يوجد نهج قائم على الحقائق في اتخاذ القرارات التي ثبت نجاحها بعلم إدارة الجودة، فقد اعتمد عمالقة الصناعة العالمية لأكثر من قرن على هذا العلم لتحقيق النتائج؛ فهو يخبرنا أنَّ احتمالية تحقيق نتيجة مرغوبة على الأمد الطويل تزداد ازدياداً كبيراً عندما تتبناها وتطبقها على قراراتك.
لقد دُرس هذا النهج وجُرب واُختُبر؛ إذ يميز القادة العالميون بناءً على خبرة المتخصصين الفخاخ المعروفة، ويتوخون حذرهم منها، والتي يمكن أن تعرقل عملية اتخاذ القرارات بسهولة وعلى كلِّ المستويات.
يمكن للفخاخ نفسها أن تعرقل تركيزك في اتخاذ قرارات قائمة على الحقائق؛ لذا إليك ما يجب مراقبته وتجنبه في أثناء سعيك إلى اتخاذ قراراتك:
الفخ الأول: العمل على ما ينتابنا شعور جيد تجاهه
يتخذ ناس كثيرون قرارتهم مندفعين بالعواطف؛ إذ إنَّ الدافع للتحرك نحو الأشياء التي تجعلنا نشعر بالرضى وتجنب الأشياء التي تجعلنا نشعر بالسوء هو جزء من كوننا بشراً؛ لذا تقبَّل شعور القلق قليلاً عند اتخاذ القرارات، ففي بعض الأحيان تتطلب منك أفضل القرارات التغيير أو التحرك أو التخلي عن شيء ما، والعمل بجدية أكبر ممَّا كنت تتوقع.
الفخ الثاني: الإلحاح أو التسويف
إنَّ الشعور بالإلحاح إضافة إلى التسويف يمكن أن يوقعنا في شرك اتخاذ قرارات عاطفية، ومن المرجح أن تكون القرارات السريعة مرتبطة بالحدس؛ لذا عليك أن تدرك أنَّ الحل الأسرع والأسهل ليس دائماً هو الأفضل، فخذ نفساً عميقاً، وتابع العملية دون تسويف أيضاً، ولا تتأخر دون داعٍ، فكلَّما ابتعدت عن الحدث أو الفرصة التي ستساعدك على اتخاذ القرار زادت صعوبة تحديد الحقائق وفهمها.
الفخ الثالث: الاعتماد على المعلومات الذاتية
عليك إدراك الفارق بين المعلومات الموضوعية والذاتية وفهمها عند استعدادك لاتخاذ قرار قائم على الحقائق؛ فالمعلومات الموضوعية واقعية، ولا يمكنك تغييرها وإن كنت ترغب في ذلك؛ إذ تعتمد المعلومات الذاتية على الأفراد؛ بمعنى آخر إنَّها تتكون من آراء وعواطف ورغبات وأحلام وخيارات وما إلى ذلك، والمعلومات الذاتية ملكك وحدك، ويمكن أن تكون أيَّ شيء تريده، ولكن يكمن الأمر في إدراك أنَّه ليس لديك حق في معلومات أيِّ شخص آخر.
شاهد: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة
الفخ الرابع: استهلاك الطاقة
يمكنك اتخاذ القرار بمجرد أن تتعرف بوضوح على الحقائق الموضوعية والعناصر الذاتية التي بوسعك تغييرها؛ إذ يمكن للقرارات التي تستند إلى المعلومات الذاتية التي لا يمكنك التحكم بها أن تمتص بسرعة أو ببطء طاقتك المذهلة لتقديم النتيجة التي تتخيلها.
الفخ الخامس: إغفال نقاط الضعف في القرار
من الصعب رؤية نقاط الضعف في قراراتنا؛ إذ تجعلنا نتساءل لماذا "قرارنا الممتاز" تحول إلى خلاف ذلك؛ فالسعي إلى تحديد نقاط الضعف المحتملة عند اتخاذ القرارات غالباً ما يتطلب الشجاعة والتواضع وعقلية النمو.
الفخ السادس: عدم التأني في طلب النصح
نحن نريد جميعاً ونحتاج إلى مناقشة القرارات الكبيرة مع الآخرين، لكن فكر جيداً في من يقدم لك النصيحة ووجهة نظره الفريدة والذاتية؛ إذ يتحمل القادة العظماء مسؤولية اتخاذ القرار؛ ومن ثَمَّ يتأنون عند طلب آراء الآخرين ونصحهم.
الفخ السابع: إساءة فهم أساس المشكلة
يمكن أن يؤدي سوء فهم السبب الجذري أو السبب وراء ضرورة اتخاذ القرار إلى تدمير عملية تفكيرك؛ لذا خذ الوقت الكافي للتأكد من أنَّ القرار أو الخيارات التي تفكر فيها ستعالج السبب الجذري المعني.
الفخ الثامن: التركيز على المستقبل القريب فحسب
احرص عند اتخاذ القرارات على عدم الإفراط في التركيز على المستقبل القريب؛ بل انظر إلى المستقبل البعيد، وفكِّر فيما تنشئه، وحافظ على تركيزك عليه؛ فعلى الرَّغم ممَّا قد تكون سمعته فإنَّ حياتك ليست عبارة عن عملية؛ بل هي نتاج ما يمكنك إنشاؤه لتلبية رغباتك.
يوفِّر علم إدارة الجودة المفاهيم والأساليب التي أثبتت فاعليتها؛ إذ يمكنك أن تكون محدداً أو تركز على الصورة العامة كما يحلو لك؛ ولكنَّ الالتزام والتركيز على نتيجة لها معنى بالنسبة إليك أمر بالغ الأهمية، ويجب أن يكون دائماً في قمة اهتماماتك عند اتخاذ القرارات.
من المؤكد أنَّ ردود الفعل والعواطف الداخلية تؤدي دوراً أساسياً في اتخاذ القرار؛ لذا نأمل ألا يخذلنا حدسنا عندما يتعلق الأمر بسلامتنا الشخصية أو القرارات الأخرى التي لا تترك لنا أيَّ شيء نعتمد عليه سوى غرائزنا، ومع ذلك لا تدع حدسك يخدعك أو تنحصر بالاعتقاد الأعمى أنَّ حدسك على حق دائماً، فلو كان صحيحاً في كلِّ مرة لكان العالم مكاناً مختلفاً.
أضف تعليقاً