الأهداف المتعلقة بالعملية مقابل المتعلقة بالنتيجة: كيف تستخدمها للنجاح

يتحدث الجميع عن ضرورة تحديد الأهداف، لدرجة أصبح الأمر يبدو كما لو كان علينا أن نضع أهدافاً لتحديد الأهداف، وإلا فقد لا نحقق أي شيء على الإطلاق. في الواقع هذا صحيح نوعاً ما؛ إذ يُعدُّ تحديد الأهداف أمراً هامَّاً يساعدنا على الوصول إلى الحياة التي لطالما حلمنا بها؛ فهو الوسيلة التي يمكننا استخدامها لبلوغ تلك الحياة، ولكن كما هو الحال مع أي وسيلة، من الهامِّ أن نعرف الغاية منها وتقنيات استخدامها.



هناك طريقتان علينا أن ننظر إليهما عند تحديد الهدف لكي نحصل على صورة أكثر شمولية عن الكيفية التي نرغب بها في تحقيق نجاحات حياتنا باستخدام الأهداف المتعلقة بالنتائج والأهداف المتعلقة بالعملية.

الهدف المتعلق بالنتيجة مقابل الهدف المتعلق بالعملية:

تتمثل إحدى الطرائق المعروفة باسم "الهدف المتعلِّق بالنتيجة" أو "الهدف النهائي"، في رؤية أهدافنا من خلال معرفة ما نريده بوضوح، ويكون الهدف هنا رغبة كبيرة، مثل الحصول على وظيفة معينة أو شراء منزل.

وهناك طريقة أخرى تُعرف باسم "الهدف المتعلِّق بالعملية"، وهي تحديد الطريقة التي يمكنك اتِّباعها لتهيئة نفسك للنجاح في الحصول على "رغباتك الكبيرة"؛ وذلك لأنَّه من أجل الوصول إلى النتيجة، ستكون هناك بالتأكيد أهداف أو إنجازات أصغر تحقِّقها على طول الطريق، وبعد ذلك تتراكم هذه الأهداف الصغيرة وتجعلك تسير في اتجاه الهدف النهائي.

لتوضيح كيفية عمل وجهتي النظر هاتين، سنضرب مثالاً عن الذهاب إلى الجامعة:

يُعدُّ نيل شهادة جامعية الهدف من ذهابنا إلى الكلية؛ فنحن نحدِّد الدرجة التي نريد الحصول عليها ونتصور أنفسنا بالقبعات والعباءات السوداء في يوم التخرج حاملين الشهادة في المجال الذي نختاره؛ ومن ثم يُعدُّ الهدف في هذه الحالة محدَّداً وملموساً.

ومن أجل الحصول على شهادة علمية، ينبغي علينا النظر في جميع العوامل التي تساعدنا على ذلك، على سبيل المثال: إذا أردنا الحصول على درجة البكالوريوس، فسيتعيَّن علينا التخطيط للبقاء في الكلية لمدة أربعة أعوام تقريباً؛ حيث ينقسم كل عام إلى فصول دراسية، وفي كل فصل دراسي، سيكون هناك مجموعة من الدروس التي يجب علينا دراستها،  و بالإضافة إلى ذلك، يجب اختيار الفصول الدراسية بناءً على متطلبات الدرجة العلمية، ولكل فصل دراسي متطلباته الخاصة أيضاً؛ ومن ثم نرى أنَّ هدف الحصول على شهادة علمية يمكن تقسيمه إلى أهداف أصغر وأصغر.

إقرأ أيضاً: كيف تنظم وقتك خلال فترة الدراسة الجامعية وتحقق النجاح

تُعدُّ الأهداف المتعلقة بالعملية مرنة إلى حدٍّ ما؛ إذ هناك عدَّة طرائق يمكنك من خلالها بناء عمليتك، بينما سيظل الهدف المتعلِّق بالنتيجة كما هو.

متى يجب التركيز على الهدف المتعلق بالنتيجة أو الهدف المتعلق بالعملية؟

في الواقع، لسنا مضطرين إلى اتخاذ أي قرار حينما يتعلق الأمر بالأهداف المتعلقة بالنتيجة أو الأهداف المتعلقة بالعملية؛ وذلك لأنَّنا نحتاج إليهما معاً في الوقت نفسه.

ربما تكون سمعت عن أمثولة العميان والفيل، والتي تنص على أنَّه إذا طُلب من مجموعة من المكفوفين وصف فيل يقف أمامهم، سيلمس كل واحد منهم جزءاً من الفيل ويصفه على حدة؛ ومن ثم ستكون الإجابات مختلفة، ولكن إذا جمعت كل هذه الأوصاف، قد تكوِّن صورةً كاملة.

هذه هي الطريقة التي يمكننا بها التفكير في الأهداف المتعلقة بالعملية والنتائج أيضاً، أي النتيجة هي الوصف النهائي للفيل، بينما العملية هي مجموع كل الأوصاف.

ما الذي تحققه الأهداف المتعلقة بالنتائج؟

"كلما زادت القيود التي يفرضها المرء، حرَّر نفسه من السلاسل التي تكبِّل الروح".

كانت هذه مقولة عظيمة من أقوال الملحن "إيغور سترافينسكي" (Igor Stravinsky)، ويمكننا تطبيق هذه الفكرة على تحديد الأهداف أيضاً؛ إذ يقصد السيد "سترافينسكي" (Stravinsky) أنَّنا نكون أكثر إبداعاً عندما نمتلك خيارات أقل.

على سبيل المثال: تخيَّل أنَّك تسير في الجناح الخاص لبيع حبوب الإفطار في المتجر، ترى عشرات وربما مئات الأنواع من رقائق الذرة وتشعر بالحيرة في تحديد النوع الذي ستشتريه، بعد ذلك، تتذكَّر أنَّ طبيبك قد أخبرك أنَّه عليك تقليل تناول السكريات؛ ومن ثم أصبح أمامك قيد يمكنك استخدامه لاختيار النوع المناسب؛ إذ يمكنك التركيز فقط على النوع الذي لا يحتوي على السكر المكرر، ثم تبدأ بالنظر إلى الأنواع التي لم تلاحظها من قبل؛ ممَّا يجعل من السهل تضييق نطاق الخيارات الأكثر شيوعاً في ظل القيود التي وُضعت أمامك، ويمكنك القيام بذلك لأنَّ هدفك النهائي كان التوقف عن تناول السكر.

عندما تكون الأهداف المتعلقة بالنتائج محدَّدة جداً، تساعدنا على توضيح الوجهة التي نريد أن نسلكها في هذه الحياة، وبدون هدف نهائي قد تفتقر الحياة إلى المغزى، الذي بدونه لن نجد سبباً للنهوض من فراشنا كل يوم، وهذا تماماً ما شعر به العديد من الناس في بداية الجائحة في مارس 2020.

إقرأ أيضاً: كيف تُحَدِّدُ أهدافكَ وتسعى إلى تحقيقها بالشَّكل الأمثل؟

ما الذي تحققه الأهداف المتعلقة بالعملية؟

بمجرد أن تضع الهدف المنشود، يمكنك أن تقرِّر كيف تريد تحقيقه؛ حيث يشبه الأمر خوض رحلة إلى مكانٍ ما، بمجرد أن تعرف وجهتك، يمكنك بعد ذلك تحديد الطرق التي تريد أن تسلكها.

يكون الهدف المتعلق بالعملية أقل تحديداً من الهدف المتعلق بالنتيجة، رغم أنَّه -كما يوحي الاسم- يتعلَّق بإنشاء عملية، ولتوضيح الصورة أكثر دعنا نعود إلى مثال الحصول على الشهادة الجامعية؛ فلنفترض أنَّك قررت أن تصبح طبيباً (وهو هدف نهائي أو هدف متعلِّق بالنتيجة).

هناك عملية تدريجية تحدِّد كل الخطوات التي ينبغي عليك اتِّخاذها على طول الطريق (العملية)، وتتمثل إحدى الخطوات الأولى في الحصول على درجة البكالوريوس من كلية أو جامعة معتمدة؛ ومن ثم يُعدُّ اسم الجامعة والتخصُّص الذي ستدرسه خيارات عليك اتِّخاذها، ولا يوجد خياراً أصح من خيار آخر.

بالإضافة إلى ذلك، توجد أحياناً عناصر لا تستطيع التحكُّم فيها كليَّاً، كعدم قبولك في كلية الطب، والتي هي الاختيار الأول، ولكن لا يعني هذا أنَّك لن تستطيع أن تصبح طبيباً؛ إذ عليك فقط التقدم إلى كليَّات متعددة؛ ممَّا يرسم لك مساراً مختلفاً قليلاً عما كنت تريده، لكنَّ الهدف النهائي سيظل كما هو.

تذكَّر أنَّ الأهداف المتعلقة بالعملية ليست صارمة للغاية؛ فرغم وجود توجيهات حول كيفية الوصول إلى النتيجة المرجوَّة، ليس من الضروري أن تتماثل الخطوات التي ستتَّخذها مع خطوات شخص آخر.

تتمثَّل إحدى الفوائد الأخرى للأهداف المتعلِّقة بالعملية في أنَّها قد تخفِّف من وطأة القلق والضغط الذي قد يصاحب التفكير في الهدف المتعلق بالنتيجة؛ إذ تقسِّم العملية الهدف الأكبر إلى خطوات صغيرة تساعدنا على التركيز على مهمة واحدة في كل مرة وتطمئنَّا بأنَّ كل خطوة تضيف قطعة أحجية أخرى إلى لوحة إنجاز الهدف النهائي.

شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

ماذا لو كنت لا تعرف ما تريده؟

أحد أكبر التحديات التي قد يواجهها أي شخص هو عدم معرفة ما يريده بالضبط؛ إذ قد يكون من المستحيل تقريباً معرفة العملية أو الخطوات التي عليك اتِّخاذها إذا كنت لا تعرف ما تريد أن يكون عليه هدفك النهائي، فإذا كان وضعك هكذا، فاجعل الهدف النهائي الجديد هو معرفة الهدف النهائي، وبعد ذلك قرِّر مسار العملية التي عليك خوضها من خلال اكتشاف ما تريده أن يكون هدفك النهائي.

قد تتضمن هذه العملية بعض الطرائق الآتية:

  • قراءة الكتب والمدونات.
  • كتابة قائمة عصف ذهني أو قائمة لطرح الأفكار.
  • العمل مع منتور أو كوتش.
  • اكتشاف قيَمك الجوهرية.

في الختام:

الشيء الوحيد المؤكد في الحياة هو غموضها، ومع ذلك نحن نحاول بصفتنا بشراً أن نتغلَّب على هذا الغموض من خلال اتِّخاذ قرار بشأن الأهداف الكبيرة، ثم محاولة إنجاز الأهداف الصغيرة في العملية التي تقودنا إلى الوجهة النهائية، ورغم أنَّك قد تواجه بعض العقبات، ستكون على يقين بأنَّك ستحقق نتيجتك النهائية ما دامت تسمح عمليتك ببعض الانحرافات البسيطة.

مثلما قد يكون من المزعج سماعنا أنَّ الأهداف جزء ضروري من الحياة، فهي تساعدنا أيضاً في إنجاز الكثير من الأشياء، ولاحظ أنَّك تضع أهدافاً لنفسك تلقائياً دون التفكير في ذلك، على سبيل المثال: قد يكون هدفك الآن هو تطوير عقلية ناجحة؛ لذا نهنئِّك لأنَّك أكملت للتو هدفاً صغيراً من العملية من خلال قراءة هذا المقال.

 

المصدر




مقالات مرتبطة