الأدوية النفسية: 7 علامات تشير إلى أن دواءك لا ينفع

يتطلب العثور على مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق المناسبة مثابرةً كبيرةً التي قد تتلاشى سريعاً عندما تظهر الآثار الجانبية، ويستجيب دماغ كلِّ شخص وجسمه للأدوية ويعالجها بطريقة مختلفة؛ لذا فإنَّ إيجاد النظام العلاجي المناسب قد يكون عمليةً محبطة لبعض الأشخاص، والجزء الأكثر إحباطاً هو أنَّنا لا نعرف السبب دائماً.



توجد بعض العلامات التي يمكن للأطباء استخدامها لمحاولة التنبؤ بكيفية استجابة شخص ما لوصفة طبية، كالأعراض التي يعانون منها وكيفية استجابتهم للأدوية الأخرى، وفي بعض الأحيان أنواع معينة من الاختبارات الجينية، لكن حتَّى مع استخدام هذه العلامات يبقى الأمر بالنسبة إلى معظم الأشخاص بحاجةٍ إلى كثيرٍ من التجربة.

إنَّ محاولة التنبُّؤ بتأثير دواء واحد في فرد معين أمر شبه مستحيل؛ لذلك يتعين على الطبيب اتِّخاذ قرارات بناءً على ما يعرفه عن المريض والدواء؛ لمحاولة تحقيق أفضل فرصة لعلاج ناجح.

لا يعني ظهور الآثار الجانبية ضرورة التوقف عن تناول الدواء أو تغييره دائماً، لكن إذا شعرت أنَّ شيئاً ما ليس طبيعياً فإنَّ سيناريوهات الآثار الجانبية الشائعة هذه يمكن أن تساعدك على معرفة ما يجب فعله بعد ذلك:

1. الشعور بتحسن سريع، لكنَّه غير دائم:

تعمل معظم الأدوية المتاحة حالياً من خلال زيادة مستويات الناقلات العصبية التي يُظَنُّ أنَّها تؤدِّي دوراً في اضطرابات المزاج والقلق، مثل السيروتونين "Serotonin" أو النوربينفرين "Norepinephrine" أو الدوبامين "Dopamine" عملاً غير مباشر؛ لكنَّ اضطرابات المزاج والقلق تنطوي على أكثر من مجرد تقلبات هذه الناقلات العصبية.

في بعض الأحيان، قد تؤدي التغيرات التي تحدث مباشرة بعد بدء تناول الدواء أو التغيير في جرعة الدواء إلى تأثيرات عابرة في الحالة المزاجية أو القلق، ما زلنا لا نعرف لماذا قد تكون هذه هي الحال بالنسبة إلى بعض الأفراد، لكن ثمة بعض النظريات.

توجد أنماطٌ مختلفة من الاكتئاب والقلق، ويمكن أحياناً لنمط واحد أن يستجيب جيداً في البداية لدواءٍ ما، ثم يزداد سوءاً لأنَّنا لم نصف الدواء المناسب لهذا النمط، على سبيل المثال، قد يشعر الشخص الذي يعاني من نمط ثنائي القطب من الاكتئاب ببعض التحسن الأولي الذي لا يدوم بعد تناول دوائه، وقد يحتاج إلى دواءٍ معدلٍ للمزاج من مضادات الاكتئاب.

بالمثل فإنَّ تناول بعض المواد مثل الكحول أو بعض الحالات الطبية التي يمكن أن تحاكي الاكتئاب مثل قصور الغدة الدرقية، يمكن أن يُفَسَّرَ أحياناً سبب تراجع الاستجابة العابرة للدواء بمرور الوقت.

إنَّ مجرد تناول الأدوية لا يكفي في كثير من الأحيان لتحقيق الشفاء الأمثل لكثيرين، كما أنَّ الحفاظ على صحتك الجسدية من خلال النوم الكافي، وممارسة التمرينات الرياضية، والتغذية الصحية، وعلاج الأمراض الأخرى، وتجنب المواد المخدرة كلها جزء من وسائل تحسين صحتك العقلية.

ثمَّ إنَّ لدينا تأثير الدواء الوهمي؛ أي الظن بأنَّ الدواء سيعطي مفعوله؛ نظراً لحقيقة أنَّ جميع الأدوية لها أهميةٌ بالنسبة إلى الشخص الذي يتناولها، وإنَّ تأثير الدواء الوهمي ليس سيئاً في حد ذاته؛ لكنَّ معظم الأشخاص في التجارب السريرية للأدوية الجديدة يستجيبون لحبوب الدواء الوهمي جزئياً؛ لأنَّ لديهم أملٌ في أنَّ شيئاً ما قد يكون مفيداً لصحتهم العقلية.

إقرأ أيضاً: أشهر الأمراض النفسية: أعراضها وطرق علاجها

2. المعاناة من آثار جانبية لا تزول:

بعض الناس أكثر حساسية من غيرهم تجاه الآثار الجانبية للأدوية، غالباً ما تكون لديهم عوامل غير معروفة تلعب دوراً، لكن بالنسبة إلى بعضهم قد يكون السبب هو أنَّ عملية استقلاب الأدوية لديهم أبطأ ممَّا يجعلها تتراكم في جسدهم.

إذا تكررت هذه المشكلة كثيراً، فإنَّ بعض الاختبارات الجينية التي تدرس كيفية معالجة الكبد لهذه الأدوية، يمكن أن تسلط الضوء على الأدوية التي يجب تجنبها بسبب اختلاف معدلات الاستقلاب الغذائي.

في حين يتكيف جسمك مع الدواء، وهو ما قد يستغرق ما يصل إلى 12 أسبوعاً لرؤية التأثيرات الكاملة قد تعاني من آثارٍ جانبية، مثل الغثيان الخفيف أو التعب أو الصداع التي تزول في غضون أيام قليلة، ومع ذلك إذا كنت تعاني من آثار جانبية مستمرة كالإسهال، فقد تفوق هذه الآثار فوائد الدواء وقد يتعين على طبيبك التفكير في دواءٍ مختلف بدلاً من ذلك.

للحصول على أفضل النتائج تابع الأمر مع طبيبك في غضون أسابيع قليلة أو شهر واحد وأبلغه عن جميع الآثار الجانبية التي كنت تعاني منها، هذا هو الحل ليس فقط لإيجاد الدواء المناسب لحالتك، لكن لإيجاد الجرعة المناسبة وتغييرات نمط الحياة المكملة للعلاج.

3. عودة الأعراض:

من الصعب ضبط الاكتئاب والقلق؛ فقد يعاني بعض الأشخاص من تكرار الأعراض حتَّى عندما يلتزمون بتناول أدويتهم، وقد اتَّضح أنَّ ذلك ليس بالأمر الغريب.

يبدو الأمر شبيهاً بالربو؛ قد تستطيع التحكم بأعراض الربو من خلال جهاز الاستنشاق، لكن في بعض الأحيان قد تعاني من نوبةٍ في موسم الحساسية الموسمية أو عندما تقضي وقتاً في جو مليء بدخان السجائر.

في الطريقة نفسها إلى حد كبير إذا كنت تعاني من زيادة في الضغوطات النفسية كالتسريح من العمل أو مرضك المزمن أو الخروج من علاقةٍ فاشلة، فقد تجد أنَّ أعراضك تعود أو تزداد قوة على الرغم من أنَّك ما تزال تتناول دواءً كان مفيداً لك في السابق، ولا يعني ذلك أنَّ مضادات الاكتئاب تفشل فجأةً؛ بل إنَّ البيئة قد تغيرت والآن أصبح اكتئابك أسوأ.

إذا لم يكن لديك حقاً تغييرات كبيرة في بيئتك التي قد تلغي فاعلية دوائك، فقد يكون ذلك علامةً على أنَّ أدويتك أصبحت أقل فاعلية، فتعمل الأدوية من خلال التأثير في المستقبلات في خلايانا، يمكن للخلايا العصبية (خلايا الدماغ) أن تُنَظِّم مستوى استجابتها للأدوية؛ وذلك عن طريق إضافة أو إزالة بعض هذه المستقبلات التي قد تُغَيِّر مستوى الفعالية.

لا يحدث ذلك لكلِّ شخص يتناول دواءً معيناً، كما أنَّ بيولوجيتنا الفردية تلعب دوراً في الأمر؛ لكنَّه أحد الأسباب التي تجعل الدواء الذي كان نافعاً في يوم من الأيام لم يعد كذلك.

4. تفاقم القلق والاكتئاب:

يبدأ الطبيب عادةً بأخف الأدوية أولاً التي لها أيضاً فاعلية جيدة وآثار جانبية خفيفة، ثمَّ يضيف الأدوية المساعدة، ويغير الجرعات أو الأدوية بناءً على كيفية استجابة المريض لها.

إنَّ هذه الأدوية قد تستغرق بعض الوقت قبل أن يشعر المريض بفوائدها؛ لذا لا ينبغي أن يكون لديك شعور بالتدهور بعد وقت قصير من بدء تناول الدواء، ويشير ذلك إلى أنَّ دواءك قد لا يكون مناسباً لك ويجب عليك استشارة طبيبك لتجربة خيارات الأدوية البديلة.

شاهد بالفديو: 10 أشياء عليك تذكرها إذا كنت تحب شخصاً مصاباً بالاكتئاب

5. تغيُّر طفيف في الشعور:

يبدي كثير من الناس استجابةً جزئيةً فقط لأدويتهم فقد يتوقفون عن الإصابة بنوبات الهلع على سبيل المثال؛ لكنَّهم ما زالوا يعانون من مستوى عالٍ من القلق يتعارض مع الحياة اليومية، ومن النادر في الواقع أن تهدأ الأعراض تماماً مع تناول الجرعة الأولى من الدواء، وبالنسبة معظم الناس، فإنَّ إجراء بعض التعديلات على الجرعة أمر ليس بالغريب.

الاحتمال الآخر هو أنَّ الدواء لا يعمل على الإطلاق، على الرَّغم من تناوله على النحو الموصوف للمدة الزمنية الموصى بها، إذا لم يظهر أي تحسن بعد شهر واحد فتابع الأمر مع طبيبك لمناقشة خيارات العلاج الأخرى، وقد يشمل ذلك تجربة فئة مختلفة من الأدوية، أو استخدام مجموعة من الأدوية، أو التشاور مع طبيب نفسي لمزيد من التقييم.

6. تقلُّب المزاج وازدياد حدته:

يمكن أن تكون التقلبات المزاجية مؤشراً آخر على أنَّ الدواء الذي تتناوله لا يتوافق مع نمط الاكتئاب الذي تعاني منه، وقد يكون من الصعب التفريق سريرياً بين الاضطراب ثنائي القطب (الذي يتميز بنوبات من الاكتئاب والهوس) وأنماط الاكتئاب أحادية القطب (المزاج الاكتئابي المستمر مع عدم وجود أعراض هوسية).

يمكن أن يشعر الأشخاص المصابون بالنمط ثنائي القطب من الاكتئاب أحياناً أنَّ مزاجهم أو طاقتهم تتغير فجأةً بعد أن يبدؤوا تناول مضادات الاكتئاب مقارنة بالأدوية التي تؤدي إلى استقرار المزاج.

قد تشير الأعراض المزاجية الجديدة، مثل التحولات المزاجية الشديدة، وحالات المزاج المختلطة، والهوس الخفيف أو الهوس بعد العلاج الدوائي بمضاد للاكتئاب، إلى إصابتك بنمط اضطراب مزاجي كامن قد أخفته شدة اكتئابك.

7. تراجع جودة النوم:

يمكن أن تشمل الآثار الجانبية للأدوية الترنُّح في أثناء النهار والنوم المضطرب في الليل ومن المحتمل أن تبدأ في رؤية أحلامٍ غريبة، وقد يكون ذلك أحياناً أحد الآثار الجانبية للدواء، أو نذيراً بنمط مختلف من الاكتئاب أو تدهور في أعراضك المزاجية بعد الشروع بتناول الدواء.

عادةً ما تتلاشى هذه الآثار الجانبية الأولية في غضون أسبوع أو أسبوعين؛ إذ يتأقلم جسمك مع الدواء، ويمكنك أن تحاول تغيير الوقت من اليوم الذي تتناول فيه أدويتك، ومنح نفسك مزيداً من الوقت للاسترخاء قبل النوم أو تناول الأدوية التي تصرف دون وصفة طبية، مثل الميلاتونين لمساعدتك على الصمود في فترة التأقلم.

لكنَّ التغييرات الجذرية والآثار الجانبية غير المحتملة أو التي تؤدي إلى أزمة أو مخاوف تتعلق بالسلامة، يجب أن يعالجها طبيبك على الفور، فعليه توظيف معارفه وخبراته لمساعدتك على إيجاد خطة علاج فعالة بشكل أسرع وأكثر فاعلية.

إقرأ أيضاً: فوائد التفاؤل على الصحة النفسية والجسدية

كيف تعثر على دواء يناسبك؟

نظراً لأنَّ الاكتئاب والقلق هي حالات شخصيةٌ إلى حد بعيد، فإنَّ أفضل طريقة لتبسيط عملية إيجاد نظام دوائي فعال تتمثل في التواصل مع طبيبك قدر الإمكان.

لا يتوفر حالياً اختبار دموي قياسي يتيح للطبيب، بناءً على النتائج، معرفة أنَّ شخصاً ما يعاني من الاكتئاب أو القلق، بل يعلم أنَّك تعاني من الاكتئاب أو القلق ومدى شدته بناءً على ما تقوله وما تخفيه.

بعد ذلك، سيأخذ طبيبك بالحسبان عوامل المرض الخاصة بك لحصر خيارات الأدوية التي سيصفها لك، مثل:

  1. تاريخك المرضي الكامل، أي الأمراض الأخرى التي قد تعاني منها والتفاعلات الدوائية المحتملة.
  2. التاريخ الطبي العائلي، ومن ذلك مدى فاعلية مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق في علاج أقاربك.
  3. التاريخ الدوائي، ومن ذلك الأدوية التي تصرف دون وصفة طبية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية والفيتامينات ولماذا توقفت عن استخدامها.
  4. التكلفة المادية.

إنَّ ما يفضله المريض يلعب دوراً هاماً أيضاً، ويوصي الخبراء بوضع الأعراض ذات الأولوية القصوى في الحسبان؛ لذا دوِّن التأثيرات التي تريد أن يحققها الدواء، واعرف أياً من هذه التأثيرات تريد استهدافها أولاً.

هل أنت قلق للغاية بشأن شعورك بالحزن؟ هل تعاني من نقص الدافع؟ هل تشعر بالقلق؟ هل تعاني من صعوبةٍ في التركيز؟ إذا كان طبيبك يعرف أولوياتك، فسوف يساعده ذلك على العمل معك للعثور على أفضل نقطةٍ للبدء.

عليك أيضاً أن تبقي طبيبك على اطلاع دائم بفاعلية دوائك بمجرد استخدامه، فإنَّ تحديد جرعات هذه الأدوية، سواء زيادتها أم إنقاصها، تناولها أم إيقافها، يعتمد إلى حد كبير على ما يقوله المريض، أي على استجابته لها؛ لذا تأكد من أنَّك لا تلتزم فقط بالبروتوكول العلاجي، لكن تراقب ما تشعر به أيضاً.

في الختام:

إنَّ تطبيقات تتبع الأدوية، مثل تطبيق "ماي ثيرابي" (MyTherapy)، تجعل هذه العملية مريحةً للغاية؛ لذا تتبع الجرعات والحالات المزاجية والأعراض، ثم اطبع البيانات تحضيراً لموعدك التالي، وكن صادقاً ودقيقاً، حتى تتمكن من العودة إلى حالتك الطبيعية.

المصدر




مقالات مرتبطة