5 وعود يجب أن تقطعها على نفسك كل ليلة قبل النوم

كُلّنا نريد أن نصبحَ أفضل صورةٍ عن أنفسنا، إلا أنَّ تطوير الذَّات قد لا يكون بالأمر السَّهل، فمن أين نبدأ أصلاً في تحقيق ذلك؟ وكيف يمكننا أن نقومَ بذلك؟ وماذا لو كان هناك شيء يُعيقنا ولا ندري عنه شيئاً؟ وكما هو الحال مع جميع مسائل النمو الذاتي، فإنَّ كلَّ شيءٍ يبدأ من أنفسنا. إذ يجب أن نكون مدركينَ لسلوكياتنا، وأن نتَّخذَ التَّدابير اللازمة من أجل تحسينها لكي نحقق ما نصبوا إليه.

لكن ولسوء الحظ، قول ذلكَ أسهلُ بكثيرٍ من فعله.



1. أن تُفكِّرَ مليَّاً بنفسك:

إنَّ الكثير منّا غارقٌ في سلبيته. فنحن نتذكر كلمات الرَّافضين لنا، أكثر من كلمات المؤيدين. وهذا يعني لسوء الحظ، أنَّك قد تقع فريسةً لنمط مدمر من الكلام السلبي عن النفس والأفكار المظلمة القاتمة. المشكلة في هذا هي أنَّ عقلك الذي يتحكّم حرفياً في كل فعلٍ من أفعالك، يتأثر بها. يمكن للسلبية أن تتسبّب لك بالفشل في العديد من الأمور التي كان من الممكن أن تقوم بها بشكل جيد إذا ما كنت أكثر إيجابية فقط. وقد تتسبب لك في أفضل الأحوال، في أن تتعامل مع نفسك بشكل سيء، وأن تلومَ نفسكَ على أتفه الزَّلات.

وبينما نتحدّث عن هذا، فإنَّ ذات الأمر ينطبقُ على النكت السلبية، فقد تظنُّ أنَّ طُرَفُكَ التي تحطّ من الذّات غير ضارة، لكنَّها لا تزال تؤثر عليك بشكل كبير بطرقٍ قد لا تكون على دراية بها. نحن نتفهَّم أنَّ تلك الأنواع من الطُّرف والقفشات هيَ آلية للتَّكيف، لكن حان الوقت لكي تحاولَ اعتماد آليَّةٍ أكثرَ صحة.

إنَّه لمنَ الممكن ولحسن الحظ، أن تُدرِّبَ عقلكَ على أن يكون أكثر إيجابية من خلال استخدام الردود الإيجابية. قد يصعبُ عليكَ ذلك في البداية، لكنَّ الإكثار من قيامك بذلكَ سيجعل الأمرَ طبيعياً بالنِّسبة لك. لذا خذ أفكارك السلبية واقلبها. على سبيل المثال:

  • فكرة سلبيَّة: "لن أُفلحَ في حياتي قَطّْ!".
    الرَّد الإيجابي: "أعرف أنني أبذلُ جهدي، وأدركُ أنَّ جهودي سوف تُؤتي أُكُلَهَا".
  • فكرة سلبيَّة: "أنا دائماً ما أخفق".
    الرَّد الإيجابي: "أنا قادرٌ على التَّعلّم من أخطائي وأن أُصبحَ شخصاً أفضل".
  • فكرة سلبيَّة: "أنا سمينٌ وبشع".
    الرَّد الإيجابي: "أنا شخص جميل واستثنائي، وقيمتي لا يحددها مظهري".
  • فكرة سلبيَّة: "لا أحد يحبني".
    الرَّد الإيجابي: "أنا شخص طيبٌ مثير للاهتمام. وبإمكاني تكوين صداقات جديدة وعيش حياة اجتماعية نشطة".

يمكنك أيضاً أن تحاول جعل ذلك بمثابةِ عادةٍ لديك كجزءٍ من روتينك الصباحي؛ بأن تُكرّر يومياً مثل تلك التَّأكيدات لنفسك، من أجلِ تعزيز التفكير الإيجابي. فيما يلي بعض الأمثلة على التأكيدات الإيجابية البسيطة التي بإمكانك قولها لنفسك:

  • لديَّ ثقةٌ في نفسي.
  • أنا أستحقُّ أن أكونَ سعيداً.
  • تجاربي تساعدني على أن أنمو.
  • أستطيع أن أنجز كل ما حددته لنفسي.
  • إنَّ حياتي عبارةٌ عن توازنٍ ما بين العمل والمتعة.
  • اليوم سيكون يوماً رائعاً.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

2. أن تتوقّف عن الحكم على الآخرين:

إنَّ كلَّ فردٍ منا هو شخص استثنائي ومختلفٌ عن غيره. وعلى هذا الأساس، نمتلكُ جميعاً مقارباتٍ ومساراتٍ وقصصٍ مختلفة، نُخَلِّفُها وراءنا في هذه الحياة. وهو ما يجعل الفهم والتسامح والرحمة من الأمور الهامَّة للغاية عندما يتعيَّنُ عليكَ أن تعيشَ حياتك. فإذا ما وجدت نفسك تنتقد الأشخاص المحيطين بك وتحكم عليهم تلقائياً، حتى وإن لم تفعل ذلك إلا بينك وبين نفسك، تعهَّد لنفسكَ عندئذٍ بأن تتوقف عن مثل ذلك السلوك.

فيما يلي بعض الأمثلة على الأفكار والعبارات الانتقاديَّة التي قد تفكر بها أو تقولها دون أن تُدرِكَ ذلك:

  • "ما هذا الذي يرتديه ذلكَ الشخص؟".
  • "لا بُدَّ أنَّهم كسولون جداً بما أنَّهم لن... (أكمل الجملة من عندك)".
  • "ذلك الشَّخص يبدو فظيعاً".
  • "يا للقرف، يا لهم من "عالة على غيرهم"، إذ ليس لديهم عملٌ حتَّى".
  • "إنَّ الوضعَ معقَّدٌ جداً ولا ينقصنا أن تأتي إلى هنا".

من المهم أن تتذكّر أنَّ ما يناسبك قد لا يناسب أحداً غيرك. بالإضافة لهذا، فإنَّ تجاربك ووجهات نظرك الشخصية لا تُعَمَّم على الجميع؛ فأنت لا تعلم ما يفكر أو يشعر أو يمرُّ به الآخرون. إنَّ امتلاكك لآراءكَ الخاصَّة هو أمرٌ جيد حقَاً، لكن كن حذراً من أن تتحول تلك الآراء إلى أحكامٍ لا مُبَرِّرَ لها.

لكن مهلاً قليلاً، لمَ يُعتبر ذلكَ سيءٌ بالنِّسبةِ لك؟

حسناً، إنَّ السَّلبية التي تظهرها ليست مجرد أمرٍ عشوائي. إنَّها طاقتك السَّلبية، والتي تمنعك من المضي قدماً بطريقة إيجابية. أنت تضيف إلى الطاقة السيئة الموجودة في هذا العالم، وربما تضر بحياةٍ شخص آخر وطريقة احترامه لذاته.

تذكر، لا يتعلق كل شيء بك وبما تعتقد. لذا احترم الآخرين، وتعاطف معهم وحاول أن تتفهم مشاعرهم.

3. أن تتعلَّمَ تحديدَ الأولويات:

من المهم أن تعلمَ ما هو الأمرُ الأكثر أهميّة في حياتك. فإن لم يكن كذلك، فسوف ترهق نفسكَ في فعل أكثر من أمر وبلا طائل، وفي النهاية لن تستطيع أن تبذل كل طاقتك في حياتك اليومية. وهو ما سيجعلك متعباً وغير سعيد وتشعر بالتَّعب من كل شيء.

أن تكون شخصاً مُذعناً لا يساعدكَ إن كانَ لديكَ جدولٌ مزدحم، بل بدلاً من ذلك تعلَّم كيف تقول لا للأمور التي تُرهِقُك. مثل أن ترفضَ دعوةً لحضور حفل زفافِ شخصٍ بالكاد تعرفه، أو أن تلغيَ اشتراككَ في نادٍ يتعلق بشيءٍ لست شغوفاً به. قم بدلاً من ذلك بالتَّركيز على الأيام التي تخرج فيها برفقة من تهتمُّ لأمرهم حقَّاً. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون قادراً على أن تعلمَ ما هيَ الأمورُ التي تُعدُّ الأفضل لك حقَّاً. اجعل من صداقاتك مع أشخاص يجعلونك سعيداً أولويةً لك. وشارك في أنشطة تستمتع بها حقَّاً، واملأ وقت فراغك بالأمور التي تريدها. ولا تخف من الاستغناء عن الأشياء التي لا تفيدك في شيء.

عليك أن تحرصَ أيضاً على أن يكون لديك ما يكفي من الوقت لنفسك. لا ترهق نفسك كثيراً في العمل أو تجعلَ أجندتك ملأى بالعديد من الالتزامات؛ لدرجة أنَّه لا يعود بإمكانك أن تستمتع بحمام دافئ، أو أن تشاهد برامجك التلفزيونية المفضلة أو أن تدلل نفسك. قد يكون من الصَّعب أن تتخلى عن بعض الأمور، لكن الحياة المزدحمة لا تخدمُ أحداً، وخصوصاً إن كانت ملأى بأشياءَ تجعلك تعيساً. لذا تعلم كيف تُعطي الأولويّة لما يهمك حقاً، وتعلم كيف تتخلى عن الأشياء التي لا تهمك.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

4. أن لا تخاف من النجاح والفشل بعد الآن:

الخوف من الفشل:

إنَّ الخوفَ من الفشل هو أمرٌ شائعٌ إلى حدٍّ ما. في الواقع، له اسم علمي وهو "أَتِيتْشِيفوبيا - "atychiphobia" (رهاب الفشل). يمكن لرهاب الفشل أن ينجم عن حالات الاضطراب مثل اضطرابات القلق واضطرابات المزاج، واضطرابات الأكل. وهو في الأساس ليسَ مجرد انعدامِ التفكير الإيجابي - إذ يمكن أن يعيقكَ ويمنعك من التقدم في الحياة. ربما ينبع قلقك من الفشل من قلقكَ بالطريقة التي سيفكر فيها الآخرون بك، أو من المخاوف بشأن مستقبلك، أو من تقديركَ لذاتك إذا ما فشلت. أيَّاً كان السَّبب، فإنَّ تلكَ المخاوف قد تجعلك لا تجازف أبداً، أو تجعلكَ تلتزم بمواقف آمنة للغاية حيث لا يمكن أن تتعرض فيها للأذى. لسوء الحظ، فإنَّ هذا يضع قيوداً على نفسك ويمنعك من أن تكون أفضل.

إنَّ الفشل جزءٌ لا يتجزأ من الحياة. فبدون فشل، لن ينجح أحد على الإطلاق. لذا عليك أن ترتكب الأخطاء وتفشل من أجل أن تتعلم دروساً تكون بمثابة نقطة انطلاق لنجاحك. وعلى الأغلب أنَّ لكل شخص ذكي وناجح تعرفه نصيبه من الإخفاقات - وذلك ما حوله إلى ما عليه الآن!

الخوف من النَّجاح:

يخاف بعض الناس من النجاح أيضاً. إذ قد يخشون أنَّه إذا ما سارت الأمور بشكل جيد، أن تكونَ مسألة وقت فقط قبل أن ينهار كُلُّ شيء ويصبح هباءً منثوراً. ربما قد تقلق من التغيير الذي سيأتي بالنجاح، أو من توقعات أكبر، أو أنَّك قد تفقد هويتك، أو من أنَّكَ لا يمكنك تَحَمُّلُ مسؤولياتٍ جديدة. كل هذه الأمور مقبولة، ومن الصعب أن تتخلَّص منها. لكنَّها وفي المقابل هي ما يقف بينك وبين النجاح الذي طال انتظارك له، والذي عليكَ أن تصلَ إليه. فأنت تستحق أن تكون سعيداً وتستحق أن تنجح وتحقق أحلامك، تذكر ذلك ولا تَنسَه! ولا تخف من أن تُعليَ سقف أهدافك، ولا أن تعطيَ لنموك الأولوية.

بإمكاننا أن نُخبركَ بأن تُفكِّرَ بإيجابية من أجل أن تتغلب على تلك المخاوف من الفشل أو النجاح، لكن هذا قد لا يكون ممكناً على الدوام. فإن كنت بحاجة إلى مساعدة شخصٍ محترف، فلا عيب في أن تبحثَ عن طبيب مختص، أو أحد أخصائيي الصِّحة العقلية لكي يُرشدوك في تلكَ المسائل.

5. أن تكون مسؤولاً عن نفسك وعمَّا أنت عليه:

يظنُّ كثيرٌ من النَّاس أنَّهم يعرفون أنفسهم، ولكن التَّأملَ هو عاملٌ هامٌ للنمو المستمر. تُعَدُّ القدرة على النَّظر إلى الماضي والتَّفكُّر به، مع مراعاة إخفاقاتك ونجاحاتك وخصالك، مهارة بالغة الأهمية في هذه الحياة. إذ سيساعدك ذلك على أن ترى كيف قد تغيَّرت، وإلى أيِّ مدىً وصلت، ومن أنت حقاًّ. وعلى الأغلب أنَّك لست بذاك الشخص نفسه الذي كنت عليه قبل 10 أو 20 عاماً، أو قبل عام واحدٍ حتى. لذا انتبه للطريقة التي تغيّرت بها. ما هي أحداث الحياة التي أثرت على هذه التغييرات؟ وهل تتعلم من خبراتك، أم أنَّك تفشل في تطبيقها، وبالتالي تكرر تلك العادات المدمرة؟

إليكَ بعض الأمثلة عن الأسئلة التي يمكنك أن تطرحها على نفسك لكي تساعدكَ في التَّامل:

  • من أصاحب؟
  • ما هو نهجي في العمل؟
  • ماذا أحب أن أفعل؟
  • ما هي القرارات الحياتية الكبيرة التي اتخذتها؟ وكيف اتَّخذتهم؟
  • ما هو النَّهج الذي أنْتَهجُه في العادة لحلِّ المشاكل؟
  • كيف أكون منفتحاً على الآخرين؟

إنَّ طرحك لأسئلة بسيطةٍ تساعدك على أن تلقي نظرةً أعمق عن نفسك، يمكن أن تساعدك في أن تحقق تأمُّلاً أكثرَ فاعلية. من المهم أن تفكر بنفسك بطريقةٍ ناقدة -لكن لطيفة- وأن تكون صادقاً مع نفسك. تعرَّف على أوجه القصور فيك، لأنَّها الطريقة الوحيدة التي ستتعلم بها كيف تتغلب على أوجه القصورِ تلك. أنت سوف تتغير دائماً وتتطور وتنمو مع مرور السنين، فهذا جزءٌ من الحياة. وما يبقى على حالهُ هي حقيقة أنَّك مسؤول عن أفعالك وعن الشخص الذي أصبحت عليه. هل يعجبكَ ما أصبحت عليه؟ وهل يعجبك كيف تتصرف؟ فكر في الأمر وتعلّم كيف تتبنَّى أخطائك ونجاحاتك، وكيف تتعلّم من كُلٍّ منها على حدى.

المصدر




مقالات مرتبطة