أمراض القلب لدى النساء: هل تلعب المياه الغازية والعصائر دوراً في ذلك؟

تشير الأبحاث الجديدة إلى أنَّ احتساء المشروبات السكرية باستمرار يؤدي إلى إحداث مقاومة للأنسولين في داخل الجسم؛ أي عدم قدرة الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس على أداء عمله في تخفيض مستوى سكر الدم، ممَّا يساهم في الإصابة بالداء السكري من النمط الثاني، وزيادة الحدثيَّات الالتهابية وتكدُّس اللويحات الشحمية في جدران الشرايين، وهي الركيزة الأولى للإصابة بالتصلُّب العصيدي والنوبات القلبية.



يُعَد احتساء المياه الغازية السكرية والمشروبات الرياضية والعصائر المحلاة ضاراً لصحة القلب؛ إذ فضلاً عن السُّعرات الحرارية التي تحويها، تؤثِّر الكميات الفائضة من السكر في طريقة استخدام الجسم لهرمون الأنسولين، وذلك وفقاً لدراسة منشورة في مجلة جمعية القلب الأمريكية (American Heart Association).

فقد جمع الباحثون المعلومات المُبلَّغ عنها ذاتياً من قبل أكثر من 106,000 امرأة طوال فترة عقدين من الزمن، وكنَّ جميعهن ممن عملن في مدارس "كاليفورنيا" (California)، ولم تكن أيٌّ منهنَّ مصابةً بأمراض قلبية أو بسكتة دماغية أو بالداء السكري حين التحقن بالدراسة.

وجد الباحثون بصورة عامة أنَّ النساء اللواتي اعتدن على احتساء واحد أو أكثر من المشروبات السكرية؛ أي المياه الغازية، والمشروبات الرياضية أو مشروبات الطاقة، وعصائر الفواكه المحلاة بالسكر، كنَّ أكثر احتمالاً للإصابة في نهاية المطاف بالأمراض القلبية الوعائية أو بالسكتات الدماغية بنسبة 20% مقارنة مع النساء اللواتي لم يحتسين هذه المشروبات على الإطلاق أو في حالات نادرة.

أضف إلى ذلك أنَّهم وجدوا بعض الفروقات باختلاف أنواع المشروبات السكرية المستهلكة؛ إذ زاد احتساء عصائر الفواكه المحلاة بالسكر بدلاً من العصير الطبيعي 100% من خطورة الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بنسبة أكثر من 40%، بينما زاد احتساء المشروبات الغازية السكرية يومياً خطورة الإصابة بها بنسبة 23%.

رغم أنَّ المياه المحلاة المعبأة في قوارير والشاي المحلَّى، رفعت نسبة الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، إلا أنَّها لم تكن نسبة هامة، والأكثر أهمية هو أنَّ الباحثين تمكنوا من تعديل معلوماتهم لاستبعاد العوامل الأخرى غير السكر التي يمكنها المساهمة في الأمراض القلبية.

يشرح الدكتور "كيم إيجل" (Kim Eagle)، وهو مدير مركز "فرانكيل" (Frankel Cardiovascular Center) الطبي الخاص بأمراض القلب والأوعية في جامعة "ميشيغان" (University of Michigan)، والذي لم يكن مشاركاً في الدراسة: "لا يقتصر الأمر على العمر ومُشعِر كتلة الجسم، بل يبدو أنَّ ثمة شيئاً إضافياً مرتبطاً باحتساء المشروبات السكرية ربَّما يكون ضاراً بصحتنا".

يسبِّب تناول السكر إنتاج المواد المؤكسِدة الضارة والالتهابات في الجسم، ممَّا يقود إلى حدوث مقاومة لهرمون الأنسولين، وهذا بدوره يزيد خطورة الإصابة بداء السكري من النمط الثاني، ويعزِّز تكدُّس اللويحات الشحمية ضمن جدران الشرايين مسبِّباً تضيُّقها.

تؤدي هاتان الحالتان إلى الإصابة بأمراض القلب بدرجة كبيرة، وذلك وفقاً للدكتورة "شيريل أندرسون" (Cheryl Anderson)، وهي أستاذة في الصحة العامة والأسرية في جامعة "كاليفورنيا" (University of California) في "سان دييغو" (San Diego)، وقائدة الدراسة السابقة، والتي تضيف قائلةً: "إضافة إلى ما سبق، يرفع احتساء المشروبات السكرية من مستويات الغلوكوز - الاسم العلمي لسكر الدم - وتراكيز هرمون الأنسولين في الدم، ممَّا قد يؤدي إلى زيادة الشهية والإصابة بالبدانة، وهذا بدوره يزيد خطورة الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية".

مع ذلك، تشير الأبحاث الجديدة إضافة إلى مجموعة كبيرة من الدراسات إلى ارتباط الاستهلاك المفرط للسكر بالأمراض القلبية عند الرجال والنساء بطريقة تتعدَّى زيادة الوزن فحسب.

يقول الدكتور "إيجل": "يقوم الإنسان ببناء صحته القلبية الوعائية المستقبلية خطوةً بخطوة من خلال مراعاة القواعد الغذائية الصحية في كل وجبة يتناولها؛ إذ تحدث في الجسم استجابة قلبية وعائية شبه فورية بعد تناول الأغذية الغنية بالسكريات، بالإضافة إلى الآثار التراكمية في الصحة والتي تحدث مع مرور الوقت".

شاهد بالفيديو: نصائح لمرضى القلب في العيد

نصائح للحفاظ على صحة القلب:

تشير عادات احتساء المشروبات السكرية غالباً إلى اتِّباع الشخص لغيرها من العادات الضارة، ومنها إدخال كميات كبيرة من الدهون والسُّعرات الحرارية ضمن الوجبات المتناولة، وعدم ممارسة ما يكفي من التمارين الرياضية؛ إذ يمكن لهذه العادات فضلاً عن التأثير المباشر الذي يحدثه السكر المضاف إلى الأغذية في هرمون الأنسولين والحدثيَّات الالتهابية في الجسم، أن تزيد من خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية.

وذلك وفقاً للدكتورة "أليس ليتش تنستين" (Alice H. Lichtenstein)، وهي واحدة من كبار العلماء ومديرة الفريق المعني بالتغذية الصحية القلبية الوعائية في جامعة "تافتس" (Tufts University) في "بوسطن" (Boston)، والتي تقول: "إنَّ أفضل نصيحةٍ يمكننا إعطاؤها للناس إلى جانب ممارسة التمرينات الرياضية وتناول الأغذية الصحية، هي الاستغناء عن المشروبات التي تحتوي سكَّراً مضافاً في النظام الغذائي والاستعاضة عنها بالمياه كمشروب روتيني، بما فيها المياه المعدنية والمنكَّهة".

تضيف الدكتورة "ليتش تنستين" بأنَّ استبدال السكر بالمُحلِّيات الصناعية في طعامنا قد يعود بفائدة كبيرة على أجسادنا، لكن ينبغي استهلاكها باعتدال؛ إذ بيَّنت دراسة منشورة في مجلة "سيركيوليشن" (Circulation) أنَّ تناول واحدٍ فقط من المشروبات المحلاة صناعياً يومياً، قلَّل خطورة الوفاة عند المرأة، بينما أدَّى تناول أربعةٍ منها أو أكثر إلى تقصير فترة حياتها.

إقرأ أيضاً: 8 علامات واضحة تدل على الإصابة بأمراض القلب

في الختام:

يرى الدكتور "إيجل" أنَّه من الواجب علينا أيضاً تشجيع الأطفال وإرشادهم لاتِّباع عادات صحية في مختلف أنماط حياتهم منذ الصغر؛ إذ يقول في ذلك: "غالباً ما ينظر الأطفال إلى والديهم كمثال يُحتذى به؛ لذا فإنَّ استهلاك الوالدين للمشروبات السكرية يعني تقديمها إلى أطفالهم أيضاً، ثم إنَّ تأثيرات تلك المشروبات في الأطفال قد تكون أشدَّ بكثير، لأنَّ العادات التي نتَّبعها في أسلوب حياتنا، غالباً ما تتشكَّل لدينا خلال الطفولة وبدايات البلوغ.

المصدر




مقالات مرتبطة