الأسئلة الجوهرية حول المشكلات للقادة

كم عدد المرات التي توصّلتَ فيها بسرعة إلى حل مشكلة ما، ثم أدركت لاحقاً أنَّه إذا كنت قد طرحت الأسئلة الجوهرية أولاً واستمعت إلى الإجابات، كان في إمكانك التوصل إلى حل أفضل بكثير؟



من واقع الخبرة، فإنَّ الإجابة ليست في الحل؛ إنَّها في الأسئلة الجوهرية وطريقة طرحها؛ حيث تحدد الأسئلة الجوهرية عمق المشكلات جيداً وتؤدي إلى رؤية واضحة للقضايا المطروحة، فعندما يحدث ذلك، يكون من الأسهل المرور عبر سيناريوهات متعددة والعثور على أفضل إجابة تؤدي إلى النجاح.

هل المشكلات جيدة في بيئة الأعمال؟

أحياناً يمكن أن تكون المشكلة استراحة حقيقية، أو ضربة حظ، أو فرصة للتفكير، أو حتى فرصة للخروج من مأزق وتحسين قدرات القائد، وفي بعض الأحيان، تظهر المشكلات نتيجة لعوامل خارجية أو أحداث سيئة ولكن ليس دائماً.

أي وعي جديد يسمح لك برؤية إمكانات التحسين يجلب لك "مشكلة" لحلها، وهذا هو السبب في أنَّ أكثر الأشخاص إبداعاً هم "الباحثون عن المشكلات"، وعن حلولٍ لها، وليس عن تجنبها.

معظم القادة في مجال الأعمال هم أشخاص يرغبون في حل المشكلات؛ فهم يحبون فكَّ العقد المعقدة، وكلما كان ذلك أكبر وأصعب، كان أفضل؛ فالمشكلة في أبسط تصوراتها هي "الفارق بين الظروف الحالية والمرغوبة"، ويمكن أن ينتج عن معرفة جديدة، أو قد يأتي من حلم لم يتحقق.

عندما تحدد الفرق بين ما لديك وما تريده، تكون قد حددت مشكلتك ويمكنك البدء بوضع خطة لتحقيق هدفك؛ لذا تذكَّر أنَّ نصف المعركة نحو الحلول تتم من خلال تحديد المشكلة بوضوح، إضافة إلى ذلك فإنَّ تطوير موقف إيجابي تجاه المشكلات سوف يحوِّلك إلى شخص أكثر سعادة وعقلانية وثقة في حياتك؛ لذا درِّب نفسك على الرد على المشكلات بحماس وشغف -عُدَّها فرصة لعرض قدراتك الخاصة- وستندهش من النتائج التي ستحققها.

يُقال إنَّ الفرق بين النجاح والفشل هو معرفتك بأنَّك ستحل "المشكلة الحقيقية"؛ فعلى سبيل المثال، يعرف معظم المديرين التنفيذيين عندما يكون هناك خطأ ما، لكن قلة هم الذين يدركون بشكل صحيح المشكلة الفعلية التي تحتاج إلى حل، وفي مقالنا هذا سنتطرق إلى تقنيات طرح الأسئلة الجوهرية التي تساعدنا على تحديد المشكلة الحقيقية بوضوح.

شاهد بالفيديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد

هل سمعت عن السونار؟

السونار يساعد الدلافين على الرؤية في البحار وكذلك الأسئلة تساعد القادة على التمييز بين المشكلات؛ حيث تستخدم الدلافين السونار للرؤية في المياه العكرة أو الداكنة، ويرسلون أصواتهم وينتظرون عودة الصدى، وبمجرد حصولهم على استجابات صدى كافية، يمكنهم التنقل والعثور على الفريسة وتجنُّب العقبات والحيوانات المفترسة.

والأسئلة هي المكافئ لطريقة عمل السونار؛ فالأسئلة الجوهرية تساعدك على طرح السؤال الصحيح وإيجاد طريقة لحل المشكلة وتحديد العملاء المناسبين وتجنب الصعوبات المستقبلية وتفوُّق أداء منافسيك.

تعمل الأسئلة أيضاً كمرشح (Filter) سيساعدك على فك رموز العناصر الأساسية للموقف وتشخيص المشكلات ومواقف العمل الصعبة وتقييمها تقييماً عميقاً، ويؤدي طرح سلسلة من الأسئلة الواضحة إلى الدقة العالية، فعندما تُطوَّر الأسئلة مع وضع هذه النتيجة في الحسبان؛ فإنَّها ستولِّد عملية فرز وغربلة طبيعية للحقائق والآراء في أثناء عملية الاكتشاف.

سوف تركز عملية البحث الخاصة بك على جمع الأدلة المحددة التي تحتاجها فقط؛ تلك الحقائق التي تقدِّم إجابة مناسبة عن السؤال الرئيس المطروح، وهذا التركيز يمنعك من الضياع في عملية الاستكشاف أو الخطأ في تحديد الفكرة المحورية؛ إذن الأسئلة الجوهرية تقودك إلى الحلول مثل البوصلة، ولسوء الحظ لا يستغرق معظم الأشخاص وقتاً في صياغة الأسئلة مسبقاً أو طرح الأسئلة على مراحل متعددة.

ينبغي أن تكون الأسئلة الجوهرية قوية ومثيرة للتفكير؛ أي أن تكون ذات نهايات مفتوحة وليست مغلقة بإجابات محددة (نعم /لا أو صح / خطأ).

إقرأ أيضاً: القادة يسألون أسئلة قوية وصعبة وملهمة

مفاتيح أولية للأسئلة الجوهرية:

غالباً ما تكون الأسئلة في البداية حول (ماذا؟ كيف؟) بدلاً من "لماذا؟"؛ حيث تعد "لماذا؟" مفيدة للحصول على المعلومات، ولكنَّها قد تجعل الأشخاص دفاعيين؛ لذا كن حريصاً في استخدامها، ولكي تكون الأسئلة فعالة؛ انتظر الإجابة ولا تقدِّمها بنفسك.

عندما يتعلق الأمر بفهم مشترك عند العمل مع أشخاص آخرين لحل مشكلة، لا يكفي وصف المشكلة لهم؛ إنَّهم بحاجة إلى فهمها بأنفسهم، ويمكنك مساعدتهم على القيام بذلك عن طريق طرح أسئلة تقودهم إلى التفكير في الموضوع، ويتطلب هذا منك الاستماع بصبر وحكمة؛ لذا عليك أن تتخلى عن تحيزاتك وافتراضاتك الشخصية، واكتشف ما يعرفه الشخص الآخر الذي تُجرِي معه المقابلة حول المشكلة.

واحدة من أفضل الافتتاحيات الرائعة لأي مناقشة علمية للمشكلات هي: "ما هي المشكلة برأيك؟"، حيث تكمن وراء الإجابة الفعالة عن السؤال السابق القدرة على الاستماع إلى الإجابة للنهاية وتعليق الحكم الذاتي وعدم التسرع في القفز إلى الاستنتاجات، ويعني هذا أن تكون عازماً على فهم ما يقوله الشخص حقاً وما لم يقله أيضاً؛ كأن تكتشف ما وراء كلامه من خوف أو إثارة أو مقاومة أو معلومات مخفية أو حقائق لم تُقَل أو ماضٍ من الممارسات الخاطئة؛ لذا تخلَّ عن تصوراتك المسبقة حتى لا تمنعك من معرفة المزيد من المعلومات.

اجمع الحقائق، ثم انتبه لمشاعرك وحدسك للحصول على بيانات إضافية، وعندما تطرح أسئلة ذكية، فسوف:

  • تُكوِّنُ عمقاً أكبر.
  • تنزع فتيل المواقف المتقلبة.
  • تحصل على التعاون والتفاهم.
  • تزرع أفكارك الخاصة.
  • تقنع الناس بالعمل معك؛ وذلك لأنَّك اكتسبت ثقتهم.

الأهم من ذلك؛ سوف تكون قادراً على العمل من خلالهم وتجاهل سلسلة من الحلول الممكنة السطحية، وسيقودونك إلى أفضل سيناريو يمكن تنفيذه، وباستخدام هذه الطريقة، ستزيد من احتمالية تطوير الإجابة الصحيحة للمشكلة، وتزيد من قاعدة معارفك في الوقت نفسه.

يرى المختصون في عالم الاستشارات أنَّ إحدى السمات الرئيسة في القائد الجيد هي القدرة والاستعداد لطرح أسئلة جوهرية، وذلك قبل المضي قدماً في الحلول أو إصدار الأحكام والتي قد تكون في الاتجاه الخاطئ.

نحن جميعاً لدينا حواجز ذهنية أو افتراضات مسبقة (unquestioned assumptions) تلك الافتراضات التي لا جدال فيها، أو الخيارات غير المستكشفة، أو القواعد الأساسية التي لا جدال فيها والتي تجعلنا عالقين في مستوى أدنى من الفعالية ولا نكتشف القصة الكاملة، ومن ثم فإنَّ إحدى المهارات الأساسية لأي قائد يريد تجاوز حدود فريقه وعمله هي القدرة على طرح الأسئلة التي تكشف تلك العقبات الذهنية وتزيلها.

يكمُنُ التحدي في طرح الأسئلة التي يمكن أن تحفز الناس على التفكير في المشكلات بطريقة جديدة، وطرح هذه الأسئلة بأسلوب لا يثير الدفاع عن النفس أو المقاومة أو الخوف، (راجع مقالنا المشكلات المؤسسية ودور القائد في التعامل معها – فقرة مشكلات داخلية).

لقد تحدث عن هذا التحدي تحديداً حديثاً رائعاً الكاتب رون ويليامز (Ron Williams)، الرئيس التنفيذي السابق لشركة (Aetna) وقائد الأعمال العصامي، في كتابه الهام "التعلُّم للقيادة" (Learning to Lead)، السيد ويليامز الذي ارتقى من الأحياء الفقيرة في جنوب شيكاغو ووصل بفضل مثابرته إلى قيادة العديد من الشركات الكبيرة، وفي النهاية عمل في المجلس الاستشاري الإداري للرئيس لعدة سنوات.

تثبت تجربته في الحياة أنَّ القيادة يمكن تعلُّمها وليست مكتسبة بالفطرة، وقد لخَّص في كتابه المشار إليه سابقاً خمسة أنواع من الأسئلة التي يمكن أن تساعد على تغيير فاعلية القادة، ونظرة المؤسسة للواقع عند مواجهة مشكلات جديدة معقدة:

1. الأسئلة التي تسلط الضوء على العقبات الرئيسة لإيجاد حلول:

قبل وضع أي افتراضات حول تحدٍ يبدو مستحيلاً، تحتاج إلى تركيز المحادثة على العوائق الموجودة أمام تحقيق الهدف المنشود، والحلول التي جُرِّبَت بالفعل للتخفيف من المشكلة، وما حدث تحديداً والذي تسبب في فشل تلك الجهود.

على سبيل المثال، غالباً ما يفشل روَّاد الأعمال ذوي التصميم الكبير في الحصول على تمويل من المستثمرين لبدء عمل تجاري ذي رأس مال مرتفع، مثل بناء مصنع آلي جديد، بينما يواجه آخرون الحاجز بأسئلة مثل: "من لديه مثل هذه المنشأة الصناعية التي قد تكون شريكاً لنا؟" وإيجاد حل يربح فيه الجميع من خلال مشروع مشترك لتحقيق حلمهم.

2. الأسئلة التي توضِّح عدم اليقين بشأن الحقائق:

عندما يكون هناك ارتباك كبير حول طبيعة المشكلة، أو خلاف حول مصداقية السبب والنتيجة (Cause & Effect) التي تخلق صعوبات؛ فأنت بحاجة إلى طرح الأسئلة التي تبحث في مصداقية ومصادر المعلومات، وفي بعض الأحيان يُبالَغ في الآراء على أنَّها حقائق؛ فقد يكون عضوٌ ما في فريقك يصر على أنَّ الافتقار إلى ميزة فنية معقدة لدينا هو أكبر تهديد تنافسي، ويصر على ذلك متذرِّعاً بخبرته، فقد تحتاج إلى طلب بيانات محددة من العملاء والمنافسين تدعم هذا الاستنتاج الذي يصر عليه عضو الفريق.

3. الأسئلة التي تبحث في تطور مشكلة معقدة:

إنَّ طرح الأسئلة المصممة لاستنباط العقدة الرئيسة في المشكلة والتي توضِّح كيف ظهرت التحديات أو العقدة خصوصاً، والتي يمكن أن تكون حازمة لفهم الجذور الثقافية والاجتماعية والتنظيمية والنفسية للمشكلة، لقد شاركت في محاولة إصلاح العديد من العمليات الداخلية ذات المشكلات الدائمة؛ ففي تجربة شخصية كنا نعاني من مشكلة في برمجيات تشغيل لمحطة خزانات وقود بسعة 45 مليون لتر فيما يُعرف بنظام "سكادا" (SCADA)، "نظام التحكم الإشرافي واستحصال البيانات" (Supervisory Control and Data Acquisition)، وطُرحت الأسئلة الجوهرية التي قادتنا إلى تاريخ المشكلة ولحظة ظهور العُقدة والتي تمثلت في تخلي المؤسسة المنفذة الرئيسة عن المشروع بسبب خلاف مع الجهة المالكة للمشروع ودخول جهة منفذة من الباطن والتي كانت تفتقر إلى الخبرة الفنية الكافية للتعامل مع هكذا برمجيات صعبة ومعقدة.

4. الأسئلة التي تقترح بدائل يمكن أن تكون قوية للغاية:

عندما يبدو أن تفكير أعضاء الفريق قد تعثَّر، فأنت بحاجة إلى طرح أسئلة تثير احتمالات بديلة، فربما يحتاجون إلى التحدي الذهني والنفسي للبحث في كيفية استخدام شركات أخرى متشابهة في طبيعة العمل لمقاربات مختلفة لتجنب أو حل مشكلات مماثلة.

بناءً على سبيل المثال، تكافح شركات التكنولوجيا في هذه الأيام للحفاظ على أمان بيانات العملاء في قاعدة بياناتهم، وعندما يحتمل أن تكون هذه البيانات متاحة من مصدر آخر، أو محفوظة في ملفات تعريف الارتباط على نظام العميل، أو لا تكون هناك حاجة فعلية على الإطلاق للقيام بالمهمة؛ فهذه المشكلة تعاني منها معظم شركات التكنولوجيا والتي تحتاج إلى حلول مختلفة ومتقنة.

5. الأسئلة التي تركز على عملنا الأساسي (العودة إلى الجذور):

في بعض الأحيان، تجعلك المشكلات تبدو وكأنَّ عملك قد يُدمَّر نهائياً، وفي هذه المرحلة، تحتاج إلى أسئلة مصممة لإثارة القضايا الأساسية المتعلقة بأهداف العمل الأساسية من قبيل: من هو الجمهور المستهدف؟ ما هو عملنا الأساسي؟ ما هي ميزتنا التنافسية؟ ربما يمكُن حل المشكلة بسهولة من خلال عدم محاولة حل مشكلة الجميع.

بصفتي قائداً، فإنَّ اتخاذ خطوة كبيرة إلى الوراء والعودة إلى الجذور لاكتساب منظور جديد سيلقي ضوءاً قوياً على ما يجب أن تفعله كل يوم، وطرح الأسئلة الجوهرية هو طريقة جيدة لبدء العملية.

مع ذلك؛ يبدو أحياناً أنَّ المشكلات موجودة في كل مكان في أعمال القرن الواحد والعشرين؛ فبالكاد يمر أسبوع أو حتى يوم واحد دون عقد اجتماع لحل أحدث مشكلة، سواء كان ذلك هو كيفية إصلاح خطأ في أحدث إصدار من البرنامج، أم كيف يمكننا التنافس في سوق مزدحم أكثر من أي وقت مضى، أم كيفية جعل مكاتب العمل مناسبة لجميع الموظفين.

بالطبع، إنَّها ليست ظاهرة حديثة على الإطلاق، فقد عملت الشركات دائماً في هذه البيئة؛ بل إنَّها مجرد مشكلة مختلفة هذه الأيام، ومع ذلك، فإنَّ هدفنا هو أنَّنا يجب أن نحل هذه المشكلات بطريقة أقرب إلى الصحة.

في العمل الاستشاري مع فرق الإدارة، غالباً ما يُنظر إلى حل مشكلات العمل -والتي تعد واحدة من أصعب الأمور التي يجب على فريق من كبار القادة القيام بها- على أنَّه الخروج منها وحلها والنظر إليها بموضوعية من منظور خارجي؛ بكلمات أخرى النظر إلى المشكلة من خارجها وليس من داخلها.

غالباً ما يعيش القادة في داخل المشكلة؛ وذلك لأنَّهم في كثير من الأحيان، كانوا جزءاً من الفريق الذي أنشأها في المقام الأول، وميلنا الطبيعي هو استخدام التفكير التكتيكي قصير المدى لحل المشكلات، ولكن هذا غالباً ما يوفر حلاً قصير المدى وقد يؤدي إما إلى ظهور المشكلة برأسها القبيح مرة أخرى في المستقبل، أو إلى ظهور مشكلة أخرى قادمة نتيجة للحل الأول.

إقرأ أيضاً: أشهر المشكلات التي يعاني منها الموظفون في عملهم

فقد تبدو مهارة حل المشكلات تدور في حلقة مفرغة؛ إذن ما هو الجواب؟ في الواقع، هناك نوعان من الأسئلة، وكلاهما مرتبط بالأسئلة التي نطرحها:

الإجابة الأولى "اسأل أسئلة محايدة":

أحد التحديات التي تواجهنا عندما نحل المشكلات هو أنَّنا لا نفكر بالقدر الكافي والحجم الكافي؛ حيث يقول أحدهم: "كنت أقوم مؤخراً ببعض الأعمال مع فريق الإدارة العليا والذي يقع في العاصمة البريطانية (لندن)؛ حيث اكتشفوا أنَّه منذ أن وصلت الشركة إلى الكتلة الحرجة وزاد عدد الموظفين، أصبح الاتصال الداخلي أكثر صعوبة؛ إنَّها مشكلة عالمية تزعج حتى فرق القيادة الأكثر خبرة، ولحل المشكلة قُدِّمت فكرة تقديم "ورشة عمل" لحل المشكلة، وشُجِّعوا على تجميع الأسئلة التي يجب أن نطرحها كقادة بحيث نصل من خلالها إلى الحلول المناسبة، والأسئلة التي توصلوا إليها كانت على غرار:

  1. كيف نشجع الناس على قراءة رسائل الإنترنت عند بدء عملهم في الصباح؟
  2. كيف يمكننا نقل أخبار هامة للهواتف المحمولة للأشخاص؟
  3. كيف يمكننا إعادة تصميم رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بنا لجعلها أسهل ومحببة للقراءة؟
  4. كم عدد اجتماعات الشركة التي يجب أن نجريها لضمان الحضور الجيد في كل اجتماع؟

في ظاهر الأمر، هذه ليست أسئلة سيئة؛ فهي تركز على العمل وتُصاغ بطريقة تجعل من طرحها شيئاً عملياً، لكن في الحقيقة إنَّها أسئلة موجهة ولا يجب طرحها عند حل مشكلة ما؛ وذلك لأنَّها تحصل على إجابات ضيقة جداً، ولن تخرج من هذه الأسئلة بحلول مبتكرة؛ وذلك لأنَّ الحل المطلوب مدمج في السؤال نفسه وتأتي الإجابات من ثناياه؛ فهي أسئلة تُضيِّق من التفكير.

لنأخذ السؤال الثالث على سبيل المثال: ما هي الحلول التي يقدمها السؤال الثالث؟ من المحتمل أن يقوم فريق تكنولوجيا المعلومات بتطوير قالب شيق وجذاب لبريد إلكتروني قد يستغرق يوماً أو نحو ذلك ثم تعتاد العين على القالب مع مرور الوقت، وقد يتطور الأمر إلى نشرة دورية، وتُنشَر رسالة إخبارية جديدة مشمولة بأحداث الشركة وفعالياتها بحيث لا يزال الناس لا يقرؤونها لأنَّ الجميع مشغولون جداً ولا تزال المشكلة قائمة".

بدلاً من هذه الأسئلة المحمَّلة بالإجابات في ثناياها، يجب أن نطرح أسئلة محايدة تشجع على التفكير الحقيقي، وقد يكون من الأفضل طرح أسئلة أخرى لفهم المشكلة حقاً وتشجيع التفكير خارج الصندوق:

  1. ما هي بالضبط المشكلة التي نحاول حلها؟
  2. هل هي مشكلة حقيقية؟
  3. هل هناك تأثير ضخم في سير العمل؟
  4. كيف يحب الناس تلقي المعلومات هذه الأيام؟ ما هي المنصات أو النوافذ المختلفة المناسبة لهم؟
  5. ما الذي يمكننا فعله لضمان حصول جميع الموظفين المعنيين على المعلومات التي يحتاجونها للعمل بفعالية؟

الإجابة الثانية "اسأل أسئلة مفتوحة":

إنَّ طرح أسئلة محايدة أمرٌ رائعٌ، ولكن في حد ذاته لن يعطي فهماً عميقاً للمشكلة وسياقها المطلوب لتطوير حل فعَّال، فنحن نحتاج أيضاً إلى طرح النطاق الصحيح من الأسئلة، وإذا كنا نبحث عن حل مشكلة ما، فنحن نريد معرفة ما يلي:

  1. ما هي المشكلة التي نحاول حلها بالضبط (التعريف والتوصيف الواضح والتأثير في العمل)؟
  2. أين تكمن المشكلة وفي أي سياق حدثتْ (الخلفية التاريخية للمشكلة والسياق الحالي)؟
  3. ما هي الأفكار التي لدينا لحلها (البدائل التي فكرنا فيها)؟
  4. إذا نُوقِشَت هذه الأفكار من قبل، فما الآثار الإيجابية والسلبية؟
  5. ما هي الإجراءات التي يتعين علينا اتخاذها لتنفيذ الحل؟ وما هي تكلفتها وآثارها الجانبية؟
إقرأ أيضاً: كيف تطرح الأسئلة بشكل جيّد وتدهش الآخرين!

تصنيف الأسئلة الجوهرية:

تصنيف الأسئلة الجوهرية

خلاصة الموضوع؛ يمكننا تصنيف الأسئلة التي نحتاج إلى طرحها على النحو التالي:

1. أسئلة استراتيجية (Strategic questions):

  • إلى أين نحاول الوصول؟
  • ما الذي يمنعنا من الوصول إلى هناك؟
  • ما هو تأثير ذلك في الاستراتيجية؟

2. أسئلة تحليلية (Analytical questions):

  • من أين أتت المشكلة؟
  • لماذا الأمور على ما هي عليه الآن؟
  • ما الأحداث أو القرارات التي قادتنا إلى هذه النقطة؟

3. أسئلة مبتكرة (Innovative questions):

  • ماذا يمكننا أن نفعل لحل هذه المشكلة؟
  • إن لم يكن ذلك الحل ممكناً، ماذا يمكننا أن نفعل؟
  • ما الذي سيحاول فعله خبير متخصص في هذا المجال لإيجاد حل مناسب؟

4. أسئلة ضمنية (Implicative questions):

  • إذا اتخذنا هذه الإجراءات، فما هي المشكلات الأخرى التي قد تسببها؟
  • ما الفوائد غير المتوقعة التي يمكن أن يجلبها هذا الحل؟
  • ما هو التأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا الحل على مجالات العمل الأخرى؟

5. أسئلة تكتيكية (Tactical questions):

  • ما الخطوات التي يجب اتخاذها لتقديم هذا الحل؟
  • من الذي يجب أن يشارك في الحل؟
  • ماذا يمكننا أن نفعل الآن لبدء هذا الحل؟

إذا عملنا من خلال هذه العملية، فهذا يساعدنا على تطوير حلول مبتكرة وفعالة.

وأخيراً؛ يقول أبو الإدارة "بيتر دراكر" (Peter Drucker): "لا تركز على إيجاد إجابة: ركز على تحديد السؤال المناسب حول المشكلات" ففي كل عام تُصدَر العديد من الروايات الغامضة والوثائقيات الرائعة حول الكوارث الصناعية والأزمات البيئية وغيرها من المشكلات المعقدة، وحرصُ القائد على الاطلاع والمتابعة يساعده ويطوِّر من قدراته على تعلُّم مهارات طرح الأسئلة الجوهرية والتعرف على أساليب حل المشكلات في بيئات عمل مختلفة.

لا ينبغي لنا أن نشعر بالخجل –نحن القادة– عندما نستمتع بالاطلاع عليها والتعلُّم منها؛ ولك أن تتخيل حجم الشعور بالإنجاز والرضا الداخلي عندما تصل إلى حل عملي للمشكلات وتعزز خبرتك على المستوى المهني والشخصي؛ فالتعلُّم المستمر سر من أسرار القيادة الواعية.

 

المراجع: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة