الجرأة بعظمة - شجاعة الضعف

تشرح الكاتبة الأمريكية والأستاذة الباحثة في جامعة هوستن (University of Houston) في أمريكا "برينيه براون" (Brené Brown) في كتابها (الجرأة بعظمة) هذا المفهوم على أنَّه "شجاعة الضعف"، وتوضح كيف أنَّ الضعف هو جوهر المشاعر كالخوف والحزن والإحباط، ومحل ميلاد الحب والانتماء والسعادة والتعاطف والإبداع والابتكار؛ كما تبيِّن أنَّنا عندما ننأى بأنفسنا عن الضعف، نحيد عن التجارب التي تجعل لحياتنا معنى وهدفاً.



ما الذي يعنيه الضعف والعجز؟

يعترينا الضعف من حين إلى آخر، وتكمن الجرأة في تقبِّلنا ضعفنا هذا؛ فعندما نكون ضعفاء، نكون منكشفين عاطفياً تماماً، ونستسلم لعدم اليقين؛ وعندما نسمح لأنفسنا أن نكون ضعفاء، نجازف بمخاطرة عاطفية كبيرة؛ ولكن ليست هناك معادلة تتساوى فيها المجازفة وتحدي عدم اليقين وانكشاف أنفسنا عاطفياً، مع العجز.

غالباً ما ينشأ رفضنا للضعف من ربطنا له بعواطف مظلمة كالخوف، والخزي، والأسى، والحزن، وخيبة الأمل؛ ولكنَّ التعريف الدقيق للضعف الإنساني هو أنَّه عدم اليقين، والمخاطرة، والانكشاف العاطفي؛ وكما تقول الكاتبة الأمريكية "مادلين لينجل" (Madeleine L'Engle): "عندما كنَّا أطفالاً، كنَّا معتادين على اعتقاد أنَّنا لن نكون ضعفاء عندما نكبر؛ ولكنَّ الكبر ينطوي على قبول الضعف؛ إذ يعني كونك ضعيفاً أنَّك حي".

شاهد بالفيديو: 7 طرُق للتخلُّص من الخجل بشكل نهائي

من أين يستمد الضعف قوته؟

يستمد الضعف قوته من عدم الحديث عنه والاعتراف به، ويفسر هذا حبه لمنشدي الكمال؛ لكن إذا اكتسبنا قدراً كافياً من الجرأة على الاعتراف به والتحدث عنه، فسنمنعه من السيطرة علينا، والتحكم بمجرى حياتنا، ومنعنا من المضي قدماً نحو الأمام.

يذبل الضعف عندما نعترف به، ويتحول إلى قوة تدفعنا إلى القمة، وتمكِّننا من التعايش مع مشاعرنا جميعها وتقبُّلها؛ إذ يسلط مجرد الحديث عنه الضوء عليه ويدمره.

قد يتداخل الضعف أحياناً مع الشعور بالذنب، إلَّا أنَّهما مفهومان متباينان؛ إذ يعني شعورنا بالذنب أنَّنا فعلنا شيئاً سيئاً، في حين يعني الضعف أنَّنا خائفون من فعل أي شيء مهما كان؛ ولكي تتعافى وتتعاطف مع الضعف، عليك بالخطوات الأربع التالية:

  • التعرف على الضعف، وفهم مثيراته.
  • ممارسة الوعي النقدي.
  • التواصل مع من حولك.
  • التحدث عنه والاعتراف به.

عندما كنَّا أطفالاً، كنَّا نجد طرائق لحماية أنفسنا من الضعف، ونتجنَّب الأذى وخيبات الأمل، وندافع عن قيمتنا؛ فقد كنَّا نرتدي الشجاعة درعاً واقياً، ونستخدم أفكارنا وعواطفنا وسلوكاتنا كأسلحة؛ وقد تعلمنا كيف نجعل أنفسنا نادرين، وكيف يمكننا أن نختفي ونتوارى عن الأنظار؛ ولكن الآن، ندرك -كبالغين- أنَّه لكي نعيش بشجاعة، ونبقى على تواصل مع مَن حولنا، ونكون الشخص الذي نطمح أن نكونه؛ علينا أن نكون ضعفاء مرة أخرى، وننزع الدرع، ونخفض أسلحتنا، ونظهر للعيان، ونجعل أنفسنا مرئيين.

إقرأ أيضاً: 7 حلول سهلة تساعدك على اكتساب قوة الشخصية

شجاعة الضعف:

من الخرافات المشهورة أنَّ الضعف عجز، وأنَّه يعني مشاركة كل شيء، وأنَّ بإمكاننا الاستمرار دون مساعدة أحد؛ إلَّا أنَّ الأمر ليس كذلك؛ لذا إليك فيما يأتي بعض العوامل التي تولِّد الشعور بالضعف، وكيفية التغلب عليها بشجاعة:

  1. البهجة التي تُنذر بشَرّ: لمواجهتها بشجاعة، عليك بالامتنان، وذلك بثلاث خطوات:
    • أولاً: عليك أن تدرك أنَّ البهجة تأتينا في لحظات عادية، وأنَّنا نخاطر بخسارتها عندما ننشغل بملاحقة ما هو غير عادي.
    • ثانياً: كن ممتناً لما تملكه.
    • ثالثاً: لا تبدد البهجة.
  2. الكمال: لتمارس الجرأة بعظمة، عليك تقدير جمال التصدعات، والاعتراف بأنَّك لا يمكن أن تبلغ الكمال، وتتقبَّل فشلك وتتعلَّم منه.
  3. الخدر: لممارسة الجرأة بعظمة، عليك إيجاد الراحة الحقيقية، وتنمية الروح، والتفاعل مع الآخرين.
  4. عقدة الجاني أم الضحية: لممارسة الجرأة بعظمة، عليك إعادة تعريف النجاح، والتكامل مع الضعف، وطلب الدعم.
  5. مشاركة كل شيء: لممارسة الجرأة بعظمة، عليك توضيح النوايا، ووضع الحدود، وتنمية التواصل.
إقرأ أيضاً: عشر طرق لتعزيز شجاعتك

ختاماً:

يقول "ثيودور روزفلت" (Theodore Roosevelt): "ليس الناقد هو ما يهم، ولا رأي الشخص الذي يشير بالبنان إلى كبوات الرجل القوي وأين كان يمكن لقائم بالأفعال أن يؤديها على نحو أفضل؛ بل إنَّ الفضل يعود إلى الرجل الذي يوجد حقاً في الحلبة، ذاك الذي وجهه مشوب بالتراب والعرق والدم، والذي يسعى ببسالة، ويخطئ ويخفق مرة تلو الأخرى؛ ذلك لأنَّه ليس هناك جهد دون خطأ أو إخفاق. يعود الفضل إلى ذاك الذي يبذل قصارى جهده ليحقق إنجازاً عالياً، والذي إذا فشل، يفشل على الأقل مع الجرأة بعظمة".

لذا، مارس الجرأة بعظمة حتى تلغي مشاعر الضعف من حياتك إلى الأبد.




مقالات مرتبطة