أفضل الطرق النفسية لعلاج اليأس وفقدان الأمل

"إنَّنا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ". قالها الكاتب الروائي "سعد الله ونوس" ليختصر الكثير من الكلام، فالأمل ليس الحاجز الذي يمنع صعوبات الحياة من تدميرنا؛ بل هو أسلوب يساعدنا على التكيف مع مختلف أحداث الحياة وتقبُّل الخسارات وخيبات الأمل على أمل النجاح في المرة القادمة، ولكنَّ توالي الخيبات في الحياة قد يضعف عزيمة الإنسان شيئاً فشيئاً، فيؤدي به إلى عدم الرغبة في المحاولة مجدداً وعدم إيجاد أي مسبب للسعادة في حياته الماضية أو القادمة، وهذا ما يُعرَف باليأس.



واجب الإنسان على نفسه هو عدم السماح لها بالغرق في الحزن والتشاؤم واليأس؛ وذلك لأنَّ تلك المشاعر السلبية لا بد من عيشها، فمن منا لم يفشل في الحصول على عمل كان قد حلم به، أو لم يفشل في علاقة عاطفية ظن في بدايتها أنَّه أسعد المخلوقات، أو غيرها من التجارب المعرضين جميعنا لها، لكن لأنَّنا محكومون بالأمل لا بد من معالجة أنفسنا من مختلف المشاعر السلبية واليأس كي نستطيع النجاح مجدداً؛ لذلك سنعرض لك في هذا المقال أفضل الطرائق التي تعالج اليأس وفقدان الأمل.

شعور اليأس:

شعور يصيب الإنسان ويفقده الشهية على الحياة والقدرة على الإنجاز والعطاء أيضاً، فلا يقدِّر شيئاً ولا يهتم لشيء أو لشخص، ويرتبط هذا الشعور بالدرجة الأولى بالمستقبل، فيصبح الشخص غير آبه لما سيحدث غداً، فقد أصبحت الحياة خالية من المعنى بالنسبة إليه وكل ما يمكن أن يحدث عاجز عن إعادة السعادة والفرح إليه، لينتهي الأمر غالباً بغرقه في مجموعة من النشاطات اليومية التي لا تحتاج إلى مجهود أو تفكير، كما أنَّها تزيد اليأس كالعزلة عن الآخرين والنوم لمدة طويلة والإفراط في تناول الطعام، وقد يدفع اليأس بعض الناس إلى الإدمان على تناول الكحول أو المخدرات.

شاهد بالفيديو: 15 عبارة مُلهمة لكل شخص يشعر باليأس

أسباب الشعور باليأس:

أسباب الشعور باليأس من الحياة كثيرة، أبرزها ما يأتي:

1. المشكلات الأسرية:

عندما يكون الإنسان غير مستقر ضمن عائلته ويعيش في جو مشحون بالمشكلات دائماً، لن يستطيع التمتع بالحياة في مختلف جوانبها ولن يستطيع التخطيط للمستقبل، فمثلاً المشكلات المستمرة بين الأب والأم أو انفصالهما يترك أطفالاً ليس لديهم الأمل بعيش حياة سعيدة غالباً، أو المشكلات الزوجية التي تفقد الزوجين الشغف تجاه الحياة.

2. الفشل:

هو من أكثر الأسباب المؤدية لفقدان الأمل في الحياة؛ وذلك لأنَّ شعور الخيبة الذي يرافق الفشل في تنفيذ مخطط ما هو من أبشع ما يشعر به الإنسان، فمثلاً الفشل في عمل ما كنت قد علَّقت آمالاً كبيرة عليه يدفعك لليأس، أو الفشل في جذب انتباه شخص تحبه، أو الفشل في علاقة عاطفية أو حتى في علاقة صداقة؛ كل ذلك يتسبب في فقدان الأمل وعدم الرغبة في الدخول بتجربة جديدة.

3. فقدان الأحبة:

خاصة الفقدان الناتج عن موت شخص عزيز ومقرَّب، فذلك الحزن يجعل الإنسان يائساً ومحبَطاً ومعتقداً أنَّ الحياة بلا جدوى وأنَّه غير قادر على الشعور بالمتعة أو السعادة لاحقاً.

4. الأمراض:

الخطيرة والمزمنة منها التي تُحدث تغيراً كبيراً في حالة الجسد الصحية فتعطل أعضاءً منه أو تتطلب استئصال عضو ما، وينطبق ذلك أيضاً على الأشخاص ممن تعرضوا لحوادث خطيرة أدت إلى تغير حياتهم تغيراً كبيراً، فالإنسان حينها يحتاج إلى الوقت والشجاعة والإرادة القوية للتأقلم مع الوضع الجديد، والكثير يفشل في ذلك فيغرق في اليأس.

5. التعب المادي:

لأنَّ الاستقرار المادي ضروري جداً لتأمين احتياجات الحياة، ومن ثمَّ الحصول على الراحة؛ لذلك المشكلات المالية المستمرة إحدى الأسباب الهامة للدخول في مرحلة اليأس.

6. الوضع العام للمجتمع:

في حال كان الإنسان يعيش في مجتمع تسوده المشكلات الاجتماعية أو الاقتصادية أو الحروب، فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك سلباً على حالته النفسية ويدفعه لفقدان الأمل في الحياة.

7. التقدم في السن:

نلاحظ أنَّ اليأس صديق سيئ للكثير من المسنين وصديق لمن اقترب من سن التقاعد أيضاً؛ وذلك نتيجة الخوف من التغيرات التي ستحدث في حياة الشخص وخاصة النساء، فقد تتعرض المرأة لفترة طويلة من اليأس تُعرَف بسن اليأس وتصادف عمر ما بعد الأربعين عاماً، ويرتبط هذا السن بشعور المرأة أنَّها فقدت شبابها وصحتها الجيدة ونشاطها وحيويتها، فيقلل ذلك من ثقتها بنفسها وتعتقد أنَّ وجودها أصبح غير فعال في المجتمع.

أفضل النصائح النفسية لعلاج اليأس وفقدان الأمل:

لأنَّ نتائج اليأس سلبية جداً فلا بد من علاجه والتخلص منه واستعادة الشغف تجاه الحياة، وإليك أفضل النصائح التي تساعدك على ذلك:

1. لا تصدق دماغك:

لأنَّ دماغ الفرد الغارق باليأس سيحاول إقناعه أنَّ كل ما يحدث في الحياة وما سيحدث لاحقاً سيئ ولا جدوى من السعي والعمل، فلا يوجد ما يشعره بالسعادة ولا يوجد نجاح، لكن عندما تكون على قدر عالٍ من الوعي لن تصدق هذه الأفكار؛ بل ستصدق أنَّ دماغك يكذب عليك، فلا تسمح حينها للأفكار السلبية أن تسيطر عليك؛ بل ستقضي عليها شيئاً فشيئاً.

2. ناقش أفكارك السلبية:

لأنَّ الإنسان هو الأفضل في إقناع ذاته، فعندما تفكر في أمر كمشروع عمل جديد وتبدأ أفكارك السلبية بإقناعك بأنَّ المشروع سيفشل، عليك تذكير نفسك بتجارب مشابهة نجحت بها؛ وبذلك تكون قد أتيت بحجة مضادة لليأس.

3. ابحث عن الإيجابيات:

فكل حدث سلبي يحدث في حياتنا يترافق بجانب إيجابي، فمثلاً عند مرورك بضائقة مادية تُشعرك باليأس تذكر أنَّك تمتلك عملاً جيداً؛ إذ يمكنك العمل أكثر والتميز ليتحسن مستواك العملي، ومن ثمَّ يتحسن وضعك المادي كي تقنعك ذاتك حينها أنَّ وضعك ليس بالسوء الذي تتخيله؛ إنَّما بإمكانك تغييره للأفضل.

شاهد بالفيديو: 10 أمور يجب القيام بها إذا كنت يائساً من مستقبلك

4. فكر في نتائج اليأس:

عليك معرفة أنَّ اليأس هو طريقك للدمار والهلاك؛ وذلك لأنَّه السبب في تراجع أدائك العملي، ومن ثمَّ قد يكون السبب في خسارتك لوظيفتك، كما أنَّه يؤدي بالكثيرين إلى تدمير علاقاتهم العاطفية أو الزوجية ويؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية، فمعرفتك لكل ذلك تساعدك على أخذ القرار بعلاج اليأس ومنعه من السيطرة على حياتك وإيصالك إلى تلك النتائج السلبية.

5. فكر فيما تجنيه من الأمل:

تخيل حياتك وأنت آمل، وفكر بقراراتك حينها وكم ستكون مندفعاً في الحياة ولديك الطاقة لتحقيق ما تريده، ولا نعني هنا أنَّ تفكيرك سيتغير فجأة؛ إنَّما التفكير بنتائج الأمل على الحياة سيساعدك على البدء بالتظاهر بالأمل والتصرف بناءً عليه فيتغير سلوكك شيئاً فشيئاً، وفيما بعد تتغير المشاعر ليصبح الأمل هو شعورك الحقيقي تجاه الحياة.

6. ابتعد عن الأشخاص السلبيين:

هم الأشخاص الذين يميلون للتشكيك بكل ما هو جديد، فنلاحظ ترقُّب الشخص السلبي لحدوث السوء دوماً سواء على المستوى الشخصي كالفشل في إنجاز العمل المطلوب في موعد تسليمه، أم على المستوى العام كخسارة منتخب رياضي ليستنزف طاقتك بتفكيره السلبي ويهدد شعورك بالسعادة؛ لذلك من الضروري التذكر أنَّ طريقة تفكيره تلك أمر يخصه ويجب عدم التأثر بها فهي ليست الحقيقة، وإن كنت غير قادر على منع نفسك من التأثر بأفكاره، فالأفضل حينها الابتعاد عنه نهائياً وتفادي إجراء أي حديث معه.

7. اقترب من الأشخاص الإيجابيين:

الشخص الإيجابي دائماً ما يجد جوانب إيجابية لكل ما يجري في الحياة حتى المشكلات أعقدها وأبسطها، فهو شخص مفعم بالأمل يدرك بأنَّ الفشل خطوة من الخطوات التي يجب المرور بها من أجل الوصول إلى النجاح، كما أنَّ حديثه مليء بالعبارات التشجيعية، وهذا ما تحتاج إلى سماعه عند المرور بحالة اليأس، فهو قادر على مساعدتك على استعادة نظرة التفاؤل بالحياة واستعادة النشاط والحيوية.

8. فكر في الحلول التي تناسب مشكلتك:

حتى تتخلص من مشاعر اليأس عليك معالجة السبب في ذلك، فعندما يكون السبب مادياً عليك البحث عن عمل، أو عندما يكون السبب هو المرض عليك التفكير بكيفية رفع معنوياتك كي تواجه المرض بقوة من خلال الالتزام بتعليمات الأطباء وليس خلاف ذلك، فمعظم المرضى يدفعهم اليأس إلى محاولة إنهاء حياتهم بدلاً من التأقلم مع الوضع الصحي الجديد.

كل ما عليك التفكير به هو أن تستغل كل لحظة من حياتك القادمة في إسعاد نفسك والقيام بما تحب، وحتى عندما لا تكون على ثقة بمدى فاعلية الحل الذي عثرت عليه لا بد من المحاولة وعدم الاستسلام أبداً.

إقرأ أيضاً: 7 أساليب فعالة يستخدمها الأشخاص الأذكياء لحل المشكلات

9. تحدث إلى صديق:

معظم الأبحاث النفسية تؤكد أهمية الأصدقاء في مكافحة الاكتئاب واليأس لدورهم الفعال في تقليل الضغوطات النفسية الناتجة عن عيش تجارب سيئة، كما أنَّ دعم الصديق يحسِّن الثقة بالنفس التي تقل غالباً بعد كل فشل نواجهه؛ لذلك عند المرور بحالة اليأس عليك التواصل مع صديق مقرب والتحدث إليه فيساعدك على التخلص من المشاعر السلبية.

10. اكسر الروتين اليومي:

لأنَّ اليأس يؤدي إلى حجزك ضمن قوقعة مظلمة فالأفضل حينها كسر الروتين اليومي، وتجريب أشياء جديدة تساعد على تعبئة وقت الفراغ حينها، والانشغال عن الأفكار التشاؤمية، ومقابلة الكثير من الأشخاص ممن يساعدونك على رؤية إيجابيات حياتك عندما ترى كيف تسير حياتهم، مثل:

  1. حضور نشاطات كالمعارض الفنية أو المباريات الرياضية أو حفلة غنائية.
  2. ممارسة الأعمال التطوعية من خلال الانتساب إلى جمعيات خيرية أو عرض المشاركة بوقتك ومهاراتك على مستشفى مثلاً أو مركز عبادة أو فرق تطوعية أو مركز للمسنين.
  3. الالتحاق بدورات تدريبية لتنمية المهارات والقدرات أو تنمية المواهب ليساعدك ذلك على تحسين وضعك العملي أيضاً، كما يقربك من أشخاص لهم نفس الاهتمامات في الحياة.
  4. ممارسة الرياضة، فهي تساعد على تحسين المزاج والحد من العصبية، كما أنَّها تساعد على تحفيز المشاعر الإيجابية؛ وذلك لأنَّ الجسم يفرز هرمون الإندورفين عند القيام بالتمرينات الرياضية، وهو الهرمون المسؤول عن تخفيف الألم وتقليل التوتر وتحفيز المشاعر الإيجابية، وهذا يؤدي إلى الشعور بالسعادة.
إقرأ أيضاً: كيف تغيّر الروتين اليومي بسهولة

في الختام:

المرور بحالة اليأس وفقدان الأمل أمر طبيعي في حياتنا؛ وذلك لأنَّ الحياة تجعلنا نعيش الكثير من المصاعب والنكسات وخيبات الأمل، ولكنَّ الأمر غير الطبيعي هو الاستسلام لليأس والسماح له بتدميرنا، فالأفضل دائماً هو البحث عن العلاج واتباعه.

طرائق علاج اليأس متعددة أبرزها تكذيب الدماغ كي لا تقع في فخ الأفكار السلبية؛ إنَّما مناقشتها وتقديم الحجج لها كي تقنعها بأنَّك لست عاجزاً؛ بل مررتَ بالكثير من المصاعب ونجحتَ بتجاوزها، ومن الضروري التفكير بنتائج اليأس والأمل على حياتك كي تختار الطريق الذي ترغب به.

ومن ضروريات التخلص من اليأس أيضاً الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والاقتراب من الأشخاص الإيجابيين ممن يشجعوننا على تجاوز المحن، إضافة إلى أنَّ التحدث إلى الأصدقاء يشبه مفعول الدواء عند المرض، وكي تستعيد طاقتك الإيجابية بسرعة قم بتجربة العديد من الأشياء الجديدة واكسر الروتين اليومي مثل ممارسة الرياضة، فذلك فيه تجديد للحياة.

المصادر: 1،2،3،4




مقالات مرتبطة