7 طرق لمساعدة شخص يعاني من القلق

في كثير من الأحيان يؤثر قلق أحد أحبائك فيك فتشعر بالإحباط على الرغم من تعاطفك معهم، فقد يشعر شخص عزيز عليك بالخوف لدرجة أن يتجنَّب التصرف لمواجهة سبب قلقه، أو يتصرف تصرُّفاً فظاً أو تصرُّفاً يزيد من قلقك أنت، على سبيل المثال، قد يؤجل شريكك باستمرار أداء المهام أو خوض المناقشات الهامة، أو يشتكي صديقك من الشعور بالوحدة ولكنَّه يرفض الخروج بصحبة أحد، أو يفكر رب عملك دائماً بسلبية فيشعر جميع الموظفين بالبؤس؛ حيث من الصعب مشاهدة شخص تعرفه يعاني من القلق، والأصعب من ذلك عندما ينعكس ذلك عليك.



لمساعدة الأشخاص القلقين يجب عليك أولاً فهم أنَّ القلق صفة إنسانية وليست عيباً، ويشعر معظمنا به من وقت لآخر؛ وذلك لأنَّه شعور مفيد ويساعدنا على ملاحظة التهديدات المحتملة، ويدفعنا إلى الاكتراث بشأن الرفض الاجتماعي، ويبقينا يقظين كي لا نتعرض للخداع؛ وفي حين قد يبدو الشعور بالقلق أمراً مزعجاً؛ إلا أنَّ وجود بعض الأشخاص الحذرين في المجتمع أكثر من غيرهم ويفكرون دائماً في المشكلات التي يمكن أن تحصل هو أمر مفيداً في الواقع.

يتعامل الناس أحياناً مع القلق بأساليب تزيد منه تدريجياً إلى أن يخرج عن السيطرة، فهم يفرطون في التفكير، باجترار الماضي أو القلق بشأن المستقبل، ويتجنبون مواجهة مصدر قلقهم، ويستخدمون استراتيجيات تعويضية تخفف من حدة قلقهم مؤقتاً ولكنَّها تزيده على الأمد الطويل، مثل السعي إلى المثالية كي يتجنبوا الشعور بأنَّهم غير جديرين في العمل، ويمكن أن تُنفِّر هذه الاستراتيجيات الناس منهم؛ في حين أنَّ من المزعج والمحبط رؤية هؤلاء الأشخاص يعانون، لكنَّك لست مضطراً إلى الوقوف مكتوف اليدين، فيما يلي 7 استراتيجيات لمساعدة شخص يعاني من القلق:

1. فهم الاختلافات في طرائق التعبير عن القلق:

نحن مُصممون على الاستجابة لشعور الخوف بالكر أو الفر أو عدم اتخاذ أي إجراء، ويستجيب كل شخص استجابة مختلفة، على سبيل المثال، يميل بعض الناس إلى الاختباء من مشكلاتهم عوضاً عن التعامل مع الأمور التي تُشعِرُهم بالتوتر والذعر، بينما يميل آخرون أكثر إلى مواجهتها، فيصبحون عصبيين ويحاولون تحقيق الكمال في أصغر التفاصيل أو ينحازون إلى آرائهم بتعصب إذا شعروا بالتوتر.

حين تفهم أنَّ الهدف من القلق هو زيادة حساسيتنا تجاه التهديدات، يصبح من الأسهل فهم الشخص الذي يشعر بالخوف أو التوتر ويتصرف بطريقة سريعة الانفعال أو الدفاعية والتعاطف معه، وعبر الانتباه لكيفية تعبير الشخص الذي تُحبه عن القلق، يمكنك تعلُّم أنماط سلوكه في هذه الحالة فتتمكن من مساعدته مساعدة أفضل.

2. تقديم الدعم حسب الحاجة:

من الأفضل أن تسأل الشخص عن نوع الدعم الذي يفضله عوضاً عن التخمين، ومع ذلك، نعلم من الأبحاث أنَّ الأشخاص ذوي "نمط التعلق الانطوائي" (avoidant attachment style) - وهم عادةً أولئك الذين لم يتلقوا الرعاية في طفولتهم أو عانوا من الرفض في العلاقات في الماضي - يستجيبون على أفضل نحو للدعم العملي الملموس، وقد يعني ذلك مساعدة الشخص القلق على تقسيم المهام إلى خطوات يمكنه إنجازها، أو التحدث معه عن خيارات محددة للتعامل مع موقف صعب، مثل كيفية الرد على رسالة بريد إلكتروني مكتوبة بلهجة تنم عن غضب المرسل، مع الاعتراف باستقلاليتهم في أثناء القيام بذلك.

بينما قد يفضِّل الأشخاص الآخرون الدعم العاطفي، خاصة أولئك ذوي "نمط التعلق الآمن" (secure attachment style)، أو ذوي "نمط التعلق المضطرب" (preoccupied attachment style) بسبب الخوف من التخلي عنهم أو من إزعاج الآخرين بمشاعرهم، ويستجيب هذا النمط من الأشخاص جيداً للكلام الذي يؤكد لهم أنَّهم ينتمون إلى فريق متماسك، على سبيل المثال، قد تقول لهم: "الوضع صعب لكنَّنا نحب بعضنا بعضاً وسنتجاوزه معاً".

هذه تعميمات بالطبع، ويجب أن تُخصص دعمك عبر مراقبة الأساليب الفعالة مع الشخص الذي تحاول مساعدته عن كثب، وحين تكون علاقتك مقربة جداً منه، ستتمكن من تقديم الدعم بناءً على فهمك لنمط قلقه.

إقرأ أيضاً: تقديم الدعم لصديق أو زميل في العمل يعاني من التوتر

3. الاستفادة من فهم الشخص لقلقه:

يمكنك مساعدة الشخص الذي يفهم قلقه من خلال تحديد الوقت الذي يبدأ فيه نمط قلقه بالظهور، فمن المفيد على سبيل المثال حين يلاحظ شريكك أنَّ انفعالك معه هو تعبير عن قلقك بشأن العمل، وحين تعرفان أنماط بعضكما جيداً ستكون علاقتكما علاقة ثقة وستتمكنان من ملاحظة عادات كل منكما والإشارة إليها.

إذا كنت ستتبع هذه النصيحة فمن الأفضل أن تحصل على إذنه أولاً، وضع في حسبانك أنَّ فهم الشخص لقلقه لا يعني أنَّه يستطيع التعامل معه بجدارة، على سبيل المثال، قد يعرف الشخص الذي يقلق بشأن صحته منطقياً أنَّ زيارة الطبيب كل أسبوع لإجراء اختبارات عدة غير ضروري، لكن لا يمكنه التحكُّم بنفسه، أما إذا كان الشخص الذي ترغب في مساعدته لا يفهم قلقه أو كان لديه مشكلة في السيطرة على الرغبات التي تصاحبه، فمن الأفضل تشجيعه على زيارة طبيب نفسي سريري متخصص في علاج القلق.

4. مساعدته على التفكير بتعقُّل:

ستتمكن من تقديم الدعم بشكل أفضل إذا ثقَّفت نفسك عن النماذج السلوكية المعرفية للقلق، ويمكنك فعل ذلك إما عبر القراءة أو حضور جلسة علاجية مع من تحب، أو عوضاً عن ذلك، يمكنك محاولة استخدام بعض التقنيات التي قد تكون مفيدة للأشخاص الذين يعانون من القلق؛ إذ يميل الأشخاص القلقين طبيعياً للتفكير في أسوأ الاحتمالات؛ لذا يمكنك مساعدتهم للنظر إلى الموضوع من وجهة نظر مختلفة عبر استخدام تقنيات "العلاج المعرفي" (cognitive therapy)، اطلب منهم التفكير في الأسئلة التالية:

  • ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟
  • ما هو أفضل شيء يمكن أن يحدث؟
  • أيهما أكثر واقعية أو احتمالاً؟

فإذا كان الشخص قلقاً لأنَّه كان من المفترض أن يتلقى اتصالاً من والده منذ ساعات ولكنَّه لم يتصل به، يمكنك أن تقترح عليه التفكير في الاحتمالات الأسوأ والأفضل والأكثر احتمالاً لسبب عدم حصول ذلك.

احرص على عدم الإفراط في طمأَنَة من تحب أنَّ مخاوفه لن تحصل، عوضاً عن ذلك أكد على قدرته على التكيف مهما حصل، على سبيل المثال، إذا كان الشخص قلقاً من التعرض لنوبة هلع على متن طائرة، يمكنك أن تقول "سيكون هذا أمراً مزعجاً ومخيفاً للغاية، لكنَّك ستتعامل معه"، وإذا كان يشعر بالقلق من أنَّ شخصاً آخر غاضب منه أو خاب أمله فيه، فمن المفيد تذكيره أنَّه يستطيع التحكُّم بأفعاله فقط وأنَّ ردود فعل الآخرين خارجة عن سيطرته.

5. عرض الدعم دون تحمُّل المسؤولية عنه:

التجنُّب هو سمة جوهرية للقلق، لذلك قد نشعر في بعض الأحيان بالرغبة في تقديم "المساعدة" عبر تنفيذ المطلوب من أحبائنا عوضاً عنهم، لكنَّنا بهذا نساعدهم على التجنب أكثر عن غير قصد، على سبيل المثال، إذا كان زميلك في السكن يشعر بالقلق إزاء إجراء المكالمات الهاتفية فقد تقرر فعل ذلك من أجله، لكن بهذه الطريقة لن يضطر هو أبداً إلى التغلب على مخاوفه.

من الجيد التذكر دائماً أنَّ الدعم يعني مساعدة الشخص على مساعدة نفسه، وليس القيام بأشياء عوضاً عنه، ويعني ذلك مساعدته بأي وسيلة ممكنة غير القيام بمهامه عوضاً عنه، على سبيل المثال، يمكنك أن تعرض على الشخص حضور جلسة العلاج الأولى معه إذا حدد الموعد، أو إذا لم يكن متأكداً من المعالج الذي يريد اختياره، يمكنك التفكير معه في طرائق لفعل ذلك، ولكن اترك التطبيق والاختيار له.

يُستثنى من هذه القاعدة حالات القلق المصحوبة باكتئاب حاد، فإذا لم يتمكَّن الشخص من النهوض من الفراش، قد يتطلب وضعه أن يساعده الآخرون مؤقتاً للبقاء على قيد الحياة، وأحياناً يعاني الشخص من اضطراب القلق لدرجة أنَّه يدخل في "وضعية النجاة" (survival mode) - وهو نمط تفكير قصير الأمد يسببه الخوف وتتفعل خلاله استجابة الكر أو الفر- فيحتاج إلى المساعدة أكثر لإنجاز الأمور؛ لكن في الحالات الأقل خطورة، من الأفضل تقديم الدعم دون تولي المسؤولية أو المبالغة في الطمأنة.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لمساعدة عائلة تمرّ في أزمة

6. تقبُّل عيوبهم:

في حالة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أخطر، مثل نوبات الهلع والاكتئاب المصحوب بالقلق واضطراب ما بعد الصدمة أو الوسواس القهري، قد يشعر هؤلاء بأنَّهم أُصيبوا بالجنون، وحينها قد تشعر أنت أنَّ مساعدتهم تفوق قدرتك، لكن لا زال في إمكانك أن تدعمهم بطرائق عدة، فعندما يعاني شخص من قلق حاد، من المفيد طمأنته بأنَّ رأيك فيه لم يتغير بسبب قلقه، فهو الشخص نفسه لكنَّه يعاني فقط من مشكلة مؤقتة خرجت عن سيطرته، ويمكنك مساعدته على الحفاظ على اتصاله بالجوانب الإيجابية من شخصيته عبر المشاركة في اهتماماته وهواياته أو تشجيعها قدر الإمكان.

في بعض الأحيان لا يسعى الأفراد الذين يعانون من مشكلات القلق المزمن إلى تغيير حالتهم، على سبيل المثال، قد تكون صديقاً لشخص مصاب برهاب الخلاء أو اضطراب الأكل، لكنَّ حالته مستقرة وطويلة الأمد، في هذه الحالات، يمكنك تقبُّل ذلك الشخص كما هو كي لا يشعر بالوحدة؛ وأفضل استراتيجية هي غالباً تقبُّل حالتهم وعيوبهم دون تعييرهم بها أو الإصرار على أنَّهم يجب أن يحاولوا أن يصبحوا "طبيعيين".

إقرأ أيضاً: تقبّل أخطاء الآخرين ومسامحتهم

7. الاعتناء بنفسك أيضاً:

أدرك أنَّ هدفك هو مساعدة الشخص وليس علاجه أو تبديد قلقه، وتحمُّل الكثير من المسؤولية هو أحد أعراض القلق؛ لذا حذار من إصابتك بالقلق في أثناء مساعدتهم، وضَعْ في حسبانك أنَّه ليس من الضروري أن يركز دعمك مباشرة على القلق، على سبيل المثال، التمرين مفيد جداً للقلق؛ لذا ربما يمكنك ببساطة أن تعرض على صديقك الخروج في نزهة أو حضور جلسة يوجا معاً، ومن الجيد أيضاً وضع بعض القيود على دعمك، فغالباً ستكون محادثة لمدة 20 دقيقة للتخلص من التوتر في أثناء المشي أكثر فائدة وأقل إرهاقاً من نقاش يدوم ساعتين.

مساعدة شخص يعاني من القلق ليست دائماً بالأمر السهل، وقد تشعر أنَّك تقوم بها على نحو خاطئ، ولكن إذا ذكَّرت نفسك بأنَّك أنت ومن تحب تبذلان قصارى جهدكما، فقد يساعدك ذلك على إبقاء الأمور في نصابها، ومن الهام أيضاً أن تبقى متعاطفاً وأن تعتني بنفسك أولاً كي تتمكن من معرفة ما الذي يحدث وكيف يمكنك مساعدة أحبائك.

المصدر




مقالات مرتبطة