التنقلات الأفقية داخل الشركات: مكسبٌ لجميع الأطراف

لم يَعُد مستغرباً أن يصبح التنقل بين الوظائف هو الوضع الطبيعي الجديد لجيل الألفية؛ إذ وجد استطلاعٌ حديثٌ أجرته مؤسسة "غالوب" (Gallup) أنَّ 21% من أبناء جيل الألفية قد أبلغوا عن تغيير وظائفهم خلال العام الماضي، وهذه النسبة تمثل أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الذين غيروا وظائفهم من جيلٍ آخر غير جيل الألفية، ووفقاً لجيل الألفية، فإنَّ العامل الأول الذي يجب وضعه في الحسبان عند التقدم إلى وظيفةٍ ما، هو فرصة التعلُّم والنمو.



غير أنَّ هذه الرغبة في تجربة شيءٍ جديدٍ يمكن أن تكون ضارةً للشركات إذا بدأ العمال الموهوبون بالبحث عن مغامراتٍ جديدةٍ وفرصٍ تعليمية؛ لذا يكمن الحل في التنقلات الأفقية؛ إذ تفتح المجال واسعاً للتطوير المهني، ويمكن أن تؤثر تأثيراً إيجابياً في معدلات الاحتفاظ بالموظفين ضمن الشركة، وهذا مكسبٌ لجميع الأطراف.

المزايا:

شرعت شركة "سبارتا سيستمز" (Sparta Systems) باتِّباع استراتيجية نموٍّ متسارعٍ فيما مضى؛ ونتيجةً لذلك، ركزت تركيزاً إضافيٍّ على التنقلات الأفقية، وفي حين أنَّ الأولوية الرئيسة كانت إبقاء الهيكل التنظيمي ثابتاً قدر الإمكان لتقليل البيروقراطية وزيادة المرونة، وُجِدَ خطرٌ يتمثل بأنَّ الموظفين يمكن أن يشعروا أنَّ فرص الترقية قد قلَّت، لكن من خلال التشجيع على التنقلات الأفقية، يمكننا إدماج الموظفين إدماجاً مستمراً؛ وهذا بدوره يساهم في تعزيز مواكبة النمو المتسارع.

يجب النظر إلى التنقلات الأفقية على أنَّها خطوةٌ استراتيجيةٌ في المسيرة المهنية للموظف، وسواء كان الموظفون يخططون للارتقاء في حياتهم المهنية أم يريدون أن يصبحوا محترفين في مجالهم، فالحاجة واحدة، وعليهم أن يضعوا أنفسهم بوضعٍ يسمح لهم بالاستمرار في التعلُّم والنمو؛ إذ يمكن أن يؤدي الخوض في تجارب خارج الإطار المعتاد للوظيفة إلى تقريب مهارات وخبرات الموظفين، وجعلها بنهاية المطاف أكثر قيمةً لأرباب العمل الحاليين والمستقبليين.

يضيف ذلك أيضاً قيمةً إلى المنظمة من خلال زيادة الاحتفاظ بالموظفين، ويمثِّل جيل الألفية في يومنا هذا نسبةً كبيرة من القوى العاملة، وعادةً ما يملكون توقعاتٍ عاليةً بالنسبة إلى سرعة وعدد التغييرات الوظيفية التي تدعم تطلعاتهم فيما يخص النمو الوظيفي، وتعَدُّ التنقلات الأفقية حلاً فعَّالاً لأقسام الموارد البشرية لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.

إقرأ أيضاً: اعتماد منظور جديد للتطوير المهني

اتخاذ الخطوات الأولى:

تكمن الخطوة الأولى في تشجيع التنقلات الأفقية في التحدث عنها مباشرةً مع الموظفين؛ لذا أنشأنا في شركة "سبارتا سيستيمز" (Sparta Systems) "مجموعة مراحل العمل الأولى" (Early Career Group)، التي يستضيفها الرئيس التنفيذي للشركة لعقد حوارٍ مفتوح.

قد تعقد هذه المجموعة اجتماعاتٍ ربع سنوية؛ إذ يتبادل كبار القادة داخل الشركة المهارات والمعرفة، فضلاً عن تجاربهم ونجاحاتهم وأخطائهم من حيث صلتها بتقدمهم الوظيفي، ويُعَدُّ ذلك ميداناً رائعاً لمشاركة الدروس المستفادة، والاستماع مباشرةً لكبار القادة فيما يتعلق بكيفية نجاحهم، ومن ذلك كيفية استفادتهم من التنقلات الأفقية في حياتهم المهنية.

ويُعَدُّ إعداد المديرين أيضاً مفتاحاً للانتقال الأفقي الناجح؛ إذ تساعد برامج التدريب على الإدارة المديرين على تطوير مهاراتهم في تقديم التغذية الراجعة، فضلاً عن تقديم الكوتشينغ المتخصص بالقيام بوظائفهم بفاعلية أكثر، ومن ناحيةٍ أخرى، لا يحظى الكوتشينغ المهني بالمستوى نفسه من الاهتمام في التدريب الإداري، وغالباً ما يُفترَض أنَّه مسؤولية الموارد البشرية، ومع ذلك، فإنَّ معظم الموظفين يتطلعون إلى المدير المباشر للحصول على المشورة بشأن التقدم المهني.

لذا يجب على المديرين عقد اجتماعات فعَّالة لتقديم الكوتشينغ المهني لموظفيهم لضمان أنَّهم يفهمون أهداف موظفيهم المهنية، ويمكنهم تنفيذ خطط التطوير لكلٍّ من هذه الأهداف، وفي كثيرٍ من الحالات، تُعَدُّ التنقلات الأفقية مناسبة جداً لذوي الأداء المتميز الذين يتطلعون إلى النمو في الشركة.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

التقدم الأفقي موضع التنفيذ:

بعد حدوث التنقلات الأفقية، يتمثل التحدي الأكبر بالتأكُّد من أنَّ المديرين يَعُدُّون الموظفين ويدربونهم على التنقلات الداخلية، على غرار ما يفعلونه مع الموظفين من خارج الشركة، وفي حين أنَّ عملية إعداد الموظفين قد تحتاج إلى تخصيصٍ لاستيعاب المعرفة الموجودة مسبقاً، فإنَّ الافتراض بأنَّ الموظف المنتقل يمكنه بدء العمل مباشرةً، يمكن أن يؤدي إلى فشل الموظف، وللأسف، إنَّ هذه العقلية شائعةٌ عندما يتعلق الأمر بتنقُّل الموظفين الحاليين في الشركة.

ويوجد تحدٍّ آخر يكمن في التأكُّد من أنَّ الموظفين المنقولين قد نقلوا بالكامل مسؤوليات وظيفتهم السابقة قبل البدء بعملهم الجديد؛ وهذا يُعَدُّ فخَّاً يمكن الوقوع فيه بسهولة، سواء بالنسبة إلى المديرين القدامى والجدد أم بالنسبة إلى الموظف المنتقل؛ إذ إنَّ كلاً منهم ما يزال يعمل داخل الشركة، ومهما كانت الفترة الانتقالية المتَّفَق عليها داخلياً من قِبل المديرين، فإنَّ التوزيع الواضح للمسؤوليات القديمة والجديدة يساعد جميع الأطراف المعنية على النجاح.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات فعالة لتحقيق التطور المهني

تقدير التنقلات الأفقية:

تؤدي الثقافة التنظيمية دوراً رئيساً في الكيفية التي ينظر بها الموظفون إلى فرص التنقلات الأفقية، فإذا قدَّرت الشركات التنقلات الأفقية وسعدت بها كما تفعل مع الترقيات، فقد يكون الموظفون أكثر تقبُّلاً للاستفادة من هذه الفرص.

نحن نقدِّر علناً في شركة "سبارتا سيستيمز" (Sparta Systems) كل موظفٍ ينتقل إلى منصبٍ جديدٍ في الاجتماعات التي تُقام كل ربع سنة، سواء كان ذاك المنصب ترقيةً أم انتقالاً أفقياً، وطوال العامين الماضيين، شهد ما بين 20% و25% من موظفي "سبارتا" (Sparta) نوعاً من التغيير في الوظائف، وكان نحو 30% منها انتقالاتٍ أفقية.

تتمتع شركة "سبارتا سيستيمز" (Sparta Systems) بسجلٍّ قويٍّ جداً في الاحتفاظ بالموظفين، لا سيَّما فيما يتعلق بالحفاظ على الأداء العالي، وطوال السنوات العديدة الماضية، انخفض معدل دوران العمالة الطوعي في الشركة انخفاضاً مطرداً، وهو دائماً أقل من المعدلات السائدة في المجال.

والأهم أنَّنا نكترث لخسارة الموظفين الهامين الذين يتركون العمل، ونحرص على عدم فقدان أفضل المواهب الهامة لمستقبلنا، الذين هم الموظفون الموجودون في مناصب مُربِحة، والذين يتمتعون بمهاراتٍ تقنيةٍ هامة، وأولئك الذين سيكتسبون إمكاناتٍ قياديةً في المستقبل، وأنا فخور جداً بحقيقة أنَّ معدَّل دوران الموظفين الهامين لدينا قد استمر أيضاً في الانخفاض، وكان على مدار الاثني عشر شهراً الماضية أعلى بقليلٍ من 1%.

لا بُدَّ أن تكون التنقلات الأفقية قد ساهمت في تحقيق هذه النتيجة الرائعة عند التفكير في هيكلنا التنظيمي المسطَّح وتوقعات كبار الموظفين وجيل الألفية، لمواصلة تسريع نموهم الوظيفي.

إذ تعزِّز التنقلات الأفقية جزئياً مهارات الموظفين، أمَّا على المستوى الكلي، فتحسِّن معدلات الاحتفاظ ورضى الموظفين عموماً، كما يُعَدُّ دعم تطلعات النمو الوظيفي من خلال التنقلات الأفقية وسيلةً قويةً لتعزيز نمو الشركة المتسارع.

المصدر.




مقالات مرتبطة