أخطاء شائعة أثناء التواصل مع الآخرين

إنَّ تحقيق التواصل الجيد مع الآخرين ليس أمراً سهلاً، ولكنَّه أيضاً ليس مستحيلاً، فهو يتطلَّب منَّا فقط الإلمام بقواعد التواصل الخاصة في علم الحديث، وأيضاً معرفة الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الناس في أثناء تواصلهم مع بعضهم بعضاً، والتي تكون سبباً في إنهاء حوارهم دائماً نهاية فاشلة؛ لذلك سنتحدَّث في هذا المقال عن الأخطاء الشائعة التي نقع فيها في أثناء التواصل مع الآخرين، ونتطرَّق إلى أهم المهارات التي يجب أن نتعلمها لتحقيق تواصل فعَّال وقيِّم.



أولاً: الأخطاء الشائعة في أثناء التواصل مع الآخرين

يقع الناس في الكثير من الأخطاء في أثناء تواصلهم مع الآخرين، وفيما يأتي سنعدِّد أكثر هذه الأخطاء انتشاراً:

1. عدم استخدامنا كلمة نحن:

إذ لا ينبغي أن تكون العلاقات عبارة عن منافسة أو مسابقة، فالكثيرون من الأشخاص يتعاملون مع الآخر على أنَّه عدو ويُظهرون ذلك في خطابهم وحديثهم، فيستخدمون دائماً كلمة أنا أو أنتم ويتكلمون كما لو أنَّهم في صفٍّ آخر عدوٍّ للفريق الذي يخاطبونه؛ لذلك يجب دائماً أن نعتني بانتقاء الكلمات والمفردات التي نستخدمها، ونهتم باستخدام كلمة نحن دائماً؛ وذلك لنظهر للآخر أنَّنا فريق واحد.

2. عدم استخدام العين في أثناء التواصل:

كم هو شعور سخيف أن تتحدث إلى شخص مشغول عنك ولا ينظر إليك أو يشيح بنظره عنك باتجاه آخر؛ إنَّ هذا الأسلوب يُولِّد في نفسك شعوراً بأنَّك شخص غير مرغوب في حديثه أو أنَّ حديثك غير هام بالنسبة إلى مَن تخاطبه وليست له قيمة؛ مما سيجعلك ترتبك وتتلعثم أو ربما ستتوقف في النهاية عن متابعة حديثك.

3. مقاطعة المتحدِّث:

هي أكثر الأخطاء التي تُرتَكب يومياً في أثناء الحديث، ولها تأثير سلبي كبير جداً في المتحدِّث؛ وذلك لأنَّ الشخص الذي تقاطعه في أثناء حديثه سيظن أنَّ حديثك أهم من حديثه، أو كأنَّك ترسل رسالة مبطَّنة له معناها أن يصمت لأنَّك أهل للتكلُّم أكثر منه، وهذه الرسالة مؤذية جداً وتترك شعوراً وانطباعاً سيئاً في نفس المتحدِّث.

4. إهمال لغة الجسد وعدم الانتباه إليها:

إنَّ نسبة 90% من مغزى الرسالة التي توجهها يكمن في لغة الجسد، وتشمل لغة الجسد نظرات الأعين وطريقة الجلوس والوقوف وإشارات الأيدي وحركات الرأس أيضاً ومقدار المسافة التي تفصل بين المتكلم والمُستمع.

5. التخمين وتوقُّع فحوى الحديث قبل أن ينهي المتكلِّم كلامه:

يحدث كثيراً في أثناء حديثك إلى شخص آخر أن تُظهِر أنَّك تعلم ما يريد أن يقوله أو تُخمِّن ذلك دون أن تسمح له أن ينهيَ حديثه، ويمكن أن يكون تخمينك صحيحاً في بعض الأحيان، لكن من المُحتمل أيضاً ألَّا يصيبَ توقُّعك؛ لذلك يفضَّل سماع الحديث حتى نهايته وعدم التكهُّن والتخمين منذ بدايته.

6. سيطرة العواطف على الأقوال:

غالباً يتكلم الغاضبون بطريقة أو يختارون مفردات يندمون عليها فيما بعد؛ وذلك لأنَّنا في أثناء الغضب نجرِّد أقوالنا من الجوانب المنطقيَّة، ونتكلَّم فقط متأثرين بعواطفنا المنفعلة وحتى من غير أن يكون كلامنا منطقياً أو فيه شيء من الإقناع.

7. عدم السؤال عن التفاصيل:

عندما يروي لك شخصٌ موقفاً أو نادرة قد حصلت معه وخاصة فيما يتعلق بالمواقف العاطفية؛ عليك دائماً أن تسأل عن أدق تفاصيل القصة التي تسمعها وبلهفة أيضاً، فهذه الأسئلة عن التفاصيل تولِّد لدى الشخص المُتحدِّث شعوراً جميلاً وتُوضِّح أنَّك شخص مهتم إلى حد كبير بما تسمع.

8. توجيه مجريات الحديث دائماً لتكون عن حياتنا وأنفسنا وعدم سؤال الآخرين عن حياتهم هم:

من الجميل أن تسأل الآخرين عن حياتهم وأنفسهم ورغباتهم؛ وذلك لأنَّهم أيضاً يحبون أن يتحدثوا؛ لذلك حاول دائماً أن تقاوم لذَّة وإغراء الحديث عن النفس، ولا تنجرف في هذه اللذَّة وتنسَ الذين تجالسهم.

9. انتقاد شخصية الآخر بدلاً من محاولة نصحه بما يجب أن يفعل:

عندما تشعر بالانزعاج من تصرف أي شخص وترغب في مصارحته بذلك عليك ألَّا تنتقده بشكل شخصي وتهاجمه؛ بل يجب أن تكتفي بتوجيه نقدك للتصرُّف أو القول الذي بدر أو صدر عنه وإعلامه بطريقة لبقة ماذا كنت تحب أنت أن يقول أو يتصرف معك في مثل هذه الحالات.

10. استخدام الطرائق غير المباشرة في الحديث:

إنَّ البشر بشكل عام لا يملكون قوى غير طبيعية تمكِّنهم من فهم وقراءة أفكار الآخرين؛ لذلك عندما تتحدث يجب أن تستخدم أسلوباً واضحاً وبسيطاً وتبتعد عن الطريقة غير المباشرة؛ وذلك لضمان أن يفهمك جميع المستمعين لك بسرعة وبشكل صحيح.

11. النميمة:

وهي أن تتحدَّث بشكل سيئ وسلبي عن شخص في أثناء غيابه؛ وذلك بقصد الفتنة بينه وبين الشخص الذي تتحدَّث معه، والنميمة هي فعل منبوذ اجتماعياً وغير لائق، فجميعنا عندما نجلس مع شخص نمَّام نشعر تلقائياً بأنَّ هذا الشخص سيتحدث أيضاً علينا في غيابنا بشكل سلبي، فالنميمة تفسد علاقات بعض الأشخاص فيما بينهم، وهي قادرة على إفساد المجتمع بشكل كامل.

12. توجيه اللوم:

تجنَّب كثرة توجيه اللوم للآخر في أثناء الحديث؛ وذلك لأنَّ توجيه اللوم بشكل متكرر يزعج الآخر ويدفعه إلى مقاطعتك والنفور منك ومن حديثك.

شاهد: مهارات التواصل مع الآخرين

13. بث الطاقة السلبية في الحديث:

إنَّ التحدث كثيراً عن الأمور المزعجة والسلبية كظروف المعيشة الصعبة والإصابة بالأمراض والصعوبات والضغوطات التي تواجهها في العمل وكل ذلك يعمل على استنفاد الطاقة الإيجابية من الآخرين وتعزيز الطاقة السلبية مكانها؛ وبذلك يصبح حديثك غير مرغوب ويدفع إلى التشاؤم.

14. الإكثار من توجيه الأسئلة للمتكلم:

لقد ذكرنا آنفاً أهمية سؤال المتحدِّث عن التفاصيل لإظهار الاهتمام بما يقوله، ولكنَّ كل شيء بحدود فإنَّ كثرة الأسئلة وطرحها بطريقة تُظهر الشك بمصداقية ما تسمع، سوف يجعلك تبدو كالمحقق الذي يحاول استجواب المتحدث، وسوف تُشعره بأنَّه شخص غير موثوق به وبما يقوله ويرويه.

15. أسلوب وطريقة الحديث:

كثيراً ما ينتهي حوارنا نهاية فاشلة، ليس لشيء وإنَّما فقط بسبب أسلوب وطريقة الحديث؛ لذلك ابتعد في أثناء الحديث عن المبالغة التي تُظهر حديثك كذباً، وتحدَّث ببطء وبصوت واضح ليس قوياً حاداً وليس ضعيفاً يصعب سماعه، ويُحبَّذ أن تصمت أيضاً بين الحين والآخر، وحتى تتجنب أن يشعر المُستمع لك بالملل من حديثك؛ عليك أن تغيِّر نبرة صوتك في أثناء الانتقال من فقرة إلى أخرى في الموضوع الذي تطرحه.

16. الاختصار:

جميعنا نعلم أنَّ خير الكلام ما قلَّ ودل، ونعلم أنَّ الكلام هو صورة واضحة ومعبِّرة عن شخصيتك وثقافتك؛ لذلك تجنَّب التكرار في الحديث والمماطلة في إيصال المستمع إلى زبدة الحديث، وتذكَّر دائماً أنَّ المستمعين لديهم أيضاً ما يقولونه، فدع لهم الوقت ليتحدثوا أيضاً.

17. إخفاء الأخبار غير الجيدة:

البشر بالفطرة يتجنبون الصدامات مع بعضهم قدر المستطاع؛ لذلك يتجنبون الحديث إلى الآخرين بالأمور السلبية وغير الجيدة، لكن من الأفضل طرح الأمور بمصداقية وواقعية بصرف النظر عن رد فعل الآخر، فالصدق يمكِّننا من إيجاد حلول لجميع المشكلات؛ وذلك أفضل من أن يكتشف الشخص الآخر الحقيقة من طرف ثالث وتتزعزع الثقة وتتفاقم المشكلة.

18. قطع العلاقات مع الآخرين:

قد يحدث خلاف بينك وبين صديقك أو مديرك في العمل، لكن حاول دائماً ألا تقطع علاقتك به بشكل نهائي؛ وذلك لأنَّ الزمن كفيل بحل جميع هذه الخلافات، ونحن بصفتنا بشراً مختلفون في طريقة التفكير ومختلفون أيضاً في العادات والتقاليد؛ ولذلك نحتاج إلى فترة معيَّنة لفهم طباع وعادات بعضنا بعضاً والتأقلم معها.

ثانياً: ما هي مهارات التواصل مع الآخرين؟

بعد أن بينَّا لكم الأخطاء الشائعة التي نقع فيها في أثناء التواصل مع الآخرين، يجب أن نتعلم مهارات التواصل وكيف نكتسبها لنصل إلى تواصل ناجح.

تصنَّف مهارات التواصل كما يأتي:

1. مهارات الاستماع الفعال:

يُقصد بهذه المهارة أن تعير الشخص الذي يتحدث إليك انتباهك كاملاً، فكما نعلم، فإنَّ الأشخاص الذين يجيدون الاستماع يجيدون التحدث، وهم بالمجمل محبوبون من كافة زملائهم في العمل أو في الحياة الاجتماعية الأخرى.

2. اللطف:

يُعَدُّ من السلوكات الأكثر إيجابية في الحديث والحوار، فابتسامتك مثلاً في أثناء الحديث أو في أثناء الاستماع، لها وقع كبير إيجابي في نفس الشخص الآخر، أو مدح العمل الذي قام به المتحدث، وأيضاً استخدام بعض الكلمات اللطيفة في الإطراء يُعَدُّ سلوكاً إيجابياً هاماً.

3. الثقة بالنفس:

إنَّ البشر معجبون وميَّالون إلى الأشخاص الذين يملكون ثقة عالية بأنفسهم ويرغبون دائماً في التواصل معهم والاستماع لهم حتى لو كان هؤلاء الأشخاص لا يتحدثون عن أفكار عميقة أو عن أشياء خارقة، ولكنَّ الثقة التي تظهر عليهم في أثناء الحديث تجعلهم محطَّ إعجاب واهتمام دائمين.

إقرأ أيضاً: 6 مفاتيح أساسية للتواصل بشكل فعّال مع الآخرين

4. التعاطف:

لكي تستطيع أن تحقق تواصلاً جيداً وفعالاً؛ عليك أن تحرص على فهم مشاعر الأشخاص وتتمكن من التعاطف معهم، فعندما يتحدث إليك شخص يشعر بالحزن والألم عليك هنا أن تُظهر الكثير من العواطف وتختار كلمات مناسبة ترد بها عليه من شأنها أن تخفف من حزنه إلى حدٍّ كبير أو أن تواسيه بعض الشيء وتُشعره بالتحسن.

5. إظهار الاحترام:

في أثناء الأحاديث والحوارات مع مجموعة من الأشخاص يجب عليك أن تُظهر الاحترام للشخص الأعلى منزلةً سواء من حيث المركز الوظيفي أم السن أم مستوى الثقافة؛ وذلك من خلال توجيه نظرك في أغلب أوقات حديثك إليه وأيضاً بحسن الاستماع له عندما يتحدث.

6. لغة الجسد:

يُعَدُّ فهم لغة الجسد من أهم عوامل نجاح التواصل؛ لذلك من الهام أن تفهم تماماً لغة جسدك وتجيد استخدامها بشكل منسجم مع الذي تقوله، وبالمقابل عندما تمتلك المهارة في فهم لغة جسدك فسوف تفهم لغة جسد المتحدث إليك أيضاً، وتتمكن من فهم ما يقوله لسانه وما تعنيه الحركات والإشارات التي يقوم جسده بها أيضاً.

إقرأ أيضاً: مهارات التواصل وطرق تطويرها وتنميتها

في الختام:

إذا تمكنَّا من تجنُّب الأخطاء الشائعة التي ذكرناها وتعلمنا بدقة مهارات التواصل، سنصل حتماً إلى علاقات ناجحة سواء في العمل أم مع الأصدقاء والأسرة.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة