7 خطوات لتحسين واقع موظفي الموارد البشرية المنهَكين

يُعَدُّ المتخصصون في مجال الموارد البشرية "أداةً لامتصاص الضغوطات" الواقعة عليهم من الشركة، ومن الأفراد العاملين فيها في أغلب الأحيان؛ إذ إنَّهم يمتلكون مكانةً متميزة في النظام البيئي التنظيمي للشركات، ودوراً حاسماً في نجاحها.



ولكن كيف يمكنهم التعامل مع كل هذا الضغط المترتب عن هذه المكانة؟ سنشارك في هذا المقال سبع خطوات للتخفيف من الضغوطات المرافقة لهذا النوع من الأعمال.

ماذا لو لم يكن هناك قسم موارد بشرية؟

منذ سنوات مضت، كان المسلسل التلفزيوني "توايلايت زون" (Twilight Zone) يبتدئ بمونولوج لـ "رود سيرلينج" (Rod Serling)، وتضمنت سطوره الافتتاحية شيئاً من هذا القبيل: "تخيَّل لو أنَّك تعيش في عالمٍ بلا زمان أو مكان"، وانطلاقاً من هذه العبارة، تمعَّن في هذه الفكرة: "تخيَّل العيشَ في عالمٍ لا وجود لقسم الموارد البشرية فيه".

أي زمانٍ ومكانٍ لا وجود فيه لتدريبٍ أو لتقييم أداء؛ يكون التوظيف فيه صعباً جداً، ويترافق ذلك مع عدم انتظامٍ في الرواتب؛ إذ سيرتفع معدل دوران العمالة نسبياً، والدعاوى القضائية الناتجة عن ذلك ستصيبك بالدوار؛ وهذا جانبٌ لا يد للموارد البشرية فيه".

لا يمكن تحسُّس القيمة والأثر والفَرق الذي تُحدثه أقسام الموارد البشرية حتى تختفي من الوجود، ولطالما نظر كثيرٌ من الموظفين والرؤساء إلى قسم الموارد البشرية على أنَّها شراً لا بدَّ منه؛ فهو القسم الذي يُبطئ من عملية التوظيف، ولا يقدم أجوراً مُرضية للموظفين المرشَّحين للعمل، كما أنَّه شديد الحذر عندما يتعلق الأمر بالمسائل القانونية.

لكنَّ الزمن تغيَّر، وبدلاً من إعاقة المؤسسات، تعمل النُّخب من وحدات الموارد البشرية على تغيير مؤسساتها، ونتجَت العديد من الإجراءات الجديدة عن برامج التغيير التي تقودها في مكان العمل؛ فقد حولت هذه التغييرات الفوضى إلى نظامٍ متناسق، والصراع إلى تبادلٍ بنَّاء للآراء، والثقافات الفرعية المدمِّرة إلى أنظمةٍ قوية ومتناسقة اجتماعياً تدعم أهداف العمل.

لقد كان للعديد من أقسام الموارد البشرية دورٌ رياديٌّ في مساعدة الشركات على التخلِّي عن أساليب العمل التي لم تعد فعَّالة، أو تغييرها بالكامل، ومكَّنت الإجراءات التي قام بها فريق الموارد البشرية التابع لشركات مثل "غوغل" (Google) و"آبل" (Apple)، من استقطاب أعداد كبرى من الموظفين؛ وهذا ما عكسَ قوة تلك الجهود المتضافرة.

تؤدي الإدارة الصحيحة دوراً أساسياً في هذا النظام بلا شك، لكن عليك ألَّا تنسى القوى الفاعلة الضرورية للعملية، التي تحافظ على رؤية المؤسسة نابضة بالحياة، وفي أغلب الأحيان تكون الموارد البشرية هي الحافز للتغيير، والقسم المبشِّر به كذلك.

ومع هذه الوقائع المشجِّعة، كثيراً ما يُنظر إلى الموارد البشرية بوصفها عائقاً؛ فهناك مَن يودُّ أن يحظى بحياة لا وجود للموارد البشرية فيها "لتعترضَ طريقه"؛ الأمر الذي يزيد من شعور الإحباط المرافق لتجارب العمل الصعبة أساساً للعديد من المتخصصين في الموارد البشرية.

شاهد: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة

العقبات التي تواجه موظفي الموارد البشرية:

يمكن أن يكون الثمن الذي يدفعه مسؤول الموارد البشرية والتطوير المؤسساتي لوضع هذه التغييرات قيد التنفيذ - الذي يجعله "أداةً لامتصاص ضغوطات الشركة" - باهظاً جداً. ومثل غيرهم من المتخصصين في الرعاية أو أدوار التغيير البشري، قد يعاني المتخصِّصون في الموارد البشرية شعوراً بالاحتراق الوظيفي والإجهاد وغيرها من المشكلات المتعلقة بضغط العمل. إذاً؛ من أين يأتي كل هذا الإرهاق؟

الموارد البشرية تحفظ الأسرار:

الحقُّ يُقال، قسم الموارد البشرية هو الحافظ للأسرار؛ فلا يخفى عنه شيء إطلاقاً، وهناك قصص شخصية عدة لا يمكن مشاركتها إما احتراماً لخصوصية الفرد، أو بسبب المخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسة.

تمهِّد الموارد البشرية الطريق نحو التطور مع توفير جوٍّ من الطمأنينة والتوجيه والانسجام. ولن تكون الوظائف حيويةً ومُرضية دون شراكة الموارد البشرية؛ لذا يبقى لها الدور الكبير، على الرغم من محاولات طمس الحقيقة.

ولا يقتصر دورها على اتباع القواعد والسياسات فحسب؛ فقسم الموارد البشرية يدير الحياة الثقافية من وراء الكواليس، ويعمل متخصصو الموارد البشرية في مجالين مختلفين: الشركة من جهة؛ ومن ذلك الحسابات وتكاليف كل عملية توظيف ومعدلات دوران العمالة وما إلى ذلك، والجانب الآخر الذي تُحال فيه ملفات الموظفين إلى برنامج الدعم الخاص بهم. ونادراً ما يُقدَّرون لإتقانهم ذلك، وسط هذه العملية؛ إنَّه سر دفين؛ فهم ينجزون عملهم بهدوء، ويكون إنجازاً فردياً يدركه قلة من الناس.

الضرر الجانبي:

نادراً ما تقوم المنظمات بحصر الضرر الواقع على قسم الموارد البشرية الذي يقدِّم الخدمة و"العلاجات" والحلول والتغييرات. وفي نهاية المطاف، يُعَدُّ هذا الأثر "ضرراً جانبياً"، وهو استعارة لفظية للتعبير عن تلك العواقب التي لا نريد تحمُّل مسؤوليتها، أو ليس لدينا الشجاعة الكافية للاعتراف بها والتعامل معها وعلاجها في نهاية المطاف.

كيف يمكن لاختصاصيي الموارد البشرية استعادة طاقتهم، والحفاظ على إخلاصهم لمنظومةٍ قد لا تقدِّم لهم دعماً إيجابياً، ومتابعة بحثهم المضني عن ذلك التغيير الذي ترغب فيه جميع المؤسسات؟ وكيف يحافظون على سلامتهم العقلية وهم يحاربون للدفاع عن قسم الموارد البشرية في الوقت نفسه؟

قد تكون التناقضات هائلة، كما يمكن للعزلة والديناميكيات الصعبة أن تستنزف قوى المرء وتُنهك طاقته؛ ففي إحدى الاستطلاعات، أبدى نحو 45% من المتخصصين في الموارد البشرية رضاهم عن وظائفهم، بينما كانت هذه النسبة 36% في عام 2011. لقد تحسنت هذه النسبة مع مرور الوقت، لكن ما يزال بعضهم غير راضٍ.

شاهد ايضاً: مهام الموارد البشرية

إليك ما يجب فعله:

فيما يأتي سبع خطوات للحدِّ من الضغوطات الواقعة على قسم الموارد البشرية، وبدء معالجة مشكلاتهم:

1. بناء تحالفات وعلاقات قوية:

سيساعدك إجراء "تحليل أصحاب المصلحة" (stakeholder analysis) على إنجاز العمل وتوفير كثيرٍ من الدعم المعنوي المطلوب، الذي يُعَدُّ أمراً هاماً جداً للحدِّ من الضغوطات.

2. تقديم رؤية رفيعة المستوى والالتزام بها:

هذه ليست برؤية خيالية لا معنى لها؛ إنَّما رؤية لما يمكن أن تكون عليه المنظومة؛ فمع إدراكك الكامل أنَّها قد لا تؤتي ثمارها في عهدك، لكنَّها رؤية تتجاوز في تنفيذها جهد فردٍ واحد. فقط من خلال ذلك المنظور الأسمى، ستستطيع تصوُّر ما وراء الأحداث اليومية.

3. تشكيل كادرٍ داعمٍ من الشركاء ذوي التفكير المتقارب:

يؤمن هذا الكادر بالرؤيا التي تضعها، ويوقظهم كل صباح نداء الواجب الذي يثير فيهم الطاقة والحيوية لتحقيق تلك الرؤيا.

4. التخلي عن التفكير في الذات:

يجب ألا تهمل وجهات نظرك الشخصية، ولكن عليك أن تضع بالحسبان الأهداف والاهتمامات التنظيمية الكبرى؛ ما الذي يعنيه هذا؟

  • تنمية مواهب فريق العمل التي تدعم الارتقاء بالقيم.
  • تنمية المهارات القيادية للطاقم الإداري التي من شأنها النهوض بالشركة نهوضاً يفوق التوقعات.
  • إرساء ركائز ثقافية على مستوى المنظومة تجعل جميع المشاركين ممتنين للعمل ضمنها.
إقرأ أيضاً: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

5. تعزيز فكرة الاعتماد على النفس:

لا تفعل شيئاً أبداً للموظفين أو للمؤسسة، أحدهما قادرٌ على القيام به وحده، وهذا تعبيرٌ عن المثل الصيني القديم عن إعطاء شخصٍ سمكة عوضاً عن تعليمه الصيد؛ فغايتك أن تكون معلماً.

6. التمسك بالحق:

انطق بالحقِّ دوماً؛ عليك أن تقوله همساً في بعض الأحيان، أو تكتبهُ، أو تنتظر الفرصة المناسبة، لكن لا تنسَ أبداً الاعتراف بحقيقة ما تراه في المؤسسة، والإشارة للنقاط التي يجب العمل عليها.

إقرأ أيضاً: الأسئلة الأكثر شيوعاً حول برامج تدريب المديرين

7. التدرُّب على العناية الفائقة بالذات:

تنتهي الأحداث المثيرة في أغلب الأحيان بحدثٍ مفاجئ؛ إذ سيكون هناك دائماً كلمة لطيفة أو مشهد صغير يغيِّر الحبكة بأكملها ويقودنا إلى هذه المرحلة.

استيقظ، وعُد إلى الواقع، ودَعكَ من الأحداث المثيرة؛ فقسم الموارد البشرية موجود. فقط راقب ما يحدث لعملية توجيه الموظفين وتدريبهم وتقييم الأداء والإشراف والتدريب الإداري وغير ذلك، هذه كلها أدوات فعالة للموارد البشرية، وتشكِّل فرقاً.

وبصفتك متخصصاً في الموارد البشرية، يمكنك التصرف بعقلانية في هذه العملية، وتجنب الأحداث المفاجئة من خلال الانتباه إلى الخطوات السبع للمحافظة على سلامتك العقلية.

المصدر




مقالات مرتبطة