التواضع في مكان العمل

يُعدُّ "التواضع" كلمة مفهومة على نطاق واسع، فهي ليست واحدة من تلك الكلمات التي سيتوقف الناس عندها ويبحثون عن معناها؛ لكن عموماً، يحب الناس فكرة التواضع لأنَّها إحدى القيم "الجيدة" التي نسعى جاهدين من أجلها، ونُعجب بها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة روسا ساي (Rosa Say)، والذي تحدثنا فيه عن مفهوم التواضع وأهميته في مكان العمل.

نعم، يشعر معظم الناس أنَّهم يعرفون معنى التواضع؛ ومع ذلك، فإنَّ إظهار ذلك هو مسألة أخرى مختلفة كلياً، فعلى سبيل المثال: الشخص الذي يشتت انتباهه بتصفح هاتفه الخلوي غير قادر على التركيز على المحادثة التي تجريها معه وجهاً لوجه؛ ذلك لأنًّه مغرور، ولا يمكنه ادعاء التواضع؛ لأنَّ التواضع والغرور لا يجتمعان في شخص واحد.

لا يمكن للشخص الذي يهز رأسه بتململ بينما تشرح له فكرة جديدة تقدمها له، ثم يقاطعك أخيراً ليقول: "لقد جرَّبنا هذا من قبل، ولم ينجح" أن يدًّعي أنَّه متواضع، فالتواضع هو أن تكون منفتح الذهن وتدرك أنَّه بغض النظر عن المدة التي قضيتها في العمل، فمن المستحيل أن تكون قد جربت كل شيء يمكن تجربته.

وكذلك الشخص الذي حصل للتو على ترقية، وكان أول أمر شراء يكتبه هو لبطاقات عمل جديدة، على الرغم من وجود صندوق متبقي من البطاقات القديمة تحمل العنوان البريدي وعنوان البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف نفسها؛ فضلاً عن أنَّهم يرفقون بطاقات إلكترونية هذه الأيام، ولهذا السبب لا يزال صندوق البطاقات القديمة موجوداً.

في تطوير المنتجات الجديدة، يوجد نقاش يدور حول شكاوى العملاء من المنتجات الحالية، ويقول أحدهم: "حسناً، لن يواجهوا هذه المشكلة إذا اتبعوا التعليمات في المقام الأول"؛ فعندما نتوقف عن الاستماع إلى ما يطلبه عملاؤنا ونفترض أنَّهم لم يفهموا، لا يمكن أن يكون هذا تواضعاً؛ وإذا كانت بعض سلوكاتنا الشائعة في أماكن العمل مقياساً للتواضع، فإنَّنا لم نفهم التواضع جيداً على الإطلاق.

إقرأ أيضاً: صفات يجب أن تتوفر في شخصيتك لتكون محبوباً من الجميع

يشعر أولئك الذين يتسمون بالتواضع أنَّ البقية منَّا ممتعون للغاية، فأولئك الذين يتواضعون لديهم رغبة حقيقية في اكتشاف ما يمكن أن يقدمه الآخرون؛ فهم مفتونون بكيفية تفكير الآخرين، وكيف يشعر الآخرون بطريقة مختلفة عنهم.

يمكننا أن نكون واثقين ومطمئنين بأنَّ التواضع لا يستدعي أن نكون وديعين، أو نعدَّ أنفسنا أقل مكانة من الآخرين؛ فنحن لا نطلب القليل من أنفسنا، ونأخذ دورنا ومسؤولياتنا على محمل الجد؛ ولكن ما يفعله التواضع هو جعلنا نتقبل وننفتح على آراء الآخرين، فالتواضع هو التعطش إلى مزيد من المعرفة؛ وكلما ازداد تواضعنا، ازداد افتتاننا بالعالم من حولنا وتعلمنا أكثر.

أن يكون لديك دافع داخلي وتكون ناجحاً هو أمر جيد، وأعتقد أنَّ جزءاً من التواضع هو الإيمان بتلك الاحتمالات التي قد تكون حالياً مذهلة بالنسبة إليك؛ ومع ذلك، يعني التواضع أيضاً السلوك والموقف الذي يجب أن نتحلى به في أثناء سعينا إلى تحقيق النجاح، بحيث يكون دافعنا الداخلي ورغباتنا متوازنة مع رباطة جأشنا وسلوكنا مع أولئك الذين يتفاعلون معنا، فقد يكونون جزءاً كبيراً من النجاح الذي سنستمتع به في النهاية.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

واحدة من أفضل التعريفات التي سمعتها عن التواضع ذكرها أحد الموظفين عندما كنت لا أزال في إدارة الشركة، فقد عرَّف التواضع بعبارة قصيرة وجميلة، وإنَّها قصة لم أنسها قط.

لقد كان يتحدث عن مشرفة جديدة كنا قد عيناها مؤخراً في القسم، حيث شرح كيف أصغت إلى كل فرد من الموظفين بطريقة رائعة، وكيف جعلتهم يشعرون بأهميتهم وأهمية كل ما فعلوه وقالوه، لقد قال أنَّها بدت متواضعة جداً بالنسبة إليه لأنَّها أظهرت أنَّ "التواضع هو التصرف بكياسة".

الخلاصة:

لم نُخلَق على هذه الأرض وحدنا، ويجب أن نتعايش مع الآخرين من حولنا، ويمكن لممارستنا التواضع المنفتح والمتعطش للمعرفة أن يجعل الأمر تجربة مثيرة للاهتمام وممتعة أكثر لنا جميعاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة