الأشخاص الفضوليين: صفاتهم وطريقة التعامل معهم
يقول عمر الخيام: "وأسعدُ الخلقِ قليلُ الفضول، من يهجرُ الناسَ ويرضى القليل"، وفي هذا المقال أعزائي القراء سنحدثكم عن الفضول، وصفات الأشخاص الفضوليين وطرق التعامل معهم، تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.
من هم الأشخاص الفضوليين؟
الأشخاص الفضوليين هم من ينشغلون بحياة الأشخاص الآخرين، ويرغبون في التعرف إلى المزيد في حياة من حولهم - حتى وإن كان ذلك لا يعنيهم - ويميلون إلى اختراق خصوصياتهم، كما أنَّهم يتطفلون على حياة الآخرين بطريقةٍ غير لائقة.
ما هي أنواع الفضوليين؟
1. الفضولي الخائف:
هو الشخص الحذر الذي يسأل أسئلة كثيرة - في اللقاء الأول تحديداً - لأنَّه يعتقد دائماً أنَّه معرض للخطر، ولا يمكنه الوثوق في الأشخاص مباشرةً، ولكن بعد مضي فترة من العلاقة واكتساب ثقته فإنَّ الحس الفضولي لديه سيختفي تدريجياً حتى ينتهي تماماً، فبمجرد إحساسه بالأمان تجاه الأشخاص الجدد يزول التوتر الذي يجعله فضولياً.
2. فضولي البينغ بونغ:
هو فضولي يريد التحدث عن نفسه ويخبرك أشياءً خاصة عن تفاصيل حياته، ولكن يتَّبع الأسلوب الخاطىء، فيسأل أسئلةً يمكنك اعتبارها أسئلة فضولية؛ ولكنَّه ينتظر أن تسأله الأسئلة ذاتها ليخبرك بما يريد أن تعرفه عن نفسه، ويمكن أن يطرح هذا الفضولي معلومات خاصة عنه، والقصد منها أن تُجبه عن أسئلة ضمنية لم يطرحها، فعلى سبيل المثال لا الحصر: يمكن أن يخبرك: "أنا أعمل في مجال الهندسة منذ خمسة أعوام"، وينتظر منك أن تقول له منذ متى وأنت تعمل في مجال عملك.
3. الفضولي بالفطرة:
هو الفضولي الذي لا يتأثر غالباً بالمواقف المحرجة للأشخاص الآخرين الناتجة عن فضوله، كما أنَّه لا يهتم كثيراً عند صده أو إبداء عدم الرغبة في الإجابة عن أسئلته، كما أنَّه يتصف بعدم امتلاكه أي محفزات موضوعية تجعله يرغب في معرفة معلومات عن الأشخاص الآخرين، بقدر ما يكون سبب هذه الرغبة بناء شخصيته؛ لذا فإنَّ الأمر يُعدُّ آمناً وجيداً؛ ذلك لأنَّه لن يقوم يستخدم أي معلومة يعرفها ضدك أو أنَّه لن يمتك هذه الرغبة.
4. فضول الثرثار:
يرغب هذا النوع من الفضوليين في معرفة كل شيء عن الآخرين ليتمكن من الحصول على مواضيع يتحدث بها، وهذا النوع يُعدُّ من أكثر أنواع الفضوليين إزعاجاً على الإطلاق.
5. فضول الصحفي:
لدى الشخص الذي يتسم بهذا النوع من الفضول رغبة هادفة وإرادية في اكتشاف سر يحاول صاحبه إخفاءه ليصنع من خلاله فضيحة مزعجة للشخص نفسه، كما أنَّه يبذل مجهوداً كبيراً في الحصول على هذه المعلومة التي يمكن أن تشكل علامة مميزة لفضحه.
ما هي صفات الأشخاص الفضوليين؟
هناك العديد من الصفات التي يمكن أن تميز من خلالها الشخص الفضولي، ومن هذه الصفات نذكر لك عزيزي القارىء:
- غالباً ما تكون نظراته مليئة بالفضول، لكي يُحطِّم الحاجز النفسي الذي بينكما.
- غالباً ما يكون وجود الشخص الفضولي في مكانٍ ما مرتبطاً بهروبك وابتعادك عن ذلك المكان لتلافي الالتقاء به.
- الفضولي هو الشخص الذي يبدي رأيه ونصائحه لك دون أن تطلب ذلك منه ودون أن تكون بحاجةٍ لرأيه، فهو من يتدخل فيما لا يعنيه في حياتك الخاصة.
- الفضولي لا يهتم بمشاعر الآخرين.
- يهتم بأدق تفاصيل حياتك ويسألك كثيراً عنها.
- يتطفل على الأشخاص الآخرين، ويُقحم نفسه بينهم دون أن يسمحوا له بذلك.
- الفضولي فاقد الثقة بنفسه.
- لا يمتلك مهارات تواصل جيدة، فهو لا يستطيع تمييز علامات الملل والضيق على وجوه الأشخاص الذين يتطفل عليهم.
- لديه شغف في التعرف إلى أسرار الناس وما يخفونه، ولا يهدأ له بال حتى يعرف ويكتشف خبايا الشخص الذي يجلس معه.
كيف يمكن أن نتعامل مع الأشخاص الفضوليين؟
هناك بعض النصائح الفعالة التي يمكن أن تساعدك عند تعاملك مع شخصٍ فضولي، ومن هذه النصائح نذكر لك:
1. حاول الابتعاد عن الأشخاص الفضوليين وتجنبهم:
حاول قدر الإمكان الابتعاد عن الأشخاص الفضوليين وتجنب الاجتماع معهم، فقد يكونوا من الأقارب أو الأصدقاء، وعند الاجتماع معهم لظرفٍ معين حاول أن تكون الموضوعات التي تتحدثون بها هي موضوعات عامة وتجنَّب الحديث بموضوعات شخصيةٍ خاصة، أو حدد الموضوعات التي لا تسبب لك أي إزعاج وتحدث بها فقط.
2. غيِّر الموضوع:
من الأمور التي يمكن أن تساعدك في جعل الطرف الآخر يتفهم عدم رغبتك في الإجابة عن المواضيع الشخصية أو مواضيع لا تحب الحديث عنها، أو التطرق لحياتك الخاصة، هو تغيير الموضوع والانتقال للحديث في موضوع عام.
3. حوِّل الموضوع إلى مزحة:
في حال سألك أي شخص فضولي عن أشياء لا ترغب في الإجابة عنها يمكنك تحويل الجواب إلى مزحة دون أن تجاوب بشكلٍ صحيح، فعلى سبيل المثال لا الحصر: إذا سألك أحدهم عن عمرك ولم ترغب بالإجابة فيمكنك قول أنَّ عمرك توقف عند العشرين، أو أنَّك لا تذكر متى ولدت، أو أي جوابٍ آخر يمكن أن يخطر ببالك دون إعطائه الجواب الذي يريد.
4. بيِّن استياءَك من السؤال:
عند شعورك بالاستياء من سؤال الشخص الفضولي ولم تكن لديك الرغبة في الإجابة عنه، يمكنك استخدام لغة الجسد في التعبير عن عدم الارتياح لهذا السؤال، وإن لم تثمر هذه الطريقة، يمكنك حينها التعبير وبطريقةٍ مباشرة أنَّك لا تفضل ولا تحب الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، فيمكنك قول: "لا أفضل مناقشة الأمور الشخصية الخاصة في العمل"، أو "أنا لا أفضل هذا النوع من الأسئلة".
5. عامل الأشخاص الآخرين كما تحب أن يعاملوك:
إذا أردت من الأشخاص الآخرين عدم التدخل في حياتك الشخصية وعدم توجيه أي أسئلة تتصف بالخصوصية أو تتعلق بتفاصيل حياتهم، وتجنُّب التحدث بالأمور الشخصية للآخرين أمام أحد؛ فذلك يعكس عدم اهتمامك بالأمور الشخصية، فالأشخاص يميلون إلى التعامل مع غيرهم كما يُعامَلون.
6. حاول الرد بطريقةٍ لطيفة:
أنت لست مجبراً على الإجابة عن أي سؤال لا ترغب فيه أو لا تفضل الإجابة عنه؛ لذا حاول أن تتهرب من الإجابة، ولكن من المُستحب أن تجيب بطريقةٍ لطيفةٍ ومختصرة ولا تعطي معلومات ذات أهمية أو ذات تفاصيل كثيرة.
شاهد بالفيديو: 8 وسائل يمكن تطبيقها لتعزيز الفضول عند طفلك
سلبيات الشخص الفضولي:
1. التشتت:
يسبب الفضول فقدان التركيز وتشتت الانتباه وعدم القدرة على التركيز على المهام المحددة.
2. عدم تحقيق الأهداف:
الفضول يدفع بصاحبه إلى الاهتمام بأشياء لا تصب في مجال تحقيق أهدافه، ومن ثم ضياع فرصة تحقيقها.
3. الإفراط في التفكير:
يكثر الشخص الفضولي من التفكير وتتعدد مخاوفه بسبب ذلك، وهذا يجعله في حالة مستمرة من القلق والأرق.
4. الإفراط في البحث:
الشخص الفضولي دائماً ما يبحث عن مزيد من المعلومات، وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم قدرته على تفسيرها بالشكل الصحيح، ومن ثم اتخاذ قرارات خاطئة.
5. عدم الرضى:
الفضول يدفع بصاحبه إلى البحث المستمر عن الأشياء الجديدة، ومن ثم عدم الشعور بالرضى عن حياته.
6. الانشغال بالتفاصيل الصغيرة
قد ينشغل الفضولي بالأشياء الصغيرة غير الهامة، ويؤثر ذلك في قدرته على تحديد الأمور الهامة في حياته والتي يجب أن يركز عليها.
7. التطفل على حياة الآخرين
الشخص الفضولي لا يكتفي بحياته الشخصية بل يحاول دائماً أن يبحث في حياة الآخرين والتدخل في خصوصياتهم.
ما هي أسباب الفضول؟
الفضول هو الرغبة في معرفة الأشياء الجديدة والمجهولة سواء أكانت ترتبط بأشياء مادية أم بأشخاص، وللفضول مجموعة متنوعة من الأسباب:
- الرغبة الفطرية الموجودة لدى الإنسان والتي تدفعه لمعرفة العالم من حوله واكتشاف كل جديد.
- رغبة الإنسان بالاطلاع على المعلومات والثقافات المختلفة والتعرف إلى عادات وقيم المجتمعات.
- رغبة الإنسان بالتعرف إلى الآخرين وفهم نمط حياتهم.
- الرغبة في معرفة قدرات الفرد الشخصية.
- الرغبة في التطفل على حياة الآخرين والتعدي على خصوصيتهم لتحقيق المتعة الشخصية.
- الرغبة في التجسس على الآخرين.
الأمور التي يتضمنها الفضول:
1. فضول الاستماع:
في هذه الحالة عندما يرى الفضولي شخصين يتحدثان أو يتهامسان، لا يهنأ له بال حتى يسمع ويعرف ما هو الحديث إلى درجة أنَّه يمكن أن يندس بينهما بغير علمهما وإذنهما.
2. فضول النظر:
في هذه الحالة نجد الفضولي يريد أن يعرف من القادم والذاهب، والداخل والخارج، وعيناه تقلب النظر في جميع من حوله.
3. فضول السؤال:
في هذه الحالة نجد الفضولي يسأل أسئلةً لا تعنيه مطلقاً، مثل: كم راتبك؟ كم عمرك؟ ماذا تملك؟ وما هي مدخراتك؟ وغيرها من الأسئلة الفضولية المزعجة.
4. فضول التدخل في حياة الأشخاص الآخرين:
هو تقديم النصح لهم وإبداء الرأي في تصرفاتهم وسلوكاتهم دون أن يُسمح له بذلك.
5. فضول مباشرة الأمور:
في هذه الحالة نجد الفضولي يقلب في أشياء الأشخاص الآخرين وحاجياتهم ومشترياتهم دون أي إذنٍ منهم.
ما هي أنواع الفضول؟
1. الفضول الإيجابي:
هو الفضول الذي يدفع ويحفز صاحبه إلى الاكتشاف والعلم والمعرفة، ومعظم الاكتشافات والاختراعات كانت نتيجةً للفضول الإيجابي.
2. الفضول السلبي:
هو الفضول الذي يجعل صاحبه مذموماً من قبل الجميع؛ إذ يحفزه فضوله للتدخل فيما لا يعنيه والتدخل في خصوصيات الآخرين، الأمر الذي يؤدي إلى سماع ما لا يعجبه في أغلب الأحيان.
ما هي أضرار الفضول في المجتمع؟
هناك الكثير من الأضرار التي يُحدثها الفضول في المجتمع، ومن هذه الأضرار نذكر لكم أعزائي:
- إنَّ الفضول والتدخل في شؤون الآخرين يقتل روح التعاون والفريق في العمل، الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف الإنتاجية.
- تفكك الروابط الاجتماعية؛ إذ تتناقص العلاقات الاجتماعية وروابط الاتصال بين الأقارب والجيران، لعدم السماح للشخص الفضولي في التدخل بشؤون الآخرين.
- انتشار الأخبار الكاذبة والزائفة والإشاعات في المجتمع مما يؤثر في بعض الأشخاص ويدفعهم إلى الإنطواء والعزلة ويمكن أن يصابوا بنوع من الاكتئاب.
- انتشار ظاهرة الكذب، بهدف تزييف الحقائق أمام الشخص الفضولي.
- الخوف من إقامة علاقات وصداقات جديدة بسبب فقدان الثقة بالأشخاص الآخرين.
- الشعور بالرغبة في الانتقام من الشخص الفضولي، الأمر الذي يؤدي إلى السلوك العدواني تجاهه.
- انتشار الحسد والغَيرة والشعور بالبغضاء والكراهية تجاه الطرف الآخر.
حكم وأقوال عن الفضول:
- ذروا البطنة، فإنَّ أكثر العلل إنَّما تتولد من فضول الطعام. (ابن سينا).
- أربعة تدل على الجهل: صحبة الجهول، وكثرة الفضول، وإذاعة السر، وإثارة الشر.
- ما أولع الناس بالناسِ، يشتغل أحدهم بشؤون أخيه، وفي أيسر شأنه ما يلهيه. (أحمد شوقي).
- الفضول يولد من الغَيرة. (موليير).
- لو طُلب إلى الناس أن يخفوا اللغو وفضول القول من كلامهم، لكاد السكوت في مجالسهم يحل محل الكلام. (أحمد شوقي).
- أنا لست موهوباً؛ أنا فضولي. (ألبرت إينشتاين).
- صاحب من الناس كبار العقول **** واترك الجهال أهل الفضول. (عمر الخيَّام).
- في كل امرأةٍ تنام قطة يقتلها الفضول. (أحلام مستغانمي).
- فن التدريس ما هو إلا فن إيقاظ الفضول الطبيعي للعقل بغرض إشباع هذا الفضول فيما بعد. (أناتول فرانس).
- الحذر والفضول لا يأكلان من صحنٍ واحد. (بتول الخضيري).
- إنَّ أكثر اللقاءات التي تُشبع الفضول لا تحدث دوماً حول موائد فاخرة في مطاعم مدفأة. (باولو كويلو).
- الأشخاص الغامضون والمتوارون محط فضول الآخرين. (عبده خال).
في الختام:
الفضول هو الرغبة في التعرف والبحث عن المعرفة والتجربة والاستكشاف، الفضول بشكل عام من الصفات الإيجابية التي تحرك الإنسان باتجاه تحقيق النجاح، لكن يمكن أن يكون له جانب سلبي عندما يتجاوز حدوده، فيصبح خطراً ومدمراً على الفرد والمجتمع؛ لذا يجب على الإنسان أن يتحلى بالحكمة والتوازن في تعامله مع الفضول، ويحاول أن يستفيد منه في النقاط الإيجابية فقط.