أفكار للحصول على الإلهام عند البدء بمشروع كتابة (الجزء الأول)

تفيد التجارب بأنَّ تأليف كتاب أو قصة قصيرة أو كتابة مقالات في مدونة، يعدُّ طريقة فعَّالة لتحقيق الشهرة والريادة في مجال عملك؛ لكنَّك قبل أن تباشر بمشروع الكتابة تحتاج إلى أن تحدد موضوعاً تكتب عنه؛ إذ من الشائع أن يتعرَّض المؤلف من وقت إلى آخر لمشكلة "قفلة الكاتب" المحبطة، ومع ذلك توجد عدة إجراءات يمكن أن تساعدك على التغلب على الحواجز الإبداعية والحصول على مزيد من الإلهام.



يبحث المقال في أسباب الافتقار إلى الإلهام، وطرائق إبداع أفكار مميزة، وأساليب لتحديد موضوعات يمكن أن تكتب عنها لاحقاً.

ما هو سبب الافتقار إلى الإلهام؟

يُعرِّف قاموس "أكسفورد" (Oxford) الإنجليزي كلمة "الإلهام" بعدَّة طرائق، مثل:

  • عملية إثارة ذهنية للقيام بفعل أو الشعور بعاطفة ما، لا سيَّما للقيام بعمل إبداعي.
  • فكرة مفاجئة عبقرية أو إبداعية أو فورية.

لا بدَّ أن تبحث عن شعور الإلهام عند محاولة استنباط موضوع لتكتب عنه، سواء لتأليف كتاب أم قصة قصيرة أم كتابة مقالات في مدونة وغيرها من النصوص، ولا شكَّ في أنَّك ستتوصل إلى الفكرة العبقرية أو الإبداعية التي ستكون موضوعاً متكاملاً يستقطب اهتمام القرَّاء.

يتعذَّر على المؤلف أحياناً أن يعثر على مصادر إلهام لمؤلفاته، ويبدأ بفقدان حماسته للعمل على النص؛ إذ قد يتراءى له أنَّ جميع أفكاره مملَّة أو مبالغ بها، فعندما لا تشعر بالإلهام يمكنك التغلب على مشكلة "قفلة الكاتب" من خلال اكتشاف سببها؛ أي بمناقشة سبب فقدان الإلهام، والشعور بالعجز، وعدم القدرة على إيجاد موضوعات للكتابة.

حالما تعثر على سبب فقدان إلهامك سيتسنَّى لك اتخاذ تدابير معيَّنة لمعالجة المشكلة واستنباط أفكار ممتعة من جديد، نقدِّم فيما يأتي أسباب الافتقار للإلهام عند البدء بالكتابة:

إقرأ أيضاً: 6 فوائد مهمة تمنحها قراءة الكتب للإنسان

1. التشكيك بقدراتك:

يمكن أن تتسبَّب معاناتك من الشك الذاتي في عجزك عن استنباط أفكار للكتابة؛ بمعنى أن تشعر أنَّ أفكارك غير خلَّاقة؛ ممَّا يؤدي بطريقة لا شعورية إلى ابتداع عدد أقل من الأفكار.

لا بد أن يشكك المرء من وقت إلى آخر بقدراته؛ لكنَّ المشكلة الحقيقية تكمن في التشكيك المتواصل بجميع القرارات، والميل إلى الاعتذار للآخرين والشعور بعدم الرضى وأنَّك لست شخصاً طيباً مهما بذلت جهدك في المحاولة.

سيساعدك العمل على إصلاح مشكلة الشك الذاتي على تحسين قدرتك على ابتداع أفكار جديدة، فعليك أن تمارس التعاطف تجاه نفسك وتمتنع عن مقارنتها مع الآخرين، وتتمعَّن في الأهداف والنجاحات التي أحرزتها في الماضي، وتعتزم على تكرارها في الحاضر، كما يمكنك أن تطلب من أحد أصدقائك المقربين أو أفراد عائلتك تشجيعك ودعمك خلال مسيرة التعافي.

2. الاطلاع على كثيرٍ من الآراء:

يتميز عالمنا المعاصر بهيمنة وسائل الإعلام، فإذا كنت تستهلك أفكار الآخرين طوال الوقت عندئذٍ لن تفسح لنفسك المجال لإبداع أفكار أصيلة خاصة بك.

جميع الأفراد عرضة لخطر الانسياق وراء الآراء والأفكار التي تَرِد إلى حياتنا، وتشير الدراسات إلى أنَّ الدماغ البشري يقوم بمعالجة معلومات بسعة تكافئ 34 غيغا بايت يومياً؛ أي ما يعادل كمية البيانات المحمَّلة إلى حاسوب شخصي خلال أسبوع، يتلقَّى الفرد ما يقارب 10500 كلمة يومياً خلال ساعات اليقظة؛ أي ما يعادل 23 كلمة بالثانية.

يتخوَّف الباحثون من أنَّ هذا الكم الهائل من المعطيات - غير الهامَّة في معظمها - الواردة إلى أدمغتنا سيؤدي إلى عجزنا عن التفكير والشعور بأنفسنا.

يكمن الحل في الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة، وعلى الرغم من أنَّ الجلوس في صمت يمكن أن يبدو مزعجاً بعض الشيء، وأنَّه ليس ثمة طريقة لإيقاف ضجيج عقولنا؛ فإنَّ تخفيفه قدر الإمكان يسمح لنا باستنباط أفكار إبداعية وعبقرية.

3. التمسُّك بمنطقة الراحة الخاصة بك:

يمكن أن يؤدي استقرارك في منطقة الراحة الخاصة بك إلى عرقلة مساعيك في اختيار موضوع لمشروع الكتابة الذي تعتزم خوضه؛ إذ تبدو حياتك ضمن إطار منطقة الراحة آمنة ومألوفة وباعثة للراحة.

يتطلب تجاوز منطقة الراحة بعض الشجاعة، وقد تشعر بالخوف عندما تهمُّ بفعل شيء جديد، لكن يجب أن تضع في حسبانك أنَّ خوض غمار الحياة يحفِّز الإلهام والأفكار في عقولنا.

يؤدي تجاوز منطقة الراحة إلى زيادة الإبداع؛ وذلك لأنَّك عندما تخرج عن نمط سلوكاتك الطبيعي لن تتصرف بطريقة تكرارية لا واعية؛ بل ستضطر إلى معاملة المواقف بحزم وفاعلية وتلقائية دون تخطيط مسبق، وهذا سيجعلك أكثر مرونة، وإنتاجية، وإبداعاً.

ليس بالضرورة أن تقوم بإجراء تغييرات كبيرة في البداية؛ بل حاول القيام بأفعال بسيطة كالركض في الخارج بدل الذهاب إلى النادي الرياضي، وحضور فعالية اجتماعية لم تحضرها من قبل، أو ممارسة هواية جديدة تستمر في تأجيلها كتعلم العزف مثلاً؛ أي عليك أن تبحث عن طرائق جديدة لتغيير نمط حياتك، وعندما تعتاد إجراء تغييرات بسيطة فإنَّك ستكون مستعداً عند مجيء فرص التغيير الجذرية.

لا يمكنك أن تلهم الناس بكتاباتك ما لم تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك، ومن ثمَّ يتحتم عليك الخروج حتى تستطيع ابتداع أفكار جديدة للكتابة.

شاهد بالفيديو: أسهل 6 طرق لتوليد أفكار رائعة

كيفية تحفيز الإلهام واستنباط أفكار جديدة:

تُمثِّل الخطوة الآتية تطبيق ممارسات في حياتك لتساعدك على العثور على إلهام الكتابة الذي تحتاج إليه، ونقدِّم فيما يأتي بعض الأفكار في هذا الصدد:

1. إجراء دراسة بحثية عن المنافسين في مجال عملك:

عليك أن تجري دراسة عن المنافسين في مجال عملك والأفكار التي يكتبون عنها، فلا تهدف هذه الدراسة إلى تقليد كتاباتهم؛ بل إلى دفعك إلى إيجاد الإلهام الخاص بك؛ لذلك عليك البحث عن منافسيك، فإذا كنت مؤلِّفاً في تخصُّص محدَّد موجَّه لجمهور معيَّن عندئذٍ يمكن أن يكون منافسوك كتَّاباً آخرين يكتبون عن موضوعات مشابهة.

يمكنك إجراء هذه الدراسة التحليلية عبر البحث في مواقعهم الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ومحرك البحث "جوجل" (Google)، ويجب أن تهدف في بحثك إلى معرفة الموضوعات التي يكتب عنها المنافسون ويتحدَّثون عنها بانتظام، وكيفيَّة تفاعل الجمهور المشترك مع هذه الموضوعات.

حالما تقوم بتحديد هذه الموضوعات يمكنك استخدامها على أنَّها انطلاقة في عملية العصف الذهني، وتعتمدها في استخدام مهاراتك، ومعارفك وتجاربك الشخصية لابتداع موضوعات مشابهة؛ بل أفضل منها.

2. التأمل:

قد لا يخطر في بالك استخدام التأمل للوهلة الأولى عند البحث عن أفكار موضوعات إبداعية؛ لكنَّ التجارب بيَّنت أنَّ التأمل يمكن أن يساعدك على استنباط فكرة كتاب كامل.

يقوم التأمل على تصفية الذهن، ومن ثمَّ عندما يكون فكرك نظيفاً من التوتر، فإنَّك ستكون قادراً على إيجاد أفكار للكتابة، يساعدك التأمُّل أيضاً على التركيز في اللحظة الراهنة، وهو ما يحفِّز بدوره "حالة التدفق الذهني" التي تيسِّر التفكير الإبداعي.

أفادت إحدى الدراسات بأنَّ تخصيص 10-12 دقيقة للتأمُّل تكفي لتعزيز الإبداع واستنباط شتَّى أنواع الأفكار، يمكنك اتباع النصائح الآتية عند التأمل:

  • جِد مكاناً هادئاً ومريحاً للجلوس.
  • اضبط المؤقت الزمني.
  • أغمض عينيك.
  • خذ نفساً عميقاً، وركِّز على الإحساس بعملية التنفس في كل شهيق وزفير.
  • تفحَّص جسدك ذهنياً، وساعد المناطق المشدودة فيه على الاسترخاء.
  • في حال أخذتك الأفكار عد إلى التركيز على تنفُّسك ثانيةً دون أن تلوم نفسك.
  • استمر حتى يتوقف المؤقت الزمني.

تعدُّ ممارسة التأمل بهذه البساطة، ويستحسن أن تباشر جلسة العصف الذهني بعد تمرين التأمل مباشرةً؛ فمن المرجَّح أن تستنبط موضوعات ممتعة وأفكار خلاقة.

إقرأ أيضاً: 17 تقنية للعصف الذهني لاستلهام أفكار أكثر إبداعاً

في الختام:

لقد ناقشنا في هذا الجزء من المقال أسباب الافتقار إلى إلهام الكتابة التي تراوحت ما بين تشكيك الفرد بقدراته، وتعرضه لكمٍّ هائلٍ من الآراء يومياً، واستقراره في منطقة الراحة الخاصة به خوفاً من إجراء تغييرات جديدة، ثمَّ انتقلنا إلى استكشاف طرائق تحفيز الإلهام واستنباط أفكار جديدة وناقشنا طريقتي إجراء دراسة بحثية عن المنافسين وممارسة التأمل، وسنكمل حديثنا في الجزء الثاني والأخير من المقال عن باقي طرائق تحفيز إلهام الكتابة.




مقالات مرتبطة