5 مزايا يحتاج إليها الموظف في العمل

كانت تعتمد الشركات فيما مضى على تقديم الوجبات المجانية وتوفير بيئة مَرِحَة ضمن مكان العمل؛ لاستقطاب المواهب والأيدي العاملة الخبيرة، ولم تعد هذه المزايا فعَّالة في العصر الحديث؛ بسبب التغيرات والتطورات المستمرَّة في بيئات العمل، وأولويات الموظفين.



يطالب الموظفون في العصر الحديث بالحصول على مزايا هادفة تساعدهم على تحقيق التقدم المهني، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، وتعزيز السلامة والعافية.

تقول "كيت لامب" (Kate Lamb) الرئيسة التنفيذية لإحدى شركات العلاقات العامة: "لا يجب أن يقتصرَ هدف المزايا على استقطاب المواهب، وإنَّما يُنصَح بالاستفادة منها في الحفاظ على الموظفين وتوفير بيئة صحية ومستقرة ضمن المؤسسة".

المزايا التي يفضِّلها الموظفون في العمل:

لم تعد مزايا العمل التقليدية فعَّالة في استقطاب الكفاءات؛ إذ يبحث الموظف في العصر الحديث عن شركات تدرك أولوياته وتقدرها، وفيما يأتي 5 مزايا يحتاج إليها الموظف في العمل:

1. جداول العمل المرنة:

من الطبيعي أن تزداد أهمية المرونة في جداول العمل في العصر الحديث؛ إذ يفيد 63% من الموظفين بأنَّ المرونة في العمل تساعدهم على تعزيز قدراتهم وإمكاناتهم وفقاً لتقرير منصة "إنفوي" (Envoy) "العودة إلى مكان العمل" (Return to the Workplace Report).

اتفق حوالي 50% من الموظفين على أنَّ إمكانية تقسيم الوقت بين العمل والمنزل، واختيار أيام الدوام لا تقل أهمية عن المزايا التقليدية مثل خطط الادخار والتقاعد والإجازات المدفوعة".

يزداد الطلب على وظائف العمل عن بُعد، وتزداد معه مطالب الموظفين بالعمل وفق جداول وساعات مرنة.

تقول "لامب": "يعجبني نموذج العمل الموزع الذي تعتمده الشركة؛ إذ يعمل جميع الموظفين عن بُعد في المكان الذي يناسبهم ما دام لا يؤثر في التواصل مع العملاء، وهذه ليست ميزة تقليدية مادية، ولكنَّها تسهيلات يقدمها نظام العمل في الشركة لتحسين جودة حياة الموظفين، ولقد لاقيت شخصيَّاً تحسناً ملحوظاً في جودة حياتي عندما بدأتُ أعمل عن بُعد؛ وذلك لأنَّني كنت أواجه صعوبة في الوصول للعمل".

توجد عدة خيارات لتطبيق سياسة المرونة في مكان العمل، ولا سيما بالنسبة إلى الشركات التي لا تستطيع الانتقال لنظام العمل عن بُعد؛ إذ يمكن أن تعتمد هذه الشركات جداول العمل المكثفة على سبيل المثال.

تقول المهندسة الكيميائية "كاي كينغستون" (Kay Kingston) إنَّ شركتها تتيح إمكانية العمل لساعات أطول وتخفيض عدد أيام الدوام، وهي الميزة المفضلة لديها على حد تعبيرها، وتقول في هذا الصدد: "لا يمكنك أن تتقبل أنظمة العمل التقليدية الصارمة بعد أن تحظى بحوالي 3-4 أيام عطلة في الأسبوع"، وأشارت "كينغستون" إلى أنَّ هذه المرونة تتيح لها القيام بالمهام الشخصية أو الطارئة التي تتطلب أخذ يوم إجازة في حالة أنظمة العمل التقليدية.

2. توفير ميزانية خاصة في تعويضات الموظفين العاملين عن بُعد:

تتحدث "بينيلوب كلاين" (Penelope Cline) مديرة قسم الموارد البشرية والمشاريع، والمسؤولة عن اكتشاف المواهب في مؤسستها عن مدى إعجابها بالتعويضات التي توفرها المؤسسة للعاملين عن بُعد؛ إذ تتيح هذه التعويضات للموظفين إمكانية شراء المقتنيات والمعدات اللازمة للعمل من المنزل أو استخدام الأموال في دفع تكاليف مساحات العمل الخارجية التي توفرها شركات مثل "وي وورك" (WeWork) أو "سيلينا" (Selina).

"إنَّ تقديم التعويضات للموظفين العاملين من المنزل لمساعدتهم على شراء المعدات التي يحتاجون إليها لتجهيز مكتب خاص بهم في المنزل يبين أنَّنا نقدِّر أهمية بيئة عمل الموظفين العاملين عن بُعد، ويساهم توفير البيئة اللازمة في زيادة الإنتاجية وإبراز اهتمام الإدارة براحة الموظف الذي يتسنى له أن يحتفظ بالمقتنيات حتى لو استقال من الشركة".

تتطلب وجبات الطعام المجانية وجود الموظف ضمن مقر الشركة، وهو ما يجعلها خياراً غير مناسب للموظفين العاملين عن بُعد، إضافة إلى العاملين وفق ساعات العمل المرنة، وتدل التعويضات المقدمة للموظفين العاملين من المنزل أنَّ الشركة تقدِّر أهمية بيئة العمل عن بُعد، وتقدم الدعم اللازم لمساعدة الموظفين على تجهيز بيئات عمل مريحة تزيد إنتاجياتهم.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتحفيز العاملين على العمل

3. تقديم مزايا مفهومة وواضحة للموظفين:

يحتاج الاطلاع على مزايا الموظفين بعض الوقت، وقد يتطلب الاستعانة بالجهات المعنية لشرح التفاصيل والمصطلحات التخصصية التي لا يفهمها الموظف.

تتحدث "لامب" عن مشكلة جداول الاستحقاق المتعلقة بخطط التقاعد والادخار في مؤسستها، ولم يرد في دليل مزايا الموظفين شرحاً واضحاً عن حسابات الادخار والاستثمار؛ إذ بقي الوضع على حاله حتى اكتشفت أنَّها لن تتمكن من الحصول على كامل استحقاقاتها في الشركة إلَّا بعد مرور 6 سنوات.

"يحتاج الموظف لامتيازات تقنعه بالبقاء في الشركة، وهذا يعني أنَّ الامتيازات المستخدمة لاستقطاب المواهب لا تكفي لضمان بقائهم في العمل؛ إذ تبرز فاعلية المزايا التي تحتوي على كثير من التفاصيل والشروط مثل حسابات الادخار والاستثمار بعد التقاعد في مرحلة توظيف المرشح، ولكنَّ افتقارها للوضوح والتفاصيل يمكن أن يثنيهم عن البقاء في الشركة".

يجب أن تكون تفاصيل وشروط المزايا والاستحقاقات واضحة ومشروحة حتى يشعر الموظف بالأمان تجاه مستقبله المهني ورفاهيته المادية على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: 8 ممارسات تشير إلى أنَّ المديرين يقومون باكتناز المواهب

4. تقديم تعويضات للسلامة والعافية:

"يجب أن تمنح المزايا والاستحقاقات التي تقدمها الشركة الخيار للموظف؛ لأنَّه ليس ثمة مزايا ترضي جميع الموظفين، وتختلف قيمة وأهمية المزايا من موظف إلى آخر، فقد يجدها بعضهم قيِّمة ويعدُّها آخرون معدومة النفع" على حد تعبير "لامب".

السلامة والعافية تجربة شخصية بحتة تختلف من موظف لآخر؛ لهذا السبب يجب تقديم تعويضات مادية تتيح للموظف إمكانية اختيار النشاطات والمعدات التي تناسبه مثل التسجيل بالنادي الرياضي، أو صفوف اليوغا، أو شراء معدات التدريب بالمنزل على سبيل المثال.

تساهم برامج السلامة والعافية في تخفيض نفقات الرعاية الصحية الخاصة بالموظفين، وهو ما يساعد الشركة على توفير كثير من التكاليف.

5. إعداد استراتيجية متكاملة لسلامة وعافية الموظفين:

صرَّحت "لامب" أنَّها من أشد داعمي الاستراتيجيات المتكاملة لعافية الموظفين؛ وذلك لأنَّها تلبي احتياجات الموظف الإنسانية بالدرجة الأولى، وتشمل المزايا في هذه الحالة العطل والإجازات المدفوعة، وإتاحة فرص التقدم المهني، وترتيبات العمل المرنة، وغيرها من التسهيلات التي تراعي طموحات الموظف وتلبي احتياجاته النفسية.

يثبت "تقرير التعلُّم في مكان العمل" (Workplace Learning Report) المنشور على منصة "لينكد إن" (LinkedIn) في عام 2019 صحة كلامها، وقد جاء فيه: "يقول 94% من الموظفين أنَّهم يفضلون الالتزام مع الشركات التي تقدم لهم فرص التعلُّم والتقدم المهني".

تم تحديث الاستطلاع في عام 2023، وبيَّنَت النتائج أنَّ "فرص اكتساب المهارات الجديدة" تُعدُّ أولوية رئيسة لدى 29% من المشاركين عند تقييم فرص العمل المتاحة.

يدرك الموظف أنَّ الشركة تهتم بتنمية مهاراته وتحقيق طموحاته المهنية عند تنظيم برامج تدريب، و"منتورينغ" تساعده على تحقيق التقدم المهني، وتبين هذه السياسة أنَّ أهداف الشركة لا تقتصر على تحقيق الأرباح وحسب وإنَّما هي تُعنَى براحة الموظف وطموحاته.

دور المزايا والاستحقاقات في الحفاظ على المواهب:

تشدد "لامب" على أهمية المزايا التي تركز على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل: "إنَّ قدرتنا على الاحتفاظ بشغفنا ونمط حياتنا وأولوياتنا الشخصية يزيد من مستوى سعادتنا ورضانا في الحياة عموماً وفي مكان العمل خصوصاً، وحتى لو لم نكن سعداء بالعمل، فإنَّنا على الأقل نمتلك كثيراً من الوقت للقيام بالنشاطات التي نحبها خارج أوقات الدوام".

يعتقد بعضهم أنَّ المزايا والاستحقاقات الواردة في المقال مكلفة وتشكل عبئاً مادياً على الشركة، ولكنَّها تساهم في الواقع في ضمان نجاح المؤسسة وراحة الموظفين على الأمد الطويل؛ ويؤدي التركيز على المرونة في العمل، وعافية الموظفين، وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية إلى إنشاء ثقافة تشجع على اندماج ورضى الموظفين، وتساعد على استقطاب المواهب والأيدي العاملة الخبيرة، وتضمن نجاح الشركة على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: مفهوم الرضا الوظيفي وأهميته وتأثيره في إنتاجية الموظفين

في الختام:

تغفل معظم الشركات عن أهمية تقديم المزايا التي تساعد على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل والحفاظ على المواهب في المؤسسة.

إنَّ الشركات التي تعطي الأولوية لعافية الموظف وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل أكثر قدرةً على إنشاء ثقافة وبيئة تزيد من سعادة الموظفين واندماجهم في العمل.




مقالات مرتبطة