أهمية المساعدة التي يقدمها المديرون في الاحتفاظ بالموظفين

توجد حقيقة تتكرر كثيراً؛ وهي التي يشعر قادة الموارد البشرية بالملل من سماعها: يشكِّل جيل الألفية الآن أكبر مجموعة في القوى العاملة وسيشكلون قريباً غالبية العمال. إنَّهم يتوقعون أن يعني ذلك المزيد من التنقل بين الوظائف والمزيد من الطلبات على الطعام المجاني، وبعد وقت قصير سيقدِّم الجميع دروس اليوغا على الأسطح في وقت الغداء للحفاظ على مشاركة موظفيهم.



علينا فهم المستقبل بشكل أفضل:

ولفهم ما قد يبدو عليه مثل هذا المستقبل بشكلٍ أفضل وكيف يمكن لأرباب العمل إشراك جميع الأجيال في قوَّتهم العاملة؛ أجرت شركة "كوالتريكس" (Qualtrics) دراسة نصف سنوية لأكثر من 6000 موظف بدوام كامل حول العالم، وكما اتَّضح من نواحٍ عدة أنَّه لا يختلف جيل الألفية - وعمال الجيل زد الذين يتسمون بالحماسة - كثيراً عن الأجيال التي سبقتهم.

إذا ألقينا نظرةً عامة، فإنَّ البيانات المقدمة من أحدث دراسة؛ تدعم العديد من تلك الصور النمطية، على سبيل المثال، يتمتع العمال الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً بأعلى معدل استنزاف؛ إذ قال 26% منهم إنَّهم من المحتمل أن يغادروا خلال العامين المقبلين، وينخفض هذا الرقم بشكل مطَّردٍ مع تقدم الموظفين في السن؛ فيستقر عند 15-17% بعد عمر 34 عاماً.

ولكن مع تعمقنا في التحليل الإحصائي، يكون للنضجِ الوظيفي تأثيرٌ كبير في معدل الاستنزاف. ومن خلال التحكم بالاختلافات في العمر؛ ما وجدناه بالفعل هو أنَّ أولئك الذين لم يمضوا الكثير من فترة عملهم مع شركةٍ ما، كانوا أكثر عرضة إلى المغادرة من أولئك الذين أمضوا في عملهم 3 سنوات أو أكثر.

بالنسبة إلى جيل طفرة المواليد وجيل الألفية والجيل إكس، فإنَّ تلك السنوات الثلاث الأولى في الشركة تُعَدُّ أمراً بالغ الأهمية، ويحدث ذلك عندما يفهم الموظفون مناصبهم أكثر، وينشئون طريقتهم في المساهمة في تحقيق أهداف الشركة، ويحدِّدون كيف يبدو التطور في مسيرتهم المهنية وفي مسارهم.

وبدلاً من قراءة الكثير من الصور النمطية للأجيال، يجب على أرباب العمل التفكير فيما يؤثر في تجربة الموظف في سنوات نموهم داخل الشركة من أجل التمسك بأفضل الأشخاص لديهم.

إقرأ أيضاً: من الجيل إكس إلى الجيل زد: بناء علاقات قوية في ظل الهوة بين الأجيال

يخلق المديرون العظماء تجارب رائعة للموظفين:

عبر كل جيلٍ وكل مقياس؛ تهيمن العلاقات بين المدير والموظف بصفتها المحرك الرئيس الذي يؤثر في تجربة الموظف أكثر من أي شيءٍ آخر للأفضل أو للأسوأ.

لا تتعلق النتائج الجيدة في تجربة الموظف بسياسات الشركة الأوسع ووجبات الغداء المجانية وحزم المزايا؛ بل تتعلَّق بالعلاقات بين الأشخاص الذين يعملون معاً بشكل وثيقٍ على أساسٍ يومي، وهذه العلاقات ضرورية لبناء التطوير الشخصي والمهني للموظفين.

يريد الموظفون مديراً يساعد على إدارة أعباء العمل:

تناولت الدراسة أهم ثلاثة دوافع للاحتفاظ بالموظفين، فكان السبب الرئيس هو مساعدة المدير على عبء العمل. عندما يتدخل المديرون لمساعدة الناس على فهم وإدارة عبء العمل، فإنَّهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادةً؛ وهذا يدفعهم إلى البقاء مع الشركة لفترةٍ أطول.

يمتلك المديرون عادة سنوات من الخبرة ويعرفون كيفية إدارة عبء العمل، ويصل الإجهاد في مكان العمل إلى ذروته لدى العمال الشباب؛ إذ إنَّ 33% من الموظفين دون سن 35 عاماً يُبلِغونَ عن شعورهم بالإجهاد. وبعد سن الـ 45 ينخفض الضغط في مكان العمل؛ إذ يقول نحو 20% من الناس إنَّهم يتعرضون للضغط في عملهم.

تُعَدُّ مشاركة هذه المعرفة والخبرة مع فِرقهم، ومساعدة الأشخاص على التعامل مع المتطلبات في سنواتهم الأولى ضمن القوى العاملة أمراً ضرورياً للحفاظ على مشاركة الموظفين وتجنُّب الإرهاق.

شاهد أيضاً: كيف تتغلب على التعب خلال ساعات العمل؟

يريد الموظفون الحصول على القدرة على تجربة الأشياء:

يوجد عاملان رئيسان آخران للتجربة في مكان العمل - بغض النظر عن العمر - وهما فرص التطور المهني وفرصة تجربة أشياء جديدة في المنصب الذي تشغله. كما توجد الكثير من المؤلفات الأكاديمية عن السبب الذي يجعل الموظفين الذين يعملون من أجل تحقيق غرضٍ ما بمسار تقدمٍ واضح أكثر تفاعلاً وإنتاجيةً، ويردُ ذلك بقوةٍ في بياناتنا.

في الواقع، إنَّ الموظفين الذين يشعرون بأنَّ لديهم فرصاً واضحةً للتطور المهني يكونون عرضة أكثر بثلاث مرات إلى أن يكونوا سعداء في مناصبهم بالمقارنة مع أولئك الذين يملكون فرصاً أقل؛ إذ يحتاج المديرون إلى العمل بشكلٍ وثيق مع فرقهم للمساعدة على تطوير مهاراتهم والعثور على فرص لتجربة أشياء جديدة والنمو داخل الشركة، وإذا لم يفعلوا ذلك، فسوف ينفصل الموظفون بسرعة ويبدؤون البحث في مكان آخر عن الدعم والتوجيه الذي يحتاجون إليه لبناء حياتهم المهنية.

إقرأ أيضاً: ما هي أسرار السعادة في العمل؟

يجب على المديرين تقدير العمل الجيد:

عندما يفهم الموظفون توقعات رب العمل ويرون كيف يساهم عملهم في أهداف الشركة، فمن المرجَّح أن يكونوا مشاركين أكثر في عملهم. يؤدي المدراء دوراً رئيساً في تحديد تلك التوقعات؛ وذلك ليس فقط بتحديد الأهداف؛ بل أيضاً من خلال تعرُّف السلوكات والنتائج المرغوبة التي تساعد على تحقيقها.

إنَّ تقدير العمل الجيد أمرٌ ضروري في تعزيز التوقعات؛ وإذا لم يمتدح المديرون الموظفين أبداً، فكيف يمكن لهؤلاء الموظفين معرفة أنَّهم يؤدُّون عملهم بالشكل الصحيح؟ يمكن أن يكون لعدم التقدير تأثيرٌ مدمرٌ في المشاركة أيضاً، ووجدنا أنَّ الموظفين أقل احتمالاً بـ 17 مرة لأن يكونوا راضين عن وظائفهم إذا لم يتحدَّث مديروهم باستمرار عن عملهم الجيد.

تُقدِّم هذه الدراسة نظرة حيوية على الأشياء الأكثر أهمية للموظفين وما يمكن لأرباب العمل القيام به لتحسين التجربة في مكان العمل، ولكن ربما يكون الأمر الأهم هو أنَّه مع تغير القوى العاملة وتطور طريقة عملنا وتفاعلنا مع زملائنا، سيكون هناك شيء واحد صحيح دائماً؛ وهو أنَّه لا يوجد بديل للعلاقات الشخصية.

تؤدي التكنولوجيا دوراً كبيراً وسيزداد هذا الدور مع مرور الوقت، وبعد قول ذلك، من الضروري إدراك أنَّ التكنولوجيا تُوضَع موضع التنفيذ كعاملٍ مساعدٍ قوي على تطوير العلاقات الهامة، وليس لكي تحل محلها. يجب على أرباب العمل الذين يرغبون في جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها أن ينظروا إلى مديريهم على أنَّهم وكلاء للتغيير، والذين بدورهم سيكون لهم التأثير الأكبر في فرقهم.

يؤدي وجود المديرين الأفضل والراغبين في المساعدة إلى ازدياد سعادة وتفاعل وإنتاجية الموظفين، ويجب على قيادة الشركة التأكد من أنَّ المديرين يملكون الموارد التي يحتاجون إليها لتوفير أفضل تجربة ممكنة للموظفين.

المصدر




مقالات مرتبطة