أساسيات التفكير الإيجابي: ليس هناك فشل بل تجارب فقط

عندما تبدأ في تطبيق تقنيات استثمار الوقت فقد لا تنجح من المحاولة الأولى، ففي بعض التقنيات تحتاج إلى المحاولة عدة مرات حتى تصل إلى الخبرة اللازمة. لقد تعّود الكثير منّا على الخوف من شيء اسمه الفشل، وهذا ما يمنعهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق رغباتهم، فهل تخشى أنت من الفشل؟



إذا أخذت كُلّ أمر على أنّه فشل أو نجاح فستتعب كثيراً! فالنجاح يأتي بعد سلسلة من التجارب، والتجارب تأتي بعد سلسة من الفشل، حتى تصل إلى النجاح، ولنفكر معاً: هل هناك شخص لا يفشل؟ نعم يوجد، إنّه ذلك الشخص الذي لا يعمل، أمّا الشخص الناجح في إدارة وقته وحياته فهو الذي يعمل ويثابر ويحاول ويفشل وينجح.

عندما أنظر إلى الماضي بتمعن أجد بأنّ فرص الاستثمار والنجاح التي وهبني إياها ربي كانت بعد فشل نفسي أو مالي أو اجتماعي أو غير ذلك، وقد كتب بكمينيستر فولر في يوم من الأيام: "كل ما تعلّمته البشرية إنّما كان نتيجة للتجربة والخطأ، لقد تعلّم البشر من خلال الخطأ وحده"، وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه: أَلا نتعلّم نحن من أخطائنا أيضاً؟

استرح قليلاً من القراءة، وخذ وقتك لتتأمل ما تسميه "حالات الفشل" الثلاث الكبرى التي مرت بك في حياتك، وأجب بصدق: ما الذي تعلّمته من تلك التجارب؟ من المرجح أنّ تلك التجارب كانت من أنفع الدروس التي تعلمتها في حياتك.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي

وعندما تحاول النجاح عن طريق إتقان استثمار وقتك ستمر في سلسلة من التجارب، أي أنّك أنت المُجرّب، ولابدّ لك من الصبر حتى تصل إلى غاياتك، فمن سنن الحياة البلاء، والبلاء يعني الاختبار والتمحيص، بل إنّ ذلك سبب الحياة.

قال الله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"، وقال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ"، وقال تعالى: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّه"، وقال الله تعالى: "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ"، وقال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا"، وقال تعالى: "إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"

وقال رسول الله: "ما أعُطي أحد عطاء خيراً من الصبر"، وقال صلى الله عليه و سلم أيضاً: "الصبر ضياء"، فلابدّ من الصبر على الأحداث وعدم تفسيرها كفشل، إنّما كنتائج، ولابدّ أن تعلّم أنّه باستمرارك في المحاولات والصبر عليها، فإنّك ستنال ما تريد ولو بعد حين، قال الإمام علي: "لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمن"، وقال حكيم: "لو كان الصبر رجلاً لكان رجلاً صالحاً"، وقيل في الأثر: "إنّ نصف الدين الصبر"، ولقد قال الإمام أحمد: "الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعاً"

ويقول كوفي في كتابه (قيادة المبادئ): "الصبر هو التعبير العملي عن الإيمان والأمل والحكمة والحب"، وتعد البلاءات التي تمر بك فرصاً وتجارب تفيدك وتصقلك لو عرفت كيف تستثمرها؟ وكيف تصبر عليها؟ كيف كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ في البداية شتم واتهامات له بالجنون (حاشاه) وغيرها، واتهامات بأنّه جاء بفتنه لتفريق القبائل، وتعرض للسب والقذف والتجويع ولم ينجح في دعوته مباشرة، فماذا فعل؟ ثم أتت الهجرة والغربة والجهاد والقتال واتى البلاء اثر البلاء، لكنّه في النهاية انتصر ونصره باقٍ أبداً.

إقرأ أيضاً: نصائح فعّالة لتسير إلى الأمام وتُحارب الاستسلام واليأس

وبعد عشرة آلاف تجربة نجح توماس أديسون في اكتشاف المصباح الكهربائي، وبسؤاله عن سبب فشله 9999 مرة من قبل، كانت إجابته: "أنا لم أفشل ولكنني اكتشفت 9999 طريقة غير ناجحة كانت هي السبب في وصولي أخيراً للمصباح الكهربائي"، أما عن والت ديزني فقد واجه صعوبات ضخمة تسببت في إفلاسه سبع مرات ولكنّه اكتسب خبرات عظيمة من هذه التحديات جعلته ينجح أخيراً في بناء مدينة ديزني العالمية، أما الكولونيل ساندرز صاحب مطاعم كنتاكي للدجاج المشهورة، فلقد تم رفضه من قبل 1007 مطعم قبل أن يوافق أحد أصحاب المطاعم على تقديم طريقته الخاصة في إعداد الدجاج لزبائنه، وبعد ذلك أصبحت مطاعم كنتاكي متواجدة في جميع أنحاء العالم.

غالباً ما ينجح الناس في تحقيق بعض النتائج، وأعظم الناس نجاحاً ليسوا رجالاً لم يصبهم الفشل، إنّما هم رجال يعرفون أنّهم إذا جرّبوا شيئاً ولم يحققوا النتائج المرجوة، فإنّهم بذلك يكونون قد مروا بتجربة يتعلمون منها، فيستخدمون ما تعلموه ويجرّبون شيئاً آخر، ويقومون بأفعال جديدة ويحققون بعض النتائج الجيدة. ويطرح الدكتور روبرت شولر (الذي يقوم بتدريس مفهوم تفكير الإمكانية) تساؤلاً وجيهاً: "ما الذي ستحاول فعله إذا ما علمت أنّك لن تفشل؟" فكرّ في الأمر ملياً، كيف ستجيب على ذلك؟ إنّك إنّ اعتقدت حقاً أنّك لن تفشل، فربما تقوم بمجموعة جديدة من الأفعال، وتحقق نتائج مرجوة جديدة وقوية.

هناك ناس يلومون أنفسهم لأنهم مفرطو البدانة، وموقفهم هذا تجاه البدانة المفرطة لا يُغيّر من الواقع شيئاً، إنّما بإمكانهم أن يؤمنوا (بدلاً من ذلك) بحقيقة أنّهم نجحوا في تحقيق نتيجة اسمها السمنة الزائدة، وهم الآن في طريقهم نحو تحقيق نتيجة جديدة اسمها النحافة، وسيُمكّنهم تحقيق هذه النتيجة الجديدة من خلال القيام بأفعال جديدة.

إقرأ أيضاً: النجاح في التفكير: 6 ممارسات تساعدك لكي تصبح شخصاً ذكياً

قل لمن لا يعاني: "لا معنى لحياتك" و"المؤمن مبتلى"، استقبل الحياة بشكل آخر، وكما عبرت هيلين كلير: "الحياة مغامرة جريئة أو لا شيء"، استعد للنجاح، اقلب فشلك في الوقت إلى ميدانٍ حافلٍ بالتجارب، واستفد منها، وأطلق على كل فشل اسم "تجربة"، واعتبر كل "تجربة" درجة من درجات سلم النجاح، وانطلق لتقوم بالكثير من التجارب التي ستصل بك في النهاية إلى استثمار أفضل لوقتك، وألزم نفسك بالتعلم من كل تجربة.




مقالات مرتبطة