7 استراتيجيات للتعافي من إرهاق العمل

هل أنت مرهقٌ عقلياً وعاطفياً وجسدياً بسبب الضغوط العالقة وطويلة الأمد؟ هل فقدت البوصلة التي توجهك لتصبح شخصاً منتجاً؟ هل تواجه تغيُّراتٍ في عادات نومك؟ هل تجد صعوبةً في التركيز؟ ربَّما تكون قد خسرت المغزى الذي تعمل من أجله، وربَّما أصبحت نظرتك إلى الحياة تشاؤمية.



إنَّ ما تعاني منه يُسمى: "الإرهاق".

ما هو الإرهاق؟

هنا سنقدِّم تعريف مؤسسة مايو كلينيك الطبية (Mayo Clinic) للإرهاق: "حالةٌ من الإنهاك الجسدي أو العاطفي، تشمل أيضاً ضياع الهوية الشخصية، والشعور بأنَّ الإنجاز محدود". أكَّدت مؤسسة كلينيك أيضاً على أنَّ الإرهاق ليس تشخيصاً طبياً؛ حيث يعتقد الكثير من الخبراء أنَّ بعض الظروف الأساسية -مثل الاكتئاب- مسؤولةٌ عن الإرهاق. كما أظهر تقريرٌ قامت به منظمة جالوب للاستشارات الإدراية والموارد البشرية والبحوث الإحصائية، أنَّ حوالي 44% من الموظفين يظنون أنَّهم يعانون من الإرهاق، وأنَّ 63% من الموظفين المشاركين في الدراسة يأخذون إجازاتٍ مرضيةً بسبب الإرهاق.

ما هي الأعراض الشائعة للإرهاق؟

  • إظهار منظورٍ متشائمٍ للحياة أو العمل.
  • الإنهاك الجسدي والعاطفي والعقلي.
  • انخفاض المناعة ضد الأمراض والعلل.
  • فقدان الحافز.
  • انخفاض الإنتاجية.
  • استنفاد مستويات الطاقة.

إذا كنت تعاني من أيٍّ من هذه الأعراض، فقد تحتاج إلى قراءة مزيدٍ عن هذه الاستراتيجيات السبع المدعومة بالعلم، للتعافي عندما تكون مرهقاً من العمل. ولكن قبل ذلك، هل هناك علاقةٌ بين الضغط العصبي والإرهاق؟

ما هو الفارق بين الإرهاق والإجهاد؟

قد ينشأ الإرهاق من الإجهاد الشديد وطويل الأمد، ولكنَّه ليس الإجهاد نفسه؛ إذ ينطوي الإجهاد على ضغوطٍ لا تُطاق، والتي قد تؤثِّر فيك ذهنياً وبدنياً، ويمكن للشخص الذي يعاني من الإجهاد أن يشعر بتحسُّنٍ إذا استطاع أن يوازن بين كلِّ شيء. من ناحيةٍ أخرى، الإرهاق حالةٌ من الشعور بالفراغ وغياب الحافز والإجهاد العقلي، بحيث لا يمكنك أن ترى أيَّ بصيص أملٍ في حالتك عندما تُعاني من الإرهاق. الإجهاد المفرط هو أن تكون غارقاً في المسؤوليات، في حين أنَّ الإرهاق هو حالة الاستنزاف الكامل. وهنا جانبٌ آخر له: غالباً ما تكون مدركاً أنَّك تمرُّ بحالةٍ من الإجهاد، لكنَّك لا تدرك متى يحدث الإرهاق.

إذاً، كيف تعرف أنَّك تعاني من الإرهاق؟ يمكنك أن تتبع هذه المراحل الخمس.

ما هي مراحل الإرهاق الخمس؟

يمكن لأيِّ شخصٍ أن يعاني من الإرهاق في أيِّ مرحلةٍ من مراحل العمر؛ ومع ذلك، أشار بحثٌ أجراه المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية (NCBI) إلى أنَّ أعراض الإرهاق اختلفت بحسب مراحل الحياة المختلفة بين الرجال والنساء العاملين، حيث ظهر أنَّ الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة، وكذلك 55 سنة وما فوق، معرَّضين إلى الإرهاق. إنَّ أعراض الإرهاق مثل أيِّ مرضٍ تماماً، تختلف من شخصٍ إلى آخر؛ ومع ذلك، هذه هي المراحل الخمس من الإرهاق عموماً:

1. مرحلة شهر العسل:

في هذه المرحلة، تكون متحمساً للغاية لعملك، ولا تعاني من أيِّ أعراضٍ لها علاقةٌ بالإجهاد. هل تتذكَّر يومك الأول في العمل؟ أو بداية انطلاقتك الأولى؟ كان مستوى الرضا الوظيفي لديك مرتفعاً، وكنت ملتزماً للغاية، كما كنت مفعماً بالحيوية والإبداع. رغم أنَّك قد تلاحظ ضغوطاً متوقعةً في العمل، فقد تتجاهل تنفيذ استراتيجيات التكيُّف التي تساعدك في إنجاز حياةٍ مُرضية؛ أنت متحمسٌ لعملك للغاية، وتفرِّط بجوانب أخرى من حياتك.

هذه هي النظرية وراء هذه المرحلة: إذا كان بإمكانك وضع استراتيجياتٍ للتكيف والحفاظ على التوازن بين الحياة والعمل، فيمكنك أن تعيش دوماً في مرحلة شهر العسل هذه.

فيما يلي بعض الأعراض الشائعة التي تميِّز هذه المرحلة:

  • مستويات طاقةٍ لا محدودة.
  • رضا وظيفي.
  • مستوىً عالٍ من الالتزام بالعمل.
  • دفقٌ متواصلٌ من الإبداع.
  • مستويات إنتاجيةٍ عالية.

2. مرحلة الصحوة:

مرحلة الصحوة هي عندما تبدأ بفقدان قوة تفاؤلك؛ إنَّها تلك المرحلة التي يبدأ فيها الواقع أخيراً، وتنهار توقعاتك العالية بشأن ذلك العمل أو الوظيفة. ليس هذا فحسب، بل حتَّى أنَّ احتياجاتك لا تُلبَّى، وتبدأ الشعور بأنَّك منفصلٌ عن زملائك في العمل، وتبدأ ملاحظة أعراضٍ أخرى انطلاقاً من خيبة الأمل هذه. نورد هنا بعضاً من هذه الأعراض:

  • عدم التركيز.
  • عدم الرضا عن العمل.
  • قلة التفاعل الاجتماعي.
  • انخفاض الإنتاجية.
  • الأرق أو النوم القلق.
  • الانفعال.
  • الإعياء.
  • القلق.
  • فقدان الذاكرة.
  • الصداع.
  • نبض قلبٍ غير طبيعي.
  • الاستغناء عن الحياة الشخصية.
  • تغيُّرٌ في الشهية.

قد تشعر أيضاً بالملل من عملك، أو تشعر بتعبٍ غير اعتيادي.

3. مرحلة الإجهاد المزمن:

المرحلة الثالثة هي مرحلة الإجهاد المزمن؛ خلال هذه المرحلة سوف تختبر تغيُّراً ملحوظاً في مستويات الإجهاد لديك، من خسارة الحافز إلى التعب المتواتر. هذه بعض الأعراض الشائعة للإجهاد:

  • التعب المستمر في الصباح الباكر.
  • الغضب.
  • التحوُّل إلى العدوانية.
  • فقدان الاهتمام بالهوايات.
  • الانطواء الاجتماعي.
  • تأخُّرٌ متكررٌ في العمل.
  • الغياب.
  • اللامبالاة.
  • مرضٌ جسدي.
  • تجاوز المواعيد النهائية لمراحل المشروع.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.
  • زيادة تناول السكريات.
  • زيادة تناول الكافئين.
  • الشعور بالإعياء أو فقدان السيطرة.

4. مرحلة الإرهاق:

في هذه المرحلة تصبح جميع الأعراض شديدة؛ إذ أنَّها المرحلة الدقيقة التي يشير إليها الناس عندما يتحدَّثون عن كونهم مرهَقين، وفيها ستشعر أنَّه من غير الممكن الاستمرار في حياتك.

فيما يلي بعض أعراض هذه المرحلة:

  • الشعور بالفراغ من الداخل.
  • انعدام الثقة بالنفس.
  • تغيُّراتٌ سلوكية.
  • العزلة الاجتماعية.
  • الهوس بقضايا في العمل أو في حياتك.
  • صداعٌ مزمن.
  • عزلةٌ اجتماعية.
  • التشاؤم.
  • الإهمال التام للاحتياجات الشخصية.
  • زيادة الأعراض الجسدية.
  • الحثُّ على الانفصال عن المجتمع.
  • الرغبة بالعزلة عن العائلة والأصدقاء.

5. مرحلة الإرهاق الاعتيادي:

هذه هي المرحلة النهائية، وفيها تصبح أعراض الإرهاق متجذرةً في حياتك إلى الحدِّ الذي قد تبدأ فيه المعاناة من مشاكل جسدية أو عقلية. فيما يلي بعض أعراض هذه المرحلة:

  • الاكتئاب.
  • الحزن المزمن.
  • الإعياء الجسدي المزمن.
  • الإعياء العقلي المزمن.
  • متلازمة الإرهاق.

إذاً، هل هناك أملٌ إذا وجدت نفسك في أيٍّ من هذه المراحل؟

الإرهاق قابلٌ للشفاء، لكنَّه يتطلَّب منك قبول واقعك الحالي واتخاذ قرارٍ لتغيير نمط حياتك وعقليتك؛ أنت بحاجةٍ إلى رؤية أحلك لحظاتك على أنَّها المرحلة التي سوف تمكِّنك من اكتشاف هدفك في الحياة.

إذا كنت تعاني من الإرهاق من العمل، فإليكَ سبع استراتيجياتٍ تدعمها الأبحاث لمساعدتك في استعادة تركيزك وإنتاجيَّتك:

7 استراتيجيات للتعافي من إرهاق العمل:

1.  دوِّن قائمةً بكلِّ ما يزعجك:

سوف يذهلك كم أنَّ إعداد قائمةٍ بما يزعجك هو علاجٌ فعَّالٌ للغاية. يمكنك إعداد القائمة من استخلاص كلِّ الأفكار السلبية وتنظيمها ضمن صيغةٍ يمكنك تقييمها وفهمها بشكلٍ أفضل. اجرد ما عليك القيام به يومياً، ثمَّ اكتب هذه المهام لتجنُّب إجهاد نفسك عندما تريد تذكرها، وركِّز على الطرائق الممكنة التي يمكنك من خلالها جعل كلِّ مهمَّةٍ أقلَّ إرهاقاً.

على سبيل المثال: إذا كنت تكتب كتاباً، فيمكنك التعاون مع كتَّابٍ آخرين للمساعدة في إعداد جدول المحتوى والتدقيق اللغوي وتحرير الكتاب، حتَّى لا تجهد نفسك في العمل الزائد. علاوةً على ذلك، يساعدك وضع هذه القائمة في زيادة مواردك إلى أقصى حد، وذلك من خلال وضع المهام في أيدٍ أمينة.

2. تعلَّم أن تأخذ استراحة:

ما لا تأخذ استراحةً منه، سيحطِّمك في النهاية.

وفقاً لـ "لين روبنسون" (Len Robinson): "لا يحدث الإرهاق فجأة، بل يتطور -عادةً- على مدى أشهر أو سنوات؛ لذلك، ستحتاج إلى وقتٍ طويلٍ لتطوير استراتيجيات التأقلم للتعافي من الإرهاق. إذا كان بإمكانك الاستمتاع في أثناء تقدُّمك لتحقيق أهدافك، فسوف تختبر حياة عملٍ سعيدة". لذا، استمتع في أثناء عملك قدر الإمكان.

3. ركِّز على قدراتك:

سوف تتعب دائماً عندما تعمل على المهام التي لا تتناسب مع مهاراتك. يقول دكتور "جيم هارتر" (Jim Harter)، الحاصل على شهادة دكتوراه من جالوب: "يقضي العمال ذوي المستوى الأعلى من المشاركة -وسطياً- ​​أربعة أضعاف ساعات العمل لإنجاز المهام التي ليس لديهم المهارات اللازمة لإنجازها، مقارنةً بالمهام التي يجيدونها ويتفوقون بها". أنت تحسِّن قدراتك عندما تقضي الوقت في الأنشطة التي تتوافق مع مهاراتك؛ ومن ناحيةٍ أخرى، سوف تخور قواك في النهاية، وذلك بسبب المهام التي تتجاوز مقدرتك.

4. تقبَّل نقاط ضعفك:

لا يكفي التركيز على ما يمكنك القيام به؛ تحتاج أيضاً إلى تقبُّل أنَّ هناك أشياءٌ لا يمكنك القيام بها. يمكنك أن تفقد احترامك لذاتك، وأن تستنفد طاقتك عندما تتولَّى مهاماً لست مؤهلاً أو مدرباً بما يكفي للقيام بها.

هل لديك بعض المهام التي لست مؤهلاً بما يكفي للقيام بها؟ استعن بطرفٍ ثالثٍ للقيام بها نيابةً عنك.

إقرأ أيضاً: كيف تعرف نقاط القوّة والضعف في شخصيتك؟

5. أنشِئ نظام دعمٍ كبير:

كيف يمكنك الاستعانة بطرفٍ ثالثٍ من أجل تدعيم نقاط ضعفك عندما لا يكون لديك نظام دعمٍ كبير؟ إنَّ نظام دعمٍ قويٍّ مثل: الأصدقاء وزملاء العمل، يمكنه تقديم المشورة وتشجيعك عندما تكون في حالة اكتئاب. لذا، يُنصَح بست خطواتٍ لإنشاء نظام دعمٍ قوي:

  • راجع شبكة علاقاتك، وحدِّد من يمكنه المساعدة.
  • حاول ممارسة أنشطةٍ جديدةٍ لمقابلة أشخاصٍ جدد.
  • سجِّل في نادي كُتَّاب.
  • قدِّر الأشخاص الهامِّين في حياتك حق قدرهم، وأخبرهم بذلك.
  • انضمَّ إلى جمعيةٍ محليةٍ أو إلى مجموعةٍ مرتبطةٍ بالعمل.
  • كن على استعدادٍ لطلب الدعم.

وأيضاً، لا يكفي أن تطلب الدعم ببساطة، بل يجب أن تسعى كذلك إلى أن تصبح أفضل صديقٍ لنفسك.

6. تعلَّم أن تقول لا:

عندما تبدأ الشعور بأعراض الإرهاق من العمل، فلا تخجل من أن ترفض القيام بالتزاماتٍ جديدة؛ وإذا كنت قد أنشأت نظام دعمٍ قوي، فسوف يتفهَّم أعضاء فريقك -على الأرجح- عندما تكون غير قادرٍ على تولّي مزيدٍ من المهام.

7. تحكَّم باستخدامك للأجهزة الذكية والإنترنت:

هذا عاملٌ آخر يمكن أن يجعلك تشعر بالإرهاق من العمل، فليس عليك الردُّ على جميع الإشعارات على فيسبوك.

هل يسبِّب جهازك الذكي لك الإرهاق؟

جد الوقت للانفصال عن العالم الرقمي، وركِّز على الأنشطة الأكثر أهمية؛ فلا يمكنك الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم عندما تكون مدمناً جداً على أجهزتك الذكية؛ لذلك تحتاج أحياناً إلى الراحة منها، كي تتمكَّن من العودة إلى ممارسة حياتك.

يمكن لما تعرِّض نفسك إليه أن يؤثِّر في صحتك العقلية؛ لذلك تحتاج إلى إعطاء الأولوية لصحتك العقلية في أثناء انشغالك بأجهزتك الرقمية والإنترنت.

الخلاصة:

لا تقل بأنَّك لا تستطيع، ولا تقل بأنَّه من غير الممكن. لقد حان الوقت لاستعادة تركيزك وإنتاجيتك إذا كنت تعاني من الإرهاق من العمل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة