احصل على صحة أفضل باستعمال التمرينات القصيرة السريعة

المبادئ التوجيهية الجديدة التي تخصُّ النشاط البدني والسلوك المستقر التي نشرتها "منظمة الصحة العالمية" (The World Health Organization) جديرة بالملاحظة؛ ذلك لأنَّها لم تتطرَّق إلى الحد الأدنى من الوقت المطلوب لكل جلسة من جلسات التمرين. على غرار الإرشادات المذكورة آنفاً، تُوصي هذه الإرشادات بمراعاة النشاط المنتظم لما له من أثر إيجابي في الصحة البدنية والعقلية، وتوصي الإرشادات بممارسة 150 إلى 300 دقيقة أسبوعياً من النشاط المعتدل كالمشي السريع، أو 75 إلى 150 دقيقة في الأسبوع من النشاط القوي كالجري، أو مزيج من الاثنين معاً. ما يعني أنَّه لم تعد هناك حاجة إلى العمل بالنصيحة القائلة بتقسيم جلسة التمرين إلى أجزاء لا تقل الواحدة منها عن 10 دقائق.



درس فريق بحث بقيادة الدكتور "سكوت لير" (Scott Lear)، وهو أستاذ في قسم كلية العلوم الصحية في "جامعة سيمون فريزر" (Simon Fraser University) تأثيرَ النشاط البدني المنتظم في الصحة والمرض.

تشير أبحاث الفريق إلى أنَّ الفوائد الصحية وزيادة اللياقة البدنية التي تنتج عن التمرينات تبدأ من الخطوة الأولى في الحركة، وتستمر هذه الفوائد في التراكم تراكماً خطياً حتى بلوغ 300 إلى 400 دقيقة في الأسبوع من النشاط المعتدل، كما تستمر بعد بلوغ هذا المقدار، لكن بمعدَّل منخفض.

جاء التغيير في إرشادات منظمة الصحة العالمية عقب الإصدار الثاني لإرشادات النشاط البدني للأمريكيين، التي ألغت هذا الحد الأدنى من المتطلبات في عام 2018، وقد أُجري هذا التغيير لعدم وجود دليل يشير إلى أنَّ التمرين لمدة 10 دقائق على الأقل أفضل من فترات التمرين الأقصر.

وتُعَدُّ هذه التغييرات أخباراً جيدة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في ممارسة الرياضة، كما أنَّ صدور هذه التغييرات في الإرشادات قد جاء في الوقت المناسب؛ نظراً للصعوبات التي تفرضها الجائحة الحالية على مختلف أوجه النشاطات اليومية لكثير من الأشخاص.

انخفضت المسافة التي يمشيها الأشخاص بنسبة 50% خلال جائحة كوفيد-19.

إقرأ أيضاً: 9 طرق للحفاظ على النشاط البدني داخل المنزل

التمرينات الخفيفة خلال اليوم:

الإرشادات الجديدة مدعومة بعمل بحثي بعنوان "التمرينات قصيرة المدة"، الذي يتحدث عن أسلوب جديد في ممارسة النشاط البدني، عن طريق فترات قصيرة من النشاط البدني التي يقوم بها الشخص خلال اليوم.

ولقد انبثق هذا الأسلوب من الأبحاث عن التدريب المتقطع عالي الكثافة، وهو دفعات متكررة من التمرينات عالية الكثافة، التي تتخللها فترة راحة نشطة؛ أي تمرين منخفض الكثافة، وعادة ما يكون من نوع النشاط نفسه، وقد تستمر الجلسة الواحدة من هذا التمرين من الإحماء إلى نهايته بين 20 إلى 30 دقيقة.

لكنَّ أسلوب التمرينات قصيرة المدة، يختلف عن أسلوب التدريب المتقطع عالي الكثافة من حيث مدة كل دفعة من دفعات التمرين، والوقت الذي يفصل بين هذه الفترات.

في حين أنَّ فترة الدفعة في التمرينات المتقطعة عالية الكثافة تتراوح بين 30 ثانية إلى أربع دقائق، فإنَّها في النوع الآخر تنخفض إلى 20 ثانية.

يُختبَر تأثير التمرينات قصيرة المدة في اللياقة البدنية من خلال دراسة أُجريت على 28 شخصاً من البالغين غير النشطين، ووجدَت أنَّ الأشخاص الذين اختِيروا عشوائياً للقيام بسباقات دراجات هوائية لمدة 20 ثانية على ثلاث دفعات في اليوم ولمدة ثلاث أيام في الأسبوع على أن يفصل بين الدفعة والدفعة الأخرى مدة راحة تتراوح بين ساعة إلى أربع ساعات، قد حققوا تحسناً بنسبة 9% في لياقة العضلة القلبية والجهاز التنفسي.

وقد كان هذا مشابهاً للتحسن الذي حققه أفراد المجموعة الثانية وبنسبة 13%؛ إذ أجروا ثلاثة سباقات لمدة 20 ثانية خلال عشر دقائق.

بالطبع هذا لا يعني أنَّك تستطيع تحقيق الفائدة من خلال الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لمدة دقيقة لمرات عدة في اليوم، كما لا يعني أنَّه عليك اتخاذ كل التدابير لممارسة الرياضة كما لو كنت تقصد صالة التمرين، ولا يعني إنشاء صالة رياضية خاصة بك في المنزل.

إنَّ جمال هذا الأسلوب يكمن في أنَّه لا يحتاج إلى أيَّة معدات، حتى إنَّ الأشخاص الذين صعدوا بضع درجات من السلَّم لثلاث مرات في اليوم وعلى مدار ثلاثة أيام في الأسبوع ولمدة ستة أسابيع، قد حققوا تحسناً ضئيلاً في لياقتهم البدنية مقارنةً مع وضعهم بصفتهم أشخاصاً غير نشطين.

يُعَدُّ هذا المقدار الضئيل من النشاط كافياً لتحسين استقلاب هرمون الأنسولين لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن، وهذا لا يدعم الحقيقة التي توصَّلت إليها الأبحاث السابقة في أنَّ المشي لمدة دقيقتين مرة كل 20 دقيقة، يقلِّل نسبة السكر في الدم بعد تناول مشروب عالي السكر.

إقرأ أيضاً: 20 دقيقة من المشي يومياً تنقذ حياتك

ممارسة التمرينات القصيرة والسريعة:

هذا الأسلوب من التمرين البدني ليس جديداً، وإن كان يستعمل مصطلح التمرينات القصيرة السريعة لأول مرة للإشارة إليه، فإذا كنتَ مثلاً جالساً أمام الحاسوب أو التلفاز وشعرتَ برغبة في الوقوف أو المشي قليلاً أو التمدد، ففي الواقع أنت قمتَ بتمرين خفيف سريع.

وهذا الأسلوب من التمرين مألوف لدى العديد من الكُتَّاب، مثل "دان براون" (Dan Braun) مؤلِّف رواية "شيفرة دافنشي" (The Da Vinci Code)؛ إذ يأخذ استراحة بعد الكتابة لمدة ساعة، ويمارس فيها تمرين الضغط، وفي الواقع، يمكن أن تمنحك هذه الدفعات القصيرة من التمرين تحسُّناً في الطاقة والإنتاجية.

ما يميز هذا الأسلوب من التمرينات عن التجول في المنزل أو الوقوف أو التمدد، هو أنَّه يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب والتنفس، أما بالنسبة إلى التعرُّق، فلا يُعَدُّ النشاط البدني لمدة دقيقة أو دقيقتين كافياً لحصول التعرق؛ وهذا يجعل من الممكن القيام به في الملابس العادية.

تشمل بعض النشاطات التي يمكنك القيام بها في هذا النوع من التمرينات، صعود سلَّم المنزل أو الهرولة في المكان وبعض التمرينات الرياضية، كما يمكنك القيام بالمشي السريع أو الركض حول المبنى، وإذا كانت لديك دراجة ثابتة فما عليك سوى استعمالها لمدة دقيقة أو دقيقتين.

وإذا كنتَ ترغب في تجربة تمرين لمدة أطول، فهناك نظام التمرين لمدة 11 دقيقة الخاص بالقوات الجوية الكندية، وقد طُوِّر هذا النظام في عام 1959، وهو نظام يمكن القيام به في المنزل دون أيَّة معدات.

لقد درس الباحثون أخيراً نسخة معدَّلة من هذا النظام، ووجدوا أنَّها فعالة في تحسين اللياقة البدنية، ومن المؤكد أنَّ الحصول على حصة كاملة من التمرينات يُعَدُّ شيئاً مثالياً، لكن إلى جانب حصتك الكاملة يمكنك استعمال أسلوب التمرينات القصيرة لزيادة نشاطك خلال اليوم.

وإذا كنت قلقاً بخصوص نسيان القيام بهذه التمرينات، فيمكن للتكنولوجيا أن تساعدك، مثل تطبيق المنبه الموجود في هاتفك، لكن قد يكون الحل الأكثر جدوى هو استعمال تطبيقات شاشة التوقف الموجودة في جهاز الحاسوب أو الجهاز اللوحي أو الهاتف؛ ذلك لأنَّ هذه التطبيقات تُغلِق جهازك لبعض الوقت؛ وهذا يمنحك الحافز للنهوض وممارسة التمرينات.

المصدر




مقالات مرتبطة