9 أسباب لعدم تواصل الابن مع والديه إلَّا في أوقات الحاجة:
1. انشغال الابن وتشتُّت أفكاره بسبب ضغوطات الحياة:
يفرض نمط الحياة في العصر الحديث كثيراً من المسؤوليات والنشاطات الضرورية في الحياة اليومية، ما بين واجبات العمل والأسرة والالتزامات الاجتماعية، لهذا السبب لم يَعُد التواصل مع الوالدين من أولويات الفرد البالغ، بل أصبح أمراً ثانوياً يُؤجَّل باستمرار، فلا تبرِّر ضغوطات الحياة إهمال الابن لوالديه، ولكن عليك أن تفهم أنَّ قلة التواصل لا تتعلَّق بموقفه تجاهك وعلاقته معك، بل إنَّها محكومة بظروف الحياة، فينسى الابن أن يتواصل مع والديه في الظروف الاعتيادية بسبب انشغاله، لكنَّه يلجأ لمساعدتهما عند الحاجة.
2. افتراض الابن أنَّ والديه مستعدان لتقديم المساعدة:
يعتقد الابن أنَّك لا تمانع تقديم المساعدة عندما يطلب منك أن تُسدي إليه خدمة أو تعطيه المال بين الحين والآخر، لا سيَّما إذا كنت تلبِّي كل احتياجاته في طفولته، وينبغي أن توضِّح له بطريقة ودية أنَّك لا تمانع مساعدته في أوقات الحاجة، لكنَّك تتمنَّى أن يتواصل معك بين الحين والآخر بغرض الاطمئنان وتجاذب أطراف الحديث دون أن يطلب منك شيئاً.
3. اعتياد الابن على تلقِّي المساعدة من والديه:
ينشأ الطفل في كنف والديه ويتعوَّد على تلقِّي المساعدة والدعم منهما عند الحاجة، وقد تترسَّخ هذه السلوكات في عقله الباطن وتستمر خلال مرحلة البلوغ، ويقتضي الحل في مثل هذه الحالة أن توضِّح له وجهة نظرك، وتخبره أنَّك تودُّ أن يتَّصل بك بدافع الحب لا الحاجة، لذلك قد تضطر لرفض مساعدته عندما تتكرَّر هذه المواقف لكي تحدَّ من سلوكاته الأنانية.
4. التباعد العاطفي:
يتواصل بعض الأبناء البالغين مع آبائهم فقط عند الحاجة، بسبب افتقارهم للترابط العاطفي، ويحدث هذا عندما تكون العلاقة الأبوية قائمة على المسائل العملية منذ الصغر ولا تعطي جانب العاطفة حقَّه، وبالنتيجة لا يخطر ببال الابن أن يتواصل لمجرَّد تجاذب أطراف الحديث مع والديه، ويجب أن تبادر في العمل على تحسين التواصل العاطفي فيما بينكما، وتعزيز القدرة على مشاركة المشاعر والأفكار، وإبراز نقاط الضعف، وإبداء المحبة والعطف لكي تشجِّع ابنك على القيام بالمثل.
5. اعتماد الابن على والديه في حلِّ المشكلات:
يحاول بعض الآباء حلَّ مشكلات أبنائهم وعرض خدماتهم وتقديم المال وفعل كل ما يلزم لمساعدتهم طوال الوقت، فيصبح الأب على الأمد الطويل بمنزلة وسيلة لحلِّ المشكلات، وتفقد الرابطة الأبوية عنصر العاطفة والدعم المعنوي، ويقتضي الحل في هذه الحالة وضع الحدود في العلاقة، وتجنُّب الاندفاع لتلبية الابن عندما يطلب المساعدة، كما يجب أن تطرح عليه أسئلة تساعده على فهم وضعه الراهن، وتقاوم رغبتك بتقديم الحلول الجاهزة، فتساعد هذه الطريقة على إضفاء مزيد من التوازن على العلاقة الأبوية.
6. افتقار الابن للثقة بالنفس:
يمكن أن يستمرَّ اعتماد الأبناء على الآباء إلى مرحلة البلوغ، بسبب تدنِّي مستوى تقديرهم الذاتي وافتقارهم للمهارات الحياتية المطلوبة، وقد يلجأ الابن لوالديه للحصول على الحلول التي يحتاج إليها؛ لأنَّه لا يثق بقدرته على التعامل مع المشكلات والأزمات التي يواجهها، وتبدأ تربية الأولاد على الثقة بالنفس في مراحل الطفولة المبكِّرة، ولكن يمكنك أن تساعدهم في مرحلة البلوغ وتشجِّعهم على الاعتماد على أنفسهم في حل المشكلات عن طريق الإعراب عن ثقتك بقدراتهم وإمكاناتهم.
7. مساهمة الوالدين في ترسيخ اتِّكال الابن عليهما:
لا يمكنك أن تقف مكتوف الأيدي أمام معاناة ابنك، بل إنَّك تندفع لمساعدته فوراً، وهو ما يؤدي إلى ترسيخ سلوكات الاعتماد على الوالدين عنده، فلا يتسنَّى للابن أن ينمِّي استراتيجيات مواجهة للتعامل مع الظروف الصعبة؛ لأنه تعوَّد على الاعتماد عليك؛ لذا دعه يتعلَّم من أخطائه ونتائج أفعاله وقراراته، وقدِّمْ له دعمك المعنوي عن طريق الإصغاء لمشكلاته وتشجيعه دون أن تقدِّم له حلولاً جاهزة، فيجب على الفرد البالغ أن يتعلَّم كيفية التعامل مع تحديات الحياة وحده.
شاهد بالفيديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء
8. تعرُّض الابن لظروف قاسية:
أحياناً يضطرُّ الفرد البالغ لزيادة الاعتماد على والديه، عندما يتعرَّض لظرف صعب مثل فقدان الوظيفة، أو الطلاق، أو الأزمات الصحية، وربَّما يتعرَّض ابنك لظرف صعب لا يقوى على تحمُّله ويجبره على طلب مساعدتك علَّه يتوصَّل إلى حل، فعليك أن تتعاطف مع مشكلته، وتشجِّعه على الاستفادة من كافة مصادر الدعم المتاحة لإيجاد الحلول التي يحتاج إليها بدل أن يعتمد عليك في الحصول على الحلول الجاهزة.
9. اعتماد العلاقة الأبوية على جهود الوالدين فقط:
تقوم العلاقات الإنسانية على العطاء المتبادل، فيبذل كل من الطرفين جهوداً متكافئة تضمن استمراريتها، ويتعوَّد الابن على التواصل في أوقات الحاجة فقط، دون أن يبذل جهده في العلاقة الأبوية عندما يندفع الوالدان لتلبيته وفعل ما يلزم لمساعدته دون أن يطالباه بأي مقابل، ويُنصَح في مثل هذه الحالة بمقاطعة الابن لفترة مؤقَّتة لكي يفهم أنَّك ترفض العلاقة القائمة على المصلحة وتطالبه بالتغيير وتأدية واجباته تجاهك.
التعامل مع الابن الذي يتَّصل فقط عند الحاجة:
تقتضي الخطوة الأولى تحديد سبب اعتياد الابن على التواصل لقضاء حاجاته فقط، ولكن لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة لتصويب العلاقة فيما بينكما، ولا شكَّ أنَّك لا تستطيع التحكُّم في أفعال وسلوكات ابنك، ولكن يمكنك أن تلتزم ببعض التدابير لتحسين جودة التواصل بينكما وزيادة تقاربكما.
فيما يأتي 5 خطوات للتعامل مع الابن الذي يتصل فقط عند الحاجة:
1. وضعُ الحدود:
من الطبيعي أن يشعر الوالدان بالإحباط والاستياء، إذا كان تواصلهما مع ابنهما محكوم بالحاجة والمصلحة الشخصية، ويحدث هذا عندما يتواصل الابن فقط في وقت الحاجة لطلب خدمة، أو قضاء حاجة، أو الحصول على المال، ولا بأس بأن تستمر في مساعدته ولكن ينبغي أن تضع بعض الحدود لعطائك ودعمك، فأخبره بصراحة ومودَّة أنَّك لا تحبِّذ فكرة تواصله معك في أوقات الحاجة فقط، وارفُضْ تلبية طلباته بين الحين والآخر لكي تغيِّر طبيعة العلاقة بينكما.
2. ضبط توقعاتك من العلاقة:
لا تتوقع أن تتغير طبيعة العلاقة بينكما بين ليلة وضحاها، وتذكر أن ابنك أصبح فرداً بالغاً مسؤولاً عن خياراته وقراراته، وركِّز على التحكم بردود فعلك عن طريق ضبط توقعاتك بدل أن تحاول التحكم في أفعاله وتصرفاته، فتساعد التغييرات البسيطة على تحسين العلاقة تحسيناً تدريجياً مع مرور الوقت.
3. المبادرة بتغيير نمط العلاقة الأبوية:
بادِرْ بالتواصل مع ابنك للتقرب منه وتحسين طبيعة العلاقة بينكما، فيمكنك أن تقترح عليه استخدام وسائل الاتصال المرئي لتجاذب أطراف الحديث ومناقشة موضوعات لا تتعلق بتلبية احتياجاته بين الحين والآخر، وحاول أن تشاركه تفاصيل حياتك وتستفسر عمَّا يحدث معه باهتمام صادق وحقيقي، لكي تتحسن العلاقة بينكما.
4. المطالبة ببذل جهود متكافئة:
ينبغي أن تطالب بصراحة ومودة بعلاقة أبوية قائمة على المنفعة المتبادلة والجهود المتكافئة، ولا تقبل بكونك الطرف المعطاء طوال الوقت، أي يجب أن تتوقف عن تلبية احتياجات ابنك عندما لا يعاملك بالمثل وتنتظر أن تتغير العلاقة تغيراً تدريجياً وتلقائياً مع مرور الوقت.
5. إعطاء الأولوية لنفسك:
تذكَّر أنَّك تستحق أن تكون في علاقة تراعي احتياجاتك، دون أن تضحِّي بعافيتك في سبيل مساعدة ابنك البالغ طوال الوقت دون أن تتلقى منه شيئاً بالمقابل، وعليك أن تركِّز على ممارسات الرعاية الذاتية، وتلجأ لأصدقائك الداعمين، ثمَّ تتواصل مع ابنك من منطلق عاطفي صحي.
هل يُنصَح بمصارحة الابن بمشاعر الاستياء؟
من الطبيعي أن يشعر الآباء والأمهات بالحزن والقلق والغضب، عندما ينقطع تواصل الأبناء معهم، ويمكن أن تأخذ الأم موقف الابن على محمل شخصي، وقد تظن أنَّه لا يبالي بأمرها ولم يَعُد يهتم بها، ولا جدوى من كبت المشاعر المؤذية، فقد تؤدي المواجهة المباشرة من جهة أخرى إلى حدوث نتائج مناقضة، وثمة أساليب لمصارحة الابن دون أن يشعر بأنَّك تهاجمه أو تتسبَّب في تأزم العلاقة أكثر، ويذكر منها ما يأتي:
1. التحدث بصيغة المتكلم:
عليك أن تتحدث بصيغة المتكلم عندما تصارح ابنك بمشاعر الحزن الناجمة عن قلة التواصل، بدل أن تهاجمه وتتهمه باستخدام أسلوب الخطاب مثل "أنت لم تعد تهتم بي".
2. اقتراح الحلول:
ينبغي أن تقترح حلولاً بنَّاءة لتحسين العلاقة، ولتكن تحديد مواعيد منتظمة للقاءات والمكالمات الهاتفية.
3. الحفاظ على الأمل:
ينبغي أن تُعرب عن ثقتك بقدرتكما على تصويب العلاقة وضبط توقعات كل منكما من الآخر.
4. الإصغاء لمبررات الابن دون أن تصدر الأحكام عليه:
قد يكون لدى ابنك أسباب وجيهة تبرِّر قلة تواصله، فعليك أن تصغي إليه وتتفهم موقفه قبل أن تحكم عليه.
تهدف هذه الأساليب إلى مناقشة الابن بنقاط الضعف في العلاقة دون لومه أو تحميله مسؤولية الفشل الذي آلت إليه، يمكنك أن تنجح في تحسين جودة التواصل مع الاهتمام واقتراح الحلول الوسطية.
متى يجب أن يتواصل الابن مع أمه؟
ليس ثمة قاعدة ثابتة تحدِّد عدد مرات تواصل الابن مع الأم، وهذا يعتمد على عدة عوامل مثل ظروف المرحلة الحالية في حياة الابن والالتزامات والمسؤوليات المفروضة عليه، ومدى تفرغه، ومستوى التقارب في العلاقة، ولكن يؤدي كل من الابن والأم دوراً محورياً في الحفاظ على التواصل الصحي فيما بينهما رغم الظروف، وتنجح العلاقة عندما تكون الجهود متبادلة، أي عندما يبادر كل من الطرفين في التواصل والاطمئنان على الآخر، وتدلُّ قلة التواصل واقتصاره على تلبية احتياجات الابن على وجود خلل في العلاقة.
هل تدلُّ قلة التواصل على عدم احترام الابن لوالدته؟
تتغيَّر طبيعة العلاقة الأبوية، عندما يكبر الابن ويصل لمرحلة البلوغ ويستقل عن والديه، ويحدث هذا بسبب انشغال الابن ببناء حياته المهنية وعلاقاته والتزامه بمسؤولياته وضغوطات الحياة التي تبعده عن والديه، ولا يدلُّ هذا التحول الطبيعي في نمط العلاقة على عدم احترام الابن لوالديه، ومع ذلك سيشعران بالحزن والأسى عندما يقطع تواصله معهما.
يبرز عدم الاحترام عندما يتجاهل الابن احتياجات والديه، ويركِّز على مصالحه ولا يبذل الجهد المطلوب لنجاح العلاقة والحفاظ عليها، ويمكن أن ينقطع التواصل بسبب انشغال الابن وضغوطات حياته، وهو لا ينمُّ عن عدم احترامه لأمه، وفي جميع الأحوال يُنصَح بمناقشة مشاعر عدم الاحترام والتقدير بصراحة والبحث عن صيغة تواصل ترضي الطرفين.
ما هو سبب استمرار القطيعة رغم الجهود التي يبذلها الوالدان لإحياء التواصل؟
قد تُخفق جميع محاولاتك ومساعيك في إصلاح العلاقة، وتستمر قطيعة الابن أو اقتصار التواصل على أوقات الحاجة، ويمكن أن تشمل هذه المحاولات مصارحة ابنك بحقيقة مشاعرك، واقتراح الحلول الوسطية، والمبادرة بالقرب، ولا يمكنك أن تجبر ابنك البالغ على التواصل حتى لو بذلت قصارى جهدك، وقد تضطر عند مرحلة معيَّنة لتقبُّل الوضع حفاظاً على سلامتك العاطفية، وتذكَّر أنَّك قادر على التأقلم مع قطيعة ابنك وتحمُّل صعوبة الموقف.
4 خطوات للتعامل مع قطيعة الأبناء:
1. طلب الدعم:
يمكنك أن تتأقلم مع مشاعر الوحدة عن طريق التواصل مع أشخاص يعيشون تجارب مشابهة، إضافة إلى الاستعانة بالمعالجين النفسيين.
2. التركيز على الرعاية الذاتية:
ينبغي أن تلتزم باستراتيجيات المواجهة الصحية مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الطعام المغذي، وممارسة النشاطات البدنية، والتواصل مع الآخرين.
3. التعايش مع الوضع الحالي:
يساعد قبول الوضع الحالي على توفير الطاقة المهدورة على الاستياء من إهمال الابن.
4. إيجاد المعنى في الحياة خارج إطار العلاقة الأبوية:
ينبغي أن تستثمر وقتك وجهدك في احتياجاتك الخاصة، واهتماماتك، وعلاقاتك بعيداً عن ابنك، ويكتشف كثير من الآباء مع مرور الوقت قدراتهم الكامنة وأهدافهم الحياتية بعد التأقلم مع قطيعة الأبناء، وتأكَّد أنَّك قادر على التحمُّل ومواصلة حياتك رغم مشاعر الأسى عندما تلتزم بممارسات الرعاية الذاتية.
في الختام:
من الطبيعي أن تشعر بالأسى عندما يتواصل معك ابنك فقط في أوقات الحاجة، ولكن تذكَّر أنَّك قادر على تحسين العلاقة عن طريق خوض حوار صريح يوضح احتياجات ومطالب كل من الطرفين، وينبغي أن تعطي الأولوية للرعاية الذاتية، وتضع حدوداً صحية في علاقتك مع ابنك، وتحاوِلْ إضفاء التوازن على هذه العلاقة، ويمكن تحسين التواصل مع الابن عن طريق التحلي بالصبر وتقديم الحلول الوسطية.
أضف تعليقاً