الاكتئاب عند الأطفال، أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه

إنَّ الاكتئاب هو مرضٌ نفسي يرافقه اختلالٌ في الحالة المزاجيّة للإنسان ومشاعر عميقة من الحزن واليأس وحتّى التفكير في الانتحار في بعض الأحيان، ومع هذا الخليط من المشاعر قد يصعب علينا بعض الشيء أن نصدِّق أنَّ الطفل بكلّ براءته ومرحه وحبّه للحياة قد يُصاب بهذا المرض! في الحقيقة أَثبَت العلم الحديث أنَّ الطفل قد يُصاب بالاكتئاب، فقد كان العلماء يعتقدون قديماً أنَّ الاكتئاب يمكن أن يُصيب البالغين فقط، إلّا أنَّ دراساتٍ حديثة كشفت أنَّ الاكتئاب قد يُصيب الأطفال أيضاً فمِن بين كل 100 طفلٍ يوجد 3 أو 9 أطفال يمكن أن يتعرَّضوا للاكتئاب الذي يحتاج إلى علاج. وبالرغم من أنَّ الاكتئاب حالةٌ خطيرة، إلّا أنّه يمكن علاجه لكن بطريقةٍ مُختلفة عن علاج الاكتئاب عند البالغين. لتعرفوا أكثر عن موضوع اكتئاب الأطفال تابعوا معنا السطور التالية.



1. ما هو اكتئاب الأطفال؟

اكتئاب الأطفال: هو حالة تنتج جراء تعرُّض الطفل لضغوطٍ نفسيّةٍ مصحوبة بتهيُّج وغضب ومشاعر مستمرة من الحزن واليأس. فالاكتئاب قد يمنع الطفل من الاستمتاع بالأشياء التي يقوم بها عادةً بشكلٍ طبيعيّ وأن يكون جزءٌ من نشاطاته الاعتياديّة.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ تقلُّب مزاج الطفل من فترة لأخرى أو إصابته بالحزن أمرٌ طبيعي، والتي قد يتعَّرض لها في حال موت حيوانه الأليف أو لسببٍ آخر. إلّا أنَّ استمرار هذه المشاعر لأسابيع أو أشهر قد تكون إشارة على إصابته بالاكتئاب.

وهناك نوعان للاكتئاب:

  1. الاكتئاب الرئيس: وتزيد مدّته عن الأسبوعين كما قد يُصاب به الطفل أكثر من مرّة خلال حياته، وهذا الاكتئاب قد يكون نتيجة حدثٍ صادمٍ كموت صديقه أو قريبٍ له.
  2. الاكتئاب الجزئي: وهذا النوع من الاكتئاب يكون أقلّ شدّةً إلّا أنّه مُزمنٌ ويبقى على الأقلّ سنتين.

وتُشير الإحصائيات إلى أنَّ 8% من المراهقين والأطفال يعانون من الاكتئاب، كذلك فإنَّ الأطفال الذين يُولَدون لآباء مصابين بالاكتئاب يكونون معرَّضين بنسبةٍ أكبر للإصابة بالاكتئاب.

ويَحدُث الاكتئاب لدى الأطفال الذين لم يصلوا إلى سن المدرسة بنسبةٍ أقلّ من 1%، بينما يَحدُث للأطفال الذين يكونون في سنّ المدرسة بنسبةٍ تتراوح بين 2% و3%، وتتراوح المعدَّلات عند المراهقين بنسبة 6% لدى الفتيات ونسبة 4% لدى الفتيان. وبالرغم من أنَّ الاكتئاب يُصيب مختلف الأعمار وكلا الجنسين إلّا أنّه يكون أكثر شيوعاً لدى الفتيان الذين تقل أعمارهم عن الـ 10 سنوات، في حين تزيد نسبته لدى الفتيات في عمر الـ 16.

إقرأ أيضاً: 21 طريقة بسيطة وفعالة لتجاوز الشعور بالاكتئاب

2. أسباب الاكتئاب:

إنَّ سبب شعور الطفل بالاكتئاب لا يزال غير واضحٍ بشكلٍ محدَّد، إلّا أنّه يرتبط بحدوث خَلَلٍ في توازن المواد الكيميائيّة في دماغ الطفل وبالتالي تتأثَّر حالته المزاجيّة، وهذا الخلل يَحدُث نتيجة عوامل مختلفة منها:

  • انفصال الوالدين.
  • تعرُّض الطفل للتحرُّش.
  • الانتقال من السكن أو من المدرسة.
  • إهمال الوالدين للطفل.
  • وفاة أحد الوالدين.
  • عوامل وراثيّة.
  • تعرُّض الطفل لأحد الأمراض المزمنة.
  • تفضيل أحد أقران الطفل عليه.
  • قد يكون بسبب الآثار الجانبيّة لبعض الأدوية، التي تحتوي على مواد تسبِّب الاكتئاب.

هناك أيضاً بيئةٌ معيّنةٌ يكون من السهل تعرُّض الطفل للاكتئاب فيها منها:

  • نشوء الطفل في ظلّ أُسرَة مفكَّكة وغير مترابطة وخاليةٍ من مشاعر الحب والعطف والحنان.
  • تعرُّض الأم للعنف الجسدي أو اللفظي من قِبَل الزوج وأمام الطفل يُولِّد شعوراً بالنقص لدى الطفل ممَّا قد يُسبِّب له الاكتئاب.
  • عيش الطفل ضمن بيئةٍ فقيرةٍ لا توفِّر له كافة احتياجاته التعليميّة والتربويّة والنفسيّة.
  • عيش الطفل مع أحد والديه في منزلٍ منفصل قد يسبِّب للطفل حالةً من القلق وعدم الاستقرار التي قد تؤدِّي لإصابته بالاكتئاب.
إقرأ أيضاً: أثر الطلاق على الأطفال

3. أعراض الاكتئاب (كيف أعرف أنّ طفلي مصاب بالاكتئاب)؟

إنَّ الاكتئاب عند البالغين غالباً ما تكون أعراضه ملحوظة فالشخص البالغ يستطيع أن يُعبِّر عن مشاعره  لكن قد يكون الأمر مختلفٌ بالنسبة للطفل، حيث يجد الأطفال غالباً صعوبةً في التعبيرعن شعورهم ووصفه خاصةً إذا كانوا يعانون الاكتئاب، لذلك تختلف أعراض الاكتئاب عند الأطفال إلّا أنَّها بشكلٍ عام تتمحور حول الحزن، واليأس، والتقلُّبات المزاجيّة.

أعراض الاكتئاب:

  • قد يُعاني الطفل من الحزن واليأس والشعور بالدونيّة، فقد يبكي بسهولة، وقد يُخفي دموعه تحفُّظاً.
  • غالباً ما تكون استجابة ومشية وتحدُّث الأطفال المصابين بالاكتئاب أبطأ من الطفل السليم، كما قد يكونون أقلَّ نشاطاً ومرحاً من المعتاد.
  • قد يعاني الطفل المصاب بالاكتئاب من قلّة الانتباه وصعوبةٍ في التركيز.
  • صعوبة إرضاء الطفل وفقدان الاهتمام بالأنشطة أو الأشياء التي كان يستمتع بها في الماضي.
  • قد يبدو على الطفل التهيُّج والغضب والتوتُّر والانزعاج بسهولة.
  • قد يشعر الأطفال المصابون بالاكتئاب بالذنب أو أنّهم بلا فائدة، وهذه المشاعر قد تُوْدِي بهم لإيذاء أنفسهم جسديّاً أو تعريض أنفسهم لمخاطر كبيرة.
  • شعور الطفل بالضعف وسرعة التأثُّر، والحساسيّة الزائدة من الرفض أوالانتقاد.
  • التعب وانخفاض الطاقة والقدرة على العمل.
  • العزلة والانسحاب من المواقف الاجتماعيّة وابتعاد الطفل عن أصدقائه.
  • تغيُّرٌ في العادات الغذائيّة للطفل، فقد تزيد الشهيّة أو تنقص.
  • قد يعاني الطفل المكتئب من اضطراباتٍ في النوم، فقد يبقى نائماً، أو يستيقظ باكراً، أو ينام كثيراً.
  • الانسحاب والإحجام عن أداء المهام اليوميّة أو الممتعة. وقد يبتعد الطفل عن أسرته وأقرانه، كما قد تصبح غرفة نومه هي مكانه المفضَّل ليحصل على الخصوصيّة.
  • التفكير أو الحديث عن الموت والانتحار.

غالباً ما تتغيَّر هذه الأعراض بحسب عمر الطفل. ففي حال استمرت هذه الأعراض لفترةٍ قصيرةٍ فيمكن التغاضي عنها حيث تكون كآبة مؤقّتة، ولكن إذا دامت هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين وأثَّرت على نشاطاته الاعتياديّة اليوميّة وحياته المدرسيّة، فقد يكون الطفل يعاني من الاكتئاب.

4. رسومات طفلك قد تُخبرك عن حالته النفسيّة:

غالباً ما يرسم الأطفال رسوماتهم مستخدمين جزءاً من خيالاتهم وواقعهم فتعكس رسوماتهم ما يدور في أذهانهم وأنفسهم، لذلك يلجأ خبراء علم النفس إلى رسومات الأطفال لتحليل حالاتهم النفسيّة.

وذلك لا يعني أنَّ جميع رسوم الأطفال تشير إلى شيءٍ معيَّن، فمن المهمّ عدم فحص رسم الطفل كثيراً ويمكنك التحدُّث مع طفلك عن رسوماته وسؤاله عن بعض التفاصيل لتتخلَّص من قلقك الغير ضروري، كما أنّه من المهمّ فتح باب النقاش مع طفلك، وإعطائه فرصةً لشرح رسوماته، كأن تقول: (أخبرني ماذا رسمت؟ مَنْ الأشخاص الذين قمت برسمهم؟ ماذا يفعلون؟).

وهناك بعض العلامات التي قد تنذر بالقلق إذا ما ظهرت في رسومات الطفل منها:

  • تغيُّر رسومات الطفل فجأة، كأن يبدأ فجأة برسم صورٍ عن العنف لأكثر من مرّة.
  • استخدام الطفل للون الأحمر والأسود بكثرة، حيث يرمز اللون الأسود إلى معاناة الطفل من اكتئاب الطفولة، بينما يرمز اللون الأحمر للغضب والعنف. في حال عدم توفُّر سوى هذين اللونين أمام الطفل فلا داعي للقلق حينها.
  • في حال قيام الطفل برسم لوحاتٍ غريبةٍ تتعلَّق بعائلته، كأن يرسم نفسه بعيداً عن عائلته أو عدم رسمه لأحدهم.
إقرأ أيضاً: أهم الأسباب التي تؤدي للغضب والعنف عند الأطفال

5. علاج اكتئاب الأطفال:

من الضروري على الوالدين في حال ملاحظة الأعراض السابقة تظهر على طفلهم لمدّةٍ تزيد عن أسبوعين أن يأخذوا هذه التنبيهات على محمل الجدّ ويتعاملوا مع طفلهم باهتمامٍ ووعيٍ وصبر. فالاكتئاب يمكن أن يتحسّن بالاهتمام والعناية الجيّدة بالطفل، كما قد يتدهور في حال لم يتم علاجه. وهناك بعض الخطوات التي يجب على الأهل اتّباعها لعلاج طفلهم من الاكتئاب وهي:

  1. استمع لمشاكل طفلك وتحدَّث إليه، وقدِّم له الدعم والاهتمام والحب.
  2. زد اهتمامك بطفلك وادعمه عاطفيّاً.
  3. لا تقلِّل من حجم مشاكله.
  4. احترم طفلك، وابتعد عن توجيه الإهانات له.
  5. حفِّز طفلك على اللعب خارج المنزل، وشجّعه على الاشتراك بالأنشطة الاجتماعيّة.
  6. قنِّن من استخدام طفلك للحاسوب ومشاهدته للتلفاز.
  7. اقضِ مزيداً من الوقت مع طفلك، وتحدَّث إليه بخصوص مشاعره وما يدور في رأسه من أفكار وشجّعه على التعبير عن نفسه.
  8. شجّع طفلك على ممارسة الرياضة مع توفير نظامٍ غذائيٍّ صحّيٍّ له.
  9. وفِّر بيئةً صحّيةً لطفلك في المنزل وقدِّم له الدعم الذي يحتاجه، وتعاون مع معلّميه للتقليل من نسبة التوتُّر الذي يتعرَّض له في المدرسة.
  10. عزِّز صفات وسلوكيّات طفلك الايجابيّة عن طريق منحه الفرصة لإخراج ما بداخله من طاقاتٍ من خلال تبنّيه هواياتٍ جديدةٍ تسمح له بذلك.
  11. راجع طبيباً نفسيّاً مناسباً واستفسر عن حالة طفلك واطلب النصائح من المختصّين، فقد يكون العلاج باللعب هو الخيار الأفضل لطفلك في حال كان صغيراً جدّاً، أمّا بالنسبة للأطفال الأكبر سنّاً، فالعلاج المعرفيّ السلوكيّ هو الأفضل.

وغالباً ما يُنكِر الأهل معاناة طفلهم من الاكتئاب خوفاً من نظرة المجتمع والتي قد تؤدِّي إلى نتيجة لا تُحمَد عقباها على طفلهم. لذلك، عزيزي الأب وعزيزتي الأم إنَّ طفلك مسؤوليّتك وأمانة في عنقك، فلا تبخل عليه بالحب والاهتمام والاحتواء ولا تخجل من طلب المساعدة في حال احتاج طفلك إليها من أصحاب الاختصاص.

 

المصادر:

  1. الاكتئاب عند الأطفال، كيلة علوم الأسرة.
  2. الاكتئاب، إضاءة زواياه المظلمة (اكتئاب الأطفال)، موقع الباحثون السوريون.
  3. الاكتئاب عند الأطفال: أكثر من مجرد حالة مزاجية، موقع ويب طب.
  4. 10 علامات للاكتئاب عند الأطفال لا ينبغي تجاهلها، موقع شبكة الجزيرة الإخبارية.



مقالات مرتبطة