أسئلة صعبة قد تنقذ حياتك وتجنبك الألم

إنَّنا نهدرُ حياتنا في انتظار ظهور طرائق مثالية أمامنا، لكنَّها لا تظهر أبداً، لأنَّنا ننسى أنَّ الهدف من هذه الطرائق هو السير فيها وليس الوقوف على جانبها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "أنجل تشيرنوف" (Angel Chernoff)، وتشرح فيه أهم الأسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا إذا أردنا تحقيق النجاح.

لا يوجد شيء محبط أكثر من إنسان يتمتَّع بصحة جيدة وثري ويمتلك كل ما يريده في هذا العالم، إلا أنَّه غير سعيد وغير منتِج لفترةٍ طويلة؛ إذ لا يوجد أي عذر لذلك، ومع ذلك نرى أنا وزوجي "مارك" هذه الظاهرة تتكشَّف أمامنا كل يوم من خلال الأشخاص الذين يختارون أن يكونوا عالقين في البؤس ويرفضون الاعتراف بذلك.

تنتج هذه العقلية غالباً عن حياة غير متوازنة أبداً، حياة فيها كثير من التوقعات وليس فيها ما يكفي من الانضباط والتقدير، فعندما لا تتحلَّى بالانضباط لإنجاز أشياء جديدة، وعندما تمتلك قليلاً من الامتنان لما لديك، فلن تعرف أبداً الفرح الحقيقي عندما تحرز تقدماً في الحياة، لأنَّه لن يتغيَّر شيء أبداً، وحتى عندما يتغيَّر شيء، لن تشعر بأنَّه جيد بما يكفي.

لذا، كيف تحقِّق التوازن في الحياة بعدما أصبح كل شيء خارجاً عن السيطرة؟

لقد حظينا أنا ومارك بشرف تدريب مئات الأشخاص من كل مناحي الحياة، ومن فئات اجتماعية واقتصادية مختلفة من عشرات البلدان حول العالم، ومن ذلك بعض سيدات الأعمال ورجال الأعمال الأقوياء والناجحين جداً، وعادةً ما يتمسَّك معظم الناس الأسعد والأكثر نجاحاً بخمسة مبادئ أساسية تحدِّد كلاً من فاعلية قراراتهم اليومية ونوعية حياتهم.

قمت اليوم بتحويل هذه المبادئ الأساسية الخمسة إلى خمسة أسئلة صعبة، صعبةٌ لأنَّ الإجابة عنها ليست بالأمر السهل، فإذا تجنَّبت هذه الأسئلة واتخذت قرارات غير مدروسة، فلديك فرصة جيدة لأن ينتهي بك الأمر مثل غالبية الأشخاص الذين يميلون إلى أن يكونوا غير لائقين جسدياً ومرهقين عقلياً ونادمين في حياتهم الشخصية والمهنية، لكن إذا سألت نفسك هذه الأسئلة مراراً وتكراراً، واتخذت قراراتك اليومية بعد تدقيق وتمحيص، يمكنك حرفياً أن تُنقذ نفسك من حياة مليئة بالألم والإحباط غير الضروريين.

هذه الأسئلة الخمسة هي:

1. هل تركِّز على ما هو هامٌّ بحق؟

تتنافس في كل لحظة ملايين الأشياء الصغيرة على جذب انتباهك، وتنقسم كل هذه الأشياء إلى فئتين: الأشياء الهامَّة، والأشياء غير الهامَّة؛ ولا ينجز الناس المزيد من خلال العمل بأسلوب أعمى لساعات أكثر على كل ما يظهر فجأة، بل ينجزون المزيد عندما يتَّبعون خططاً دقيقة تقيس وتتبَّع الأولويات والمراحل الرئيسة.

لذا، إذا أردت أن تكون أكثر نجاحاً وأقل توتراً، فعليك أن تعمل بطريقة أكثر كفاءة، وتسأل نفسك أولاً: "هل أحتاج إلى القيام بذلك أساساً؟".

فإنَّ مجرد القدرة على القيام بشيء جيد لا يجعله الشيء الصحيح الذي يجب فعله؛ إذ أعتقد أنَّ هذه واحدة من أكثر المشكلات شيوعاً التي تقع فيها نصائح إدارة الوقت؛ فغالباً ما يركِّز معلمو الإنتاجية على كيفية القيام بالأشياء بسرعة، لكنَّ الغالبية العظمى من الأشياء التي يقوم بها الأشخاص بسرعة لا ينبغي لهم القيام بها أساساً.

2. هل تركِّز أكثر على المشكلات أم على الحلول؟

تتَّجه طاقتك إلى ما تركِّز عليه، فما هو مجال حياتك الذي تميل إلى التركيز عليه: ما لديك أم ما ينقصك؟

لا بدَّ أنَّك تفكِّر في كلا طرفي هذه المعادلة، لكن إذا دقَّقت في أفكارك المعتادة، فما الذي تميل إلى قضاء مزيد من الوقت في التفكير فيه؟ الإيجابيات أم السلبيات؟

يجب أن تدرك أنَّ لديك الكثير لتكون ممتناً له، بدلاً من التركيز على ما ليس لديك وحسد من هم أفضل منك؛ وذلك لأنَّ تطوير عادة تقدير ما لديك قد توفِّر لك مستوى جديداً من الصحة والقوة العاطفية، لكنَّ السؤال الحقيقي هو: هل تأخذ وقتاً كافياً لتشعر بالامتنان العميق في كلٍّ من عقلك وجسدك وقلبك وروحك؟ فمن هنا تأتي الطاقة اللازمة لاتخاذ إجراءات إيجابية.

لذلك، لا تدع السلبية والمآسي تتغلب عليك؛ إذ يبُثُّ دماغك الأفكار والتوجهات في حياتك، ويمكنك اختيار الأفكار التي تريدها، فيفهم الأشخاص السعداء والناجحون هذا ويلغون السلبية لإفساح المجال للإيجابية، فكن حكيماً بما يكفي لتسير على خطاهم، وابتعد عن الهراء المحيط بك، وركِّز على الإيجابيات، وسرعان ما سيكون من الصعب عليك رؤية السلبيات.

لديك كثير من الأشياء التي لا يمكنك التحكم بها، وإذا ركَّزت على ما لا يمكنك التحكُّم به، فلن تفعل شيئاً سوى زيادة الضغط على نفسك؛ لذا تذكَّر أنَّك تستطيع التأثير في معظم جوانب حياتك، لكن لا يمكنك التحكُّم بها تماماً، فبمجرد قبولك هذا النمط من التفكير واعتماده بالكامل، عليك طرح سؤال هام آخر:

إقرأ أيضاً: 13 من مشكلات الحياة الشائعة، وكيفية حلها

3. كيف تنظر إلى تحدياتك؟

حتى عندما نتحلَّى بالإيجابية، فإنَّنا جميعاً نواجه التحديات، لكن ما تشعر به حيال حياتك لا علاقة له بالأحداث التي تجري فيها أو بما حدث لك أو لم يحدث؛ إذ تتحكَّم نظرتك إلى هذه الأشياء بجودة حياتك، ومع ذلك في معظم الأوقات قد تكون غير مُدرك لتأثير عقلك اللاواعي في تحديد معنى لأحداث الحياة؛ لذا اسأل نفسك:

  • عندما يحدث شيء يعطِّل حياتك، مثل مرض، أو إصابة، أو فقدان الوظيفة، أو ما إلى ذلك، هل تميل إلى الاعتقاد بأنَّ هذه هي النهاية أم البداية؟
  • إذا واجهك شخص ما، فهل هو يهينك أم يدرِّبك أم يحاول الاعتناء بك؟
  • هل المشكلة الكبيرة تعني أنَّ الله يعاقبك؟ أم أنَّه من الممكن أنَّ هذه المشكلة ليست في الحقيقة مشكلةً على الإطلاق، وإنَّما فرصة؟

عندما يحدث شيء سلبي، انظر إلى هذا الحدث بوصفه فرصة لتعلم شيء لم تكن تعرفه، فلا تتمنَّى لو لم يحدث، ولا تحاول التراجع، خذ الدروس المستفادة وامضِ قدماً.

عليك أن تقول لنفسك: "لا بأس، أنا بخير"، عليك أن تعرف أنَّه من الأفضل أن تتخطَّى حدوداً جديدة وأن تعاني من عواقب الدروس المستفادة من وقت لآخر، بدلاً من مجرد التحديق في هذه الحدود لبقية حياتك والتساؤل دائماً.

ضع في الحسبان أيضاً أنَّ الماضي حتى عندما يكون مضطرباً، يحمل قيمةً لا تقدَّر بثمن بالنسبة إلى حاضرك؛ إذ إنَّه يوفِّر أساساً متيناً لكل ما تفعله الآن؛ لذا تعلَّم منه ومن الأخطاء والنجاحات، ثمَّ تخلَّ عنه.

قد يبدو الأمر صعباً، لكنَّه يعتمد على تركيزك، فإنَّ الماضي مجرد تدريب، وهو لا يحدِّد هويتك في هذه اللحظة، ففكِّر في الخطأ الذي حدث وكيف سيساعدك على تصحيح الأمور.

عندما نغيِّر تركيزنا، فلا يوجد حدٌّ لما يمكن أن تصبح عليه الحياة؛ وذلك لأنَّ تغيير التركيز وتغيير نظرتنا تجاه حياتنا قد يؤدي إلى تغيير الكيمياء الحيوية لأجسادنا ومسار حياتنا حرفياً في غضون دقائق؛ لذا تحكَّم بزمام حياتك، وتذكَّر دائماً: المعنى يساوي العاطفة، والعاطفة تساوي القوة، فاختر بحكمة، واعثر على معنى إيجابي في كل حدث، وستحظى بالأفضل دائماً. وهذا ما يقود مباشرةً إلى السؤال التالي:

شاهد بالفديو: 7 طرق بسيطة لجعل الحياة أكثر بساطة

4. ماذا ستفعل بعد ذلك لإحراز تقدُّم؟

يتحدث جميع الناس عن إحراز التقدم، لكنَّ الأشخاص الناجحين يحققون ذلك بصمتٍ وهدوء.

فلا يهم إذا كان لديك معدل ذكاءٍ عبقري وشهادة دكتوراه في فيزياء الكم، إذ لا يمكنك تغيير أي شيء أو إحراز أي نوع من التقدم في العالم الحقيقي دون اتخاذ أي إجراء على أرض الواقع؛ إذ يوجد فرق كبير بين معرفة كيفية القيام بشيء ما، وبين القيام به حقاً، فلا قيمة للذكاء والمعرفة بلا عمل.

إذ يعرف الناجحون أنَّ الخطة الجيدة التي تُنفَّذ اليوم أفضل من الخطة المثالية التي قد تُنفَّذ يوماً ما، فإنَّهم لا ينتظرون الوقت المناسب أو اليوم المناسب أو الظروف المناسبة، لأنَّهم يعرفون أنَّ هذه الأعذار تستند إلى الخوف ليس أكثر، فإنَّهم يتخذون الإجراءات فوراً، لأنَّ التقدُّم الحقيقي يحدث بهذه الطريقة.

5. ما هي رسائل التذكير التي تحتاج إلى رؤيتها لتظل متحفزاً؟

قد تريد إنقاص الوزن، لكن عندما تكون متعباً فمن السهل تبرير أنَّك ستبدأ في ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي غداً، وقد ترغب في بناء شركة رابحة، لكن عندما تنشغل بالمشكلات اليومية، فمن السهل أن تفعل ما هو مألوف فقط بدلاً مما هو مطلوب للنمو، وإنَّك تريد تقوية علاقاتك مع عملائك المقربين، لكن عندما تكون مشغولاً، فمن السهل تبرير أنَّك تحتاج إلى دراسة اقتراح العميل هذا بدلاً من ذلك.

فقليل من الأشياء الجيدة تأتي بسهولة، وعندما تصبح الأمور صعبة، غالباً ما نختار الطريقة السهلة، مع أنَّ الطريقة السهلة تأخذنا في الطريق الخطأ.

لحل هذه المشكلة، يحتفظ معظم أسعد وأنجح الأشخاص الذين نعرفهم برسائل تذكير ملموسة تجعلهم يقاومون نزواتهم؛ إذ كان يحتفظ صديقٌ لنا سدَّد ما يقرب من 100 ألف دولار من الديون في السنوات الخمس الماضية بنسخة من رصيد بطاقته الائتمانية مسجلة على شاشة حاسوبه، فإنَّ ذلك بمنزلة تذكير دائم بالديون التي يريد سدادها.

وكانت صديقة أخرى تحتفظ بصورة لها عندما كان وزنها زائداً على ثلاجتها، لكي تذكِّر نفسها بعاقبة العودة إلى عاداتها السابقة، وآخر يملأ مكتبه بالصور العائلية، لأنَّه يحب النظر إليها، ولأنَّه عندما يصبح العمل صعباً حقاً، فإنَّ هذه الصور تذكِّره بالأشخاص الذين يعمل من أجلهم.

فكِّر في اللحظات التي من المُرجَّح أن تستسلم فيها للدوافع التي تأخذك بعيداً عن أهدافك النهائية، ثمَّ استخدم رسائل التذكير هذه لتذكِّرك بمغبة الحياد عن المسار الصحيح.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات للحفاظ على استمرارية التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

في الختام:

الآن بعد أن أصبحت على درايةٍ بقوة هذه الأسئلة الخمسة والقرارات المترتبة عليها، ابدأ في البحث عن نماذج يُحتذى بها، أولئك الذين حققوا ما تريد تحقيقه في الحياة، فعندما نلاحظ شخصاً نريد أن نتعلَّم منه، ولدينا فكرة واضحة تماماً عمَّا نريد أن نحققه لأنفسنا، فإنَّ ذلك يجلب قدراً هائلاً من التحفيز، فإنَّ البشر كائناتٌ اجتماعية، وعندما نقرِّر الانضمام إلى دائرة من النخبة، فهذا ما يدفعنا حقاً للوصول إلى إمكاناتنا، فلقد فعلوها هم، ونستطيع أن نفعل ذلك أيضاً.

قد يبدو ذلك سهلاً جداً، لكن عندما تقضي وقتاً كافياً في طرح الأسئلة الصحيحة على نفسك والتمحيص في حياة الأشخاص الذين حققوا ما تريد تحقيقه، فسوف تمهِّد الطريق تدريجياً لتحقيق التغييرات الإيجابية التي تريدها في الحياة.

المصدر




مقالات مرتبطة