إدارة المشاريع: مهارات وممارسات (2)

تحدثنا في الجزء الأول عن أهم الممارسات والمنهجيات والأدوات الخاصة بإدارة المشاريع الاحترافية، ونتناول في الجزء الثاني أهم المفاهيم المرتبطة بإدارة المشاريع، إضافة إلى أهم التحديات التي تواجه إدارة المشاريع، كما سنلقي الضوء على أهم مفاهيم إدارة المشاريع الاحترافية الحديثة، وغيرها من الأمور التي يحتاج إليها كل من له صلة بإدارة المشاريع.



مفاهيم إدارة المشاريع:

المشروع: يُعرَّف على أنَّه مسعى/ مجهود مؤقت يُبذل لتقديم منتج أو خدمة أو نتيجة فريدة من نوعها، ونجد بناءً على هذا التعريف، أنَّ إدارة المشروع تهدف إلى تخطيط وتنظيم وإدارة الموارد لتحقيق أهداف المشروع ومخرجاته وغاياته بنجاح.

لا يمكن الاستغناء عن ممارسات إدارة المشاريع الشاملة عالية الجودة في مساعدة المنظمات على إدارة مشاريع تتميز بالتركيز والفاعلية والكفاءة.

ويُعد مدير المشروع مسؤولاً في سياق إدارة المشاريع عن ضمان نجاح المشروع ككل؛ إذ يكمن التحدي العملي لمدير المشروع في تسليم نتائج المشروع ضمن سياق وقيود المشروع، وتُوجد ثلاثة عناصر رئيسة تُعد قيوداً للمشروع، والتي يُشار إليها بـ "القيد الثلاثي".

إدارة المشاريع: تُعرف بأنَّها الفرع المعرفي في تخطيط وتنظيم وإدارة الموارد، لتحقيق أهداف ومخرجات وغايات المشروع بنجاح، ويكمن التحدي الرئيس لإدارة المشروع في تحقيق كل أهداف ومخرجات وغايات المشروع، مع الالتزام بقيوده المسبقة التي تتعلق بالنطاق والموازنة والجدول الزمني والجودة. 

إدارة البرامج: تُوصف بأنَّها عملية إدارة مجموعة من المشاريع ذات الصلة بطريقة منسقة، للحصول على الفوائد والسيطرة التي لا تتأتَّى عند إدارة كل مشروع على حدة، وخلافاً للمشاريع، غالباً ما تُدار البرامج من خلال إدارة مركزية تهدف إلى تنسيق مجموعة من المشاريع، لتحقيق الأهداف والفوائد الاستراتيجية للبرنامج.

إدارة المحافظ: تشرف إدارة المحافظ على أداء مجموعة برامج ومشاريع داخل المنظمة، وتُدار المحافظ من الإدارة العليا في المنظمة لتحقِّق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة.

وتشمل إدارة المحافظ إقرار المشاريع التي لا ينبغي تنفيذها والمشاريع التي يجب البدء بها مبكراً، أو المشاريع التي يجب وقف العمل بها من أجل تحسين الملاءمة الاستراتيجية للمشاريع التي تُنفَّذ لتحقيق مهمة المنظمة. 

إدارة العمليات: تهتم إدارة العمليات بالإنتاج المتواصل للسلع و/أو الخدمات، وتضمن استمرار العمليات من خلال مجموعة من المدخلات، لتكون مخرجات.

يوضِّح الشكل الآتي العلاقة بين إدارة المشاريع والعمليات:

وهنا نجد الفرق بين إدارة المحافظ والبرامج:

تحديات إدارة المشاريع:

إذا نظرنا إلى أهم التحديات التي تواجه إدارة المشاريع نجد أنَّ منها:

  • تسليم نتائج المشروع في سياق قيود الوقت والموازنة والجودة والنطاق والمخاطر والفائدة.
  • إعداد خطط مشروع شاملة ومفصلة، وإدارة هذه الخطط خلال فترة حياة المشروع.
  • إدارة المشاريع التي غالباً ما تُنفَّذ من قبل المقاولين أو مقاولي الباطن والموردين.
  • تحديد المخاطر المحتملة ووضع عمليات لتفاديها والتعامل معها، وضمان تحقيق فوائد المشروع المرجوة.

وينصح الخبراء للتغلب على التحديات التي تواجه المشاريع، بضرورة العمل على تأسيس ما يُعرف بـ "مكتب إدارة المشاريع" (PMO)، وهو هيكل تنظيمي يوحِّد عمليات الحوكمة ذات الصلة بالمشروع، ويسهِّل تقاسم الموارد والمنهجيات والأدوات اللازمة لإدارة المشروع.

أمَّا عن الهدف من إنشائه؛ فلأنَّه:

  1. داعم: يؤدي مكتب إدارة المشاريع دور الدعم من خلال توفير القوالب، وأفضل الممارسات، والتدريب، للوصول إلى المعلومات والدروس المستفادة من المشاريع الأخرى، ويُعد هذا النوع من مكاتب إدارة المشاريع بمنزلة مستودع مشاريع.
  2. متحكِّم: يقدم مكتب إدارة المشاريع، من خلال الامتثال للأطر المعتمدة والقوالب والأشكال والأدوات المحددة لإدارة المشاريع، كلاً من الآتي:
    • حوكمة المشاريع.
    • تنفيذ المشاريع وإدارتها بكفاءة وفاعلية.
    • وضع سياسات وإجراءات واضحة لجميع المشاريع.
    • تفعيل أدوات منهجية وممارسة متميزة لإدارة المشاريع.
    • تسجيل الدروس المستفادة من جميع المشاريع التي نُفِّذت.
    • اقتراح تنفيذ مشاريع منسجمة مع الرؤية الاستراتيجية للإدارة والوزارة.
    • الاستفادة من الموارد المختلفة للشبكة، وتقليل الهدر سواء المادي أم المعنوي.
    • تصنيف الشركات وتقييمها والإبقاء على الأصلح منها وحسب، وتحديثها باستمرار.
  3. موجَّه: يكون ذلك من خلال متابعة مديري المشاريع، وطلب تقارير باستمرار.
  4. مُساند: يحرص على تحقيق التوافق الاستراتيجي بين قيم المنظمة وأهدافها، وقيم الجهات التابعة لها.
  5. مقيِّم: يعمل على دمج البيانات والمعلومات من المشاريع، ومن ثم تقييم تحقيق الأهداف من خلالها.

وترتكز أدوار ووظائف مكتب إدارة المشاريع من خلال:

  1. تقديم التوصيات.
  2. إدارة ونقل المعرفة.
  3. تنسيق الاتصال بين المشاريع.
  4. دعم مديري المشاريع بأساليب متنوعة.
  5. الرقابة على الامتثال لمعايير إدارة المشاريع وسياساتها وإجراءاتها وقوالبها.
  6. إدارة الموارد المشتركة بين جميع المشاريع التي يديرها مكتب إدارة المشاريع.
  7. تطوير وإدارة سياسات المشروع وإجراءاته وقوالبه، وغيرها من الوثائق المشتركة.
  8. تطوير منهجية إدارة المشاريع وأفضل الممارسات والمعايير، فضلاً عن التوجيه والتعليم والتدريب والإشراف.

ينبغي من أجل تحقيق النجاح في المشروع، العمل على بناء كفاءات مديري المشاريع؛ إذ ترتكز كفاءات مدير المشاريع على كفاءات لينة وأخرى صلبة، ويلعب مدير المشروع دوراً حاسماً في قيادة فريق المشروع من أجل تحقيق أهداف المشروع؛ إذ يكون هذا الدور مرئياً رؤية واضحة طوال المشروع.

ويشارك عديدٌ من مديري المشاريع في المشروع من البدء وحتى الإغلاق؛ لكن مع ذلك، قد يشترك مدير المشروع ضمن بعض المؤسسات في نشاطات التقييم والتحليل قبل بدء المشروع، ويمكن أن تشمل هذه النشاطات التشاور مع القادة التنفيذيين ووحدة الأعمال بشأن أفكار لتعزيز الأهداف الاستراتيجية، أو تحسين الأداء التنظيمي، أو تلبية احتياجات العملاء في بعض البيئات التنظيمية.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتعزيز مهارة إدارة المشاريع

كفاءات مدير المشروع:

ينبغي أن يتمتع مديرو المشاريع بالكفاءة التي تمكِّنهم من العمل على نحو فعَّال ضمن ثقافة المؤسسة التي يعملون لديها، وينبغي لمدير المشروع التمتع بالكفاءات الأربع لمديري المشاريع الاحترافية:

1. الكفاءة التقنية:

  • إدارة استباقية للنطاق.
  • تحديد شامل للنشاطات اللازمة لنجاح المشروع.
  • إدارة الجدول الزمني العام لضمان العمل في الوقت المحدد.
  • تحديد وجمع المقاييس لقياس التقدُّم المُحرز في المشروع.
  • تحديد وتعقُّب وإدارة وتسوية مسائل المشروع.
  • تحديد وإدارة وتخفيف مخاطر المشروع.
  • ضمان قبول جودة تسليمات/ منجزات المشروع.
إقرأ أيضاً: نصائح مهمة لإدارة المشاريع الناشئة وإعداد الميزانيّة المناسبة لها

2. الكفاءة القيادية:

  • رؤية "الصورة الكبيرة" للمشروع من خلال محفظة المنظمة.
  • مناصرة المشروع؛ تعزيز التأييد.
  • إيصال الرؤية.
  • توفير تغذية راجعة مفيدة عن الأداء لأعضاء الفريق وفي حينه.
  • تسهيل بيئة إنتاجية للفريق.
  • التواصل الاستباقي، والإصغاء الفعَّال.
  • تشجيع أعضاء الفريق على اتباع التوجيهات طوعاً وتحقيق الأهداف.

3. الكفاءة الشخصية/ الإدارة الذاتية:

4. كفاءات قطاع التنمية:

  • فهم قيم القطاع التنموي ونماذجه.
  • فهم أصحاب المصلحة المختلفين المشاركين في مشاريع التنمية.
  • فهم بيئات التنمية المعقدة واستكشافها.
  • العمل بفاعلية مع مجموعة مختلفة من شركاء التنفيذ.
  • التأقلم مع ضغوطات بيئات التنمية.
  • إظهار الحساسية الثقافية.
إقرأ أيضاً: أفضل 5 أدوات لإدارة المشاريع عن طريق الويب

في الختام:

إنَّ دور مدير المشروع حاسم وفاعل في نجاح المشروع، والكفاءات الشخصية والقيادية، أو ما يُعرف بالمهارات اللينة، تشكِّل أكثر من 70% من كفاءات وجدارات مدير المشروع، والتي ينبغي بناؤها والعمل على تنميتها على نحو مستمر ودائم.

سنتحدَّث في المقال القادم عن أهم الأدوات التي لا يستغني عنها مدير المشروع في أثناء رحلته لإنجاح المشروع.

كتبه: الدكتور إسماعيل بكر؛ استشاري تدريب وتطوير إداري وقيادي، تطوير وإعداد القادة.




مقالات مرتبطة