أسباب آلام الرقبة وطرق علاجها

يعاني كل شخص تقريباً شكلاً من أشكال آلام الرقبة خلال حياته؛ إذ إنَّ الناس عموماً يعيشون عمراً أطول مقارنةً بالأجيال السابقة، وفي حين أنَّ معظم مشكلات الرقبة هي حالات مؤقتة، إلا أنَّها قد تتطور في بعض الأحيان إلى مشكلات مزمنة.



تركِّز هذه المقالة على ما يسبب آلام الرقبة، وكل ما يمكنك القيام به في المنزل لتخفيف ذلك الألم، ومتى يجب عليك الاتصال بالطبيب.

أسباب آلام الرقبة:

تحوَّل العديد من الناس بسبب جائحة كوفد-19 (COVID-19) التي بدأت أوائل عام 2020، إلى العمل من المنزل على أجهزة الحاسوب والهواتف الخاصة بهم؛ إذ يمكن أن تتسبب هذه الأعمال في حمل الناس على الجلوس بوضعيات مختلفة ومتعبة، مع حدب أعناقهم فترات طويلة من الزمن.

يُطلَق على هذه الحالة اسم "الرقبة التقنية"، ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى تشنج الرقبة وصرير الرقبة ومفاصل الكتف، وصداع قوي، وفقاً لمدير جراحة العمود الفقري العنقي والمدير المشارك لجراحة العمود الفقري في قسم جراحة العظام في "مستشفى العمود الفقري أوتش نيويورك" (New York-Presbyterian Och Spine Hospital) "ك. دانيال ريو" (K. Daniel Riew).

وفقاً لما شرحه "ريو"، فإنَّه عندما ينظر الناس تجاه الأسفل إلى أجهزتهم، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب، وخاصةً بزوايا شديدة الانحناء، "يجب أن تتقلص العضلات في الجزء الخلفي من الرقبة للحفاظ على رأسك مرفوعاً نحو الأعلى".

يقول "ريو": "كلما نظرتَ إلى الأسفل، تُضطر العضلات إلى أن تعمل أكثر لإبقاء رأسك مرفوعاً؛ إذ يمكن أن تتعب هذه العضلات بشكل حاد وتتألم من كثرة النظر في هواتفنا الذكية أو العمل على أجهزة الحاسوب أو النظر في الأجهزة اللوحية طوال اليوم؛ وهذا ما نسميه (الرقبة التقنية)".

وفقاً لـ "ريو"، فإنَّ النصيحة التي كثيراً ما يُنصَح بها، والتي تحث على الجلوس بظهر مستقيم في أثناء العمل في المكتب، غير صحيحة في الواقع، ولكن بدلاً من ذلك، فإنَّ الاستناد إلى الكرسي (من 25 إلى 30 درجة للخلف) يمنح دعماً إضافياً إلى أسفل الظهر، فضلاً عن ضغط أقل على أقراص العمود الفقري.

يمكن أن تكون هناك أيضاً واحدة من العديد من الحالات الصحية الأساسية التي يمكن أن تسبب آلام الرقبة، مثل:

  • قرص منفتق في العمود الفقري أو مرض القرص التنكسي.
  • التواءات الرقبة أو إجهادها.
  • التهاب المفاصل.
  • إصابة أو صدمة مباشرة للرقبة.

وقد ينتج ألم الرقبة أيضاً بسبب "متلازمة توتر التهاب العضل" (Tension Myositis Syndrome)، وهي حالة يمكن أن تؤدي فيها العواطف المكبوتة أو الضيق النفسي إلى حرمان خفيف من الأوكسجين، وتوتر العضلات، والألم.

طرائق للتعامل مع ألم الرقبة:

1. الاستراحات:

إن كان عملك يتضمن الجلوس طويلاً إلى طاولة الحاسوب، فخُذ فترات راحة قليلة خلال اليوم، ومدِّد عضلات رقبتك وظهرك، واستعمل مكتباً يتيح لك العمل واقفاً؛ وهذا يسمح لك بإجراء بعض التغييرات في وضعية الوقوف، وتوفير بعض الراحة للرقبة والظهر طوال أيام عملك.

إقرأ أيضاً: 10 علامات تحذيرية تؤكد حاجتك إلى الاستراحة

2. التأمل اليقظ:

اعثر على مكان هادئ واسترخِ؛ إذ يمكن أن يساعد التأمل اليقظ ونشاطات التنفس العميق على إعادة تركيز عقلك، وتخفيف ضغوط اليوم، وتوفير منظور مختلف (وأكثر إيجابية)، ويمكن أيضاً لتمرينات التنفس المركزة والعميقة، وتدوير الرقبة والكتفين، والتصور الواعي أن تخفف التوتر.

قد يتضمن التأمل اليقظ أيضاً تخيلاً موجهاً، كأن تتخيل ألم رقبتك يختفي ويتلاشى بعيداً عن العمود الفقري، وقد لا تنجح هذه التمرينات بالضرورة مع الجميع، ولكن أفاد العديد من الأشخاص أنَّها ساعدت على التخفيف وحتى القضاء على مشكلات آلام الرقبة المزعجة.

إقرأ أيضاً: 3 عادات بسيطة لممارسة تأمل اليقظة الذهنية

3. استعمال الوسائد المائية:

قد لا تكون الصعوبة في التعامل مع آلام الرقبة فحسب؛ بل إنَّ العديد من الأشخاص يفيدون أيضاً أنَّها تتعارض مع النوم الجيد ليلاً؛ الأمر الذي يمكن أن يزيد من آلامهم عندما يستيقظون في الصباح، فعندما يتعلق الأمر باختيارك للوسائد لإراحة رأسك ورقبتك، فإنَّ اختيار وسادة مائية يمكن أن يكون مفيداً خصوصاً في هذا الصدد.

وفقاً لتجربة سريرية أجراها باحثون في "كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز" (Johns Hopkins University School of Medicine)، أدى النوم على وسادة مائية إلى "تقليل شدة الألم في الصباح، وزيادة في تخفيف الألم، وتحسين نوعية النوم"، بالمقارنة مع كلٍّ من الوسادة العادية والوسادة الملفوفة، كما زادت مدة النوم باستعمال الوسادة المائية، ويمكن أيضاً تعديل الوسائد المائية للتأثير في مستوى الصلابة الذي يفضله النائم؛ إذ إنَّ ملأها بالمزيد من الماء يجعلها أكثر صلابة، وتقليل الماء يجعلها أكثر ليونة.

4. استعمال كرسي دعم الرقبة:

إذا كنت مثل كثير من الناس، تميل إلى الانحناء تجاه الأمام في أثناء الجلوس، يمكن أن يضيف هذا النوع من الجلوس ضغطاً إضافياً على عمودك الفقري، ومن ناحية أخرى، إذا حافظتَ على وضعية جيدة طوال اليوم، فإنَّه يعمل على تثبيت رأسك ويبقيه في وضع محايد على فقرات العنق.

هناك أنواع معيَّنة من الكراسي، مثل الكراسي الدوارة المريحة (كراسي المكتب) التي تكون مواتية للغاية لدعم الظهر والرقبة، فلا تأتي هذه الأنواع من الكراسي بتصميم ظهر مرتفع لدعم ظهرك فحسب؛ بل تأتي أيضاً بمساند رأس متعددة الأبعاد وقابلة للتعديل يمكنك تركيبها بالطريقة التي تشعر فيها براحة أكبر؛ إذ يمكن أن تساعدك هذه الأنواع من مساند الرأس على الحفاظ على توازن فقرات العنق بشكل صحيح على عمودك الفقري من دون الحاجة إلى التفكير في الأمر، ما دمت تحافظ على أذنيك فوق كتفيك بدلاً من انحنائها بالكامل.

إذا كنت من بين عديد من الأشخاص الذين يعملون أمام الحاسوب طوال اليوم، فتأكد من توسيط شاشة الحاسوب بحيث تواجهك مباشرةً؛ إذ إنَّه وفقاً للدكتور "آلان هيدج" (Alan Hedge)، فأنت لا تريد أن تنحرف شاشتك إلى جانب واحد؛ لأنَّ ذلك قد يتسبب في التواء عمودك الفقري بشكل غير طبيعي.

تأكد أيضاً من أنَّ شاشتك على ارتفاع مناسب بحيث لا تنظر إليها نحو الأسفل؛ وإنَّما يجب أن تكون عيناك على بعد 2 إلى 3 بوصات أسفل من أعلى إطار الشاشة، أو في مكان ما داخل الثلث العلوي من مساحة الشاشة بأكملها؛ إذ سيمنع ذلك رأسك من الانحناء نحو الأسفل، ومن ثمَّ لن يتسبب بضغط إضافي على مؤخرة الرقبة.

المصدر




مقالات مرتبطة