:

قد يكون الحب الإلكتروني عبارة عن عذاب بلا طائل، كأن تُحب شخصاً من بلد غير بلدك، ولا يوجد أي أمل أو طريقة للالتقاء أو الزواج، فحينها تكون قد وقعتَ في فخ كبير، وتتحوَّل إلى سجين لهذه العلاقة العقيمة.

14. خطر على المراهقين:

بعد أن أصبحت الهواتف المحمولة في أيدي الجميع كباراً وصغاراً، ووسائل التواصل الاجتماعي متاحة أيضاً للجميع، باتت علاقات الحب الإلكتروني تُشكل خطراً حقيقياً على المراهقين الذين تحكمهم عاطفتهم الجياشة، ولا يمتلكون الوعي الكافي للحذر من العلاقات الخادعة والمشبوهة.

مخاطر وعيوب الحب الإلكتروني

خامساً: نصائح عند الارتباط بعلاقة حب إلكتروني

  • لا ترفع سقف توقعاتك وكن منطقياً وواقعياً؛ فلا تبني صورة مثالية حالمة للطرف الآخر في ذهنك.
  • تحقق من المعلومات التي قدَّمها الطرف الآخر عن نفسه؛ وذلك من خلال التحقق من أنَّ حساباته حقيقية أم وهمية، وهل يُشارك صوره مع أهله وأصدقائه، إضافة إلى محاولة سؤال الأشخاص المشتركين بينكما عنه إن وُجدوا، أو سؤال زملائه في العمل.
  • لا تثق بسرعة، ولا تُرسِل للطرف الآخر معلوماتك وصورك الشخصية، مهما كانت درجة التوافق بينكما.
  • حضِّر نفسك دائماً لأسوأ السيناريوهات في علاقات الحب الإلكتروني، فإن فشلت علاقتك، فلا تجعل ذلك يُدمِّرك أو يُحبِطك، أو يُفقدك ثقتك بالحب.
  • حاول بكل قوَّتك التحكم بمشاعرك، وكبح جماحها في علاقات الحب الإلكتروني، وتحكيم عقلك.
  • تجنَّب تماماً علاقات الحب الإلكتروني إن كنت في سن صغيرة أو في المراهقة؛ لأنَّك تكون فريسة سهلة للمحتالين وأصحاب النوايا الخبيثة.
  • لا تخَف أو تستسلم للجاني إن وقعتَ ضحية عملية احتيال أو ابتزاز جراء علاقة حب إلكتروني؛ بل سارع إلى استشارة محامٍ، والشكوى إلى جهات الجرائم الإلكترونية.
  • بالنسبة إلى الفتاة التي هي غالباً ما تكون الحلقة الأضعف في الحب الإلكتروني؛ فأي علاقة حب إلكتروني فيها كلام أو طلبات أو إيحاءات مشبوهة، سارعي إلى التخلص منها وحظر صاحبها، إضافة إلى ضرورة اصطحاب أحد معك من الأهل أو الأصدقاء في اللقاء الأول.
  • ضع خطوطاً حمراء للعلاقة تُحددانها معاً بحيث لا يجوز لأحدكما تجاوزها.
  • لا تجعل تواصلكما طوال اليوم؛ بل اترك وقتاً خاصاً لكل منكما بحيث يشتاق أحدكما للآخر، ولا تتحول العلاقة إلى أمر عادي وتفقد سحرها ولهفتها.
  • أسرع قدر الإمكان إلى تحقيق اللقاء الحقيقي والواقعي بينك وبين شريكك الافتراضي، ولا تتأخر وتماطل في ذلك.
  • حافظ على سرية العلاقة، فلا تنشرها بين الأصدقاء والأقارب؛ لأنَّ تدخُّل الأشخاص سيؤدي إلى المشكلات بينكما.

في الختام: هل الحب عبر الإنترنت علاقة ناجحة أم فاشلة؟

الأصل في الحب أن يكون تواصلاً حقيقياً وجهاً لوجه، وتواصلاً بصرياً، ومراقبة أفعال ومواقف ورود الفعل، ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأنَّ الحب الإلكتروني أمراً فاشلاً بالمطلق، لكن يمكن القول إنَّ مخاطره أكثر من ميزاته وإيجابياته، وأغلب علاقاته هي علاقات عابرة، ولكنَّ ذلك لا ينفي احتمال نجاح الحب الإلكتروني شريطة تحلِّي الطرفين بالوعي والجدية والصدق، والسرعة في تحويل العلاقة من العالم الوهمي إلى العالم الواقعي.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة