في ظل توسع الشركات الخليجية نحو التوظيف الدولي، أصبح العمل مع فرق متعددة الجنسيات واقعاً يومياً وليست فكرة فريدة، لكن الشركات متعددة الجنسيات تعيش تحديات لتعرف كيفية التعامل معها والنجاح في إدارة الفرق العالمية تابع القراءة.
ما هي فرق العمل متعددة الجنسيات ولماذا تلجأ الشركات إليها؟
تمثّل هذه الفرق فرصةً لمن يريد مواكبة التطورات في عالمنا اليوم الذي يتّسم بالعولمة المتسارعة، والذي كسر عائق الحدود الجغرافية أمام العمل والتعاون. فأصبح التفاهم بين الثقافات أمراً ممكناً، على الرغم من اختلاف اللغة والثقافة والانتماء، وتوجد أسباب متعددة ومقنعة جداً للجوء الشركات إلى تلك الفرق.
مزايا التنوع الثقافي واللغوي
التنوع الثقافي في بيئة العمل وكذلك اللغوي ليس مجرد إضافة بل هو ميزة تضيف للشركات الكثير، أهم تلك الإضافات ما يلي:
1. الوصول إلى مجموعة أوسع من المواهب والكفاءات
الوصول إلى مجموعة أوسع من المواهب والكفاءات التي لا توجد جميعها في بلد واحد، فتخيل أنّك تمتلك في شركتك خبير تسويق يفهم تعقيدات المنطقة، وخبير برمجيات بخبرة نادرة، وعديداً من الخبراء في الأقسام كافةً؛ إذ تفتح فرق العمل متعددة الجنسيات لك تلك الأبواب.
2. تعزيز فكرة الإبداع والابتكار
تعزيز فكرة الإبداع والابتكار فعندما يجتمع أشخاص من خلفيات مختلفة يجلب كل منهم وجهات نظر مختلفة معه وطرائق تفكير جديدة وحلول مبتكرة، والنتيجة خدمات أكثر تميزاً. أثبتت ذلك عديدٌ من الدراسات، مثل دراسة (Harvard Business Review) في عام 2013، التي وجدت خلالها أنّ الشركات متعددة الجنسيات كانت فرق إدارتها أكثر قدرة على الابتكار بنسبة تصل إلى 70%.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال
3. التوسع في الأسواق العالمية
التوسع في الأسواق العالمية لسهولة الدخول في تلك الأسواق؛ إذ تمتلك أعضاء لديهم معرفة باللغة والعادات التجارية والثقافة المحلية فلا مجال لسوء الفهم والأخطاء المكلفة. ففي دراسة أجرتها (Harvard Business Review)، أثبتت أنّ الشركات ذات فرق العمل متعددة الجنسيات احتمال استحواذهم على أسواق جديدة يصل إلى 70%.
4. الميزة تنافسية
ميزة تنافسية حقيقية تجعل الفريق أكثر مرونة وقدرة على حل المشكلات نتيجة التعامل مع التحديات اللغوية واستخدام أساليب تواصل متنوعة فتلك المهارات تثري بيئة العمل؛ إذ يشير باحثون في (Harvard Business Review) أنّ فرق العمل المتنوعة لديها قدرة أعلى على التعامل مع الشدائد وبيئات العمل المعقدة والصعبة.
تُعد فرق العمل متعددة الجنسيات أداةً لتحقيق النجاح العالمي؛ إذ تمنح الفريق فهم عميق واتساع في الرؤية وقدرة على حل المشكلات والإبداع في العمل بالتالي الدخول إلى أسواق جديدة والتفوق على المنافسين.
.jpg_933572cd838f409_large.jpg)
أبرز التحديات التي تواجه فرق العمل متعددة الجنسيات
رغم مزايا فرق العمل متعددة الجنسيات الكثيرة، إلا أنّها تواجه تحديات قد تكون معقدة أحياناً؛ لذا، تعرّف عليها لتكوّن فكرة واقعية عنها، وهي:
1. حاجز اللغة والتواصل
يبدو هذا التحدي بديهياً فهو من أبرز تحديات العمل الدولي، حتى إن كانت اللغة الإنجليزية هي اللغة مشتركة، فإنّ فرق اللهجات والمفردات وطريقة صياغة الجمل قد يؤدي لسوء فهم بالتالي تباطؤ في سير العمل وإخطاء مكلفة أحياناً نتيجة عدم فهم المطلوب بدقة.
2. الاختلافات الثقافية والقيم المهنية
يؤثر التنوع الثقافي في بيئة العمل واختلاف القيم المهنية مباشرةً في سير العمل؛ إذ ربّما تُشعر تلك الاختلافات الأعضاء بعدم الاحترام. على سبيل المثال:
- اختلاف مفهوم الوقت بين الثقافات: ففي بعض الثقافات قد يكون الموعد النهائي مرناً ولا يتسبب التأخير بمشكلة كبيرة، بينما في ثقافات أخرى الوقت هو المال والدقة فيه أمر حاسم لا يمكن النقاش فيه.
- التسلسل الهرمي في الشركة: إذ يرى البعض احترام وتقدير السلطة أمراً هامّاً جداً بينما البعض يمنح مساحة أكبر للمساواة والمشاركة بين الإدارة والموظفين.
- أسلوب اختلاف القرار: هل هو جماعي ويتم بعد مناقشات عميقة ومتكررة؟ أم يتم اتخاذ القرار بسرعة وبصورة فردية؟
- التعبير عن الاختلافات والنقد: ويتم ذلك بشكل مباشر وصريح أم يجب التعبير على نحوٍ غير مباشر لعدم تقبّل الآخرين للصراحة في النقد.
3. اختلاف أنماط العمل والتواصل
تختلف طرائق العمل المفضلة وأساليب التواصل اليومية من ثقافة إلى أخرى؛ فالبعض يفضل الاجتماعات المتكررة وجهاً لوجه أو بالفيديو. بينما يفضل البعض الآخر التواصل بالرسائل النصية أو البريد الإلكتروني، تعوق تلك الاختلافات تدفق المعلومات.
4. بناء الثقة والانسجام في بيئة افتراضية
إنّ افتقار فريق العمل، الذي يعمل في مناطق زمنية مختلفة، لفرصة التفاعل اليومي المباشر، يصعّب عليه بناء الثقة والانسجام، فعندما يتشارك فريق العمل المكتب ويتبادلون المعلومات وكذلك يتبادلون الحديث في استراحة القهوة يسهل تعزيز الروابط المهنية والشخصية.
5. اختلاف القوانين والأعراف المؤسسية
يفرض العمل مع أعضاء من بلدان مختلفة على الشركة التعامل مع قوانين عمل مختلفة وأعراف مؤسسية متعددة وأنظمة ضريبية متباينة، فمثلاً تختلف متطلبات السلامة والصحة، والإجازات الرسمية، وعدد ساعات العمل.
تحديات فرق العمل متعددة الجنسيات متعددة أهمها:
- حاجز اللغة والتواصل.
- الاختلافات الثقافية والقيم المهنية.
- اختلاف أنماط اللغة والتواصل.
- بناء الثقة والانسجام.
- اختلاف القوانين والأعراف المؤسسية.
شاهد بالفيديو: 5 نصائح لإدارة فرق العمل عن بعد
استراتيجيات فعالة لإدارة الفرق متعددة الجنسيات
يكون تحويل تحديات فرق العمل متعددة الجنسيات إلى فرص نجاح بالاعتماد على الاستراتيجيات التالية في إدارة الفرق العالمية:
1. القيادة التشاركية والمرنة
تحتاج الشركات متعددة الجنسيات إلى قيادة تشاركية مرنة للتكيف مع التنوع وتحقق التفاهم بين الثقافات؛ إذ تشير (McKinsey) في تقاريرها باستمرار إلى أنّ القيادة الفعّالة في بيئة عمل عالمية قادرة على بناء الثقة بين الثقافات. لذا، على القادة أن يكونوا:
- قادرين على التعاطف وفهم وجهات النظر المختلفة.
- متواصلين ممتازين باستخدام لغة بسيطة بعيدة وتجنب المصطلحات العامية.
- داعمين للتعلم المستمر وفهم الثقافات الأخرى.
- مساعدين على التعاون بتوفير أدوات لازمة لتعزيز التفاعل بين الجميع.
2. التدريب على الذكاء الثقافي
لا يكفي أن تكون على دراية بالتنوع والاختلافات الثقافية، بل يجب أن تكون قادراً على التفاعل بفعالية مع ثقافات مختلفة وبحسب دراسة (Harvard Business Review) فإنّ الشركات ذات الذكاء الثقافي العالي تشهد تحسن في مشاركة الموظفين بنسبة 35% وفي التعاون الجماعي بنسبة 20%. في دراسات من (McKinsey)، نجد أنّ الشركات التي تركز على تطوير الذكاء الثقافي وتبني فرق ثقافية أكثر تنوعاً لديها احتمالية تحقيق أداء مالي أعلى بنسبة 36% وتتفوق على منافسيها بنسبة 35%. يشمل التدريب:
- ورش عمل تشرح الأبعاد الثقافية المختلفة.
- التعلم القائم على مواقف حقيقية يواجهها فريق العمل وكيفية الاستجابة لها بفعالية.
- ربط أعضاء الفريق الجدد بزملاء لديهم خبرة تساعدهم على فهم الاختلافات الثقافية وكيفية التعامل معها.
.jpg_c449e11d33d6f08_large.jpg)
3. استخدام أدوات تقنية موحّدة (Slack، وZoom، وNotion)
تؤدي التكنولوجيا دوراً حاسماً في سد الفجوات والتغلب على تحديات العمل الدولي باستخدام أدوات تعزز التعاون والتواصل، مثل:
- (Slack أو Microsoft Teams): للمحادثات اليومية السريعة ومشاركة الملفات.
- (Zoom أو Google Meet): للاجتماعات المرئية بجودة عالية، وتسمح بالتفاعل ومشاركة الشاشة وتسجيل الاجتماعات.
- (Notion أو Asana أو Trello): لتتبع المهام وإدارة المشاريع وتحديد المواعيد النهائية.
في ما يلي، جدول يوضح التحديات التي يواجهها فرق العمل متعددة الجنسيات مقابل الحلول المناسبة لها:
|
التحديات الرئيسة |
استراتيجيات الإدارة والحلول المقترحة |
|
حاجز اللغة والتواصل |
استخدام منصات تواصل تدعم الترجمة الفورية، ودورات تعلم اللغة الإنجليزية كلغة مشتركة (أو لغة أخرى) حسب الحاجة. |
|
الاختلافات الثقافة والقيم المهنية |
التدريب على الذكاء الثقافي لتشجيع تبادل الخبرات الثقافية. |
|
اختلافات أنماط اللغة والتواصل |
القيادة التشاركية والمرنة. |
|
بناء الثقة والانسجام |
القيادة التشاركية والمرنة التي تشجع الانفتاح والشفافية، مع التدريب على الذكاء الثقافي. |
|
اختلاف القوانين والأعراف |
استخدام أدوات تقنية موحدة للموارد البشرية والقانونية، مع التدريب على الذكاء الثقافي. |
تستخدم كثيرٌ من الشركات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تلك التقنيات لإدارة فرق العمل متعددة الجنسيات ضمنها مثل شركة طلبات الرائدة في توصيل الطعام، التي يشير المدراء فيها خلال مقابلاتهم أنّ تنوع ثقافات فرقهم هو أحد أكبر نقاط قوتهم؛ لأنّه يجلب وجهات نظر مختلفة وطرائق مبتكرة لحل المشكلات مما يساعدهم على فهم عملائهم فهماً أفضل.
نذكر من الشركات متعددة الجنسيات الناجحة "أرامكو السعودية" – كُبرى شركات العالم في النفط والطاقة – التي تؤمن بأنّ قيمتها تنبع من الاستثمار في الطاقات البشرية المتنوعة، وأنّ التنوع والشمولية هو أول سياساتها في التوظيف؛ لذلك، خصصت فريق للتنوع والشمولية ضمنها.
أيضاً لدينا شركة "طيران الإمارات"، التي تُعد مثالاً ساطعاً على التنوع الثقافي في بيئة العمل، وتتضمن قُرابة 160جنسية مختلفة. كما نذكر "جوجل دبي" الرائدة في مجال التكنولوجيا، التي تجذب المواهب من خلفيات وجنسيات مختلفة وتشجعهم على الابتكار مع مزايا عالمية.
إذاً، على الشركات إدارة فرق العمل متعددة الجنسيات بالاعتماد على:
- القيادة التشاركية والمرنة.
- التدريب على الذكاء الثقافي.
- استخدام تقنيات موحّدة تضمن أن يكون الجميع على نفس الصفحة.
في الختام
العمل في فرق متعددة الجنسيات هو فرصة ثمينة لتعزيز الابتكار وتوسيع الرؤية المؤسسية وتحقيق النجاح العالمي، لكنه يتطلب اتباع عدة استراتيجيات لمواجهة تحديات العمل الدولي وتعزيز التفاهم بين الثقافات تحدثنا عنها في مقالنا.
استثمر في تلك الأدوات لضمان سير العمل بفعالية وتحويل التحديات لفرص نجاح، وشاركنا رأيك في التعليقات في تحديات التنوع الثقافي في بيئة العمل وكيفية التعامل معه.
أضف تعليقاً