التأتأة عند الكبار: الأسباب، الأعراض، وأفضل طرق العلاج

هل تشعر بأنّ كلماتك تتعثر عند التحدث أمام الآخرين، أو تتلعثم عند بدء جمل بسيطة؟ هذه العلامات قد تشير إلى التأتأة عند الكبار، وهي حالة تؤثر في الطلاقة الكلامية أكثر مما نتخيل؛ فما أسبابها؟ وكيف يمكن السيطرة عليها أو علاجها؟

سنكشف، في هذا المقال، أنواع التأتأة، وأعراضها، وأفضل طرائق علاجها العملية، لتفهم الحالة جيداً وتتعلم كيف تتحكم فيها بفعالية.



ما الفرق بين التأتأة والتلعثم في الكلام عند الكبار؟

"يُستخدم مصطلح التأتأة عند الكبار لوصف استمرار الاضطراب منذ الطفولة، بينما يشير التلعثم في الكلام عند الكبار غالباً إلى حالات مكتسبة مرتبطة بعوامل نفسية أو عصبية، وكلاهما يعبّر عن صعوبة في الطلاقة".

رغم أنّ مصطلحي التأتأة والتلعثم في الكلام عند الكبار يُستخدمان بصورة متبادلة، إلا أنّ هناك فروقاً دقيقة في الاستعمال الطبي واللغوي. فكلاهما يصف اضطراباً في الطلاقة الكلامية يتمثل في تكرار الأصوات أو إطالة المقاطع أو حدوث توقفات غير إرادية أثناء الحديث.

ومع ذلك، غالباً ما يشير مصطلح "التأتأة" إلى الحالة التي تبدأ في مرحلة الطفولة وتستمر مع الشخص حتى البلوغ، بينما يُستخدم "التلعثم" عند الكبار للإشارة إلى الحالات المكتسبة التي قد تنشأ نتيجة صدمات نفسية أو إصابات عصبية أو عوامل دوائية.

أبرز أوجه المقارنة:

  • الاستخدام اللغوي: التأتأة شائعة في الاستعمال اليومي، بينما التلعثم يظهر أكثر في السياق الطبي.
  • بداية الاضطراب: التأتأة غالباً تبدأ في الطفولة، بينما التلعثم عند الكبار قد يظهر فجأة في مرحلة لاحقة.
  • التشخيص: كلاهما يصنف كاضطراب في الطلاقة الكلامية، مع اختلاف السياق الذي يُستخدم فيه المصطلح.
  • الأثر النفسي والاجتماعي: يكون البالغون أكثر وعياً بمشكلتهم الكلامية، ما يزيد من القلق والتوتر في المواقف اليومية.

التأتأة عند الكبار

ما هي أنواع التأتأة عند الكبار؟

"تشمل أنواع التأتأة عند الكبار النمائية المستمرة، النفسية، العصبية، والدوائية، ويختلف العلاج حسب النوع".

تظهر مشكلة التأتأة في عدة صور تختلف بحسب السبب والخلفية الطبية أو النفسية. ويمكن تقسيم الأنواع الرئيسة إلى أربع فئات:

1. التأتأة النمائية المستمرة

يُعد هذا النوع الأكثر شيوعاً، ويحدث عندما تستمر صعوبات الطلاقة منذ الطفولة حتى مرحلة البلوغ. في هذه الحالة يكون التلعثم في الكلام عند الكبار امتداداً لمشكلة مبكرة لم تُعالج علاجاً كافياً؛ إذ يعتمد العلاج غالباً على علاج النطق السلوكي وتمارين تحسين الطلاقة.

2. التأتأة العصبية (نتيجة سكتة دماغية أو إصابة دماغية)

تنشأ نتيجة تلف في مناطق الدماغ المسؤولة عن التخاطب، كما قد يحدث بعد السكتة الدماغية أو إصابات الرأس. يُصنّف هذا النوع ضمن الحالات المكتسبة، وغالباً ما يتطلب علاجاً مشتركاً بين أخصائي النطق والأطباء العصبيين.

3. التأتأة النفسية (قلق، صدمة، اكتئاب)

يطلق عليها أحياناً التأتأة النفسية، وترتبط باضطرابات مثل القلق الاجتماعي أو التعرض لصدمة نفسية أو الاكتئاب. هنا، يكون العلاج الأمثل مزيجاً بين العلاج المعرفي السلوكي وجلسات التخاطب، مع دعم نفسي لمواجهة المسببات العاطفية.

4. التأتأة الدوائية أو المكتسبة

قد تظهر التأتأة فجأة عند الكبار بسبب تأثير بعض الأدوية في مراكز النطق أو نتيجة عوامل بيئية ضاغطة. يتطلب هذا النوع تقييماً شاملاً، وفي بعض الحالات يختفي بعد تعديل الدواء أو تغيير الروتين الصحي للمريض.

أظهرت دراسة منشورة في (PubMed Central) أنّ الأشخاص الذين يعانون من التأتأة النمائية لديهم اختلافات في بنية الدماغ مقارنة بغيرهم، خصوصاً في مناطق القشرة المسؤولة عن التحكم الحركي للكلام.

توضح هذه النتائج أنّ استمرار التلعثم في الكلام عند الكبار قد يكون مرتبطاً بعوامل عصبية وتشريحية، وليس فقط نفسية أو سلوكية، وهو ما يفسر الحاجة إلى تدخل علاجي متخصص وطويل الأمد.

ما أسباب التأتأة في مرحلة البلوغ؟

"من أبرز أسباب التأتأة: الصدمات النفسية، إصابات الدماغ، التوتر المزمن، أو تناول أدوية تؤثر في مراكز النطق".

تظهر هذه الحالة نتيجة مجموعة متنوعة من العوامل العصبية والنفسية والبيئية، ومن أهم أسباب التلعثم والتأتأة عند البالغين:

  • الصدمات النفسية والضغوط العاطفية: مثل التعرض لحادث صادم، فقد شخص عزيز، أو مواقف اجتماعية عالية التوتر، والتي قد تؤدي إلى ظهور اضطراب طلاقة مفاجئ أو زيادة شدته.
  • إصابات الدماغ أو السكتات العصبية: تلف في المناطق الدماغية المسؤولة عن التحكم الحركي للكلام، مثل حالات السكتة الدماغية أو إصابات الرأس، مما يسبب التلعثم في الكلام عند الكبار المكتسب.
  • التوتر المزمن والقلق الاجتماعي: يمكن للضغط النفسي المستمر أن يحفز أو يزيد من شدة التأتأة، خاصة أثناء المواقف المهنية أو التفاعلات الاجتماعية.
  • الأدوية وتأثيرها في مراكز النطق: بعض الأدوية التي تؤثر في الجهاز العصبي المركزي قد تُحدث اضطرابات في الطلاقة الكلامية أو تزيدها سوءاً.
  • عوامل وراثية أو استمرار من الطفولة: في بعض الحالات، قد تكون التأتأة استمراراً لمشكلة بدأت في الطفولة ولم تُعالج، ما يجعل البالغ أكثر عُرضةً للمعاناة من التأتأة عند الكبار.

أسباب التأتأة في مرحلة البلوغ

ما أعراض التأتأة عند الكبار؟

"تشمل الأعراض: تكرار الكلمات، وصعوبة بدء الجمل، وتوتر عضلي، وخجل واضح، وسرعة في محاولة إنهاء الكلام".

تتجلى مشكلة التأتأة بمجموعة من العلامات السلوكية والجسدية، مثل:

  • تكرار الكلمات أو المقاطع الصوتية: ظهور الكلمات أو الحروف بتكرار عدة مرات أثناء الحديث.
  • صعوبة بدء الجمل: توقفات مفاجئة أو تعثر في بداية الكلام.
  • إطالة الأصوات: ملاحظة استمرار نطق الصوت أو الحرف لفترة أطول من الطبيعي.
  • توتر عضلي أثناء الكلام: تشمل الشفتين، أو الفك، أو الحلق نتيجة محاولة التحكم بالطلاقة.
  • الخجل أو الانسحاب الاجتماعي: شعور بالإحراج أو القلق عند التحدث أمام الآخرين.
  • سرعة في محاولة إنهاء الكلام: ميل لإنهاء الجمل بسرعة لتجنب التأتأة أو التلعثم.

هل أنا معرض للإصابة بالتأتأة؟ وما أكثر الفئات عُرضةً؟

تكون بعض الفئات أكثر عُرضةً للإصابة بالتلعثم في الكلام نتيجة تراكم عوامل الخطر منذ الطفولة:

  • الجنس: الرجال أكثر عُرضةً للإصابة مقارنة بالنساء.
  • الوراثة: وجود تاريخ عائلي من التأتأة يزيد من احتمالية استمرار المشكلة لدى البالغين.
  • الطفولة: استمرار التأتأة منذ الطفولة يجعل الشخص أكثر عُرضةً لمواجهة صعوبات في الطلاقة لاحقاً.
  • الصحة النفسية: القلق المزمن، أو التوتر، الخجل أو الاكتئاب قد يعزز ظهور أعراض التلعثم عند الكبار ويزيد شدتها.

"يرتبط خطر الإصابة بالتأتأة عند الكبار بعوامل مثل الجنس، والوراثة، واستمرار التأتأة منذ الطفولة، والصحة النفسية".

الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالتأتأة

كيف يتم علاج التأتأة عند الكبار؟

"يتنوع العلاج بين جلسات النطق، وتقنيات التنفس، وتعديل التفكير، وأحياناً أجهزة إلكترونية لتحسين الإيقاع الصوتي". كما ويتنوع علاج التأتأة عند الكبار تبعاً لسبب الحالة وشدتها، ولعلّ أهم أنواع العلاج تشمل:

1. علاج النطق السلوكي

يهدف إلى تحسين الطلاقة من خلال تقنيات التحكم في سرعة الكلام، والتكرار الموجّه، وتصحيح الأخطاء الصوتية. تُعد جلسات النطق أساسية لتقليل التلعثم عند الكبار، وغالباً ما تُدمج مع تمارين لعلاج التأتأة اليومية لتعزيز نتائج العلاج.

2. العلاج المعرفي السلوكي (CBT)

يركز على تعديل الأفكار والمعتقدات السلبية المرتبطة بالتأتأة. يساعد العلاج المعرفي السلوكي على مواجهة القلق الاجتماعي، وزيادة الثقة بالنفس، وتحسين الأداء في المواقف اليومية.

3. الأجهزة المساعدة على الطلاقة

تُستخدم بعض الأجهزة الإلكترونية لتحسين الإيقاع الصوتي ومعدل الكلام، ما يقلل التوتر ويزيد التحكم في النطق. تُعد هذه الأجهزة خياراً داعماً بجانب العلاج السلوكي وليس بديلاً عنه.

4. تمارين تنفس وتحدث منزلي

تشكّل تمارين علاج التأتأة جزءاً هامّاً من العلاج اليومي، وتشمل التحكم في التنفس البطني، والتحدث ببطء، والتدريب على جمل شائعة. تعزز هذه التمارين الطلاقة وتقلل من توتر العضلات أثناء الكلام.

5. الدعم العائلي والتفاعل المجتمعي

يعزز تشجيع العائلة والأصدقاء والمحيط الاجتماعي ثقة المريض بنفسه، ويقلل الضغوط النفسية، ما يساهم مباشرةً في تحسين التأتأة والتقليل من حدة التلعثم.

خطوات يومية للسيطرة على التأتأة

"تبدأ السيطرة على التأتأة بخطوات يومية مثل: التنفس العميق، والتحدث ببطء، والتمرين على مواقف حياتية".

يمكن للأشخاص الذين يعانون من التأتأة عند الكبار تحسين الطلاقة والسيطرة على الكلام من خلال ممارسة خطوات يومية بسيطة لكنّها فعّالة. ومن أبرز الخطوات:

  1. التحدث ببطء وتركيز: التحكم في سرعة الكلام يقلل التكرار والإطالة غير المرغوبة.
  2. التنفس البطني العميق: يساعد على استرخاء العضلات وتحسين تدفق الهواء أثناء الكلام.
  3. التمارين أمام المرآة: تساعد ملاحظة حركات الشفاه والفم على زيادة وعي النطق.
  4. التسجيل الصوتي: يمكن للاستماع إلى التسجيلات أن يكشف نمط التلعثم ويتيح تصحيح الأخطاء.
  5. التدرب على الجمل الشائعة: تقلل ممارسة الجمل والمواقف اليومية القلق أثناء التحدث الفعلي.
  6. تقليل التوتر قبل الاجتماعات والمواقف الاجتماعية: الاسترخاء الذهني يقلل من حدة التأتأة ويزيد الطلاقة.

شاهد بالفيديو: كيف تطوّر حضورك الصوتي وتفرض شخصيتك؟

متى تحتاج إلى زيارة أخصائي نطق؟

"يُنصح بزيارة مختص نطق إذا استمرت التأتأة لما يزيد على 6 أشهر، أو أثّرت في حياتك الاجتماعية والمهنية".

يُنصح باللجوء إلى المختص إذا لاحظت استمرار المشكلة أو تأثيرها على الأداء الاجتماعي والمهني.

ولعل أبرز العلامات التي تستدعي زيارة أخصائي النطق:

  • استمرار التأتأة لما يزيد على 6 أشهر دون تحسن ملحوظ.
  • تأثير التأتأة في القدرة على التحدث في العمل أو الدراسة.
  • زيادة القلق أو الخجل عند التواصل مع الآخرين.
  • صعوبة شديدة في بدء الكلام أو إتمام الجمل.
  • ملاحظة تكرار شديد للكلمات أو الأصوات بما يؤثر في الطلاقة اليومية.
إقرأ أيضاً: أسباب عدم التركيز في الكلام والعلاج

الأسئلة الشائعة

1. هل التأتأة عند الكبار طبيعية؟

التأتأة في سن البلوغ ليست شائعة، لكنّها قد تظهر نتيجة صدمة نفسية، أو توتر شديد، أو إصابة عصبية. كما يمكن أن تكون استمراراً لمشكلة بدأت في الطفولة ولم تُعالج، مما يجعل الشخص يعاني من التأتأة.

2. ما الفرق بين التأتأة والتلعثم في الكلام؟

التأتأة والتلعثم مصطلحان مترادفان، لكن التلعثم عند الكبار يُستخدم غالباً في السياق الطبي عند البالغين، بينما "التأتأة" عند الأطفال أكثر شيوعاً.

3. هل يمكن علاج التلعثم في الكلام عند الكبار نهائياً؟

لا يوجد علاج نهائي دائم لجميع الحالات، لكن يمكن التحكم في التأتأة بدرجة كبيرة من خلال علاج التلعثم، وجلسات النطق، وتمارين لعلاج التأتأة، والوعي الذاتي.

4. هل التأتأة وراثية؟

قد ترتبط التأتأة بعوامل وراثية، لكنّها ليست حالة وراثية مباشرة. وجود تاريخ عائلي يزيد احتمالية الإصابة لكنّه لا يعني حتمية ظهور التأتأة عند الكبار.

5. هل التوتر يسبب التلعثم؟

نعم، يمكن للتوتر والضغط النفسي أن يحفّزا أو من شدة التلعثم أو يزيدها، وخاصةً في المواقف الاجتماعية أو أثناء التقديم أمام الجمهور.

6. متى يجب استشارة أخصائي نطق؟

إذا استمرت التأتأة عند الكبار لما يزيد على 6 أشهر، أو بدأت تؤثر في الأداء المهني أو العلاقات الاجتماعية، يُفضل زيارة أخصائي نطق لتقييم الحالة ووضع خطة علاج مناسبة.

إقرأ أيضاً: التأتأة والذكاء الاصطناعي: ثورة تكنولوجية في علاج هذه الظاهرة

ختاماً، التأتأة عند الكبار قد تبدو تحدياً يومياً، لكنّها ليست نهاية الطريق. هل أنت مستعد لاستكشاف الطرائق الفعّالة للتحكم فيها وتحسين طلاقتك الكلامية؟ يمكن لمعرفة الأسباب والأعراض وخيارات العلاج أن تكون الخطوة الأولى نحو التغيير الحقيقي.

هذا المقال من إعداد الكاتب علي محمد برهوم.




مقالات مرتبطة