7 أمور مجهدة عليك البدء بتجاهلها

دخل والدي عندما كنت في التاسعة من عمري إلى غرفتي بعد ظهر أحد أيام الأحد متأثَّراً، وأخبرني أنَّنا قد نفقد منزلنا، وأوضح لي أنَّه كان يكافح للعثور على وظيفة، وإن لم يُوَفَّق بذلك قريباً، فلن نتمكن من تحمُّل تكاليف العيش في منزلنا بعد الآن، ولَاحَظت أنَّه كان حزيناً وغاضباً وقلقاً في آن واحد، دون التفكير في الأمر، عانقته وقلت: "إنَّه مجرَّد منزل، لا يهمني أين نعيش ما دمنا نعيش معاً".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مارك كرنوف (Marc Chernoff)، ويحثُّنا فيه على تجاهل سبعة أمور مجهدة.

تجربة شخصية:

يحب والدي الذي بلغ عامه السبعين تذكُّر هذه القصة، ويقول إنَّ ردِّي البريء والصادق هوَّن عليه المحنة المضنية التي كانت عائلتنا تواجهها آنذاك، أدركَ فجأة أنَّها لم تكن نهاية العالم، وكنَّا جميعاً بصحَّة جيدة، وقادرين على تجاوز هذا معاً، وهذا تماماً ما فعلناه.

يسمح معظمنا في مسيرة حياتنا لضغوطات الحياة بإحباطهم؛ فلا تدع ذلك يحدث معك، ولا تحوِّل المشكلات الصغيرة إلى هموم تُثقل كاهلك؛ بل قدّم أفضل ما لديك، واستمر بالمُضي قُدماً، وحافظ على الأمور في نصابها الصحيح، وتجاهل ما يأتي:

1. السلبية المفرطة:

حافظ على هدوئك وفكّر بإيجابية، واجعل من نفسك شخصاً أفضل، وكن مصدر إلهام لك ولمن حولك، وقل لنفسك: "لا للسلبية، لدي أمور إيجابية كثيرة لأفعلها".

حاول أن تراقب كم مرة في اليوم تنجر وراء أفكارك السلبية، اعترف لنفسك بذلك، وحاول أن تكفَّ عه، وقد تظن أنَّك قليلاً ما تفعل ذلك، لكن أن تعي وجود هذه العادة لديك هو الخطوة الأولى في طريقك للتغلب عليها، واعلم أنَّ الشكوى والاستياء من الأمور دون السعي إلى تغيير مجرياتها هو أمر غير مقبول.

تحلَّ بالشجاعة لمواجهة مخاوفك، بدلاً من أن تقضي عمرك هارباً منها، وعوضاً عن التذمُّر من الظروف المحيطة بك، ابدأ بالعمل، وابتكر ظروفك بنفسك، واعلم أنَّ العقبات تتحول إلى نقاط انطلاق عندما تنظر إلى الجانب المشرق في كل موقف، وإن تتطلب ذلك منك إمعان النظر أكثر من المعتاد.

كن شاكراً للعقبات الصغيرة التي تواجهها الآن، فهي ما يجعلك أكثر قوةً واتزاناً، ولا تسمح لها بتحطيمك؛ بل اجعل منها دروساً تُغني معرفتك، وفي تعاملاتك مع الأشخاص السلبيين حافظ على رباطة جأشك وابتسم وإن أجبرت نفسك على ذلك، واضحك وإن آلمك ذلك، ولا تسمح لهم بالتأثير فيك، فأنت بخير والحياة جميلة على الرَّغم مما يقولون.

أولئك الذين يخاطبونك بازدراء يحاولون الرفع من شأنهم بالتقليل من شأنك، فترفَّع عن ذلك، وتجاهل أصحاب الحديث الفظِّ.

إقرأ أيضاً: كيف تحسن حياتك من خلال تطوير عقلية إيجابية؟

2. الأشخاص الذين يقلِّلون من شأن جميع إنجازاتك:

عندما تتبع صوت قلبك وحدسك سيحاول بعض الأشخاص تصوير ذلك بوصفه عيباً فيك، ولن يسعد الجميع إن وجدت العمل الذي ترغب فيه، وسوف يشكِّك بعضهم بأسباب لطف معاملتك لهم، وسيحاول بعضهم استخدام صدقك ضدك، واستغلال حسن نيتك لمصلحتهم؛ لذا لا تدع أيَّاً من هؤلاء يثنيك عن أيٍّ من هذه الأشياء، فهم ليسوا بأشخاص هامين، وما يهم هو أن تكون راضياً عن نفسك، وعن أدائك في الحياة، وستسأل نفسك يوماً إن كنت فخوراً بالحياة التي عشتها وعليك الاجتهاد الآن لتجيب حينها بنعم.

3. آراء الآخرين المتعلقة بمحدودية إمكاناتك:

لا توافق الآخرين في كلِّ أقوالهم وآرائهم، فهذا ما يسمح لهم باستغلالك؛ لذا عليك أن تتمسَّك بألا تغيِّر من نفسك شيئاً رغبةً في إرضاء غيرك؛ وإنَّما فقط رغبةً بمستقبل أفضل وجعل نفسك شخصاً أفضل، وكن على سجيَّتك، فهذه أكثر الطرائق نفعاً لتحقيق السعادة والنجاح.

لن تجد ما يحرِّرك أكثر من عدم الاكتراث لآراء الناس بك، وخاطر واتبع حدسك، ولا ترضَ بالقليل خوفاً مما سيقال عنك إن لم توفَّق.

تحتاج أحياناً إلى أن تنعزل مع نفسك، وتعيش لحظة استرخاء تُذكِّر نفسك فيها بمن أنت الآن، وماذا تريد أن تصبح، واتخذ موقفاً، وقم بما تحب بالأسلوب الذي تفضِّل دون اكتراثٍ لآراء من حولك وأقوالهم، ولا تدع أصحاب البصيرة المحدودة يقنعونك بأنَّ أحلامك أكبر من قدرتك على تحقيقها، فهذا ليس صحيحاً.

4. الحاجة الدائمة إلى المثالية:

السعي إلى تحقيق المثالية أمر مُحطِّم، ورغبتك في إنجاز الأشياء بمثالية ليس إلا حملاً هائلاً تُثقل كاهلك به، فتتحطم تحته.

وفقاً للأستاذ الباحث بريني براون (Brené Brown): "السعي إلى المثاليات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعاناة من الاكتئاب والقلق والإدمان والجمود في الحياة أو بمعنىً آخر إهدار الفرص، والخوف من الفشل، وارتكاب الأخطاء، وعدم الارتقاء لتوقعات الآخرين، والتعرض للانتقاد، كلها أسباب تبعدنا عن التنافس والطموح العقلاني السليم".

قد لا تكون الشخص الأجمل، أو الأذكى، أو الأكثر إبداعاً في العالم، ولا بأس في ذلك، ولا تتظاهر أنَّك شخص آخر، أنت رائع كما أنت، ربما أنت لست راضياً بما قمت به في السابق، ولا بأس في هذا أيضاً فأنت لم تعد كذلك، وكن فخوراً بما وصلت إليه، وبنموك، وبالدروس التي تعلمتها في حياتك حتى هذه اللحظة.

في النهاية عليك أن تعي أنَّ المثالية عدوَّة النجاح، والحياة لا تكافئ الناس على مثاليتهم؛ بل على ما ينجزونه بإتقان، والسبيل الوحيد للإنجازات العظيمة تأتي بالكفِّ عن ملاحقة وهم المثالية.

شاهد بالفيديو: ما هي سمات الشخصية المثالية؟

5. التفكير المادي الجاحد:

استمتع بالحياة حينما تكون بخير، لا تنشغل عنها بالبحث عمَّا هو أفضل، ولن ينال السعادة من لا يستطيع تقدير ما يمتلك، وقد أُثبت ذلك في دراسة نفسية اختبرت تطلُّعات 12000 طالباً بعمر الثامنة عشر في سنتهم الجامعية الأولى، ولاحقاً في سن السادسة والثلاثين قيَّمت مدى رضاهم عن حياتهم، وقد وجد الباحثون أنَّ الأشخاص ذوي الأهداف المادية الكبيرة في سن الثامنة عشر، والذين كانوا في رغبة دائمة للحصول على أشياء مادية لا يملكونها أصبحوا أقل رضى بكثير بعد مرور عقدين من الزمن، والشعور بالسعادة لا يعني الرضى بالقليل؛ وإنَّما الامتنان لما تمتلك الآن والصبر والسعي إلى نيل ما ترغب فيه.

ينفق معظم الناس المال لشراء أشياء لا يريدونها أو يحتاجون إليها؛ لإبهار أشخاص لا يعرفونهم حتَّى؛ لذا لا تكن واحداً من هؤلاء، ومن السهل أن تنشغل أحياناً في محاولات الحصول على أشياء جذابة مكلفة، فتنسى أنَّ سحر الحياة يكمن في تفاصيلها الصغيرة، كما قال الفيلسوف اليوناني إبيقور (Epicurus) يوماً: "لا تفسد متعة ما تملك الآن في رغبتك بما لا تملك، تذكَّر أنَّ ما تمتلكه الآن كنت يوماً ما تحلم بالحصول عليه".

6. توقُّع سهولة الأمور:

من الصعب تذليل جميع الصعاب، لكن تغيير مجريات الأمور يتوقف على شجاعتك في مواجهتها.

يفشل معظم الناس في تحقيق أحلامهم بسبب تجاهلهم الفرص وانتظارهم حدوث معجزات بدلاً منها؛ لذا تذكَّر أنَّ العقبات ليست محطات توقف؛ وإنَّما إرشادات تدلُّك على الطريق الصحيح؛ فالفشل فرصة للتعلم، والقوة لا تكمن في تحقيق كل شيء، وكلَّما عَظُمت اختبارات الحياة عَظُمت الدروس التي تزيدك قوة.

في النهاية لا تتحدد هويتك بما فعلت أو لم تفعل؛ وإنَّما بالمشقَّات التي تخطيتها، فجميع الأخطاء والخسائر والمعاناة ولحظات الضعف والشك، تؤدي دوراً في الحكمة والقوة التي ستساعدك دوماً على مشاركة الخير مع الآخرين حتَّى في أحلك الأوقات.

7. الممانعة الداخلية للتغيُّر:

لكل شخص قصة؛ فجميعنا جرفتنا الحياة لمنعطفات غيَّرت فينا ما لا يمكن أن يعود لسابق عهده، فهذه التغيرات أمر محتوم، وجميع ما يحيط بك الآن فانٍ؛ جسدك وأملاكك وعلاقاتك وما إلى ذلك، ولن تقدر على التحكُّم بكل مجريات حياتك، لكنَّك تستطيع التحكُّم بكيفية التعامل معها.

حاول أن تلاحظ وتقدِّر التغيرات التي تنعكس إيجابياً على حياتك، بقدر ملاحظتك التغيرات التي تحملك إليها منعطفات الحياة، وكن ممتناً حين يجلب ما لم تتوقعه خيراً أعظم مما توقعت، والأهم من ذلك، كفَّ عن القلق حيال ما مضى، فنهاية طريق غير جيدة هي دوماً بدايةُ طريق عظيمة.

إقرأ أيضاً: كيف تحفز نفسك على التغيير؟

في الختام:

اشكر الماضي في سرِّك على كل الدروس التي علَّمك إيَّاها، وكن جاهزاً لعيش حاضرك على أكمل وجه؛ فالبدايات الجديدة دائماً ما تحدث في لحظات فقدانك الأمل، ولا تهدر جهدك على سفاسف الأمور، وعش ببساطة، وكن معطاءً في الحب، وانصر الحقيقة، واعمل بجد؛ ومن ثَمَّ آمن بالقدر ودعه يحدث.




مقالات مرتبطة