أثر الامتنان في تفاعل الموظفين وإنتاجيتهم

يتناول كتاب "جانيس كابلان" (Janice Kaplan) الجديد الذي يحمل عنوان "يوميات الامتنان" (The Gratitude Diaries)، آثار الامتنان في مكان العمل؛ إذ أشارَت إلى بحث صادر عن "كلية لندن للاقتصاد" (London School of Economics)



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "كورد هيميلستين" (Cord Himelstein)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية تقديم الامتنان.

 حلَّل أكثر من خمسين دراسة بحثَت في الأسباب التي تدفع الناس إلى العمل، ووُجِد أنَّنا نبذل قصارى جهدنا عندما:

  1. يُثير العمل اهتمامنا وحماستنا.
  2. نشعر أنَّ العمل ذو مغزى وهدف.
  3. يُقدِّر الآخرون ما نقوم به.

مع ذلك، تحتلُّ أماكن العمل بشكل صادم مرتبةً متدنيةً جداً من بين الأماكن التي يعرب الناس فيها عن امتنانهم.

ففي دراسة استطلاعية قام بها "جون تمبلتون" (John Templeton) لأكثر من 2000 موظف يعملون بدوام كامل، وافق 80% منهم على أنَّ تلقِّي الامتنان يجعلهم يعملون بجد أكبر، لكن 10% منهم اعترفوا بقيامهم بالتعبير الفعلي عن الامتنان لزملائهم كل يوم، فقد شعر أكثر من 90% من الموظفين أنَّ الرؤساء الذين أظهروا الامتنان كانوا أكثر نجاحاً عموماً.

نعم، إنَّ الامتنان يُعَدُّ حافزاً قوياً، لكن ما تزال هناك بعض أماكن العمل التي لم تكتشف بعد كيفية جعله جزءاً من ثقافتها.

التدريب يؤدِّي إلى الإتقان:

لقد تبيَّن أنَّ إعطاء الامتنان وتلقِّيه يُحسِّن من صحتنا العقلية والبدنية، ويُعزِّز تعاطفنا، ويخفض من مستوى العدوان لدينا، وكذلك يُحسِّن احترامنا لذاتنا وقوَّتنا العقلية عموماً، وبالإضافة إلى آثاره العلاجية، فإنَّ الامتنان يُحفِّز الأداء العالي، ويُضفي المعنى على عملنا، وهو الشيء المناسب الذي يجب القيام به، وهو الشرط الأول لإنشاء ثقافة عمل إيجابية، والصفقة الأهم عندما يتعلَّق الأمر بالنجاح التنظيمي.

لكن هذا لا يعني أنَّ الشركات المُقصِّرة هي شركات ناكرة للجميل، فعلى الأرجح أنَّها توقَّفت عن ممارسة الامتنان فقط؛ إذ إنَّ هناك فنَّاً للامتنان مثل أي شيء آخر، وإذا كنت تفعل ذلك فعلاً خاطئاً، فسيلاحظ الموظفون.

لقد وضع "تيري وونج" (Terry Wong) من صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) ملخَّصاً ممتازاً لخمسة من أكثر العبارات المُبتذَلة الشائعة عن الامتنان في مكان العمل، وما عليك فعله هو ألا تكن مثل هؤلاء الرؤساء:

  1. القائد الآلي: يُظهِر الامتنان فقط خلال إجراء جولات في فترة زمنية منتظمة، عادةً مرة واحدة في الأسبوع، فالامتنان يكون ذا معنى أكثر عندما تكون هناك إيماءات فردية ذات مغزى، وليس عند القيام بها جميعها في مهمة واحدة.
  2. المُبالِغ في الامتنان: لا يشكر أحداً، ولكنَّه فجأةً في بعض الأحيان لا يستطيع أن يتوقَّف عن شكر الجميع على كل شيء، فالثبات والموثوقية هما الأساس لبناء الثقة، ودونهما لا يمكن للامتنان أن يترسَّخ في الثقافة.
  3. المتحدِّث المزدوج: يرافق كل كلمة "شكراً" بـ "لكن"؛ مثلاً: "شكراً لقيامك بعمل رائع في ذلك التقرير، لكن كانت هناك بعض الأخطاء المطبعية"، فشكراً على المجاملة، لكن عندما تُقيِّد مديحك، لن يكون مديحاً حقيقياً.
  4. المتأخِّر: ينتظر أسبوعاً قبل تقدير الأداء المتميِّز؛ لذا كما يقول المثل: "اضرب الحديد وهو ساخن" حتى يتمكن الناس من ربط المديح بالإنجاز الذي حقَّقوه على الفور؛ إذ إنَّ هذا ما يعطيه معنىً حقيقياً.
  5. الانتهازي: يقدِّم الثناء فقط للحصول على شيء في المقابل، مثل: الطلب من الموظف العمل حتى وقت متأخِّر، فإن كنتَ تفعل هذا، فتوقَّف على الفور، وأعِد التفكير في خياراتك في الحياة.

شاهد: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان

تطبيق سياسة الامتنان بدءاً من المناصب العليا:

يتحمَّل المدير العبء الأكبر من المسؤولية في نشر الامتنان في مكان العمل، لكن ليس كله؛ إذ يتعيَّن على الشركة ككل أن يكون لديها استراتيجية مكتوبة من نوعٍ ما لتوجيه جهود التقدير والامتنان، ويتعيَّن عليها أن تتعامل مع الأمر على القدر نفسه من الجديَّة التي تتعامل بها مع أرباحها النهائية.

لقد وضع "هارفي دويتشندورف" (Harvey Deutschendorf) من مجلة "فاست كومباني" (Fast Company) قائمة رائعة مؤلَّفة من خمس نصائح سهلة عن كيفية دعم ثقافة الامتنان في مكان عملك:

  1. القيادة العليا هي القدوة: فكلُّ شيء يبدأ بالقيادة، ويستمدُّ الموظفون إشاراتهم الاجتماعية من رؤسائهم في المكتب؛ لذا يجب على الإدارة وكبار القادة تطبيق سياسة الامتنان كل يوم حتى يقتدي بهم الموظفون.
  2. يجب أن يكون الامتنان محدَّداً وصادقاً: قال "هارفي" مجادلاً: إنَّ ملاحظة أشياء محدَّدة عن الشخص الذي يتلقَّى المديح تتطلَّب الوقت والجهد، وإذا كنتَ تمدح فقط في جلسات جماعية، أو تتعامل مع الامتنان على أنَّه مهمَّة روتينية، فأنت لا تتواصل مع موظفيك، فالثناء المحدَّد والصادق هو الثناء الوحيد الذي يحمل معنى.
  3. التأكُّد من عدم وجود دوافع خفية: لا ينبغي أن يُستعمَل الامتنان بوصفه أداة للتلاعب، أو الخنوع، أو الإجبار. يروي "هارفي" قصة عن مدير له، الذي كان يعطي تقديرات أمام رئيسه فقط؛ وهذا ما أدى إلى شعور عديد من الموظفين بالاستغلال بدلاً من الشكر، فإنَّ تقدير إنجاز الموظف هو عمل بعيد كل البعد عن الأنانية، ويمكن للموظفين تمييز الفَرق.
  4. التخصيص الفردي: تجنَّب المدح العام مهما كان، فيجب أن يكون المديرون على استعداد لاستيعاب إنجازات كل موظف على حِدَة والنظر فيها، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن امتنانهم بطريقة محدَّدة وذات مغزى وتخصُّ الفرد نفسه.
  5. ابتكار الفرص للتفكير ومشاركة الامتنان: امنح موظفيك عملية سهلة لتقدير بعضهم بعضاً في مكان العمل، وابدأ اجتماعاتك الشهرية بإخبار الجميع بما أنت ممتنٌّ له، وسلِّط الضوء على إنجازات الموظفين والثناء عليهم في النشرة الإخبارية الخاصة بالشركة، وإذا أردت أن يكون الامتنان موضوعاً هامَّاً في مكان عملك، فاختر المناقشات والفرص اللازمة لذلك.
إقرأ أيضاً: تقدير الموظفين: أبرز التحديات

مضاعفة الرسالة:

في دراسة نشرتها مجلة "بيرسوناليتي آند سوشل سايكولوجي" (Personality and Social Psychology)، طُلِب من مستشارين مهنيين تقديم ملاحظات للطلاب عن رسالات طلب عمل، وبعد تلقِّي الملاحظات، طلب الطلاب المساعدة من المتخصِّصين في رسالات أُخرى.

وقد وافق قُرابة 32% منهم على تقديم المساعدة في المرة الثانية، لكن عندما أضاف الطلاب سطراً واحداً إلى ملاحظاتهم عن أوَّل تغذية راجعة لهم مثل "شكراً جزيلاً، أو أنا ممتنٌ" وافق 66% من المستشارين على المساعدة، حتى لو كان التعبير عن الامتنان سهلاً، وعلى شكل ملاحظة مكتوبة، فقد ضاعف ذلك الاستجابة، فعندما يُقدَّم الامتنان تقديماً صحيحاً، يكون تأثيره قوياً جداً، والامتنان لا يكلِّف شيئاً تقريباً، ولكنَّ فوائده هائلة.

إقرأ أيضاً: كيف يعزز التعبير عن الامتنان المشاعر الإيجابية؟

القيمة الحقيقية:

أحياناً يمكن أن يكون هذا الشيء الوحيد الذي يحافظ على مشاركة موظفيك في عملهم؛ إذ يحتاج الموظفون إلى التقدير، وعندما لا تتحقق هذه الحاجة، يشعرون بأنَّهم غير موجودين؛ وهذا يؤدي إلى تضاؤل دافعهم وتفاعلهم، ولكي تحصل على القيمة الحقيقية من موظفيك، تكون الخطوة الأولى هي معاملتهم كما لو كانوا موضع تقدير.

المصدر




مقالات مرتبطة