الاستفادة من الذكاء العاطفي في القيادة

عندما تفكِّر في "قائدٍ مثالي"؛ فما الذي يخطر في بالك؟ قد تتخيَّل شخصاً لا يفقد السيطرة أبداً على أعصابه مهما كانت المشكلة التي يواجها، أو قد تفكِّر في شخصٍ لديه كامل الثقة في طاقمه، ويستمع إلى فريقه، ويمكِن التحدث إليه بسهولة، ويتَّخذ دائماً قراراتٍ مدروسةً بعناية. إنَّ هذه الصفات هي صفات الشخص الذي يتمتع بدرجةٍ عالية من الذكاء العاطفي، وسنلقي نظرةً في هذه المقالة على سبب أهمية الذكاء العاطفي في الادارة والقيادة، وكيف يمكِنك كقائد تحسين ذكاءك العاطفي.



ما هو الذكاء العاطفي؟

إنَّ الذكاء العاطفي هو قدرتك على فهم عواطفك وعواطف الأشخاص المحيطين بك وإدارتها؛ حيث يَعرف الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات عالية من الذكاء العاطفي ما يشعرون، وما تعنيه عواطفهم، وكيف يمكِن لهذه العواطف أن تؤثِّر في الأشخاص الآخرين، وبالنسبة إلى القادة فإنَّ التمتع بالذكاء العاطفي يُعدُّ أساساً للنجاح في الإدارة والقيادة، وفي النهاية مَن هو الذي يملك فرصاً أكبر في النجاح؟ هل هو القائد الذي يصرخ في وجه فريقه عندما يحسُّ بالضغط؟ أم أنَّه القائد الذي يبقى متحكماً بزمام الأمور ويقيِّم الوضع بهدوء؟

مفهوم القيادة الإدارية:

تُعرف القيادة الإدارية بأكثر من تعريف، ومن أبرز تعاريفها:

  • هي عملية تهدف إلى إلهام الأفراد العاملين، وتحفيزهم لتقديم أفضل ما لديهم.
  • هي عملية توجيه الأفراد العاملين نحو الاتجاه الصحيح، وتحفيزهم نحو الالتزام وتحقيق الأهداف المرجوة.
  • هي فن التأثير في الآخرين، وتوجيههم نحو تحقيق أهداف المنظمة.
  • هي عملية رشيدة وهادفة، مكونة من طرفين، الطرف الأول يُوجه ويُرشِد، والطرف الآخر يستقبل هذا التوجيه والإرشاد، وذلك لتحقيق أغراض معينة.

أنواع القيادة:

أولاً: أنواع القيادة من حيث المركز الوظيفي

1. القيادة الرسمية:

وهي القيادة التي تتم وفق القوانين والأنظمة المحددة للمركز الوظيفي.

2. القيادة غير الرسمية:

وهي القيادة وفق قدرات القادة ومهاراتهم ومواهبهم، وليس وفق صلاحيات ومهام مركزهم الوظيفي فقط.

ثانياً: أنواع القيادة من حيث شخصية القائد

1. النمط الأوتوقراطي:

وهي القيادة المتسلطة والتحكمية، والتي تكون على شكل أوامر من الرئيس لمرؤوسيه دون السماح لهم بأية مناقشة.

2. النمط الديمقراطي:

وهي القيادة المعتمدة على العلاقات الإنسانية، والمشاركة بين القائد والمرؤوسين.

3. النمط الحر:

وهي القيادة القائمة على إعطاء الموظف الحرية الكاملة، ويكون القائد في هذا النمط بمثابة مستشار لا يمارس سلطة على موظفيه.

4. النمط التحويلي:

وهي القيادة التي تستهدف إحداث التغيير على صعيد الموظفين، وعلى صعيد المنظمة ككل؛ من حيث رسالتها، واستراتيجيتها وثقافتها وهيكلها.

صفات القائد الناجح:

يتمتع القائد الناجح بمجموعة من الصفات التي تميزه عن المدير العادي، فالقادة يُصنعون ولا يولدون، ويقول وارن بلاك -أحد المختصين في علم الإدارة- "لم يولد أي إنسان كقائد، القيادة ليست مبرمجة في الجينات الوراثية، ولا يوجد إنسان مركب داخلياً كقائد"، وأيضاً يقول بيتر دركر "القيادة يجب أن تتعلمها وباستطاعتك ذلك"، لذا فإنَّه من الممكن اكتساب صفات القائد من خلال الممارسة والتدريب، والتي هي:

  • يتمتع القائد الناجح بمهارة التخطيط ووضع الخطط المستقبلية، وعدم ترك الأمور للفوضى أو الصدفة.
  • يتمتع القائد الناجح بالثقافة الواسعة، والطموح والرغبة الدائمة للتعلم والسعي إلى تطوير نفسه وزيادة معارفه.
  • أن يكون قدوة لموظفيه، في الالتزام والتفاني في العمل والنزاهة.
  • يؤمن القائد الناجح بالعمل الجماعي، فيتعامل مع موظفيه على أنَّهم فريق واحد، وليس على أساس رئيس ومرؤوس.
  • يتمتع القائد الناجح بمهارة الاستماع؛ حيث يستمع إلى أعضاء فريقه وأفكارهم وآرائهم وإلى كل ما يودون طرحه.
  • يُحفز القائد الناجح موظفيه، من خلال التركيز على نقاط قوتهم ومدحهم ومكافأتهم، ومشاركتهم اتخاذ القرار.
  • يتمتع القائد الناجح بالذكاء العاطفي من خلال قدرته على ضبط انفعالاته، وعدم التصرف بردات الفعل، بل يمنح نفسه وقتاً للتفكير واتخاذ القرار بعقلانية وهدوء، بالإضافة إلى قدرته على فهم مشاعر موظفيه وشخصياتهم.
  • القائد الناجح مُحاور جيد، يتمتع بمهارات التواصل الاجتماعي وإتقان لغة الجسد.
  • من أهم صفات القائد الناجح التعاطف مع موظفيه، ومراعاة ظروفهم، وتقدير جهودهم، ومساعدتهم في حل مشاكلهم.
  • يوجه القائد الناجح الملاحظات والانتقادات إلى موظفيه، بطريقة لطيفة ومهنية بعيداً عن الإهانة أو التجريح.
  • يتقبل القائد الناجح الخطأ، وينظر إليه على أنَّه فرصة للتعلم.
  • يمتلك القائد الناجح القدرة على اتخاذ القرارات العاجلة بحسم ومن دون تردد.
  • يتميز القائد الناجح بامتلاكه للرؤية الثاقبة، ورؤية ما لا يراه غيره.
  • يتصف القائد الناجح بالثقة بالنفس والتواضع في نفس الوقت.
  • من صفات القائد الناجح المرونة؛ وتقبل الآراء ووجهات النظر المختلفة، والملاحظات والاقتراحات.
  • يتصف القائد الناجح بالتفكير الإبداعي وتشجيعه للابتكار والتفكير خارج الصندوق.
  • يتصف القائد الناجح بالشجاعة وحب المجازفة والتحدي، والخروج من منطقة الراحة، والتحلي بروح المغامرة والإقدام.
  • يتصف القائد الناجح بالحماسة والإيجابية والتفاؤل، مهما كان الظرف الذي يواجهه.
  • يتمتع القائد الناجح بقدرته على الإقناع والتأثير بالآخرين بالمنطق والحجة.
  • يساعد القائد الناجح أعضاء فريقه على التطور والنمو، ولا يحتكر المعلومة لنفسه فقط.
  • يُجيد القائد الناجح فن التفاوض وحل النزاعات بطريقة دبلوماسية تُرضي جميع الأطراف.
  • يثق القائد الناجح بقدرات فريقه، وهم يثقون به وبقدرته على قيادتهم بالشكل الصحيح.
  • يقوم القائد الناجح بتفويض المهام والصلاحيات لفريقه، بهدف تدريبهم وتطويرهم وتسهيل العمل.
إقرأ أيضاً: 6 علامات تشير إلى أنّ الشخص يتمتع فعلاً بمهارات القائد

ما علاقة الذكاء العاطفي بالقيادة؟

ترتبط القيادة بالذكاء العاطفي ارتباطاً وثيقاً، إذ يمكن عد مهارات الذكاء العاطفي شرطا رئيسا من شروط نجاح القائد في التأثير في الآخرين وقيادتهم، فتمتع القائد بمهارات الذكاء العاطفي يعني قدرته على التحكم بمشاعره وانفعالاته، وتقييم المواقف بموضوعية بعيداً عن العواطف، وضبط ردود أفعاله والتعامل بحكمة وهدوء، وفهم مشاعر الآخرين من العاملين معه، وتقدير ظروفهم النفسية، والتعاطف معهم، وحل مشاكلهم، وإدارة العلاقة معهم بشكل فعال، مما يخلق مناخ عمل إيجابي، وهذا ما يؤكده جولمان في قاعدته الآتية "Good Mood =Good Work" والتي تعني أنَّ المزاج الجيد ينتج عنه عمل جيد، لذا فإنَّ مهارات الذكاء العاطفي تعد من أهم مفاتيح نجاح القيادة.

شاهد بالفيديو: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟

أركان الذكاء العاطفي:

وفقاً لـ "دانييل جولمان" (Daniel Goleman) عالم النفس الأمريكي الذي كان له اليد الطولى في انتشار مفهوم الذكاء العاطفي، فإنَّ ثمَّة خمسة أركان رئيسة للذكاء العاطفي:

  1. الوعي الذاتي.
  2. التنظيم الذاتي.
  3. التحفيز.
  4. الشعور بالآخرين.
  5. المهارات الاجتماعية.

وبصفتك قائداً، كلما كنتَ متمرِّساً في هذه المجالات، كان ذكاءك العاطفي أكبر؛ لذا دعنا نلقي نظرةً على كلِّ ركن من هذه الأركان بشكلٍ أكثر تفصيلاً، ونتعرف إلى الطريقة التي يمكِنك من خلالها أن تنمو كقائد واهمية ذلك في الإدارة والقيادة.

مهارات الذكاء العاطفي في الإدارة والقيادة:

1. الوعي الذاتي:

إذا كنتَ تتمتع بالوعي الذاتي؛ فإنَّك تعلَم دوماً بماذا تشعر، وتعلَم أيضاً كيف يمكِن لعواطفك وأفعالك أن تؤثِّر في الأشخاص من حولك؛ فتمتُّعك بالوعي الذاتي عندما تكون في منصبٍ قيادي يعني أيضاً امتلاكك صورةً واضحة لنقاط ضعفك ونقاط قوَّتك ويعني أيضاً أنَّك متواضع.

إذاً ما الذي يمكِنك القيام به لتحسين وعيك الذاتي؟

  • كتابة اليوميات: تساعدك كتابة اليوميات على تحسين وعيك الذاتي، فإذا خصصتَ بضع دقائق يومياً لكتابة أفكارك؛ فإنَّ ذلك يمكِن أن يدفعك نحو درجةٍ أعلى من الوعي الذاتي.
  • التأنِّي: عندما تغضب أو تشعر بغير ذلك من العواطف الجياشة؛ تمهَّل لاكتشاف سبب شعورك بذلك. وبغضِّ النظر عن الحالة التي تعيشها، تذكَّر أنَّه يمكِنك دائماً التحكم بطريقة تفاعلك مع هذه العواطف.

2. التنظيم الذاتي:

من النادر أن يهاجم القادة الذين ينظِّمون أنفسهم بشكلٍ فعال على الآخرين لفظياً، أو يتخذوا قراراتٍ عاطفيةً أو متسرعة، أو يطلقوا أحكاماً غير دقيقة على الآخرين، أو يتنازلوا عن قيمهم، فالتنظيم الذاتي هو الحفاظ على التحكم بزمام الأمور، وفقاً لـ "جولمان" فإنَّ عنصر الذكاء العاطفي هذا يشمل تقبُّل القائد للمساءلة الشخصية والتزامه بها. إذاً كيف يمكِنك تحسين قدرتك على التنظيم الذاتي؟

  • اعرف قيمك: هل تعرف بوضوح الأمور التي لستَ مستعداً للتنازل عنها على الإطلاق؟ وهل تعرف أكثر القيم أهميةً بالنسبة لك؟ خصِّص بعض الوقت لاكتشاف "قواعد السلوك" الخاصة بك، فإذا كنتَ تعلم ما هو أكثر القيم أهميةً بالنسبة لك؛ فإنَّه لن يتوجب عليك على الأرجح التفكير مليَّاً عندما تضطر إلى اتخاذ قرار مرتبطٍ بقضيةٍ أخلاقية؛ لأنَّك حتماً ستتخذ القرار الصحيح.
  • حاسِب نفسك: إذا كنتَ تميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين عندما تسير الأمور بشكلٍ خاطئ؛ فتوقَّف عن ذلك، واعترِف بأخطائك، وواجِه عواقبها مهما كانت؛ سيساعدك هذا على الأرجح على النوم بشكلٍ أفضل في الليل، وستكسب بسرعةٍ احترام الأشخاص الذين يحيطون بك.
  • جرِّب أن تكون هادئاً: في المرة القادمة التي تواجِه فيها وضعاً صعباً، كن على حذرٍ من طريقة تصرُّفك، هل تخفف الضغط عن نفسك من خلال الصراخ في وجه أحدهم؟ جرِّب تمارين التنفس بعمق لتهدِّئ نفسك، وجرِّب أيضاً كتابة الأشياء السلبية التي تود أن تقولها على ورقة، ومن ثمَّ مزِّق الورقة وارمها، ويُعدُّ التعبير عن هذه العواطف على الورق (وعدم إظهارها لأي شخص) أفضل من الجهر بها أمام فريقك، حيث يساعدك هذا بالإضافة إلى ذلك على قياس ردود أفعالك لضمان أنَّها ردود أفعالٍ غير مبالغٍ فيها.

3. التحفيز:

يعمل القادة المتحفزون بشكلٍ دؤوب من أجل تحقيق أهدافهم، ولديهم طموحات كبيرة في مجال عملهم في الإدارة والقيادة، فكيف يمكِنك تحسين الحافز لديك؟

  • أعد التفكير في السبب الذي يدفعك إلى القيام بعملك: من السهل نسيان الأشياء التي تحبها بالفعل في مهنتك؛ لذا خصِّص بعض الوقت لتذكُّر السبب الذي جعلك تختار هذه الوظيفة، وإذا كنتَ غير سعيدٍ بالدور الذي تؤديه، وتواجِه مشكلة في تذكُّر السبب الذي جعلك ترغب في الحصول على هذا الدور، جرِّب إيجاد أساس المشكلة، حيث يساعدك البدء من الأساس على التعامل مع الحالة بطريقةٍ مختلفة، وتأكَّد من أن تكون بيانات الهدف لديك جديدة ومنشِّطة.
  • اعرف أين تقف: حدِّد درجة تحفُّزك في الإدارة والقيادة.
  • كن متفائلاً وابحث عن الأشياء الجيدة: إنَّ القادة المتحفزين هم عادةً قادةٌ متفائلون مهما كانت المشكلات التي يواجهونها، وقد يحتاج التحلي بهذه الصفة إلى التدرُّب ولكنَّه أمرٌ يستحق العناء؛ ففي كلِّ مرةٍ تواجه فيها تحدياً أو حتى إخفاقاً، حاوِل أن تخرج على الأقل بشيءٍ واحدٍ جيِّدٍ من الحالة التي تمر بها، وقد يكون هذا الشيء شيئاً بسيطاً كعلاقةٍ جديدة، أو أمرٍ ما ذي تأثيرٍ طويل الأمد كتعلُّم أحد الدروس المُهمة. ولكن إذا ما بحثتَ فثمَّة دائماً شيءٌ إيجابي.

4. الشعور بالآخرين:

يُعدُّ الشعور بالآخرين أمراً أساسياً للنجاح في الإدارة والقيادة، سواءً في إدارة الفريق أو المنظمة بالنسبة إلى القادة؛ حيث إنَّ القادة الذين يمتلكون هذه الميزة لديهم القدرة على وضع أنفسهم مكان الأشخاص الآخرين، فهم يساعدون على تطوير الأشخاص الذين يعملون ضمن فرقهم، ويقفون في وجه الأشخاص الذين يتصرفون بطريقةٍ غير صحيحة، ويقدِّمون التغذية الراجعة البنَّاءة، ويستمعون إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى أن يستمع أحدٌ إليهم، فإذا كنتَ ترغب في كسب احترام فريقك وولاءه، أظهِر لهم أنَّك تهتم بهم عبر كونك متعاطفاً معهم. كيف يمكِن أن تبرهن شعورك بالآخرين؟

  • ضع نفسك في مكان الآخرين: من السهل أن تدعم وجهة نظرك فهي وجهة نظرك في النهاية، ولكن يجب عليك أن ترى الحالات من وجهة نظر الآخرين.
  • انتبِه إلى لغة الجسد: عندما تستمع إلى شخصٍ ما قد تضم ذراعيك فوق صدرك، أو تحرِّك ظهرك إلى الأمام وإلى الخلف، أو تعض على شفتك، وتُظهر هذه التعابير التي تُسمَّى بلغة الجسد للآخرين شعورك الحقيقي تجاه حالةٍ ما وما إذا كانت الرسالة التي تبعث بها غير إيجابية، فإنَّ تعلُّم قراءة لغة الجسد يمكِن أن يكون ميزةً حقيقية إذا ما كنتَ تؤدي دوراً قيادياً؛ لأنَّك ستكون قادراً على تحديد الشعور الحقيقي للأشخاص بشكلٍ أفضل، وهذا ما يتيح لك الفرصة للتجاوب مع الآخرين بشكلٍ مناسب.
  • تجاوَب مع المشاعر: لقد أخبرتَ مساعدك أنَّكما ستعملان اليوم حتى وقتٍ متأخر، وعلى الرغم من أنَّه وافق على ذلك، إلَّا أنَّه يمكِنك أن تلاحظ الاستياء الذي يشعر به من خلال نبرة صوته، ويجب عليك التصرف حيال ذلك من خلال التعامل مع مشاعره، وأخبِره أنَّك تقدِّر رغبته في العمل ساعاتٍ إضافية، وأنَّك أنت أيضاً محبطٌ بسبب العمل حتى وقتٍ متأخر، وإذا استطعتَ جِد طريقةً للتخفيف من وقع العمل حتى وقتٍ متأخر عليه في المستقبل (على سبيل المثال امنحه إجازةً في صباح الاثنين).

5. المهارات الاجتماعية:

يُعدُّ الأشخاص الذين يتميزون بمهاراتهم الاجتماعية أشخاصاً يتواصلون بشكلٍ رائع، فهم يتقبَّلون سماع الأخبار السيئة مثلما يتقبَّلون سماع الأخبار الجيدة، كما أنَّهم بارعون في إقناع فرقهم بدعمهم، وجعلهم متحمسين للبدء بمَهمة جديدة أو مشروعٍ جديد، وكما يُعدُّ هؤلاء القادة بارعين أيضاً في إدارة التغيير وحل الصراعات بشكلٍ دبلوماسي، فمن النادر أن تراهم يتركون الأمور كما هي عليه، فهم لا يجلسون من دون عمل ويجبرون الآخرين على القيام بعملهم؛ بل إنَّهم قدوةٌ من خلال سلوكهم. إذاً كيف يمكِنك بناء المهارات الاجتماعية؟

  • تعلَّم حل الصراعات: يجب على القادة تعلُّم كيفية حل الصراعات بين أعضاء فرقهم، أو زبائنهم، أو مزوِّديهم؛ حيث تُعدُّ مهارات حل الصراع أساسيةً إذا كنتَ ترغب في تحقيق النجاح في الإدارة والقيادة.
  • حسِّن مهارات التواصل لديك: ما مقدار قدرتك على التواصل؟
  • تعلَّم كيفية امتداح الآخرين: بصفتك قائداً يمكِنك أن تعزز الولاء لدى فريقك بكل بساطة من خلال تقديم المديح لهم عندما يكون مستحقاً؛ حيث يُعدُّ تعلُّم كيفية امتداح الآخرين فناً، ولكنَّه فنٌّ يستحق العناء.
إقرأ أيضاً: أهمية ثقافة الذكاء العاطفي في مكان العمل

أهمية الذكاء العاطفي في القيادة:

يعد الذكاء العاطفي اليوم أحد القضايا الحديثة التي تشغل اهتمام المنظمات والمؤسسات حول العالم، والتي تسعى إلى تدريب قادتها ومدراءها لاكتساب هذه المهارة، وبات مهارات الذكاء العاطفي أكثر أهمية من مهارات الذكاء العقلي، وذلك للأسباب التالية:

  • ينجح القائد الذكي عاطفياً في رفع الروح المعنوية للموظفين.
  • يُحفز القائد بذكائه العاطفي موظفي المنظمة، ويزيد من حماستهم وولائهم إليها.
  • يكسب القائد الذكي عاطفياً ثقة واحترام موظفيه، ويمنحهم الثقة بقدراتهم وإمكانياتهم أيضاً.
  • يخلق القائد من خلال ذكائه العاطفي؛ بيئة عمل إيجابية يسودها التعاون والراحة.
  • يساعد الذكاء العاطفي، القائد في بناء تواصل فعال مع موظفيه.
  • يساعد القائد الذكي عاطفياً في السيطرة على الخلافات بين الموظفين، وحلها بطرق ودية، والقضاء على التوتر والضغط الذي يشعر به موظفيه.
  • يساعد الذكاء العاطفي القائد في إلهام فريقه، وتوجيهه نحو تحقيق أهداف المنظمة، وزيادة شعورهم بالانتماء.
  • لا يتخذ القائد الذكي عاطفياً قرارات عاطفية، أو تحت تأثير الغضب، بل يسيطر على انفعالاته ويتأنى في اتخاذ القرار بعقلانية وهدوء.
  • يخلق القائد الذكي عاطفياً الدافع لدى فريقه للإبداع والابتكار والتجديد.

أثر الذكاء العاطفي في أداء المديرين وأنماط القيادة الإدارية:

وفقاً ل "جولمان" فإنَّ الذكاء العاطفي والقيادة مفهومان متلازمان، فحتى في حال حصول المدير على تدريب بمستوى عالٍ، وتم تزويده بالعديد من الأفكار والمهارات، ولكنَّه من دون أن يتمتع بمهارات الذكاء العاطفي لن يستطيع أن يكون قائداً ناجحاً ومؤثراً، فالقائد الذكي عاطفياً يتميز بقدرته على فهم مشاعره والتحكم بها، وفهم مشاعر وعواطف الآخرين والتحكم بها، والتعاطف معهم والتأثير بهم، وتشير الدراسات إلى  أنَّه كلما ارتفع الذكاء العاطفي في قيادة المنظمة؛ كلما ارتفع التعاون والتحفيز والإنتاجية لدى موظفيها، وبالتالي زيادة أرباحها.

كما يروي جولمان في كتابه "القيادة الأساسية"؛ قصة شركة عالمية قامت بتعيين مدير تنفيذي في أحد فروعها، وكانت اختارته من الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء العقلي، وقام هذا المدير بالفعل بوضع استراتيجية مميزة للعمل، ولكنه على الرغم من ذلك، بدأت ترد إلى الشركة شكاوى من الموظفين عليه، ومطالبات بإقالته، والسبب في ذلك أنَّه لم يكن يمتلك ذكاءً عاطفياً، ففشِل في إقناع موظفيه والتأثير فيهم، والتحكم بمشاعرهم وتوجيهها نحو الهدف المطلوب.

يتمثل أثر الذكاء العاطفي في أداء المديرين من خلال:

  • يمتلك المدير الذكي عاطفياً؛ والذي يعرف كيف يتحكم ويُدير عواطفه ويراقب ذاته، ويسيطر على انفعالاته، تأثير القدوة (الكاريزما) على الآخرين، مما يمنحه ثقة واحترام واعجاب موظفيه.
  • يكون المدير الذكي عاطفياً؛ قادراً على فهم عواطف الآخرين، وإدراك رغباتهم وحاجاتهم، ويكون لديه ميزة التحفيز والإلهام.
  • يحقق المدير الذكي عاطفياً تواصلاً فعالاً مع موظفيه، ويدير علاقاته معهم بشكل إيجابي، من خلال قدرته على التعاطف معهم والتأثير فيهم.
  • يزيد الذكاء العاطفي لدى المدير من قدرته على اتخاذ القرارات السليمة، بشكل عقلاني وبعيد عن العواطف والانفعالات.
  • يزيد الذكاء العاطفي من قدرة المدير على مواجهة المشاكل والضغوط، والنظر إليها على أنَّها تحديات وليست عقبات أو عوائق أمام تحقيق أهدافه.

شاهد بالفيديو: كيف تعزز الذكاء العاطفي في فريقك؟

أثر الذكاء العاطفي على أنماط القيادة الإدارية:

يؤثر الذكاء العاطفي على الأنماط القيادية المتبعة من قبل المدير (والتي هي أسلوب استخدام المدير للسلطة في قيادة مرؤوسيه)، حيث إنَّ كل منظمة، وأحياناً كل موقف يحتاج نمط قيادة إدارية ما.

وتشير الدراسات والأبحاث إلى أنَّ القادة الناجحين والذين يحققون أفضل النتائج، يتبعون أنماطاً مختلفة للقيادة حسب الموقف، وحسب "جولمان" هناك ستة أنماط من القيادة، ويشير إلى أنَّ القائد الفعال هو من يُمارس على الأقل أربعة من هذه الأنماط الستة، وذلك حسب الموقف الحاصل، وهذه الأنماط هي:

1. القائد المُلهم:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على توجيه الآخرين نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

2. القائد المُرشد:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على الربط بين الرغبات الفردية وأهداف المنظمة بشكل عام.

3. القائد المتعاطف:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على إيجاد نوع من التناغم والانسجام بين الآخرين.

4. القائد الديمقراطي:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على منح الآخرين هامشاً من الحرية، بالإضافة إلى تقدير معطياتهم.

5. القائد النظامي:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على تحقيق الأهداف المثيرة والصعبة.

6. القائد الحاكم /الآمر:

وهو القائد الذي يتمتع بالقدرة على إزالة مشاعر القلق المخاوف التي يعاني منها الفريق.

لذا فإنَّه من الضروري اليوم أن تهتم المنظمات باختيار القادة والمدراء من الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي، والقادرين على استخدام مهاراته في اختيار وتطبيق النمط الإداري الملائم للظرف والموقف القائم، والتحكم بمشاعرهم وضبط انفعالاتهم، وإدراك وفهم عواطف الموظفين، والتعاطف والتواصل معهم وتحفيزهم، ورفع رضاهم الوظيفي وولائهم للمنظمة.

كما يجب أن تهتم المنظمات بتصميم الدورات والبرامج المختصة بتعليم مهارات وأساليب الذكاء العاطفي للمدراء والموظفين، وتعليمهم القدرة على ضبط الانفعالات، وقراءة مشاعر الآخرين، وفهم أنماط شخصياتهم، ومراعاة لغة الجسد وإيماءاتها، واكتساب مهارات الإقناع، والتأثير في الآخرين، وإدارة العلاقات الاجتماعية والمواقف والأزمات، وتحمل الضغوط والتغلب على التوتر والمشاعر السلبية، بحيث يصبح الذكاء العاطفي جزءاً من ثقافة المنظمة ككل.

إقرأ أيضاً: أهمية الذكاء العاطفي بالنسبة إلى القائد

الخلاصة:

يجب أن يكون لدى القادة فهمٌ عميق لكيفية تأثير عواطفهم وأفعالهم في الأشخاص من حولهم لكي يكونوا قادةً فاعلين، فكلما كانت علاقة القائد مع الآخرين وعمله معهم أفضل، كان القائد أكثر نجاحاً. طوِّر وعيك الذاتي، وتنظيمك الذاتي، والحافز الذي تشعر به، وشعورك بالآخرين، ومهاراتك الاجتماعية، سيساعدك تطوير هذه المهارات على النجاح في الإدارة والقيادة في المستقبل.




مقالات مرتبطة