أهمية استثمار أزمة اليوم للاستعداد لأزمات الغد

في بداية عام 2020، لم يكن لدى الشركات خطة جاهزة لمواجهة الجائحة التي تعرَّضنا لها، فقد كانت أزمة لم يتوقع أحدٌ بأنَّها قادمة، أزمةٌ ما زالت منظماتٌ عديدة تحاول فهمها، وما زالت تواجه أثرها المستمر حتى الآن.



لكن كما يُقال: يتعلَّم المرء بعد فوات الأوان، فبالنسبة إلى أولئك الذين دخلوا هذا العام من دون تخطيط سابق، من المرجَّح أن ينتهي بهم العام بخطة ثابتة، خطة تأخذ في الحسبان الدروس المستفادة من "كوفيد-19" (Covid-19)، وتؤكِّد أهمية الاستجابة للأزمات والتعافي من الكوارث.

فيما يأتي ثلاث خطوات يمكنك اتِّخاذها لحماية عملك اليوم، والاستعداد لمواجهة أيِّ تحديات مستقبلية قد تواجهك:

1. إدراك أنَّه لا يوجد شيء اسمه الإفراط في التخطيط:

هناك عديد من الطرائق للتعامل مع الاستجابة للأزمات والتخطيط لها، ولكنَّ الأهم من ذلك، عليك أولاً معالجة الأزمة الحالية وتأثيرها في عملك، وجزء من السبب هو أنَّ "كوفيد-19" كان حدثاً صادماً؛ وذلك لأنَّ الظروف كانت غير مسبوقة وغير متوقعة.

فقد سارعت عديد من أماكن العمل إلى التحول إلى بيئة افتراضية بين ليلة وضحاها، بصرف النظر عمَّا إذا كانت البنية الأساسية قائمة أم لا؛ ونتيجةً لذلك، كان عليهم أن يُجروا تغييرات في اللحظة الأخيرة على التكنولوجيا، والموظفين، وحتى الأعمال.

وللتقدُّم، من الهام أن تبدأ بتوضيح ما حدث بالضبط خلال "كوفيد-19" وما مقدار تأثير ذلك في أعمالك، وثقافتك التنظيمية عموماً، وفي مختلف قطاعات الصناعة سواء بتقديم أمثلة لاستجابات شركات أخرى للأزمة، أم بالبحث عن ضعف فرص العمل، فقد كان لهذا أهمية أساسية، فبعض مجالات الخدمات على سبيل المثال، من البيع بالتجزئة إلى اللياقة البدنية، وضعوا خططاً مختلفة للأزمات عن تلك التي لديها وظائف يمكن أن تستمر حتى في العمل عن بُعد.

فعلى سبيل المثال، اضطرت بعض الشركات إلى تقليص قوَّتها العاملة وإعادة تركيز أولوياتها التجارية، بينما غيَّرت شركات أخرى اتجاهها لتلبية طلبات المستهلكين الجديدة الناجمة عن هذه الجائحة.

ومثال عن ذلك: وظَّفت شركة "وول مارت" (Walmart) أكثر من 150 ألف موظف جديد خلال الأشهر القليلة الماضية، وكثيراً منهم جاؤوا من قطاعات المطاعم والضيافة التي اضطرت إلى منحهم إجازات غير مسبوقة، أما وسطياً، لقد وظف بعض عمالقة البيع بالتجزئة 5000 شخصاً في اليوم باستعمال عملية توظيف سريعة بدأت في شهر آذار/ مارس، والأكثر من ذلك، أنَّها اتخذت قرارات توظيف خلال ساعاتٍ فقط، في عمليات قد تستغرق أياماً وأسابيع.

شاهد بالفديو: أنواع الأزمات التي تحدث في المجتمع

2. القيادة بالقدوة:

لنتأمل في معالجة هذه الأزمة عبر ما يُطلَق عليه "التخطيط لكل المخاطر"، فعلى الجانب الأول، توجد إدارة الطوارئ، وهي ما يحدث في حالة وجود تهديد بوجود قنبلة أو حريق أو كارثة طبيعية، وعلى الجانب الآخر، توجد عمليات تجارية، ويتعيَّن على الشركات أن تركِّز على هذا الشق الثاني بتعزيز القيادة الإدارية القوية، وبهذا يصبح التسلسل القيادي واضحاً حين تندلع أزمة ما، ففهم مَن هو المسؤول، من شأنه أن يساعد المنظمات على الحفاظ على مرونتها واختيار مسار العمل المناسب.

إنَّ القادة هم مَن سيتواصلون مع الموظفين وهم الذين سيقدمون التوجيهات، وسيطلقون برامج وسياسات جديدة، ويتخذون قرارات صعبة، فالقادة سوف يتغيرون مثلهم مثل الأزمات، ولكنَّ بناء خطة تتعلق بفكرة القيادة، من شأنه أن يعزِّز دورهم في الاستجابة وأن يجعل من الممكن تقييم وتطوير المهارات اللازمة للإدارة، أيَّاً كان السيناريو.

إنَّ تخصيص الوقت للتأمُّل في النجاحات والتعلُّم من التحديات أصبح أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى خلال أوقات الغموض، ومن خلال أخذ بضع دقائق لتقييم المهارات الدائمة بصفتك قائداً، ثمَّ وضع خطة عمل، يصبح بوسع القادة أن يدفعوا أنفسهم إلى العمل من أجل تحقيق القدر الأعظم من الفاعلية.

وما علينا إلَّا أن ننظر إلى قرارات العمل عن بُعد التي تُتَّخذ من قِبل بعضهم مثل؛ مؤسِّس موقع "فيسبوك" (Facebook) "مارك زوكربيرج" (Mark Zuckerberg) أو "جاك دورسي" (Jack Dorsey) مؤسِّس موقع "تويتر" (Twitter)، فهي تسلِّط الضوء على أهمية قرارات الموظفين أولاً، والتواصل الشفاف الذي يمكن أن يؤثر في الثقافة التنظيمية، وخاصةً في أوقات الأزمات.

إقرأ أيضاً: كُن قدوةً يُحتذى بها وتأكَّد من أن تقرن أقوالك بالأفعال

3. تبنِّي طرائق عمل جديدة:

لقد ذكر نحو 60% من الأميركيين أنَّهم يفضلون العمل عن بُعد قدر الإمكان، حتى بعد رفع القيود المفروضة عليهم، لكن ماذا يتطلب الأمر لضمان بقاء الإنتاجية والأداء سليمين حتى عند العمل عن بُعد؟ وماذا عن فوائد العمل ضمن مكتب، مثل عضوية النوادي أو الحصول على وجبات غداء مجانية؟ فماذا يمكنك أن تفعل لتدعم سلامة عمَّالك الجسدية؟ ترتبط جميع هذه العوامل بقدرتك على الاستجابة للأزمات، سواء على الفور أم في الوقت الذي يتعافى فيه العالم، وتعيد الشركات فتح أبوابها مرة أخرى.

ومع أنَّ الجائحة لم تنتهِ بعد، فقد ظهرت بعض الأمور:

  • خطط لاستمرار العمل، حتى لو كان هناك الكثير ممَّا تعرفه الآن.
  • العمل خلال التداعيات الأولية للمساعدة على العثور وتعزيز أي نقاط ضعف قد تتطلب الاهتمام.
  • إنشاء إطار يدعم منظمتك، ويرتقي بدور القادة في وقت الحاجة.
  • تعزيز القدرة على الصمود، من خلال المناصب القيادية قبل الأزمة وفي أثنائها وبعدها.
  • البقاء مرناً ومنفتحاً على التغيير، وإدراك ما تحتاج إليه ولماذا، ثمَّ محاولة تلبية هذه الاحتياجات عاجلاً وليس آجلاً.

من الصعب أن نحدِّد كيف قد تبدو قوة العمل ومكان العمل بعد "كوفيد-19"، مع أنَّ العديد قد خمَّنوا كيف يمكن أن تبدو، ولعلَّ أفضل منظور يأتي من "المنتدى الاقتصادي العالمي" (World Economic Forum) الذي يقول: "من المؤكَّد أن يكون الغد مختلفاً تمام الاختلاف؛ ولهذا السبب يتعيَّن علينا أن نبدأ بإعادة صياغة المستقبل اليوم".

إقرأ أيضاً: كيف تبني ثقافة عمل تبرز أفضل ما في الموظفين؟

لذا بدلاً من تضييع الوقت على جملة "ماذا لو"، يتعيَّن علينا أن نتبنَّى التحوُّلات التي أحدثتها الجائحة، وأن نركِّز على ما نستطيع أن نتعامل معه، ومن غير المرجَّح أن تصمد الاستراتيجيات التي وُظِّفت قبل الأزمة؛ الأمر الذي يجعل هذا الوقت أكثر وقت مناسباً للتكيف.

المصدر




مقالات مرتبطة