التفريغ العاطفي الانفعالي: طرقه وأساليبه

يتعرَّض الإنسان عبر مسيرة حياته إلى الكثير من التقلُّبات الانفعالية، فيخوض عدة تجارب شعورية تترك في نفسه تراكمات كثيرة وتؤثر في صحته النفسية والجسدية، وعندما كان للمشاعر والعواطف دور بالغ في التأثير في الإنسان، برز دور التفريغ العاطفي الانفعالي للمواقف بوصفه طريقة لتجاوز الأزمات النفسية وتحرير المشاعر المكبوتة تفريغاً صحياً وسليماً؛ لذا فقد قررنا في هذا المقال أن نتناول الحديث عن التفريغ العاطفي الانفعالي ونجيب عن التساؤلات التالية:



  • ما هو التفريغ العاطفي الانفعالي؟
  • ما هي طرائق التفريغ الانفعالي؟
  • ما أهمية التفريغ الانفعالي؟
  • ما هي أساليب التفريغ الانفعالي؟
  • ما هي طرائق التفريغ العاطفي؟
  • ما هو التفريغ العاطفي "الانفعالي"؟

إنَّ مصطلح التفريغ العاطفي "الانفعالي" هو مرادف لمصطلحَي التنفيس الانفعالي والتطهير الانفعالي، وهو واحد من الإجراءات الهامة التي تُستَخدم في مجال الإرشاد النفسي للأفراد، وعلى وجه الدقة فإنَّ تعريف التفريغ الانفعالي هو السماح للفرد بالتنفيس عن المواقف والمشاعر والحالات المشحونة انفعالياً في داخله، ومساعدته على إطلاق العنان للأفكار التي تجول في خاطره والتعبير عن مخاوفه والبوح عن مكنونات نفسه التي تقلقه.

أي إنَّ التفريغ الانفعالي يتضمَّن التنفيس عن كل ما في داخل الفرد من انفعالات؛ وهو عبارة عن تفريغ للحمولات النفسية لديه، وتطهير للشحنات الكامنة من الانفعال في داخله، ويُصنَّف التفريغ العاطفي "الانفعالي" ضمن أفضل طرائق تحسين الحالة النفسية للأفراد وأكثرها جودة وفاعلية؛ وذلك لأنَّه يتيح للفرد التخلُّص من محرضات حزنه ومسببات غضبه وجميع الأسباب التي تملأ نفسه بالطاقة السلبية.

تنعكس جودة علاقة الإنسان مع نفسه وتفريغه لعواطفه بشكل صحي وسليم على علاقته بغيره من الأفراد؛ وذلك لأنَّ المشكلات النفسية عند كل فرد تقف عائقاً أمام تعامله المنطقي والسليم في علاقاته الاجتماعية، وإنَّ هذا التعامل الخاطئ من شأنه أن يكون السبب وراء نفور الناس منه؛ لذا فإنَّ التفريغ العاطفي وطرد الشحنات السلبية جميعها والتنفيس عن الضغوطات النفسية، هو الحل الأمثل لإنشاء علاقات إيجابية بين الأفراد وأنفسهم من جهة، وبين الأفراد فيما بينهم من الجهة الثانية.

ما هي أهمية التفريغ الانفعالي؟

إنَّ أهمية التفريغ الانفعالي تظهر في تحسين حالة الأفراد النفسية وجعلهم قادرين على تجاوز مشكلاتهم الداخلية واضطراباتهم الشعورية التي يرزحون تحت وطأتها، وتؤثر في قدرتهم على بناء علاقات اجتماعية إيجابية وفعَّالة مع الآخرين.

كما تبرز أهمية التفريغ الانفعالي في مساعدة الأفراد على الابتعاد عن العلاقات السامة، وتوعيتهم فيما يتعلق بالتعامل مع الآخرين بشكل أفضل يضمن لهم حدوداً واضحة في علاقاتهم تحميهم من الدخول في العلاقات غير الصحيَّة التي تستغلَّهم وتستنزف طاقتهم.

يساعد التفريغ الانفعالي على إيصال الأفراد إلى السلام الداخلي وحالة الاستقرار والتوازن، وتتعدى فوائده المجال النفسي لتصل إلى المساعدة على التشافي الجسدي والوقاية من الإصابة بالأمراض كالصداع بكافة أنواعه، والعصاب والشلل والأزمات القلبية والجلطات.

ومن فوائد التفريغ الانفعالي تخفيف معاناة الإنسان، ووضع حد لآلامه التي يعاني منها، وإكسابه مناعة ضد المواقف السلبية والصدمات وحالات الخذلان والفقد وخيبة الأمل التي يمكن أن يتعرَّض لها في سنواته اللاحقة، ويمكِّن التفريغ الانفعالي الأفراد من الحديث عن مشاعرهم بأريحية وطلاقة دون أيَّة مخاوف أو قيود؛ وهذا يساعدهم على التجاوز ويخفف عنهم؛ ذلك لأنَّه يوجد أنواع من الناس يكبحون مشاعرهم ويكبتونها لسبب واحد فقط؛ وهو أنَّهم يفتقرون إلى مهارات التعبير والإفصاح عنها، سواء كانت إيجابية أم سلبية؛ وهذا ما يعود عليهم بمشكلات نفسية وجسدية تتسبب في انهيارهم أو انفجارهم أو حتى إصابتهم بأمراض عضوية خطيرة، دون أن يخطر في بالهم أنَّ الكبت الطويل الذي عانوا منه كان السبب في تمكُّن المرض من أجسادهم ونفوسهم الصامتة.

فوائد التفريغ العاطفي:

إنَّ فوائد التفريغ العاطفي هي ما تجعل منه أسلوباً مفضلاً من قِبَل المتخصصين النفسيين؛ لذا سنُبيِّن فيما يأتي فوائد التفريغ الانفعالي:

  1. يخلِّص الفرد من مشاعر التوتر والقلق ويُدخِله مجال الانفتاح الانفعالي، ويعوِّده على تفريغ المشاعر بطريقة صحيَّة بدلاً من كبتها وتجاهلها وعدم التعامل معها؛ الأمر الذي يُحدِث فارقاً ملحوظاً في صحته النفسية.
  2. يخفف من ضغط الكبت، ويمنع وصول الأفراد إلى حالات الهستيريا والانهيار والانفجار؛ فهو يحرر الفرد من مشاعره السلبية المكبوتة وضغوطاته ومشكلاته التي تكون قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أيَّة لحظة.
  3. يخفف أعراض العصبية والغضب، ويمكن أن يزيلها نهائياً؛ لذا من الهام توعية الناس فيما يتعلق بأهميته في علاج الضغوطات والمشكلات النفسية.
  4. يزيل الأعباء النفسية الجاثمة فوق الصحة النفسية للفرد ويحرره من الانفعالات المكبوتة خلف ما حصل عليه من خبرات شخصية، وما مرَّ به من أحداث نفسية، وما يواجهه يومياً من صراعات شعورية، وما يحمله في رأسه من الذكريات.
  5. تخليص الفرد من الشحنات الانفعالية الفائضة عن طاقته، والإمساك بيده نحو ضفة التحسُّن في المزاج وخاصة في الحالات التي يكون الأفراد فيها قد مروا بمواقف وتجارب سيئة وقاسية.

شاهد بالفيديو: ما هي أسباب الفراغ العاطفي؟

أساليب التفريغ الانفعالي:

إنَّ أساليب التفريغ الانفعالي "العاطفي" هي الأنواع التي يمكن عن طريقها أن يُطهِّر الفرد مشاعره ويحرر انفعالاته، وتوجد ثلاثة أنواع من أساليب التفريغ الانفعالي:

1. أسلوب التفريغ الانفعالي الفردي:

وهو واحد من أساليب التفريغ الانفعالي، ويجتمع فيه الفرد مع مرشده النفسي أو طبيبه المعالج في المشفى أو العيادة، ويبادر الطبيب مريضه بالأسئلة والحديث محاولاً إنشاء جوٍّ مُريحٍ له، وتهيئة مشاعره المكبوتة إلى الخروج عن صمتها الطويل، ويشترط هذا الأسلوب من أساليب التفريغ الانفعالي وجود المريض وحده مع الطبيب؛ إذ يُمنَع وجود أي طرف ثالث معهما.

2. أسلوب التفريغ الانفعالي العائلي:

أسلوب التفريغ الانفعالي العائلي هو واحد من أساليب التفريغ الانفعالي؛ وهو النوع الذي يُقام فيه التفريغ الانفعالي بصورة عائلية، فيُحيط أفراد عائلة الفرد به في جلسته مع المختص النفسي، ويقدمون له الدعم الذي يحتاج إليه والاحتواء الذي يطلبه، ويستمعون لما يدور في خاطره من أفكار وتصورات؛ وهذا يساهم في شفائه وتحسُّنه بسرعة.

تجدر الإشارة إلى أنَّ هذا الأسلوب من أساليب التفريغ الانفعالي غير مناسب في جميع الحالات، ففي مرات كثيرة تكون العائلة والدائرة المقرَّبة هي المسؤولة عن تردِّي الحالة النفسية للفرد؛ لذا إنَّ التفريغ الانفعالي في حضرتهم يكون صعباً ومحرجاً بالنسبة إلى المريض؛ وهذا يضطرَّه إلى تقديم معلومات مغلوطة أو ناقصة تجنُّباً لتبعيات ذلك التفريغ؛ لذا إنَّ التفريغ الانفعالي الفردي هو الأفضل والأنسب في حالات كهذه.

3. أسلوب التفريغ الانفعالي الإجرائي:

إنَّ هذا النوع من أساليب التفريغ الانفعالي هو عملية تهدف إلى تقييم المريض وحالته، ويُمارِس فريق من المتطوعين والمختصين هذا الإجراء من أجل أهداف تعليمية، أو بصورة وقائية تهدف إلى سبر حجم تأثُّر العاملين والمتطوعين فيما يسمعونه.

ومن فوائد التفريغ الانفعالي الإجرائي تعزيز الصحة النفسية عند المشاركين وإثارة فضولهم للبحث عن القيم الحياتية المشتركة فيما بينهم، وإفادتهم بتجارب وخبرات بعضهم بعضاً، وتعريفهم إلى أهمية التفريغ الانفعالي.

طرائق التفريغ العاطفي "الانفعالي":

إنَّ العواطف والانفعالات أعباء ثقيلة يجب على الإنسان التخلص منها إذا ما أراد متابعة حياته بخفة؛ لذا فإنَّنا نقترح طرائق التفريغ الانفعالي الآتية لعلها تكون أداة مساعدة نحو حياة خالية من أعباء الماضي وثقله:

1. الحركة وممارسة الرياضة:

تُعَدُّ ممارسة الرياضة والنشاطات الحركية واحدة من طرائق التفريغ الانفعالي؛ وذلك لأنَّ النشاطات البدنية - ومن ضمنها الجري والمشي والهرولة - من شأنها أن تساعد الجسم على التخلُّص من طاقته السلبية، كما تندرج الرياضات القتالية وفنون الدفاع عن النفس واليوغا وتمرينات التأمل والتنفُّس تحت قائمة الإجراءات التي تساعد على التفريغ الانفعالي.

2. تمرينات الاسترخاء:

إنَّ تعقيدات تكوين الكائن البشري والارتباط الوثيق بين الجسد والنفس جميعها تجعل من تمرينات الاسترخاء واحدة من طرائق التفريغ العاطفي، فالاسترخاء الجسدي يساعد على تخفيف التوتر النفسي، ويحرر الطاقة السلبية، ويُهدِّئ العقل والجسد، ويخفف سرعة تزاحم الأفكار وتدفقها؛ وهذا يساعد على فك تشابكها وتحريرها.

ويُعَدُّ التنفس البطيء تمريناً جيداً من تمرينات الاسترخاء؛ والتنفُّس العميق هو إدخال الهواء من الأنف وحبسه في الصدر قليلاً، ثم يُزفَر عن طريق الفم بهدوء وروية مع إغماض العينين واستشعار كامل بالعملية الحيوية، وأخذ استراحة قصيرة بين كل عمليتي تنفس، ويجب أن تستمر هذه العملية لبضع دقائق.

تمرينات الاسترخاء

3. إخبار قصتك:

يُعَدُّ التحدث عن قصة المشكلة التي يعاني منها الفرد واحدة من طرائق التفريغ الانفعالي، ويمكن التفريغ بهذه الطريقة من خلال إخبار القصة شفهياً لشخص قريب أو معالج متخصص، أو كتابياً في المدونات التي تحتوي على أفكارنا وانفعالاتنا ومشاعرنا السلبية وأحداث يومنا المتعبة بكل أمانة؛ إذ إنَّ إخبار القصة من شأنه أن ينفِّس عن التوتر والضغط النفسي المكبوتَين في داخلنا.

4. التخلي عن كونك عند حسن ظن الآخرين دائماً:

إنَّ الخروج عن توقعات الآخرين يُعَدُّ أيضاً واحدة من طرائق التفريغ العاطفي، فمن الحكمة في كثير من الأوقات عدم تلبية توقعات الآخرين، والامتناع عن إجهاد النفس في إشباع رضاهم عن مواقفنا وتصرفاتنا؛ فإنَّ الحرص على تلبية توقعات الناس من شأنه أن يتسبب في أذى بالغ على صحتنا النفسية لما يضعنا تحته من ضغط وتوتر؛ لذا إنَّ تعلُّم قول كلمة "لا" بلطف ولباقة عندما لا نستطيع تلبية احتياجات الآخر يحفظ حدود شخصيتنا وصحتنا.

5. استخدام التلوين:

التلوين هو واحدة من طرائق التفريغ الانفعالي الأكثر فاعلية، وهو ليس وسيلة تفريغ مقتصرة على الأطفال، كما لا يشترط حتى يحقق التلوين جدواه في التنفيس الانفعالي أن تتقن فنون التلوين والرسم؛ إذ إنَّ فنون تلوين ورسم المانديلا والزنتانجل من شأنها أن تكون حلاً فعالاً للتفريغ الانفعالي، ويمكن ممارستها يدوياً باستخدام الورقة والقلم، أو رقمياً عبر تطبيقات مصممة خصيصاً لهذا الشأن وقابلة للتثبيت على الأجهزة الذكية.

6. تلاوة القرآن الكريم:

تُعَدُّ تلاوة القرآن الكريم من أكثر طرائق التفريغ الانفعالي سكينة وروحانية؛ وذلك لأنَّ التمعُّن في معاني كلماته والحِكَم الواردة فيه من شأنه أن يشتت الذهن عن التفكير في المشاعر السلبية، ويبث في النفس الطمأنينة والهدوء؛ وهذا يساعد على الاسترخاء والتأمُّل وإراحة الأعصاب.

إقرأ أيضاً: 6 آداب لقراءة وتلاوة القرآن الكريم

7. الضحك:

إنَّ الضحك وسيلة فعَّالة من طرائق التفريغ العاطفي؛ وهو حل سحري للكثير من المشكلات النفسية، وكل ما عليك فعله هو الجلوس برفقة أصدقائك المضحكين أو أفراد عائلتك، أو مشاهدة مسرحيات مضحكة أو مقاطع فيديو طريفة على اليوتيوب، فكُن مصدرَ سعادة نفسك وبهجتها وتخلَّص من مشاعرك السلبية بالتفريغ الانفعالي عبر الطريقة التي تفضِّلها.

إقرأ أيضاً: أبرز 10 فوائد علمية للضحك يجب عليك أن تعرفها

في الختام:

إنَّ التفريغ العاطفي "الانفعالي" هو حاجة ضرورية لتستمر حياة الإنسان بتوازن وخفة؛ وذلك لأنَّ هذا التفريغ يخفف أعباء الإنسان التي يحملها في قلبه متراكمة بعضها فوق بعض جرَّاء تكرار المواقف والأفكار والمشاعر السلبية؛ لذا لا بدَّ دائماً من وضع حدٍّ لكل ما هو زائد منها، والتفريغ بالطريقة التي تناسب الفرد والتي قد يحتاج فيها إلى مرشد نفسي يساعده على اختيارها.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة