التحلي بالصبر يؤدي إلى نتائج أفضل في الحياة

"تحلَّ بالصبر قليلاً"، تلك عبارةٌ سمعتها كثيراً في الماضي، وهذا صحيح، فقد كان صبري ينفد بسرعة كبيرة في الماضي؛ ففي كثير من الأحيان، لا ندرك مدى سوء نفاد الصبر، وقد كنت منذ فترة أُعيد قراءة بعض أجزاء من كتاب "اشعر بالخوف وافعل ذلك على أيِّ حال" (Feel the Fear and Do It Anyway) من تأليف عالمة النفس سوزان جيفرز (Susan Jeffers)، وهو كتابي المفضل عن قهر الخوف، ولفتت انتباهي هذه الجملة: "أكبر مأزق وأنت تشق طريقك في الحياة هو نفاد الصبر".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في التحلي بالصبر ونتائجه المُرضية على حياته.

لقد عانيت نفاد الصبر في معظم حياتي، فأنا دائماً ما أريد لرغباتي أن تتحقق سريعاً، ولدي عدة أمثلة على ذلك، وإذا كنت مثلي، فأنت تعلم أنَّها صفة سيئة؛ إذ إنَّك تضغط نفسك والآخرين ضغطاً غير ضروري، ونفاد الصبر يؤثِّر في جميع جوانب حياتك؛ صحتك وعلاقاتك وحياتك المهنية.

عندما بدأت نشاطاً تجارياً مع والدي منذ أكثر من ست سنوات، لم أكن صبوراً أبداً، وكنت أسأل دائماً:

  • لماذا لا يشترون؟
  • علينا تغيير استراتيجيتنا.
  • نحن بحاجة إلى موقع إلكتروني جديد.
  • أنا بحاجة إلى حضور مزيد من المؤتمرات.
  • يجب أن نضع إعلانات في المجلات التجارية.
  • علينا توظيف شخص ما للمساعدة في المبيعات.

لقد غيرت أفكاري كلَّ يوم، وبإمكاني أن أخبرك الآن من تجربتي الشخصية أنَّ نفاد الصبر مرهق للغاية؛ لذلك أجبرت نفسي على التحلي بالصبر مع كلِّ شيء مع الناس ومع نفسي ومع الأهداف، والتقدم والمال والعلاقات.

إقرأ أيضاً: الصبر: مفهومه، وأسبابه، ونتائجه، وكيفية تعلمه

تعامل بأريحية مع الرضى المؤجَّل:

من السهل التركيز على كلِّ قصص النجاح، وبالتأكيد القصص حقيقية؛ فقد حقق بعض رواد الأعمال والمدونين ومستخدمي يوتيوب (YouTube) أرباحاً بالملايين في غضون فترة زمنية قصيرة، حتى إنَّ بعضهم فعل ذلك بعد بضع محاولات.

أنا لا أقول إنَّ هذه الأشياء لا تحدث، لكن كم من هذه القصص موجودة؟ ربما ليست بالعدد الكبير، وهذا هو سبب حصولهم على كلِّ الاهتمام، لكن بالنسبة إلى معظمنا، توجد قواعد أخرى في اللعبة.

لدينا مسؤوليات، إيجار، أشخاص نعتني بهم، مشكلات في العلاقات، وما إلى ذلك؛ فالحياة ليست سهلة، وإذا كنت تريد أن تجعل هذه الحياة تسير لمصلحتك، فعليك أن تكون استراتيجياً حيال ذلك، وأن تركِّز على الأمد الطويل؛ لأنَّ هذه هي الطريقة التي تحصل بها على معظم النتائج، فابدأ بهدوء، وحاول تحسين مهاراتك، وادرس بعناية المجال الذي دخلته، ولا تقارن نفسك بالآخرين، ثم انطلق عندما يحين الوقت.

لكن أنا وأنت نعلم مدى صعوبة ذلك؛ إذ إنَّنا جميعاً على دراية باختبار المارشميللو، نحن نعلم أنَّ البشر لا يجيدون ممارسة الرضى المؤجل؛ لأنَّ أيَّ شيء يستحق العناء في الحياة يتطلب منك القيام بعمل شاق دون إشباع قصير الأمد.

تريد مساعدة الناس؟ تغيير حياتهم؟ أحسِن التصرف أولاً، وافهم أنَّ معظم الأشياء لها نتائج في المستقبل.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لكي تكون صبوراً

عش اليوم، لكن فكِّر في المستقبل أيضاً:

يتعلق الأمر بتحقيق التوازن، فإن عشت الحاضر بالكامل دون التفكير بأهدافك المستقبلية، يمكن أن تحصل على مكاسب ضئيلة؛ وإن فكرت دائماً بالمستقبل دون الإحساس باللحظة الراهنة، ستفقد كثيراً من مُتع الحياة؛ لأنَّنا غالباً ما نقوم بالأشياء فقط لأنَّنا نتوقع المكاسب في المستقبل، لهذا السبب نحصل على شهادات لا نحتاج إليها، ونستمر في وظائف نكرهها، ونبدأ علاقات مع أشخاصٍ لا نحبُّهم؛ لذا حاول تحقيق التوازن، فكلُّ ما يتطلبه الأمر هو أن تفعل الشيء الصحيح اليوم، وتحصل على وظيفة تحبها بالفعل، وأن تدرس الأشياء التي تهتم بها.

إذاً لماذا تريد تحقيق هدف معين، وفي أسرع وقت ممكن؟ والأهم: لماذا تريد تحقيق إشباع فوري؟ ربما لأنَّنا جميعاً نعلم أنَّ الحصول على قطعتين من المارشميللو أفضل من تناول واحدة فقط، وتوجد أمثلة عديدة على تجارب الإشباع المؤجل، ونعلم أيضاً أنَّ الأطفال في تلك التجارب الذين انتظروا المكافأة الأكبر تصرفوا تصرفاً أفضل في الحياة.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعدك على التركيز على الحاضر

في الختام:

كوننا نرضى بقطعة مارشميللو واحدة فذلك لأنَّنا ما زلنا أطفالاً غير صبورين؛ وهذا جيد، لكن في مرحلة ما، يجب أن ننضج ويزداد صبرنا، والسؤال الآن هو: ما الذي تفضِّل الحصول عليه؟ مارشميللو واحدة الآن؟ أو اثنتين بعد 15 دقيقة؟




مقالات مرتبطة