أسئلة الأطفال المحرجة وكيفية التعامل معها

يطرح الأطفال الكثير من الأسئلة، والتي قد تضع الكبار في مواقف محرجة، خاصةً إذا ما طُرِحت بحضور أناس آخرين؛ الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه الأسئلة، وكيفية الإجابة عنها.



في المقال التالي ستجد الإجابات عن التساؤلات الآنفة.

1. متى يبدأ الطفل بطرح الأسئلة؟

غالباً ما يبدأ الطفل طرح الأسئلة في عمر الثلاث سنوات؛ ذلك لأنَّهم في هذا العمر يبدؤون بتكوين الاستيعاب المبدئي للأشياء؛ وهذا ما يدفعهم إلى طرح الكثير من الأسئلة في محاولة منهم لفهم ما يحيط بهم. يحدث هذا بالتزامن مع نموٍ في الفصِّ الأيسر بالدماغ المسؤول عن تعلُّم وتطور اللغة، ليبدأ بعدها سيل لا يتوقف من الأسئلة، والتي غالباً ما تتكرر بشكل كبير حول الفكرة نفسها.

يُرجِع علماء نفس الطفل السبب في ذلك - كما أسلفنا - إلى النمو الذي يحدث في الفصِّ الأيسر من الدماغ؛ إذ يمتلك الطفل في هذا العمر من 500 إلى 800 كلمة يستعملها في تكوين جمل مؤلفة من ثلاث إلى خمس كلمات، مستغلاً القدرات اللغوية الجديدة هذه في طرح الأسئلة بشكل أكثر عمَّا كان يفعله في عمر السنتين؛ إذ كانت أسئلته مؤلفة من كلمتين فقط، ثم في عمر الخمس سنوات تبدأ الأسئلة المحرجة.

2. نصائح للتعامل مع الأسئلة المحرجة التي يسألها الأطفال:

يمتلك الأطفال قدرة كبيرة على الملاحظة، وقد يضعونك أحياناً في مواقف محرجة بسبب أسئلتهم، كما أنَّهم يدفعونك إلى التفكير، وكثيراً ما تسبب هذه الأسئلة الإرباك لك حين لا تمتلك جواباً دقيقاً، أو بمعنى أصح، لا تعرف كيفية الإجابة الصحيحة عن أسئلتهم، فالأطفال فضوليون بشكل كبير، ويريدون إجابات عن كل الأسئلة التي تخطر في أذهانهم الصغيرة التي تريد أن تستوعب وتفهم عالماً كبيراً.

إليك فيما يأتي بعض النصائح العامة التي تساعدك على التعامل بشكل صحيح مع أسئلة الأطفال:

  • احرص على الإجابة بصدق ومن دون مراوغة، مع تسهيل المعلومات وتقريبها إلى عقل الطفل؛ إذ إنَّ الإجابات السطحية قد توقعك في مجموعة كبيرة من الأسئلة التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى.
  • الحقيقة ثم الحقيقة؛ لا تقدِّم إلى طفلك إجابات خاطئة مهما كان السؤال محرجاً؛ لأنَّ لذلك الكثير من التبعيات في المستقبل؛ إذ قد يأخذ الطفل موقفاً من أمرٍ ما بسبب إجابات قُدِّمت له في طفولته بشكلٍ خاطئ.
  • ابتعد كلياً عن إدخال الطفل في دوامة الحرام والحلال، كأن تقول للطفل إذا ما سألك عن الله: "هذا حرام!". وأيضاً، تجنَّب استعمال كلمة "عيب" إذا ما سألك عن الأمور الجنسية؛ لأنَّ ذلك قد يجعل الطفل يأخذ موقفاً من جسده، وهذا ما قد يؤثِّر تأثيراً كبيراً في علاقاته وحياته في المستقبل.
  • قدِّم إجابات مناسبة لكلِّ عمر؛ إذ ليس من الطبيعي مثلاً أن نُجيب طفلاً في عمر السنتين بالطريقة نفسها التي نُجيب بها طفلاً في عمر السبع سنوات.
  • استعمل الحقائق العلمية واربطها بالإجابة؛ لأنَّ ذلك يساعد كثيراً على التخفيف من الإحراج الذي قد تسببه في حال كانت الأسئلة مُحرجة.
  • لا تتجاهل الطفل وأسئلته، بل أبدِ الكثير من الاهتمام تجاه أسئلته، وإذا كنت مشغولاً بشيء ما، فيمكن إخبار الطفل بذلك وتأجيل الإجابة إلى وقتٍ آخر.

كما يجب ألَّا تستخف بأسئلة الطفل أو تقلل من شأنه وشأنها، فهو يبحث عن الإجابة، وإن لم يجدها لديك، فسيبحث في مكان آخر، وهذا من الممكن أن يعرِّضه لإجابات غير صحيحة وغير دقيقة، وقد يُصبح الأمر خطيراً ويجعله عرضةً للاستغلال؛ لذلك اترك مساحة من الحرية بينك وبين طفلك، وأشعره بالأمان والاهتمام ليسأل ما يريد.

  • ابتعد عن الإجابات غير المنطقية وغير المقبولة في الواقع، وقدَّم إجاباتك بشكل حكيم وواقعي.
  • ضع في حسبانك أنَّه وفقاً لعلم النفس، عندما يسأل الأطفال، لا يكون هدفهم جذب اهتمام الأهل كما يعتقد الكثيرون؛ وإنَّما يكون الهدف الاستيعاب الواعي للأشياء ليتكوَّن لديهم الفهم الصحيح لكلِّ ما يحيط بهم، وقد يُكرر الطفل السؤال نفسه نحو 7 مرات إذا لم يحصل على الإجابة المقنعة بالنسبة إليه.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

3. ما هي أكثر الأسئلة المحرجة شيوعاً بين الأطفال؟

كثيرةٌ هي الأسئلة المحرجة التي يسألها الأطفال، وسنعرض فيما يأتي نماذج لأكثر هذه الأسئلة شيوعاً، وكيفية الإجابة عنها بشكل صحيح:

● قد تسأل طفلة عن العضو الذكري الموجود عند أخيها:

يجب إعطاء الإجابة في هذه الحالة طابعاً علمياً، وتسمية الأعضاء بأسمائها العلمية الصحيحة؛ فمن الممكن القول إنَّ هذا العضو اسمه القضيب، والذي ينتهي بفتحة البول التي يخرج من خلالها البول إلى خارج الجسم، وهذا العضو هو ما يميِّز جسد الأنثى عن الذكر. وفي الأعمار الصغيرة، يجب تجنُّب ذكر العلاقة الحميمة ودور العضو فيها، إلا إذا كان السؤال عن الأمر بشكل مباشر. أمَّا في عمر أكبر، يمكن التنويه لدور العضو في تشكيل الأولاد.

● قد يسأل الأطفال عن اختلاف الأعضاء بين الذكر والأنثى؛ على سبيل المثال: لماذا ليس لديَّ أثداء بارزة مثل أختي؟

تبدأ الإجابة عن هذا السؤال بالحديث عن الاختلاف بالأشكال بين كل المخلوقات، وأنَّ لكلِّ كائن أعضاءً مختلفةً، وتختلف هذه الأعضاء حسب الدور الذي يقوم به كل عضو، فالأنثى لديها أثداء؛ لأنَّها ستصبح أُماً عندما تكبر، وستحتاج إلى مكان يتجمع الحليب فيه لتتمكن من إرضاع صغارها.

● من الأسئلة الشائعة جداً التي قد تسألها الفتيات الصغيرات، لماذا أحتاج إلى الجلوس عندما أتبوَّل وأخي لا يحتاج إلى ذلك؟

يجب أن تكون الإجابة شرحاً واضحاً عن طبيعة جسم الإناث ومكان الأعضاء، وكيف أنَّ التبوُّل واقفة سيعرِّضها للبلل بسبب شكل جسمها، لأنَّ فتحة البول عندها على مستوى جسدها.

إقرأ أيضاً: أهم 10 نصائح في تربية الأطفال تربية سليمة

● من أين أتينا؟ وكيف تشكلنا؟

الأهل جميعهم معرَّضون لهذا السؤال، فهو من أكثر الأسئلة شيوعاً بسبب طبيعة الطفل الفضولية. وللإجابة، يجب تسمية المكان الذي يأتي منه الطفل بالاسم العلمي الصحيح، كأن نقول إنَّ الأطفال يأتون من مكان في جسم الأم اسمه الرحم؛ بعد أن تدخل خلية صغيرة من جسد الأب في جسم الأم تتَّحد هذه الخلية مع خلية من الأم في الرحم، ليتشكل ما يسمى البويضة، والتي تكبر لتصبح جنيناً.

وكلما كان عمر الطفل أكبر، كان بالإمكان التوسع أكثر نظراً إلى أنَّ هذا السؤال سيتبعه العديد من الاستفسارات الأخرى. فمثلاً إذا كان عمر الطفل الذي يسأل بين 5 و6 سنوات، يمكننا أن نضيف أنَّ خلية الأب تحتاج، حتى تدخل في جسم الأم، إلى أن يكونا قريبين جداً.

● السؤال عن العلاقة الجنسية، كأن يسأل الطفل والديه ماذا يفعلان في الفراش:

يُعَدُّ هذا السؤال من أكثر الأسئلة إحراجاً بالنسبة إلى الأهل، وكما ذكرنا آنفاً، فإنَّ الإجابة ضمن السياق العلمي ستخفف كثيراً من الحرج؛ لذلك يجب استعمال المصطلحات العلمية، واستعمال الرسوم والصور التوضيحية لإيصال المعلومة بشكل دقيق.

وهنا يجب أن نتذكر دائماً أنَّ حصول الطفل على الإجابات منك، هي الطريقة الأفضل لضمان تقديم معلومات صحيحة من دون مبالغة أو تهويل. يمكنك عدم الخوض في التفاصيل إذا وجدت الطفل لم يعُد مهتماً، وشعرت باكتفائه من الإجابة.

● هل سأتزوج أمي عندما أكبر؟

يبدأ الطفل بطرح مثل هذا السؤال عندما تبدأ مشاعر الانجذاب الجنسي بالتشكُّل لديه. والإجابة عن مثل هذه الأسئلة ليست معقدة؛ إذ إنَّ عليك إخبار الطفل بسهولة أنَّه يستطيع أن يستمر في حب أمه إلى الأبد؛ ولكنَّه لا يستطيع الزواج منها، فلكلِّ شخصٍ في هذه الحياة دوره، وأنَّه عندما يكبر سيتزوج فتاةً من عمره.

● هل سأموت أنا؟

يسأل الكثير من الأطفال هذا السؤال بعد مرورهم بتجارب موت في العائلة، كموت الجدِّ أو الجدَّة. لا يجب التملُّص من الإجابة أبداً خوفاً على مشاعر الطفل؛ بل أخبره بالحقيقة فهو قادرٌ على تقبُّلها؛ وضِّح له الأمر واشرح له كيف أنَّ جميع الكائنات تموت، كما يمكن أن تُطمئن الطفل بأنَّ ذلك لن يحدث الآن؛ وإنَّما يحدث بعد أن يكبر ويشيخ ويمرض.

في حالة إصابة الطفل بأمراض خطيرة كالسرطان، يجب استشارة اختصاصي لمعرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع السؤال؛ إذ ينصح بعض المختصين بالصدق وتقديم معلومات كاملة إلى الطفل عن حالته، في حين يقول آخرون إنَّ الإجابة يجب أن تكون على قدر السؤال، ومن دون إخباره أو التطرق إلى أيِّ معلومات أخرى غير ضرورية.

● لماذا هذه المرأة سمينة جداً؟

قد يضعك الطفل في موقف محرج جداً عندما يسألك عن عيب ما في شكل شخص أو سمنة زائدة. وعلى عكس ما يُعتقد، لا يجب توبيخ الطفل أو تأنيبه؛ لأنَّ ذلك سيؤثِّر فيه نفسياً؛ بل يجب أن نشرح للطفل عن الاختلاف بين الناس في أشكالهم وأوزانهم وألوانهم، وأنَّ الناس ليسوا نسخاً متشابهة من بعض.

وفي حال وجود عيب أو تشوه خلقي لدى الشخص، لا بُدَّ من الشرح للطفل عن سبب هذا التشوه، والإشارة إلى أنَّ مثل هذه الأسئلة قد تجرح مشاعر هؤلاء الأشخاص وتؤذيهم عندما تُسأل هكذا أمامهم، كما يجب في النهاية الحصول على وعد من الطفل بعدم تكرار مثل هذه الأسئلة، واحترام الآخرين واحترام أشكالهم.

إقرأ أيضاً: خطأ فادح في تربية الطفل يرتكبه الجميع

في الختام:

نعيد ونؤكِّد على ضرورة التعامل بجدية كاملة مع أسئلة الطفل واستفساراته، فهي الطريقة التي يستعملها لفهم واستيعاب العالم من حوله. وتذكَّر دائماً أنَّه من خلال إجاباتك، إمَّا ستفتح له نوافذ عقله، أو أنَّك ستغلقها في وجهه وتساهم في جعل فكره محدوداً. مهما كانت أسئلة طفلك محرجة، تقبَّلها برحابة صدر وقدِّم الإجابات المناسبة.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة