لقد أجرى باحثون أستراليون مراجعة منهجية جديدة ودراساتٍ، بغية التغلُّب على أوجه القصور في المراجعات السابقة من خلال دراسة فاعلية أنواع متميزة من الأنشطة النفسية، بغض النظر عن أساسها النظري، وتأثير الباحثين المختلفين.
ما هي أفضل طريقة لبناء السلامة الشخصية؟
من أجل إجراء هذه المراجعة المنهجية والتحليل في جميع أنحاء العالم، حدَّد فريق من الباحثين المتعاونين الذين ينتمون إلى معهد جنوب أستراليا للبحوث الصحية والطبية (South Australian Health and Medical Research Institute) و"جامعة فليندرز" (Flinders University) 419) تجربة عشوائية ومضبوطة تضم أكثر من خمسين ألف مشارك منهم أشخاصٌ مرضى وأصحاء، وتُعدُّ هذه أكبر مراجعة منهجية وتحليل لدراسات السلامة من جميع أنحاء العالم للإجابة عن السؤال الهام: "ما هي أفضل طريقة لبناء السلامة الشخصية؟".
لقد قُسِّم المشاركون في 419 دراسة إلى ثلاث مجموعات: أولئك الذين يتمتعون بصحة جيدة عموماً، والذين يعانون من أمراض جسدية، والذين يعانون من أمراض عقلية، وأقرَّ الباحثون أنَّه من بين 419 دراسة، كانت جودة الأدلة عموماً من منخفضة إلى معتدلة، ويذكرون أيضاً أنَّ أحجام التأثير كانت معتدلة في أحسن الأحوال، ولكنَّها تختلف وفقاً للسكان المستهدفين والقائمين على الدراسة، في حين أنَّ الأدلة التجريبية الحالية تحتاج إلى مزيدٍ من التطوير، يقول مُعِدُّو البحث إنَّ مراجعتهم المنهجية توفر نظرة ثاقبة حول كيفية تصميم التدخلات النفسية لتحسين السلامة العقلية.
أهمية الاختيار الدقيق للحصول على أفضل النتائج:
قال أول مُعِدِّي البحث "جويب فان أجتيرين" (Joep van Agteren)، المؤسس المشارك في مركز "ساهمري" (SAHMRI) للسلامة والمرونة: "خلال الفترات العصيبة والغامضة في حياتنا، يُعدُّ من الهام المبادرة إلى الاهتمام في صحتنا العقلية؛ إذ يساعد على التخفيف من مخاطر الأمراض العقلية والجسدية، ويشير بحثنا إلى أنَّ هناك العديد من الأساليب النفسية التي يجب على الأشخاص تجربتها لتحديد ما يناسبهم"، وعلى الرغم من أنَّه من الممكن بناء وتحسين السلامة النفسية للفرد، أكَّد "فان أجتيرين" أنَّه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع.
وأضاف المؤلف المشارك "ماثيو ياسيلو" (Matthew Iasiello)، قائلاً: "مجرد تجربة شيء ما مرة أو مرتين لا يكفي إلى إحداث تأثير ملموس؛ فبغضِّ النظر عن الطريقة التي يجربها الأشخاص، يجب عليهم التمسُّك فيها لأسابيع وشهور في كل مرَّة حتى يشعرون بتأثير حقيقي؛ إذ يجب أن تكون الممارسة مستمرة وطويلة الأمد حتى تكون فعَّالة في تحسين السلامة".
ما هي الأنشطة النفسية الأكثر فاعلية؟
تساعد ممارسات اليقظة الذهنية، وتقنيات التأمل، والتنفس الواعي على زيادة السلامة النفسية بفاعلية، كما أُثبتَت فاعلية التدخلات الإيجابية القائمة على علم النفس، مثل تطوير الإحساس بالهدف، والقيام دائماً بتصرفاتٍ لطيفة، وكتابة يوميات الامتنان، كما أثَّرت هذه الأنواع من الأنشطة النفسية تأثيراً أفضل عندما أُجريَت جماعياً؛ ولم تكن فعالة للغاية على نحو فردي.
كان العلاج المعرفي السلوكي (CBT) مفيداً للغاية للمشاركين في الدراسة الذين أُصيبوا سابقاً بأمراضٍ عقلية، بينما كان علاج القبول والالتزام (ACT) مفيداً جداً إلى أولئك الذين يتمتعون بصحة نفسية وجسدية جيدة عموماً.
يؤكد الباحثون أنَّ النتائج التي توصلوا إليها تسلِّط الضوء على الحاجة إلى تغيير التكتيكات التي يتبعها المجتمع للاهتمام بسلامة الناس، سواء كانوا يعانون مرضاً عقليَّاً أم لا.
8 أنشطة تساعد على تحسين السلامة النفسية:
- التنفس الحجابي (أي الشهيق والزفير الطويلان).
- ممارسات اليقظة الذهنية.
- تقنيات التأمل.
- يوميات الامتنان.
- الأعمال اللطيفة البسيطة.
- الشعور بالهدف والسعي إلى التطوُّر.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
- العلاج بالقبول والالتزام (ACT).
لقد قال المؤلف "مايكل كيريوس" (Michael Kyrios) من "جامعة فليندرز" (Flinders University) في بيان صحفي: "تُظهِر دراستنا أنَّه بالإضافة إلى السعي إلى الحصول على مساعدة مهنية عند الشعور بالضيق، ثمَّة العديد من الخطوات العملية التي يمكن للأشخاص اتِّخاذها لتحسين سلامتهم ومنع مشكلات الصحة العقلية، ويمكن للناس تنفيذ مثل هذه الأنشطة بأمان سواء كانوا بمفردهم أم في مجموعة، شخصياً أم عبر الإنترنت".
من الآن فصاعداً، يخطط أعضاء معهد "ساهمري" (SAHMRI) والباحثون في "جامعة فليندرز" (Flinders University) لتحديث تحليلهم باستمرار من عام إلى آخر في خطة تعاونية، ولقد طوروا أيضاً إصداراً تجريبياً من النظام الأساسي التفاعلي "بي ويل بلان" (Be Well Plan) عبر الإنترنت، والذي يزوِّد الأفراد والمنظمات باستراتيجيات الصحة العقلية الشخصية وجلسات التدريب المصمَّمة تصميماً يلائم الاحتياجات الفردية.
الخلاصة:
لقد حددت الدراسات 8 أنشطة نفسية أساسية أسفرت عن نتائج إيجابية، ومع ذلك، وجد الباحثون أنَّه لا يوجد نهج واحد هو الأفضل، وشجعوا الأطباء والأفراد على تحديد الاستراتيجية التي تلائم كل فرد، وكان لبعض الأنشطة نتائج أفضل عند تقديمها في مجموعة، وكان بعضها الآخر أكثر فاعلية بالنسبة إلى أولئك الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة عموماً.
أضف تعليقاً