أسباب المغص عند الأطفال الرضع وطرق علاجه

بكاء الأطفال الرضع بسبب المغص هو من أكثر أنواع البكاء إزعاجاً للأمهات؛ إذ إنَّهن يقفن عاجزات أمام بكاء أطفالهن المتواصل، لا يعلمن كيف يخففن عنهم هذه الآلام المضنية، فكل طرائق المداعبة والتهدئة تصبح معدومة الجدوى وغير نافعة أمام التقلصات والتشنجات التي تنهك الأجساد الصغيرة.



وانطلاقاً من حرصنا على توفير سبل الشفاء والسلامة للأطفال الرضع، وتوضيح الأمور بطريقة علمية للأمهات المناضلات، خصصنا هذا المقال للحديث عن أسباب المغص عند الأطفال الرضع، وطرائق علاجه.

ما هو المغص عند الأطفال الرضع؟

المغص عند الأطفال الرضع هو مرادف لمصطلح (Colic) في اللغة الإنكليزية، وهو مصطلح يشير إلى بكاء الأطفال الرضع بشكل مفرط لمدة تتجاوز ثلاث ساعات يومياً، ويتكرر هذا البكاء أكثر من ثلاثة أيام أسبوعياً، على الرغم من كونهم يتمتعون بصحة جيدة ولا يشكون من أي أمراض عضوية.

وتبدأ حالات بكاء الأطفال الرضع بسبب المغص بعد عمر الأسبوعين، ويستمر حتى عمر أربعة أشهر أو ستة أشهر، ويكون البكاء على شكل نوبات حادة ومتكررة بصوت مرتفع، تترافق معه ركلات بالقدمين أو تحريكهما بطريقة تعبِّر عن الألم المبرح، وقد يترافق مع الغازات.

ويصبح الأطفال الرضع في حالات البكاء بسبب المغص سريعي الاهتياج، وغير قابلين للإرضاء؛ وهذا يسبب قلق الأهل وخوفهم على صحة أبنائهم، وتعبهم بسبب الإصغاء المستمر إلى أصوات البكاء والصراخ العالية، ومحاولاتهم الفاشلة في تهدئة الصغار الذين لا يتوقفون عن البكاء الذي يؤثر سلباً في نومهم، ولكنَّه لا يؤثر في نموهم وتطورهم بالشكل الطبيعي.

أسباب المغص عند الأطفال الرضع:

تتنوع أسباب المغص عند الأطفال الرضع، وترجح آلامه المبرحة التي يقاسيها الأطفال إلى مجموعة من العوامل التي نذكر منها:

  • تُعَدُّ الإصابة بمشكلات الجهاز الهضمي الناتج عن سوء امتصاص أمعاء الرضع للحليب من أبرز أسباب المغص.
  • تدخين الأم في فترة حملها يُعَدُّ أيضاً من أسباب المغص عند الأطفال الرضع؛ إذ ينعكس التأثير السلبي للتدخين على مَعِدات الأجنة، فيصابون بعد الولادة بالمغص.
  • ابتلاع الطفل للهواء في أثناء عملية الرضاعة ودخوله إلى معدته يُعَدُّ أيضاً من أسباب المغص.
  • التطور الطبيعي للجهاز العصبي الدماغي الخاص بالرضع.
  • الانقباضات الناتجة عن تطور الجهاز الهضمي المرافق لنمو الطفل.
  • إذا كان الطفل يتغذى بالرضاعة الطبيعة، فيمكن أن يكون تناول الأم لبعض أنواع الأغذية كالبقوليات من أسباب المغص عند الأطفال الرضع؛ لأنَّ هذه الأغدية تسبب الانتفاخ والغازات وينتقل تأثيرها إلى الطفل عن طريق الرضاعة.
  • التغيرات البكتيرية الدقيقة التي تحدث في الأمعاء.
  • الغازات.
  • تأثير التغيرات الهرمونية في جسم الأم المتعلقة بانتهاء مرحلة الحمل وعودة الرحم إلى حجمه الطبيعي في جهاز الهضم الخاص بالمواليد الرضع.
  • حساسية بعض الرضع لسكر اللاكتوز الموجود في الحليب.
  • توضُّع الأطفال في جلسات غير صحيحة في أثناء عملية الرضاعة.
  • يضاف إلى ما سبق من أسباب المغص عند الأطفال الرضع وجود مشكلات خلقية في الجهاز الهضمي أو عدم اكتماله، أو إصابة الرضيع بالالتهابات.

شاهد بالفيديو: كيف نحمي أطفالنا من الإصابة بالحروق؟

علاج المغص عند الأطفال الرضع:

توجد عدة أساليب لعلاج المغص عند الأطفال الرضع، منها ما يكون على شكل ممارسات علاجية ومنها ما هو وقائي، لنستعرضها معاً:

  • يجب على الأم - في حال كانت تغذي طفلها بالرضاعة الطبيعية - الانتباه إلى نوعية الأغذية التي تتناولها؛ إذ يترتب عليها الابتعاد عن تناول الأغذية التي من شأنها التأثير في الجهاز الهضمي للرضيع وإصابته بالغازات.
  • في حال كان الطفل الرضيع يتغذى بالرضاعة الاصطناعية، يجب على الأم التأكد من نظافة زجاجة الحليب عن طريق تعقيمها بالماء المغلي قبل كل رضعة، منعاً لانتقال الجراثيم والبكتيريا إليه عن طريقها.
  • من الضروري مساعدة الطفل على التجشؤ بعد كل رضعة؛ وذلك لإخراج الهواء الذي يُحتمَل أنَّه ابتلعه في أثناء عملية الرضاعة، ويكون ذلك عبر حمله وإسناده على كتف الأم، والتربيت على ظهره تربيتاً لطيفاً.
  • في حال أصيب الرضيع بالمغص، يجب على الأم تدليك بطنه برفق باتجاه واحد، مع الضغط بلطف على البطن لمساعدة الغازات على الخروج من بطنه.
  • يُعَدُّ الحمام الدافئ من أساليب علاج المغص عند الأطفال الرضع، كما أنَّه يساعد على تهدئتهم ونومهم.
  • تُعَدُّ كمادات الماء الدافئ أيضاً من وسائل علاج المغص عند الأطفال الرضع جيدة الفاعلية، فهي تفعل مفعول الحمام الدافئ في طرد الغازات المسببة للمغص من معدة الرضيع وأمعائه، ويكون تطبيقها عبر استخدام فوطة قطنية أو منشفة مشبعة بالماء الدافئ تُطبَّق موضعياً على بطن الطفل، مع التأكد باستمرار من إعادتها إلى الماء الساخن للحفاظ عليها دافئة على جسم الرضيع.
  • يُعَدُّ تمرين العجلة أو الدراجة من الأساليب الفعالة في علاج المغص عند الأطفال الرضع، ويكون عبر إمساك الأم لقدمي رضيعها، والقيام بتحريهما تحريكاً دورانياً كأنَّه يقود دراجة، وتساعد هذه الحركة على إفراغ بطن الرضيع من الغازات وتهدئة نوبات بكائه وألمه.
  • توجد بعض المستحضرات الدوائية توصف خصيصاً لعلاج المغص عند الأطفال الرضع، ولعل أشهرها "ماء غريب".
  • في بعض الأحيان يُنصَح بإعطاء الطفل بعضاً من المشروبات العشبية الدافئة من أجل علاج المغص، ولعل مشروبَي الكمون واليانسون هما من أشهر هذه المشروبات.

طرق علاج المغص عند الأطفال الرضع دوائياً:

يصف الأطباء في بعض الحالات من أجل علاج المغص عند الأطفال الرضع بعض المستحضرات الدوائية، ونذكر منها:

مكملات البروبيوتيك:

هي مكملات حاوية على نوع من البكتيريا يدعى بكتيريا "Lactobacillus reuter"، وتكمن فاعليتها في علاج المغص عند الأطفال الرضع، وتخفيف آلامهم وخاصة الذين يعتمدون منهم على التغذية بالرضاعة الطبيعية، أما الذين يعتمدون على الرضاعة الاصطناعية اعتماداً أساسياً فلا يُنصَح إعطاؤهم من هذا المستحضر بوصفه طريقة لعلاج المغص.

إقرأ أيضاً: 10 أمراض شائعة بين الأطفال وطرق علاجها

الحليب المعالَج (Hydrolyzed Formula):

يُعَدُّ الحليب المعالَج أو المتحلل طريقة من طرائق علاج المغص عند الأطفال الرضع وخاصة حديثي الولادة، وهو بالطبع مخصص للأطفال الذين يتغذون بطريقة الرضاعة الاصطناعية، ويوصف هذا النوع من الحليب لهم بموجب وصفة طبية من أجل تخفيف المغص وعلاجه.

أدوية المغص:

تحتوي على مركب "سيميثكون" (Simethicone) المهدئ للمغص، ويُعطى الدواء للرضع على شكل قطرات فموية متناسبة في عددها مع أعمارهم وأوزانهم وفق ما يحدده الطبيب.

إقرأ أيضاً: تأثير الأدوية في شخصية وأداء الأطفال

طرق علاج المغص عند الأطفال الرضع بالأعشاب:

تتفق وتختلف الآراء في المدارس الطبية فيما يتعلق بوجوب استخدام مشروبات الأعشاب بوصفها طريقة في علاج المغص عند الأطفال الرضع، ويرى قسم من المتخصصين أنَّ الأطفال الرضع لا يجب أن يتناولوا أي مشروب باستثناء الحليب قبل الستة أشهر.

أما القسم الآخر فيرى أنَّ المشروبات المستخرجة من المستحضرات العشبية في علاج المغص عند الأطفال الرضع آمنة؛ وذلك لأنَّها منتوجات طبيعية وغير معالجة بأي مواد كيميائية؛ لذا بناءً على رأي المدرسة الثانية نورد فيما يأتي بعض أنواع المشروبات العشبية التي يُسمَح بإعطائها من أجل علاج المغص عند الأطفال الرضع:

  • النعناع: يُعَدُّ واحداً من مشروبات الأعشاب المستخدمة في علاج المغص عند الأطفال الرضع، ويُعَدُّ مستحضراً طبيعياً فعالاً في علاج آلام المغص وحالات الإمساك لدى الرضع.
  • البابونج: يُصنَّف شراب البابونج الدافئ ضمن المشروبات العشبية المستخدمة لعلاج المغص عند الأطفال الرضع، ولقد أثبت هذا المشروب فاعليته السريعة في تهدئة آلام المغص وتخفيف حدته.
  • الكمون: يُعَدُّ مغلي الكمون مفيداً في علاج المغص عند الأطفال الرضع، كما أنَّه يساعد على علاج حالات الربو والسعال وضيق التنفس؛ وذلك لاحتوائه على زيوت ذات فاعلية عالية في طرد الغازات المسببة للمغص من بطون الرضع.
  • التيليو: وهو نوع من أنواع الأعشاب الفعالة في علاج المغص عند الأطفال الرضع، كما أنَّه فعال في علاج حالات عسر الهضم والمغص التي تصيب الأمعاء، وله دور هام في الحفاظ على صحة جهاز الهضم.
  • الكراوية: تُنقَع الكراوية في الماء الدافئ، فتتحول بذلك إلى غذاء مفيد في علاج المغص عند الأطفال الرضع، وكذلك في علاج الانتفاخ والغازات التي تُعَدُّ من مسببات آلام البطن والمغص.

طرائق علاج المغص عند الأطفال الرضع

ملاحظة هامة:

يصيب المغص الأطفال الرضع بنسبة تتراوح بين 10-40%، وغالباً ما تنتهي أعراضه بإنهاء الطفل شهره الرابع من العمر، ومهما حاول الوالدان إبعاد أسباب المغص وتلافي حصوله، إلا أنَّه قد يحدث بسبب التطور الطبيعي لجهازه الهضمي؛ لذا لا بد من تقبُّل هذا الوضع، وتقبُّل بعض التقصير في باقي الواجبات، والتعاون على رعاية الرضيع وتوفير أسباب الراحة والتسلية له، وقضاء هذه الفترة الصعبة بمعزل عن أسباب التعب والتوتر وجلد الذات.

في الختام:

إنَّ المغص عند الأطفال الرضع هو حالة طبيعية تصيب الأطفال إثر انتقالهم من تناول الطعام عن طريق المشيمة إلى استخدام أجهزتهم الهضمية، وإنَّه نوع من التكيف مع الحياة الجديدة، على الرغم من أنَّه يكون مؤلماً بالنسبة إلى الرضع ومسبباً للقلق والتوتر بالنسبة إلى الوالدين، إلا أنَّ الاقتناع بفكرة كونه مؤقتاً وسينتهي بانقضاء الأشهر الأربعة الأولى قد يهون الأمر ويساعد على تحمُّله وتقبُّله.

لعل التثقيف الذاتي عن الموضوع من شأنه أن يهون الأمر ويؤكد أنَّه تحت السيطرة، ويجب التذكر أنَّ الاستشارة الطبية موجودة دائماً، وهي واجبة قبل إعطاء الطفل أي مستحضر لعلاج المغص، سواء كان طبيعياً أم دوائياً.

المصادر:




مقالات مرتبطة