5 عادات تساعد دماغك على البقاء في ذروة نشاطه

لا تبقى المعلومات المُخزَّنة في أدمغتنا ثابتة إلى الأبد، ولأنَّ أدمغتنا ديناميكية إلى حد مدهش، فهي قادرة على التكيف والتعافي والتجديد.



إنَّ ما تفعله أو ما لا تفعله هو ما يغير دماغك نحو الأفضل أو الأسوأ، إلَّا أنَّ الوقت لم يفت بعد لتجديد النشاط وإعادة تشكيل الدماغ بحيث يبقى في حالة الذروة؛ فقد أثبتت التجارب في مجال المرونة العصبية (قدرة الدماغ على تغيير الاستجابة للتجربة) أنَّ الدماغ قادر على تعديل نفسه بتغيير بنيته، أو زيادة حجمه أو تقليله، أو تغيير الكيمياء الحيوية؛ فهل يمكنك تغيير عقلك فيزيولوجياً في أي عمر؟ الإجابة هي نعم، وذلك ضمن حدود معينة، وعن طريق البدء بهذه الأنشطة والعادات المثبتة علمياً:

1. ألعاب الخفة:

ارتبطت ألعاب الخفة مؤخراً بتحسين وظائف الدماغ، فقد كشفت دراسة أُجرِيت مؤخراً أنَّ ممارسة ألعاب الخفة تحفز مناطق معينة في الدماغ وتؤدي إلى نموها، ووجدت الدراسة أنَّ المتطوعين الذين شاركوا في ألعاب الخفة حسَّنوا المادة البيضاء لأدمغتهم في المنطقتين المسؤولتين عن النشاط الحركي والبصري.

تفسر الدكتورة هايدي يوهانسن بيرغ (Heidi Johansen-Berg) من قسم علم الأعصاب السريري في جامعة أوكسفورد -والتي قادت الدراسة- الأمر قائلة: "تبيَّن أنَّ المادة البيضاء (حزم من الألياف العصبية تربط مناطق مختلفة من الدماغ) تتغير تماماً نتيجة تعلم مهارات جديدة، ولقد وجدنا أنَّ بنية الدماغ قابلة للتغيير؛ فالدماغ قادر على تكييف نظامه السلوكي للعمل بكفاءة أكبر".

بعد أربعة أسابيع من بدء الدراسة، وجد الباحثون أنَّ كمية المادة البيضاء في أدمغة لاعبي الخفة بقيت على حالها، بينما ازدادت كمية المادة الرمادية؛ وقد اختار الباحثون ألعاب الخفة كمهارة جديدة معقدة يجب على الناس تعلمها، وكواحدة من العديد من الأنشطة التي تساعد الدماغ على تحسين مادته الرمادية.

إقرأ أيضاً: ألعاب العقل: 12 تمريناً ذهنياً سريعاً ومسلياً

2. تمرين عضلات الدماغ:

ألعاب الخفة ليست الأنشطة الوحيدة التي يمكنك استخدامها لبناء المادة البيضاء في الدماغ، حيث يمكنك تعلم مجموعة متنوعة من الأشياء الجديدة التي لا تفعلها عادة؛ فالتنوع هو المفتاح.

تعرَّف على أشخاص جدد، وتعلم مهارة جديدة كالرسم والتصميم وما إلى ذلك، وافعل الأشياء التي تعزز قدراتك وتُشعِرك بأنَّك خرجت من منطقة راحتك.

يشرح نورمان دويدج (Norman Doidge) في كتابه "الدماغ الذي يغير نفسه: قصص الانتصار الشخصي من حدود علوم الدماغ" "The Brain That Changes Itself: Stories of Personal Triumph from the Frontiers of Brain Science" فيقول: "ليست كل الأنشطة متساوية، حيث تقلل الأنشطة التي تنطوي على تركيز حقيقي -كعزف آلة موسيقية، ولعب ألعاب الطاولة، والقراءة، والرقص- خطرَ الإصابة بالخرف؛ فمثلاً: يتطلب الرقص تعلُّم حركات جديدة، ويمثل تحدياً جسدياً وعقلياً، ويتطلب كثيراً من التركيز".

لقد أظهر البحث أنَّ تعلم لغة جديدة يجعل الدماغ ينمو عن طريق زيادة المادة الرمادية في باحات اللغة، كما كشفت الدراسة أنَّ "الحُصين الأيمن والتلفيف الصدغي العلوي الأيسر كانا أكثر مرونة من الناحية الهيكلية لدى المترجمين الفوريين الذين يمتلكون كفاءة أعلى في لغة أجنبية؛ إذ لا يعمل تعلم مهارة واحدة جديدة على الأقل على تحسين عقلك فحسب، بل يساعد أيضاً في التركيز من خلال تجاهل المعلومات غير الهامة؛ لذلك، لا تفعل ما تفعله عادة.

شاهد بالفديو: 5 نصائح ذهبيّة لتعزيز طاقة الدماغ

3. الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم:

لا يأخذ كثير من الناس النوم الجيد على محمل الجد، والخبر السيئ هو أنَّك إذا لم تنم جيداً، فإنَّ دماغك يتقلص؛ وقد كان هذا هو الاستنتاج المفاجئ الذي توصل إليه عدد من العلماء والباحثين حول نوعية النوم وحجم قشرة المخ والحصين.

لقد أظهرت النتائج أنَّ صعوبة النوم أو عدم الحصول على قسط كافٍ منه يسبب التقلص السريع في حجم الدماغ، كما يمكن لهذا التراجع أن يؤثر في مناطق هامة كباحات اللغة واللمس والتوازن والقدرة على الحساب الرياضي أو اتخاذ القرارات.

يقول الدكتور نيل مارو (Neal Maru) المتخصص في علم الأعصاب والنوم في الإسكندرية - فرجينيا، والذي لم يشارك في البحث: "بيَّنت الدراسات أنَّ قلة النوم تسبب تراكم البروتين في الدماغ، والذي يهاجم بدوره خلايا الدماغ؛ وما زلنا نحاول حل هذا اللغز".

يُصلِح النوم الدماغ ويجدد خلاياه، وقد يكون تحسين عادات نومك وسيلة هامة لتحسين صحة الدماغ، ويعدُّ النوم الجيد لمدة 7-8 ساعات ليلاً ضروري لتحفيز الروابط الجديدة ونمو الدماغ.

4. ممارسة التمرينات الرياضية:

في الواقع، يمكن لمجرد ركوب الدراجة لمدة 30 دقيقة أن يفعل العجائب لعقلك، حيث اكتشف الباحثون في دراسة لتحديد ما إذا كان حجم الحُصين سيزداد مع ممارسة الرياضة لدى البشر زيادةً في حجم الحُصين؛ حيث زاد حجم الحُصين النسبي بصورة ملحوظة لدى المرضى بعد التمرين بنسبة (12٪)، ولدى الأشخاص الأصحاء بنسبة (16٪)، بينما لم يشهد حجم الحصين أي تغير لدى الأشخاص الذين لم يمارسوا الرياضة.

يحفز التمرين المخ في عدة مجالات، فهو يزيد معدل ضربات القلب، ممَّا يؤدي إلى ضخ مزيد من الأوكسجين إلى الدماغ، ويساعد على إفراز هرمونات الجسم التي توفر بيئة مغذية لنمو خلايا الدماغ، ويحسن بطريقة غير مباشرة المزاج والنوم، ويقلل من التوتر والقلق.

في دراسة أخرى، قال الدكتور سكوت ماكجينيس (Scott McGinnis)، طبيب الأعصاب في مستشفى بريجهام ومدرب في طب الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد: "إنَّ الأمر الأكثر إثارة هو الاكتشاف القائل بأنَّ المشاركة في برنامج للتمرينات الرياضية المعتدلة الشدة على مدى ستة أشهر أو سنة يرتبط بزيادة حجم مناطق معينة من الدماغ".

إنَّ أي شكل من أشكال تمرينات الآيروبيك التي تجعل قلبك يعمل على نحو جيد بداية رائعة؛ وبغض النظر عن الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، يمكنك أيضاً إضافة المشي إلى روتينك اليومي، كما يمكن للتمرينات الأخرى ذات الحدة المتوسطة -كالسباحة أو صعود السلالم أو التنس أو الرقص- أن تساعدك أيضاً.

شاهد بالفديو: 8 عادات يومية لزيادة فعالية الدماغ

5. التامُّل:

آمن الناس بالتأمل لآلاف السنين، وهو الآن مدعوم ببحث علمي بالغ الدقة. يُعزَى ذلك جزئياً إلى الرغبة في اتباع ممارسات جديدة لتحسين صحتنا العقلية.

إنَّ الفكرة البسيطة المتمثلة في كونك حاضراً طوال اليوم أكثر وعياً بالحياة وبما يحدث من حولك وملاحظة أي توتر أو انشغالات للعقل دون إصدار الأحكام أو تحليل الأحداث هي أنَّه يمكن أن يحسن من صحتك العقلية، كما أنَّه فعال للغاية في مكافحة التوتر.

كتب "كريستوفر بريجلاند" (Christopher Bergland) من مجلة "علم النفس اليوم" قائلاً: "أظهرت الأبحاث في العقد الماضي أنَّ فوائد اليقظة تشمل: تقليل التوتر، وتحسين التركيز، وتعزيز ذاكرة العمل، وتقليل التذمر، والحد من النشاط العاطفي، وزيادة المرونة الإدراكية، وتحقيق مستوى أعلى من الرضا عن العلاقة، وما إلى ذلك".

إقرأ أيضاً: كيف نصل إلى مشاعر الرضا والسعادة في الحياة

إنَّ أدمغتنا تعمل بصورة آلية في معظم الأوقات؛ لذا ابدأ ملاحظة العالم من حولك، وأيقظ حواسك على العالم من حولك.

ختاماً، يمكننا تطوير عقولنا بعدة طرائق مختلفة، ولن يؤدي اتباع عادات أفضل إلى زيادة المادة الرمادية في دماغك فحسب، بل إلى إبطاء التدهور المعرفي وتسريع استرجاع ذاكرتك وتحسين صحتك العقلية.

المصدر




مقالات مرتبطة