أطفالنا والتكنولوجيا الرقمية: فوائدها، وأخطارها، وطرق الحد من تأثيرها

دخلَت التكنولوجيا الرقمية اليوم، في تفاصيل حياتنا كلها، فبتنا نعيش عصراً رقمياً بالمقاييس كافة؛ فمن اللحظة التي يفتح فيها الطفل عينيه، يستقبله والداه بالهاتف الذكي لالتقاط الصور له، وما أن يكبر قليلاً، حتى نراه جالساً لساعات حاملاً ذلك الهاتف الذكي، ومُنسجماً لدرجة لا يكترث لكل ما حوله.



ما هو تأثير التكنولوجيا الرقمية في أطفالنا؟

يبقى هاجس الأهل اليوم، ما هو تأثير وسائل التكنولوجيا الرقمية في أطفالنا؟ في الحقيقة للأجهزة الرقمية العديد من الآثار والمخاطر في صحة أطفالنا البدنية والعقلية وحتى النفسية، مثل:

1. أضرار عصبية ودماغية:

  • تُلحِق الأجهزة الرقمية الضرر بدماغ الطفل؛ فقد أكَّدَت الأبحاث أنَّ مُشاهدة الأجهزة الإلكترونية، لفترات طويلة، تُلحِق الأذى بالدوائر الكهربائية بالدماغ، وتُسبِّب إفراز مواد كيمائية جديدة وخطيرة فيه.
  • كما تُضعِف إشعاعات المايكرويف المُنبعثة من الهواتف الخلوية الحاجز الدماغي الوقائي، وخاصةً أنَّ أدمغة الأطفال تمتص ضعف ما تمتصه أدمغة الكبار من إشعاعات كهذه.
  • يُحدِث الإدمان على الإنترنت، تغيُّرات في المخ، تُشبه إلى حدٍ كبيرٍ التغيرات التي تحدث في الدماغ، نتيجة الإدمان على المخدرات أو الكحول، وفقاً لما أكَّده الخبراء.
  • ونبَّهَت إحدى الدراسات أنَّ المادة البيضاء، (وهي المادة المسؤولة عن تشكيل الروابط بين الأجزاء المختلفة من الدماغ، وبين الدماغ وباقي الجهاز العصبي)، تكون غير منتظمة وغير متطورة في أدمغة الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعة يومياً أمام الشاشات، فضلاً عن أنَّ هؤلاء الأطفال نفسهم سجلوا نقاطاً أقل من غيرهم في الاختبارات الخاصة بالمهارات.
إقرأ أيضاً: كيف تؤثّر الشَّاشات على أدمغة أطفالنا؟

2. أضرار صحية:

يترتب على إدمان الأطفال للأجهزة الرقمية أضراراً تُصيب العيون؛ فالتعرض المستمر لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية يسبب الضعف للنظر.

3. تراجُع أداء الطفل:

 لُوحِظ تراجُع في أداء الأطفال المستخدمين للأجهزة الرقمية بكثرة، من حيث التشويش وقلة الانتباه، والقدرة على الحفظ والتركيز؛ وذلك بسبب إرهاق خلايا المخ وإعاقة النمو السوي لها.

4. الضرر النفسي:

أظهرَت العديد من الدراسات التي أُجرِيَت على أطفالٍ يُفرطون في استخدام الأجهزة الرقمية، أنَّ هؤلاء الأطفال غالباً ما يتَّسمون بالعنف والأنانية، إضافة إلى أنَّهم أكثر عُرضةً للقلق والعزلة، والشعور بالاكتئاب، والخلل في تفاعلهم مع محيطهم.

إقرأ أيضاً: نصائح مهمة لوقاية الأبناء من الأمراض النفسيّة

5. مخاطر فكرية:

قد يتعرض الطفل في أثناء تفاعله الرقمي، لمحتوىً خطر، وغير لائق (مواد إباحية، أو عنصرية، أو خطاب كراهية، أو ترويج للمخدرات، أو سلوكات غير أخلاقية)، إضافة لاحتمال تعرُّض الطفل للتنمر أو الاستغلال.

6. أضرار جسدية:

ينتج عن الجلوس أمام أجهزة الحاسوب، والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية، لساعات طويلة، الكثير من الأمراض الجسدية المتمثلة بالسمنة، والخمول، والصداع، وتشنجات العنق، وآلام الظهر والكتفين.

7. اضطرابات النوم:

يمنع الضوء الأزرق المُنبعث من الأجهزة الإلكترونية الحديثة (الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية) - حسب ما توصَّلَت إليه العديد من الدراسات - من إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يؤدي دوراً حاسماً في ضبط ساعتنا البيولوجية، وفي تنبيه الجسم إلى حلول الظلام.

8. قلة الصبر:

تُؤدي إمكانية التنقل السريع بين أزرار التصفح، والمواقع المختلفة، إلى تعويد الطفل الملل، وقلَّة الصبر، وأداء الواجبات بشكل سريع وقاصر.

9. الانفصال العاطفي:

يؤدي إدمان الطفل على الوسائل الرقمية والإنترنت، إلى انفصاله عن الواقع، ويفقده قدرته على التواصل العاطفي والاجتماعي مع غيره؛ فيجد صعوبةً في تكوين الصداقات، كما ونُشِرَت دراسة في أرشيف طب الأطفال واليافعين، أظهرت أنَّ الاستخدام المُفرط للتكنولوجيا، سبب رئيس في تكسير الروابط العاطفية بين الآباء وأطفالهم، وتوسع الفجوة بينهم.

شاهد بالفيديو: 6 آثار سلبية للتكنولوجيا على الأطفال

فوائد التكنولوجيا الرقمية للطفل:

أصبحت المهارات التكنولوجية اليوم من أهم متطلبات العمل؛ لذا فإنَّ تعلُّم الطفل في سن مبكر على استخدام التكنولوجيا يُعدُّ أمراً مفيداً له في المستقبل.

ولا يُمكِن إنكار أنَّ هناك بعض الفوائد التي تُوفرها الأجهزة الرقمية للأطفال، شرط الاستخدام المُعتدل لها، ومنها:

  • توفير فرصة لا محدودة للتعلم واكتساب المعرفة؛ حيث أكَّدَت دراسة أنَّ تأثير المشاهد المرئية في ثقافة الطفل، تصل إلى نسبة 40%، في حين تُمثل الأسرة، والمدرسة، والجيران، والمجتمع مجتمعين النسبة المتبقية.
  • تنمية الذكاء وتنشيط الذاكرة من خلال ألعاب الذكاء.
  • سهولة تعلُّم لغات جديدة، من خلال تطبيقات الكتب الإلكترونية الناطقة.
  • تطوير مهارات الطفل، وتعليمه ضرورة تحقيق الأهداف والمهام، من خلال إصراره على إنهاء مستوى معيَّن في لعبة أو في برنامج تعليمي.

الحد من أخطار الوسائل الرقمية على الأطفال:

يترتب على الأهل مسؤولية حماية الطفل من مخاطر الأجهزة الرقمية، وهذه بعض الاستراتيجيات المفيدة لذلك:

1. القدوة:

أهم فكرة في مُحاربة إدمان الطفل على الأجهزة الرقمية، هي أن يكون الأبوان قدوةً له؛ فلا يُمكِن أبداً للأب أو الأم، أن ينتظرا من الطفل عدم التعلق بالأجهزة الإلكترونية، وهما يقضيان أغلب الوقت مع الهاتف الذكي أو غيره من الأجهزة الرقمية.

2. تخصيص أوقات دون تكنولوجيا:

من المهم أن تحرص العائلة على قضاء أوقات طويلة دون استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتخصيصها للمحادثات والتواصل فيما بينهم بشكل حقيقي.

3. شروط للاستخدام:

أن يضع الأهل شروطاً لاستخدام الطفل للأجهزة الإلكترونية، من حيث عدد الساعات، وأوقات المشاهدة والاستخدام، فيعتاد الطفل على الوقت المحدد، ولا يُصاب بالإدمان.

4. مراقبة نوعية المحتوى:

أن يُراقب الأهل ما يُشاهد الطفل من محتوى، والحرص على انتقاء نوعية المحتوى المُفيد والممتع له في الوقت نفسه.

5. وسيلة لتلهية الطفل:

من أكبر الأخطاء أن يلجأ الأهل إلى إعطاء الهاتف الذكي أو الجهاز الرقمي للطفل، بقصد إلهائه بعض الوقت، ليتفرغوا هم لأعمالهم.

الحذر وليس المقاطعة:

غزت التكنولوجيا حياتنا وحياة أطفالنا، وباتت جزءاً لا يتجزأ منها شئنا أم أبينا؛ لذا ليس من الصواب مُقاطعتها أو جعل أطفالنا في منأى عنها؛ بل لا بُدَّ من تقبُّلها والتكيف معها، واستخدامها بحذر ووعي، وباعتدال بحيث لا تتحول إلى إدمان، والحرص على انتقاء المحتوى المفيد للطفل، وحمايته من أضرارها المُحتملة.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة