أسباب الموت المبكر عند الشباب وطرق الوقاية منه
يشكل فقدان حياة شخص صدمةً نفسية لعائلته وأصدقائه والأشخاص المحيطين فيه، ولقد كَثُرَت في الآونة الأخيرة حالات الوفيات لأشخاص بأعمار صغيرة لا تتجاوز عمر 40 عاماً؛ أي في جيل الشباب، على الرغم من أنَّه أمر نادر الحدوث وخاصةً إن كان الشخص لا يشكو من أي أمراض مسبقاً؛ لذلك لا بد من معرفة الأسباب وراء حدوث هذه الوفيات. أسباب الموت المبكر عند الشباب
تتعدد الأسباب التي تؤدي للموت المبكر عند الشباب، وغالباً يحدث الموت المبكر نتيجة وجود مشكلات في القلب غير مكتشفة فتؤدي إلى حدوث وفيات مفاجئة نتيجة توقُّف القلب المفاجئ، بالإضافة أيضاً إلى وجود أسباب صحية ونفسية أخرى.
من أشهر أسباب الموت المبكر ما يأتي:
أولاً: توقُّف القلب المفاجئ
يُرمَز له "SCA" وهي حالة طارئة لأنَّها تهدد حياة الإنسان؛ إذ يتوقف القلب عند أداء وظيفته توقُّفاً مفاجئ فيحدث فقدان في الوعي، ومن ثم الموت إن لم يُقدَّم العلاج المناسب خلال دقائق فقط، ويبدو الشخص أنَّه يتمتع بصحة جيدة، فقد لا يشعر بأي أعراض مَرضية مسبقة تستدعي القيام بالفحص والذهاب إلى الطبيب، وقد يشعر الشخص ببعض الأعراض التي لا يظن أنَّها تتسبب في موته مثل:
- الإغماء الذي قد يحدث عند ممارسة نشاطات بدنية، فهذا دليل على وجود مشكلة في القلب.
- آلام في الصدر أو ضيق في التنفس، الذي قد يشير أيضاً إلى أمراض أخرى مثل الربو.
- إن كان لدى العائلة تاريخ من الوفيات نتيجة توقف القلب المفاجئ وبأعمار لا تتجاوز 50 عاماً، فهذه إشارة تحذير هامة ويجب متابعة الحالة الصحية والحذر الدائم.
مَن هم الأكثر عرضة لتوقف القلب المفاجئ؟
يتعرَّض كبار السن بكثرة لحدوث السكتة القلبية المفاجئة، وخاصةً من يشكون من أمراض في القلب، لكن تتسبب السكتة القلبية في وفاة الشباب الرياضيين أيضاً، وقُدِّرَت نسبة الوفيات بتوقف القلب المفاجئ عند الشباب تقريباً بحالة وفاة واحدة سنوياً من ضمن كل 50000 حالة وفاة قلبية مفاجئة.
يمكن أن تحدث الوفاة خلال قيام الشخص بممارسة التمرينات الرياضية، أو خلال النوم، أو خلال الراحة، وفي بعض الحالات قد يموت الشخص نتيجة السكتة القلبية المفاجئة بعد أيام عدة من تعرضه لتلف في الدماغ؛ ناتج عن حدوث توقف مفاجئ للقلب، وقد تحدث أيضاً عند الشباب غير المشاركين في ألعاب رياضية بانتظام.
شاهد بالفيديو: ما يقال في التعزية والمواساة
أسباب توقف القلب المفاجئ عند الشباب:
مع أنَّ أسباب السكتة القلبية المفاجِئة عند الشباب أو الأطفال ليست معروفة تماماً، لكنَّها قد تضم ما يأتي:
1. تشوهات في الشريان التاجي:
هذه التشوهات عبارة عن عيوب في طريقة اتصال الشرايين التاجية مع القلب، فيؤدي ذلك إلى انخفاض في تدفق الدم إلى عضلة القلب في أثناء القيام بالتمرينات الرياضية؛ وذلك لأنَّ الشرايين تصبح مضغوطة في أثناء التمرينات، ومن ثمَّ تحدث السكتة القلبية المفاجئة، وفي كثير من الأحيان يولَد الإنسان مصاباً بهذه التشوهات، لكن دون ملاحظة أي أعراض مَرضية ويستمر الأمر حتى يكبر.
2. اعتلال عضلة القلب التضخمي:
هو من أكثر الأسباب شيوعاً لأمراض القلب والأوعية الدموية، ومع من أنَّه غير قاتل، لكنَّه سبب شائع جداً لحدوث الوفاة المفاجئة لأشخاص لم يتجاوز عمرهم 30 عاماً، وعادة ما يكون هذا الاعتلال وراثياً، وفي هذه الحالة خلايا العضلات تتكاثف في الحجرات السفلية في القلب وتسمى البطينين؛ أي يزداد سمك جدران عضلة القلب، فيتسبب ذلك لاحقاً في عدم انتظام دقات قلب المصاب، خاصة عند قيامه بالتمرينات الرياضية.
3. التهاب في عضلة القلب:
معظم حالات الالتهاب تحدث عند الأطفال فقد يحدث نتيجة دخول فيروس إلى القلب، مثل الفيروس المعوي، أو قد ينتج عن عدوى فطرية، أو عدوى طفيلية أو بكتيرية، أو نتيجة ردود فعل تحسسية لبعض الأدوية.
4. متلازمة كيوتي الطويلة:
يمكن أن يتسبب اضطراب نظم القلب الوراثي في حدوث نبضات قلب سريعة ومضطربة، ويؤدي ذلك إلى حدوث إعياء، وعندما يكون المصاب بمتلازمة كيوتي بعمر صغير، يكون معرَّضاً تعرُّضاً كبيراً لخطر حدوث الوفاة المفاجئة.
5. ضربات القلب الأولية غير منتظمة:
عند وجود حالات وراثية وغير مشخصة تتأثر النبضات الكهربائية للقلب فيحدث سكتة قلبية مفاجئة.
6. ارتجاج القلب:
يمكن النظر إليه على أنَّه سبب نادر جد لحدوث سكتة قلبية مفاجئة، والذي يحدث نتيجة تعرُّض الصدر لضربة قوية جداً مثل اصطدام اللاعبين ببعضهم بقوة في أثناء اللعب، فإذا حدثت هذه الضربة في وقت خطأ في الدورة الكهربائية للقلب، تؤدي إلى حدوث رجفان بطيني.
ثانياً: أمراض خطيرة وتسبب الوفاة المبكرة ونذكر منها ما يأتي:
1. مرض السرطان:
يُعَدُّ من أخطر الأمراض في العالم؛ إذ يَنتُج السرطان عن إصابة الإنسان بتلف في أجزاء المادة الوراثية (DNA)؛ فيتسبب ذلك في تصنيع الخلايا في الجسم تصنيعاً غير طبيعي، والتي تتكاثر تكاثراً غير مبرمج، فتتشكل أورام سرطانية في الجسم، ويبدأ من أي مكان ثم ينتشر إلى مختلف أنحاء جسم الإنسان المصاب، ويوجد أكثر من مئة نوع لمرض السرطان، وإذا لم يُكتشَف ويُعالَج مبكراً، فقد يتسبب في الموت.
2. مرض الإيدز نقص المناعة المكتسب:
هو مرض مزمن وخطير جداً ومعدٍ بعدة طرائق.
3. التهابات في الجهاز التنفسي السفلي:
عندما يصاب الجهاز التنفسي في الجزء السفلي منه بأمراض مزمنة، تتأثر صحة الرئة تأثراً كبيراً، ومن هذه الالتهابات نذكر الانسداد الرئوي المزمن الذي ينتج عن التدخين وعوامل بيئية مختلفة.
4. فيروس كورونا المستجد:
الذي انتشر في عام 2019، والذي تتراوح حدة أعراضه بين خفيفة جداً وحادة جداً، لكن تزداد خطورته عند وجود أمراض أخرى مثل السرطانات، أو أمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الكبد، أو الربو، أو داء السكري من النوع الأول أو الثاني أو عند النساء الحوامل.
ثالثاً: الأسباب النفسية المؤدية لحدوث الموت المبكر عند الشباب
تعرُّض الإنسان لضغط نفسي كبير يسهم في موته المفاجئ بصرف النظر عن عمره؛ وذلك لأنَّ الحزن الشديد والاكتئاب والقلق والتوتر أو الصدمات النفسية المفاجئة، قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام دقات القلب، أو ارتفاع نسبة الكورتيزون في الجسم، وغيرها من الأعراض، وتؤدي جميعها إلى حدوث جلطات مفاجئة في القلب أو المخ أو حدوث نزيف مفاجئ في الأوعية الدموية في أي مكان من جسم الإنسان.
بالإضافة إلى أنَّ مرور الشباب في الأزمات والتوتر وضغوطات الحياة قد تدفعهم إلى التدخين بشراهة أو إلى تعاطي المواد المخدرة؛ إذ يَنتُج عن ذلك حدوث تشنجات في شرايين القلب، ومن ثم نقص في التروية عن عضلة القلب وفشله، أو حدوث أزمات قلبية مفاجئة والموت في النهاية، وأيضاً اللجوء إلى تناول المهدئات النفسية أو غيرها من الأدوية دون استشارة طبيب متخصص قد تؤدي إلى الوفاة في حال كان الشخص لديه عيوب ومشكلات في قلبه دون أن يعلم.
طرائق الوقاية من الموت المبكر عند الشباب:
يمكن من خلال اتباع الطرائق الآتية المحافظة على جسم سليم نوعاً ما، ومن ثمَّ التقليل من احتمال الإصابة بالأمراض التي تؤدي إلى الوفاة المبكرة، ومن ثمَّ زيادة متوسط العمر المتوقع للشخص:
- في حال وجود إصابات سابقة في العائلة بأمراض القلب أو حدوث وفيات نتيجة توقف القلب المفاجئ، فأنت معرَّض بدرجة كبيرة لخطر الوفاة بهذه الطريقة؛ لذا يجب مراجعة أطباء متخصصين للقيام بالفحوصات الضرورية.
في هذه الحالة عادةً ما يقترح الطبيب الابتعاد عن الرياضات التنافسية، وقد يتطلب الوضع الصحي إجراء عمل جراحي أو علاجاً طبياً للحد من خطر توقف القلب المفاجئ، وبالنسبة إلى الرياضيين الشباب، يوصى بإجراء فحوص طبية روتينية ومراقبة عمل القلب باستمرار من أجل الكشف المبكر عن أي خطر.
تُعَدُّ ممارسة التمرينات الرياضية من الطرائق الهامة للحفاظ على الصحة البدنية والعقلية أيضاً؛ وذلك لأنَّ الرياضة متعددة الفوائد ومن هذه الفوائد ما يأتي:
- حدوث تغيرات في الدماغ مثل إطلاق هرمون السيروتونين والدوبامين؛ إذ يقلل ذلك من احتمال إصابة الإنسان بالاكتئاب بنسبة لا تقل عن 30%، وتُعرَف هذه الهرمونات بهرمونات السعادة لأنَّها تُشعِر الفرد باستقرار مزاجه.
- ممارسة الرياضة في الهواء الطلق تُكسِب الجسم فيتامين "د" الذي يحصل عليه نتيجة التعرض لأشعة الشمس مباشرة وبطريقة طبيعية.
- تنشيط الدورة الدموية نتيجة الحركة التي تفيد في نقل العناصر الغذائية إلى جميع أنحاء الجسم، وتقوية عضلة القلب؛ وذلك لأنَّ ممارسة الرياضة تجعل القلب يضخ الدم ضخَّاً أفضل، ومن ثمَّ العمل عملاً جيداً.
- زيادة مناعة الجسم؛ وذلك بسبب زيادة خلايا الدم البيضاء خلال ممارسة الرياضة، كما تساعد على المحافظة على مستوى الكوليسترول الطبيعي في الدم، وتقلل من خطر ارتفاع ضغط الدم؛ وذلك لأنَّ ممارسة الرياضة تزيد من مرونة جدار الأوعية الدموية.
- تساعد ممارسة الرياضة على إنتاج الأنسولين إنتاجاً صحيحاً في الجسم، ومن ثمَّ تساعد على الوقاية من الإصابة بمرض السكري والسيطرة عليه.
- تزيد الرياضة من قوة عمل الرئتين، ومن ثمَّ تزيد من نسبة الأوكسجين الداخل إلى الدم؛ وهذا ما يرفع من كفاءة عملية التنفس.
- تزيد الكتلة العضلية بالجسم وتقلل من نسبة الدهون فيه، ومن ثمَّ تساعد على الوصول إلى الوزن المثالي.
- تساعد على التخلص من الأرق، ومن ثمَّ الحصول على النوم الكافي.
شاهد بالفيديو: 10 طرق بسيطة لممارسة التمارين الرياضية أثناء العمل
اتباع نظام غذائي صحي؛ وذلك لأنَّ الغذاء المتوازن يساعد على الوقاية من الكثير من الأمراض، ويساند الجسم في أداء وظائفه المختلفة من خلال تناول ما يأتي:
- تناول الخضراوات والفاكهة؛ وذلك لأنَّها تعطي الجسم كل ما يحتاج إليه من فيتامينات وألياف غذائية ومعادن وكربوهيدرات، ويُفضَّل أن يُتناوَل كل نوع في موسمه؛ فمثلاً الفاكهة في الصيف تحتوي على نسبة كبيرة من الماء، ومن ثمَّ ترطب الجسم، أما الخضار والفاكهة في الشتاء غنية بفيتامين c، ومن ثمَّ تساعد على الوقاية من نزلات البرد.
- تناول الأسماك واللحوم ضروري لإغناء الجسم بالبروتين اللازم، إضافة إلى الفيتامينات والمعادن التي تحتوي عليها؛ فمثلاً الأسماك الزيتية غنية بالأوميغا 3 الذي يساعد على الحد من أمراض القلب، أما اللحوم الحمراء أو البيضاء غنية بالزنك والمغنيسيوم والحديد الضروري لصحة الجسم.
- الألبان مصدر غني بالبروتين وتحتوي على اللاكتوز الذي هو أحد أشكال السكر، فيمكن عَدُّ منتجات الألبان بديلاً عن تناول السكريات، بالإضافة إلى أنَّها تعطي شعوراً بالامتلاء والشبع.
- يجب التقليل من تناول الحلوى والسكريات والمشروبات الغازية، التي تؤدي إلى السمنة، إضافة إلى ضررها للعظام، ويجب أيضاً التقليل من تناول الدهون والأطعمة الجاهزة.
تعددت الأسباب والموت واحد، فلا يوجد مفر من الموت؛ وذلك لأنَّه قضاء الله وقدره، لكن من خلال اتباع التعليمات السابقة يمكن مواجهة الأمراض المختلفة بقوة أكبر والمحافظة على جسم سليم وقوي أطول فترة ممكنة لأنَّ الصحة هي ثروة الإنسان.