أهمية الاستفادة من الفشل والرفض

كتب الكاتب "ستيفن كينج" (Stephen King) روايته الأكثر مبيعاً "كاري" (Carrie) على الآلة الكاتبة المحمولة الخاصة بزوجته. كان "كينج" يكتب قصةً قصيرة لمجلةٍ شهيرة بعد فترة وجيزة من تخرُّجه في الكلية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "أيتيكن تانك" (Aytekin Tank) وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "جوت فورم" (JotForm)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته مع الرفض.

عندما عثرَت زوجته على الصفحات الثلاث الأولى من القصة في سلة المهملات، شجعَته على الاستمرار لتتحول تلك الصفحات المجعدة الثلاث إلى كتابه الأول، ولكن بعد عناء طويل، وقبل نشر كتابه "كاري"، رُفِضَت أعمال "كينج" 30 مرة، وهو أمر مدمر لكاتب مثقف وموهوب مثله، تقول الشائعات إنَّ زوجته شجعَته على تجربة العمل مع محرر آخر، وهو التشجيع الذي ساعد في نهاية المطاف على إطلاق مسيرته المهنية؛ حيث مهَّدَت حالات الرفض الأولية الطريق لقصة نجاح هائل بعد أن نشرَت شركة "دبل دي" (Doubleday) للنشر المسودة في عام 1971، وباعت الشركة مليون نسخة في السنة الأولى بعد النشر.

إعادة صياغة الرفض:

لا مناص، الرفض مؤلم، سواء لم تحصل على عرض العمل الذي كنتَ تعتمد عليه أم رُفِض العرض الذي كنتَ تخطط له لأشهر، فإنَّ الرفض يمكن أن يبدو لك شخصياً للغاية، وما يزيد الطين بلة هو أنَّنا مجبولون على مقاومة الرفض ومشاعر الفشل التي تصاحبه، فنحن نشعر بالإثارة عند توقُّع النجاح تماماً مثلما نشعر بالإثارة عند تحقيق النجاح، وهذا بفضل الدوبامين، وعندما نتوقع النتيجة المرجوة، فإنَّ أدمغتنا تتصرف كما لو أنَّ هذه النتيجة قد حدثَت بالفعل، وهذا هو السبب في أنَّ سماع كلمة "لا" أمر مثير للقلق للغاية، وذو تأثير كبير بالنسبة إلى بعض الناس منا.

رُفِضتُ مراتٍ عدَّة في مسيرتي المهنية، وأعرف شعور فقدان فرصة التقدم أو استبعادك من مشروع متحمس له، وأستطيع أن أتذكر الإهانات التي تأتي مع قضاء شهور على عرض لعميل محتمل، فقط لأخسر في المنافسة.

لكنَّ هناك شيئاً واحداً تعلَّمتُه خلال كل هذه اللحظات الصعبة، وهو أنَّ الرفض لا يعني الفشل؛ بل فرصة للتعلم والنمو والنجاح في النهاية، وفيما يلي بعض الدروس التي استخلصتُها على مر السنين حول سبب أهمية إعادة صياغة الرفض.

شاهد بالفديو: 6 طرق لتجنّب إحراج قول كلمة لا في العمل

نادراً ما يكون الرفض أمراً شخصياً:

أتذكر ذلك اليوم كما لو كان بالأمس، كنتُ أعمل بدوام كامل في شركة تكنولوجيا في أثناء محاولتي بناء عملي الجديد، وهو شركة "جوت فورم" (JotForm)، وفي تلك المرحلة، كنتُ الموظف الرسمي الوحيد في "جوت فورم"، ولكنَّني كنتُ أراقب مطور برامج أعرفه منذ فترة، وكنتُ آمل أنَّه بمجرد جلوسي لشرح رؤية شركتي الناشئة، سوف يغتنم الفرصة لترك وظيفته والانضمام إليَّ، وبدلاً من ذلك، وهو جالس على الجانب الآخر من طاولة المقهى، أخبرني أنَّه غير مهتم بالتخلي عن وظيفته للعمل لدي، ولأكون صادقاً، لم يبدُ متحمساً للغاية لما كنتُ أقوم ببنائه، لقد رفض عرضي، ولكنَّ الأسوأ من ذلك أنَّه رفض المنتج الذي عملتُ طويلاً وبجد من أجل ابتكاره.

ركزتُ على هذا "الرفض" لبضعة أسابيع، فهل اعتقدَ أنَّني سأكون رئيساً سيئاً؟ وهل اعتقد أنَّ مشروعي كان فكرةً فظيعة؟ لم أدرك إلا مؤخراً أنَّ ما كنتُ أعُدُّه شخصياً وهو الرفض لم يكن كذلك على الإطلاق، فقد كانت إجابته تتعلق به أكثر مني، وإذا جاءني أحدهم وعرض عليَّ وظيفةً اليوم، فسوف أجيب بـ "لا"، لكن لن يكون لها أيَّة علاقة بهذا الفرد أو الشركة، وأود أن أقول "لا" لأنَّني متحمس لعملي، وفي المرة القادمة التي تحصل فيها على جواب "لا" التي يصعب قبولها، خذ بعض الوقت للتفكير بفضولٍ بشأن الاحتمالات الأخرى، فربما لا يملك مديرك الميزانية اللازمة لمنحك الزيادة التي تريدها، أو ربما كان الشخص الذي حصل على الترقية التي كنتَ تسعى إليها لديه خبرة أكثر منك، وفي أي سيناريو، تذكَّر: قد يبدو الرفض شخصياً، ولكن ربما يكون هناك سبب منطقي لعدم نجاح شيء ما بالطريقة التي خططتَ لها.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد للرفض ستثير إعجابك بالتأكيد

الرفض فرصة لصقل مهاراتك:

قرأتُ قصةً ظلَّت عالقةً في ذهني قبل بضع سنوات تتحدث عن طرد رئيسة سلسلة مطاعم شهيرة بسبب انخفاض الإيرادات بعد ثلاث سنوات من توليها هذا المنصب، ففي السنوات الست التالية، بدأَت بالاستشارات وعملَت في مجلس إدارة مطعم كبير آخر للوجبات السريعة، ولم يكن الأمر سهلاً، لكنَّها استخدمَت رفضها للتعلم والنمو، وقد أتى بثماره، وعُيِّنَت في النهاية كرئيس تنفيذي لتلك الشركة، وبدلاً من الانغماس في الذل أو الألم الناتج عن الرفض، اختارت هذه المرأة بديلاً متواضعاً، فلقد استثمرَت الوقت الذي كان لديها لتجعل من نفسها مرشحةً أقوى، فيمكن أن يشعرك الرفض بأنَّه أسوأ شيء في العالم، ولكن إذا كنتَ ترى أنَّها فرصة لتجربة شيء جديد أو اكتساب مهارات جديدة، فيمكنك الاستفادة من هذه الأشياء لتسعى نحو فرصة مستقبلية قد تكون مجزيةً أكثر.

الرفض فرصة لطرح أسئلة هامة:

يمكنك الانتقال إلى فرصة مختلفة إلى جانب إعدادك لتعلُّم مهارات جديدة - وإجراء اتصالات يمكن أن تفيد حياتك المهنية - كما أنَّ صعوبة الرفض تجعلك تطرح أسئلةً من شأنها تشكيل مستقبلك، لقد واجهتُ مسار نمو مماثل بعد أن رفض مطور البرامج عرضي، وبعد أسابيع قليلة من الشعور بالإحباط، عكستُ المسار وقررتُ استخدام الرفض استخداماً أكثر إنتاجيةً.

ما الذي يمكنني فعله لجعل العمل في "جوت فورم" أكثر جاذبيةً للمرشحين؟ وكيف يمكنني إنشاء ثقافة عمل تجذب المواهب وتحافظ عليها؟ وبالقدر نفسه من الأهمية، لماذا أخذتُ هذا الرفض على محمل شخصي؟

كان الصراع مع هذه الأسئلة أكثر فائدةً بالنسبة إليَّ - وإلى نمو شركتي - أكثر من الانغماس في الهزيمة.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد طرح الأسئلة هاماً؟ وكيف تحسن قدرتك على طرحها؟

كيف أمضي قدماً بعد التعرض للرفض؟

مع الموقف الصحيح، من الممكن المضي قدماً بعد التعرض للرفض، وإنَّها مجرد مسألة تغيير المنظور، وإذا رأيتَ الرفض على أنَّه فشل شخصي، وستفقد حماستك ولن تقترب من أهدافك، وإذا كنتَ ترى الرفض دعوةً لتعلُّم أشياء جديدة وطرح أسئلة هامة، فمن المرجح أن تتراجع عن هذه الأفكار.

المضي قدماً بعد الفشل قد لا يكون سهلاً أبداً، ولكن لا تعتقد أنَّك تتحرك خالي الوفاض للحظة، أو أنَّك لم تحصل على أيَّة فائدة؛ حيث يُعَدُّ الرفض سلاحاً سرياً جديداً، وهو قدرتك على التكيف.

المصدر




مقالات مرتبطة