أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد (اقتصاد الفرد) وطرق مواجهتها

تهانينا، لقد هربت من نظام العمل الوظيفي من 9 صباحاً إلى 5 مساءً لتصبح مستقلاً، وقرَّرت الانضمام إلى الاقتصاد العالمي الجديد المسمى "اقتصاد الفرد" (You Economy)، تلك الحركة العالمية المتنامية للرُّواد الذين اختاروا عدم الانصياع لعدد الساعات التي يجب عليهم العمل فيها، والتي يفرضها عليهم ربُّ عملٍ يتساءل من الذي أوجدَ هذا الاقتصاد الصناعي المهووس بالاستهلاك!!



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون مايكل بيترزاك (Michael Pietrzak)، والذي يحدِّثنا فيه عن التحديات التي يواجهها العاملون المستقلون اليوم.

هل ستكتب نسخةً تسويقيةً مبهمةً للعملاء على موقع (Freelancer.com)؟ أم ستُسخِّر موهبتك في التصميم للعمل من خلال موقعٍ آخر للعاملين المستقلين؟ ما هو التحدي الأكبر بالنسبة إليك؟ هل هو البحث عن عملاء؟ أم اختيار مكان عملٍ مشتركٍ مثاليٍّ مع وجود أكوابٍ لا حصر لها من القهوة؟

أكبر عائقٍ لإيجاد موطئ قدمٍ لك في أرض الأحلام هو أن تكون رئيس نفسك؛ لأنَّها معركةٌ للسيطرة على عقلك.

ليغو اليأس:

بعد أن عملتُ في جميع أنحاء إفريقيا، لم أتقبَّل فكرة العودة إلى العمل في وظيفةٍ حكومية؛ لذا قرَّرت بدلاً من ذلك إنشاء منازل خاليةٍ من الكربون مع عزلٍ أفضل وألواحٍ شمسيةٍ وجميع التجهيزات الصديقة للبيئة.

شعرت أمي بسعادةٍ غامرةٍ لأنَّني انتقلت إلى الطابق السفلي (ورشة المنزل). لمدة أسبوعين، كنت أفكر في أفكارٍ مجديةٍ مثل:

  • كتابة خطة عمل.
  • التواصل مع البنَّائين.
  • العمل على تصميم شعار الشركة.

ولكن مع مرور الأسابيع، قضيت مزيداً من الوقت في الطابق السفلي ألعب لعبة الأكشن "فول آوت 3" (Fallout 3)، وأصبحت أماطل وأتجاهل أقاويل عقلي الفارغة.

وجدت في صباح الجمعة مجموعة قطعٍ لقطارٍ قديمٍ من الليغو، ففكَّرت كم سينتابني الحنين إلى الماضي لو أنِّي ركَّبت تلك القطع معاً؛ لذا ركَّبتها، ووقفت جانباً، ثمَّ انتابني اليأس. كنتُ في السادسة والعشرين من عمري، لكنِّي شعرت وكأنَّني في العاشرة فقط، وتساءلت: ماذا كنت أفعل في حياتي؟

إنَّ ما لديَّ من مالٍ قد نفد، وأعيش في قبو أمي، ولم أرَ أيَّ أملٍ في عملي؛ لذا بدأ ينتابني الخوف، وأخذت أفكِّر: هل أعود للعمل في وظيفةٍ حكوميةٍ مرةً أخرى؟

إقرأ أيضاً: 10 طرق للتغلب على المماطلة والتخلص منها

انعدام الثقة بالنفس، وأين يمكن العثور عليها:

استغرق الأمر منِّي خمس محاولاتٍ وأربع شركاتٍ وعشر سنواتٍ للهروب إلى اقتصاد الفرد (You Economy)، ولقد أصبحت على درايةٍ بكلِّ شكلٍ من أشكال عدم الثقة بالنفس، وتعلَّمت كيف أُزيحها عن طريقي.

فيما يلي أهمُّ خمسة تحدياتٍ تواجهها بنفسك، وكيف يمكن التغلُّب عليها:

1. الدافع الذاتي:

إنَّ أولئك الذين يدخلون إلى هذا العالم الجديد للمرة الأولى لن يفهموا تحدي الدافع الذاتي.

منذ اليوم الذي نُولَد فيه، يجري تحديد ما يجب القيام به ومتى، فمثلاً: في روضة الأطفال: "اصعد الحافلة الساعة الثامنة صباحاً"، "لقد حان وقت الرسم"، "انجح في اختباراتك"؛ وبعدها: "اذهب إلى الكلية وسجِّل في الدورات"، ثمَّ تتخرَّج، وبعد ذلك تنتقل مباشرةً إلى وظيفتك الأولى، وتعمل لساعاتٍ محددة، وتستلم المهام المحددة من مديرك.

لكن عندما تصبح رئيس نفسك، فإنَّ السؤال الأول الذي تطرحه هو: "ماذا عليَّ أن أفعل الآن؟"، وتنظر حولك لأول مرةٍ في حياتك، فلا تجد أحداً يأمرك.

أنت الآن الرئيس التنفيذي للشركة، ولست مسؤولاً عن وضع استراتيجيةٍ والعثور على العملاء وإدارة حسابات الشركة فحسب، بل يجب عليك أيضاً تحفيز الشركة بأكملها ورفع معنوياتها.

كيف تواجه ذلك؟

  • يمكن أن تفقد دافعك الذاتي بسهولةٍ -وفي كثيرٍ من الأحيان- في اقتصاد الفرد (You Economy)، وإنَّ أفضل طريقةٍ للاستمرار والمضيِّ قدماً: تكوين صورةٍ ذهنيةٍ واضحةٍ ومؤثِّرةٍ عن سبب هروبك من الاقتصاد الصناعي المهووس بالاستهلاك، وتذكُّرها يومياً. ربَّما تكون هذه الطريقة كافيةً لإقناع نفسك بعدم رضاك عن وظيفتك القديمة، وبأنَّك لا ترغب بالعودة للعمل في وظيفةٍ حكومية.
  • تكوين صورةٍ إيجابيةٍ واضحةٍ تتضمَّنُ كيفية استغلال استقلاليتك، وما الخدمات التي تقدِّمها، والمبالغ الضخمة التي تجنيها، وما تتيح لك من أعمال؛ ومن ثمَّ إدخال نفسك في زوبعةٍ عاطفيةٍ حتَّى تصبح رغبتك بالحياة قوية.
  • البقاء على استعدادٍ دائمٍ لبدء يومك.
إقرأ أيضاً: 13 خطوة تضمن لك التّحفيز الذاتي للنجاح

2. الأزمة المالية:

سيكون اليوم الذي تترك فيه وظيفتك محضَ سعادةٍ وحماسة، لكنَّك ستشعر للمرة الأولى بأزمةِ المال عندما تنظر إلى حسابك المصرفي بعد ثلاثة أسابيع، وتتطلَّع إلى عدد الأشهر المتبقية التي تستطيع فيها تأمين الطعام ودفع الإيجار. فإذا لم تكن قادراً على السيطرة على نفسك، فقد تصبح هذه الحالة مصدر قلقٍ تلقائيٍّ ودائم، والذي يُضعِف قدرتك على القيام بأعمالٍ جيدةٍ واتخاذ قراراتٍ حكيمة.

كيف تواجه مثل هذه الأزمة المالية؟

  • قبل أن تترك فجأةً وظيفتك القديمة، احسب المبلغ الذي تحتاجه لمصروفك شهرياً، وحدِّد عدد الأشهر التي ستحتاجها لإعادة دخلك، ثمَّ ضاعف عدد هذه الأشهر لتجهِّز نفسك للأسوأ تحسُّباً، وأودع ذلك المبلغ في حسابك.
  • احرص على أن يكون لديك بعض الأعمال الإضافية التي يمكن أن تساعدك في دفع الفواتير، حتَّى لو كان ذلك بالعمل في بعض المناوبات كنادلٍ في كلِّ أسبوع.
  • في أثناء عملي الوظيفي السابق من 9 صباحاً حتَّى 5 مساءً قمت بتأمين عملٍ ثابتٍ ساعدني في دفع الإيجار وقضاء بعض الاحتياجات، إنَّ هذا العمل أعطاني الأمان المالي الذي أحتاجه لمنح الثقة لنفسي لبعض الوقت.

3. انعدام الثقة بالنفس:

في بداية محاولتك بدء عملٍ في اقتصاد الفرد (You Economy)، من المحتمل أن تسيء اختيار أيِّ شيءٍ تريد القيام به. هل تتذكَّر كم من الوقت استغرقت لتشعر بالثقة في عملك الحالي؟ تخيَّل الآن بدء عملك الخاص بالإضافة إلى القيام بكافة الأعمال في الشركة مثل: استلام دفاتر المبيعات والتسويق، وتصميم الويب والرسوم البيانية، وتحرير الفيديو، ودعم العملاء؛ كل ذلك في أثناء محاولتك أن تكون الرئيس التنفيذي لمشروعك الخاص.

إذا تركت وظيفتك التي تجيدها للقيام بعدة أدوارٍ جديدةٍ جُمِعَت في دورٍ واحد، سيسهل عليك أن تطرح الأسئلة حول ما تستحقه كإنسان.

 كيف تواجه الشعور بانعدام الثقة بالنفس؟

  • لا تحدِّد قيمتك كإنسانٍ من إنتاجك أو نجاحك: ما زلتُ حتَّى الآن أعاني من هذا الشعور، ولكن أُذكِّر نفسي متسائلاً: هل يقلُّ حبِّيَ لبنات وأبناء إخوتي؛ فقط لأنَّهم ليسوا بارعين في بعض الأشياء؟ وهل سأكره زوجتي إذا تعرَّضت إلى حادث سيرٍ وقضت ستة أشهرٍ في المستشفى، وباتت غير قادرةٍ على العمل؟ إذاً لِمَ أكره نفسي عندما أعاني؟
  • نمِّ عضلة الصبر: يقول مدرب اللياقة البدنية الشهير "كريستوفر سومر" (Christopher Sommer): "إنَّ التعامل مع الإحباط المؤقت الناجم عن عدم إحراز أيِّ تقدمٍ يشكِّل جزءاً لا يتجزأ من الطريق نحو التميز. تتطلَّب النتائج الجيدة على المدى الطويل تركيزاً عالي الجودة على المدى البعيد، لذا تغلَّب على المطبات الصغيرة في طريقك بدون انفعالاتٍ أو مشاكل، وتعلَّم أن تتداركها وتستفيد منها"؛ لذا انهض، وأنجِز عملك، وسوف تعقب ذلك النتائج، لكن حسب مخطَّطك الزمني.
إقرأ أيضاً: 25 نصيحة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس

4. الضغط على نفسك للعمل بقوةٍ أكبر:

في وقتٍ مبكرٍ من رحلتي إلى ريادة الأعمال اخترتُ خلفيةً جديدةً لسطح مكتب الكمبيوتر، كُتِب عليها اقتباس: "نمضي في أصعب الظروف"، وهي صورةٌ لإحدى عمليات إنزال النورماندي عام 1944، حيث اقتحم الجنود الشاطئ وتعرَّضوا إلى وابلٍ من إطلاق النار منذ أن كانوا في قواربهم. أعتقد أنَّ هذه الخلفية الدائمة تساعدني، فأنا بحاجةٍ أن أكون أكثر قوة.

لكنَّ إجباري على العيش تحت هذه المقصلة لم يخلق سوى الاكتئاب والقلق، والشعور بالنقص والازدراء من عملي، وذلك قادني إلى الإرهاق؛ فأنا لم أكن بحاجةٍ إلى أن أضغط على نفسي بالعمل، إنَّما كنتُ بحاجةٍ إلى تحقيق التوازن. عندما تذهب إلى النادي الرياضي، فإنَّك تمارس الرياضة ضمن حدود قدراتك - ليس بشكلٍ عنيفٍ؛ وذلك لئلا تتسبَّب بتمزُّق أربطتك.

كيف تواجه الضغط على نفسك للعمل بقوةٍ أكبر؟

  • احمِ مواردك الاقتصادية: إذا كنت تملك مصنعاً، فلا توَّبخ موظفيك، بل أثنِ عليهم؛ ولا تركل الآلات لتعمل بشكلٍ أسرع، بل حافظ على صيانتها بشكلٍ دوري. أنت تبذل قصارى جهدك عندما تكون حالتك العقلية والعاطفية متوازنةً وصحية، وتحسين علاقاتك وتنمية إبداعك هامٌّ في أيِّ عملٍ تجاري.
  • اترك شيئاً في عقلك: هذا يجعلك في الواقع أكثر إبداعاً. كان إرنست همينغوي (Hemingway) يتوقَّف عن الكتابة في منتصف فكرةٍ أو مشهدٍ رائع حتَّى يكون لديه مكانٌ جذَّابٌ للبدء في اليوم التالي، كان يعرف متى يتوقف قبل أن تصبح الكتابة عملاً روتينياً.
إقرأ أيضاً: 4 نصائح للتخلّص من ضغط العمل و الإرهاق اليومي

5. العمل بلا توقف:

ستميل إلى العمل في وقتٍ مبكرٍ من الصباح بصفتك المدير.

كانت ساعات عملي "الرسمية" في وقتٍ مبكرٍ من مسيرتي من الساعة 8 صباحاً حتَّى الساعة 6 مساءً؛ ومع ذلك كنت أجد نفسي أردُّ على البريد الإلكتروني، وأجري تعديلاتٍ بسيطةً على حسابي الخاص، وأقرأ مدونات التسويق في الليل، وكلُّ ذلك في أثناء مشاهدة التلفاز.

يؤدِّي العمل بدون توقف إلى نتائج عكسيةٍ من جانبين، فأولاً: إنَّ أيَّ شيءٍ تفعله في أثناء تعدد المهام يعطي مستوى أقل من الجودة؛ وثانياً: أنت بحاجةٍ إلى التوقف وأخذ استراحةٍ للحفاظ على نشاطك وعملك.

كيف تواجه العمل بدون توقف؟

  • جدولة وقتٍ للراحة: هناك وقتٌ للعمل ووقتٌ للراحة. استخدم إلغاء الجدولة لوقت التعطيل؛ لتحصل بذلك على وقتٍ للأصدقاء وممارسة الرياضة.
  • أخذ إجازةٍ تقنية: ضع هاتفك في الدرج، وأوقِف تشغيل الكمبيوتر المحمول.

أخيراً: تذكَّر سبب عملك الرئيس في الاقتصاد الجديد المسمَّى: اقتصاد الفرد (You Economy)، وهو: أن تضع جدولاً زمنياً خاصَّاً بك، وتعمل على ما تريد عندما تريد؛ وأن تُحبَّ حياتك وتشعر بالفرح والسعادة معظم الوقت، وأن تأخذ إجازةً من العمل من حينٍ إلى آخر للاستمتاع بحريَّتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة