ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحديد توجهه في الحياة المهنية والمهارات العامة التي عمل على تحسينها في أثناء ذلك.
إنَّها لحظات ضعفنا التي نبدأ عندها بالتشكيك بحياتنا، وقد دفعني تفكيري الخاطئ ذات مرة إلى اعتقادي بوجوب تحديد ماذا أريد أن أفعل بدقة في حياتي، والحقيقة أنَّ لا أحد يعرف ما يجب أن يفعل بحياته.
تَقبَّل شعور الشك:
قد تموت غداً أو تخسر نقودك في سوق الأسهم أو يحترق منزلك، وربما لم يكن من الصواب إخبارك بتلك الأشياء، لكن يجب أن ندرك أنَّنا لا نملك أجوبة عن معظم الأسئلة في الحياة، ولا يمكنك أن تعرف عن مستقبل صحتك أو مصير سوق الأسهم أو إذا كانت تجارتك ستستمر بالازدهار، لا أحد يعرف.
هنا يكمن جمال الحياة، وقد عبَّرت عن ذلك زوجة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً إليانور روزفلت (Eleanor Roosevelt) بأفضل طريقة؛ فقالت: "لو أنَّ الحياة متوقعة ومقروءة لفقدت لذتها ومعناها".
يسألني بعض الناس عن سبب مطالعة الكتب كثيراً إذا كنت من المستحيل أن أطبق كلَّ ما أتعلمه، إنَّهم محقون فأنا فعلاً لا أستطيع تطبيق كلِّ شيء، لكنَّ سبب قراءتي واطلاعي على أنواع الموضوعات المختلفة هو أنَّني قد أحتاج إلى معلومة معينة في وقت ما لاحقاً في حياتي، وعندها قد يتسنى لي تغيير كامل مسار حياتي.
سأعرض عليكم مثالاً، في عام 2015، بعدما اقترح عليَّ أصدقائي ومنتوري أن أشارك أفكاري عن الإنتاجية والحياة وعالم الأعمال مع الآخرين، فإنِّي بدأت أفكر بجدية في الأمر؛ فتوجد طرائق مختلفة لتشارك المعرفة؛ إذ يمكنك تدريب مجموعات أو عقد حلقات دراسية أو تقديم الكوتشينغ للناس تقديماً إفرادياً، يمكنك كذلك إنشاء محتوى على يوتيوب (YouTube) أو إلقاء محاضرات في المؤتمرات؛ فالإمكانات لا تعد ولا تحصى.
لأنَّني أُغرِمتُ بالكتابة إضافةً لقراءتي الكثير والكثير عنها، فقد ارتأيت أن أبدأ بكتابة أفكاري، تلك كانت أبسط طريقة لانطلاقتي، فقد تعلمت مسبقاً كيفية إنشاء المواقع الإلكترونية؛ لذلك كان من السهل عليَّ أن أبدأ بإنشاء موقع على الإنترنت، فأعددته في الواقع خلال يوم واحد، ثم بدأت بالكتابة يومياً طيلة شهر كامل، وكانت حصيلة هذا الشهر كتاب ومجموعة من المقالات.
حدِّد اتجاهك ومسارك بدلاً من وجهتك وغايتك النهائية:
لم أدرك عندما قرأت عن الكتابة وبناء المواقع الإلكترونية منذ سنين عديدة أنَّني سأستخدم هذه المعرفة في بناء مدونتي، وفي الواقع لم أكن أعرف ماذا أريد حينذاك، فقد عرفت المسار فقط الذي أردت أن أسعى إليه، وأردت أن أقدم مساهمة وأقوم بعمل أستمتع به.
لذا ليس من الهام أن تعي ماذا تريد أن تفعل بالتحديد في حياتك؛ فالناس يتغيرون والاقتصاد يتغير؛ وبذلك ليس من المنطقي أن تدعي أنَّك تعرف ماذا تريد، إنَّ الشيء الوحيد الذي نحتاجه هو استشعار اتجاهنا، وتصور الطريق الذي نود أن نسعى إليه.
ليس عليك أن تعرف وجهتك بدقة، وإن كنت غالباً ما تقرأ عن تجارب أناس يدَّعون أنَّهم لطالما عرفوا ماذا يريدون فإنَّهم لا يشكِّلون إلا جزءاً صغيراً، وأنا شخصياً لم أقابل أحداً من هؤلاء الأشخاص، لا تتكون هذه القناعة لدى معظمنا منذ البداية؛ وإنَّما تتبلور بمرور الزمن.
إنَّ كونك لم تحدد توجهاً في الحياة تلقائياً، يجعل أول هدف لك أن تكتشف أين تود أن تتوجه.
هذا ما ينصح به الكاتب والمدير التنفيذي جاي أبراهام (Jay Abraham) في كتابه تحقيق كلِّ شيء تستطيع تحقيقه بالمعرفة التي تمتلكها (Getting Everything You Can Out of All You’ve Got): "تكمن الأولوية الرئيسة في تحديد رغبتك، ثم سلوك الطريق الذي يؤدي إليها، فليس ثمة أقسى من رؤية شخص طاعن في السن يعود بالزمن للوراء ويأكل الندم قلبه لأنَّه سعى إلى طريق الهدف الخاطئ".
لعلَّك تلاحظ أنَّه لم يقل عليك أن تعرف تماماً ماذا تريد؛ وإنَّما يجب أن تعرف أين تتوجه توجهاً عاماً، وعلى الرَّغم من أنَّ هذا صعب التصور، إلا أنَّه الجواب الوحيد المفيد الذي وجدته في الحياة.
شاهد: سبع مهارات أساسية تساعدك على تحقيق أهدافك
تعلُّم مهارات عامة:
في أثناء تحليلك واكتشافك للأمور، لا تهدر وقتك في مشاهدة التلفاز أو الشرب أو الإكثار من الطعام؛ وإنَّما حاول استثماره في تعلُّم مهارات عامة.
إذا كنت بحاجة إلى بعض الإلهام، فاطلع على هذه المهارات التي أعمل شخصياً على تحسينها باستمرار:
1. الانضباط الذاتي:
تعلَّم تجاهل الصوت السلبي الداخلي، وانهض من سريرك، واذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، ولا تصغِ إلى الصوت الذي يخاطبك من الداخل قائلاً: "لا أودُّ ذلك".
2. الفاعلية الشخصية:
تعلَّم تحقيق أفضل النتائج الممكنة في أوقات استيقاظك؛ أي أنجز أكبر قدر ممكن بفاعلية.
3. التواصل:
نحن نعتقد أنَّنا ماهرون في التواصل؛ ولكنَّنا فاشلون في الواقع، فيقوم التواصل على الفن والعلم، وقدرتنا على التواصل مع الآخرين تعتمد عليه.
4. التفاوض:
أنت تفاوض طوال وقت مع شريكك وأطفالك ومعلميك وأصدقائك وزملاء العمل والمديرين وغيرهم؛ ولذلك عليك أن تتعلم كيف ترضي الأطراف جميعها.
5. الإقناع:
تعلَّم أن تحصل على ما تريد بطريقة أخلاقية.
6. القوة البدنية وقدرة التحمل:
إنَّ زيادة قوتك مهارة، وعليك إنجاز حصتك من العمل، وهذا شيء يجب على الجميع أن يفعلوه.
7. المرونة:
إنَّ جلوسك طوال اليوم خلف شاشة حاسوبك أو في سيارتك يجعل عضلاتك متيبسة؛ ومن ثَمّ عليك القيام بتمرينات التمدد للتغلب على مساوئ العمل في المكتب.
في الختام:
هذه المهارات كافية لتشغلك طيلة حياتك إذا أردت القيام بها بطريقة صحيحة؛ لذا اختر مهارة تثير حماستك وأتقنها، ثم اختر ثانية وكرر العملية وهكذا دواليك، ستعرف ماذا تريد في القريب العاجل، وإذا لم تعرف، فإنَّ العالم لم ينتهِ وما زال أمامك الكثير لتتعلمه.
أضف تعليقاً