5 طرق لتعديل المزاج والإحساس بالسعادة

تزداد الحالة المزاجية السيئة والحزينة في جميع أنحاء البلاد مع استمرار جائحة كورونا في تدمير الصحة النفسية، فأنت لست وحدك من يشعر بالملل، وبقليلٍ أو كثيرٍ من الإحباط كل يوم، وبالتعبِ من قلة النوم، وبالخوف على وظيفتك وأموالك، وبالحزن وفداحة الخسارة، وبالغضبِ الذي سببه الشك، وبالوحدة نتيجة الابتعاد عن الأصدقاء والأحباء، ففي الولايات المتحدة، شعر ما يقرب من نصف الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في دراسة حديثة لمؤسسة كايسر فاميلي (Kaiser Family Foundation) أنَّ صحتهم النفسية تتضرر بسبب الجائحة؛ حيث بدأ التعب المزاجي يؤثر في الكثيرين ممن لا يعرفون كيف يتخلصون منه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كاثي أندرسون (Kathy Andersen) والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في التغلب على الحالة المزاجية السيئة وزيادة مستوى سعادتها.

ومع ذلك، فإنَّ من طبيعة البشر المرونة والتصميم والأمل، وعلى الرغم من مصاعب الجائحة، فقد شهدنا الخصائص الملهمة لروحنا البشرية في قصص الأشخاص الذين تغلبوا على التحديات وتحملوا المسؤولية من خلال اتخاذ الخيارات الإيجابية كل يوم.

يمكنك التغلب على الحالة المزاجية السيئة والحزن بالبدء بالاعتراف بأنَّ الظروف التي تمر فيها ستؤدي إلى هذه المشاعر التي تشعر فيها؛ لذا توقف عن تحميل نفسك مسؤولية الشعور بالاستياء أو الحزن، فأنت تبذل قصارى جهدك؛ لذا كن لطيفاً مع نفسك؛ وذلك لأنَّنا جميعاً أحسسنا بهذه المشاعر وتجاوزناها، ومهما حدث، دع الأمور تسير سيراً طبيعياً.

يشرح عالم النفس وخبير علم الأعصاب، البروفيسور الأمريكي ريك هانسون (Rick Hanson)، كيف تكشف أزمة فيروس كورونا عن بعض نقاط الضعف النفسية الأكثر إيلاماً التي نعاني منها؛ حيث يسلط هانسون الضوء على أهمية رعاية نقاط قوتنا الاجتماعية والعاطفية، وتطوير ممارسات الصحة العقلية المنتظمة، والوصول إلى الموارد التي تعزز القوة والمرونة العقلية، من تنمية الهدوء والامتنان إلى الثقة والشجاعة.

فيما يلي خمس طرائق لتغيير مزاجك وإجراء تغييرات إيجابية لخلق واقع سعيد جديد:

1. اللجوء إلى الأماكن التي تمنحك الراحة والبحث عن بعض السلام:

يحتاج كل منا إلى إيجاد بعض السلام كل يوم، عن طريق الابتعاد عن الأشياء التي تستنفد طاقاتنا وإيجاد "مكان أفضل" يمكننا التنفس فيه بسهولة أكبر والخروج من دوامة الحياة المجنونة التي نعيشها.

عندما كنت طفلاً حاولت الهروب من مضايقات والدي اليومية تقريباً، كنت أذهب إلى أي مكان لأجد بعض المساحة للتنفس، وكان لدي مكانان مفضلان، أحدهما هو شجرة في الفناء الأمامي لبيت جيراننا المجاور؛ حيث كنت أتسلق الشجرة وأجلس بين الأغصان وسط الأوراق التي تجعلني أشعر بالأمان والسلام، وفي تلك المساحة، كان في إمكاني النظر إلى السماء، والتنفس، وتخيل السعادة، وعلى الرغم من أنَّني كنت أعلم أنَّه يجب أن أنزل عن الشجرة الآمنة وأن أخاطر بخوف للعودة إلى المنزل حيث سأكون فريسة لوالدي مرة أخرى، بقيت تلك اللحظات الخيالية السعيدة معي وساعدتني على الصمود كل يوم.

في خضم جائحة كورونا، نحتاج إلى "العثور على شجرة لتسلقها" حتى نتمكَّن من أخذ قسط من الراحة، والتنفس، ورؤية الأشياء من منظور مختلف، وتخيل السعادة، وبعد ذلك، عندما نعود للمغامرة، يجب أن نتمسك بالأمل والأفكار الخاصة بالسعادة، وأن نسير قدماً ونحن متفائلون بأنَّه إذا استطعنا تخيُّل السعادة، فيمكننا تحقيقها.

2. التوقف ودراسة الفرص التي في متناول اليد:

قد يكون تغيير عقليتنا لجعلها ترى الفرص المتاحة بين أيدينا، وتتجاوز المصاعب التي تفرضها هذه الأوقات العصيبة كوقتنا هذا الذي أضحت الجائحة تسيطر فيه على حياتنا من أصعب الأمور، ولقد تعمَّدت القول: "في متناول اليد"؛ وذلك لأنَّه من الهام للغاية رؤية هذه الأشياء التي يمكن الوصول إليها، وهي الأشياء التي في المُتناوَل، والتي لا تستطيع الوصول إليها إلَّا إذا استطعت التوقف لرؤيتها، وإذا توقفت لفترة كافية، فسوف تراها حتماً، ومع ذلك، فأنت الشخص الوحيد الذي يمكنه التوقف كل يوم لمعرفة الفرص المتاحة أمامك؛ لذا توقف للحظة وانظر.

في خضم وقفتك، فكر في إكمال العبارة، "إذا كان في إمكاني، فسوف أقوم بـ..." إذا وجدت أنَّ النتائج التي توصلت إليها وحدك محدودة، فاتصل ببعض الأصدقاء، أو حتى رتب اجتماعاً يكون عنوانه "إذا كان في إمكاني، فسوف أقوم بـ...". القاعدة الوحيدة هنا هي أنَّك تستطيع أن تكمل العبارة بالأشياء السعيدة فقط، والتي تتضمن الخيارات الصعبة التي ستؤدي إلى أشياء سعيدة.

ونعم، يمكن أن تشمل الخيارات "أموراً بسيطةً" مثل عدم تناول المزيد من المنبهات قبل النوم، أو النوم مبكراً، وصولاً إلى الأمور الأكبر مثل تغيير وظيفة تشعرك بالتعاسة، واستبدالها بوظيفة تجعلك سعيداً في خضم هذه الجائحة، نعم، ما زالت هذه الوظائف السعيدة موجودة، أو إنهاء علاقة غير سعيدة والبدء بعلاقة سعيدة، نعم، ما زالت العلاقات السعيدة موجودة أيضاً.

حينما كنت طفلاً، كان تأثير عبارة "إذا كان في إمكاني، فسوف أقوم بـ…" يقتصر على محاولة التخلص من سوء المعاملة، وحينما نصبح بالغين، تُفرَض علينا غالباً القيود نفسها التي فُرضَت علينا حينما كنا أطفالاً أو قيودٌ مختلفةٌ عنها، ومع ذلك، يجب أن نعرف أنَّه يمكننا طلب المساعدة، وعلى الرغم من أنَّه غالباً ما يشعرنا طلب المساعدة بأنَّنا غير سعيدين، ولكن غالباً ما تأتي فرصنا من طلب المساعدة أيضاً.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لِعَيشِ حياةٍ هادفة أن يجعلك أكثر سعادة ورضا

3. تحديد ما تحتاج إلى التخلُّص منه وما تحتاج إلى استعادته:

يجب أن يكون تحديد الأشياء التي تريد التخلي عنها والأشياء التي تريد استعادتها والبدء بها سهلاً، ومع ذلك، فإنَّ أدمغتنا لا ترى بوضوح كما نتمنى عندما نشعر بالقلق والتوتر، فمن خلال طرح أسئلة بسيطة على نفسك وإتاحة الوقت لنفسك للحصول على إجاباتك، فإنَّ الأشياء التي تحتاج إلى التخلص منها وتلك التي تحتاج إلى استعادتها سرعان ما تصبح في قمة اهتماماتك.

ابدأ بأبسط الأسئلة، "ماذا أريد؟" جهز ورقة وقلماً للسماح لتيار الوعي بتقديم إجابات تعرف من خلالها الأشياء التي تريد استعادتها في حياتك.

لتحويل عقلك للبحث عن الإيجابيات التي تتجاوز التحديات الفورية، اسأل نفسك: "ما هو الجانب الإيجابي لهذه الانتكاسة؟" اطرح السؤال طرحاً مختلفاً؛ "ما هو التغيير الإيجابي الذي يمكنني القيام به خلال هذه التحديات؟". 

إنَّ تحدي عقلك للتحول من "حلول النجاة" التي تبقيك حياً على الرمق الأخير، إلى "الحلول المزدهرة" التي من شأنها استعادة روحك وإحيائها، يمكن أن يكشف عن التغييرات التي تريدها، وعندما تكتشف هذه التغييرات، ستشعر بالحافز لاتخاذ خيارات إيجابية للتخلص من الأشياء غير المرغوب فيها، واستعادة كل ما تريده في حياتك.

تذكر أنَّ قانون الطبيعة يقضي بأن تسقط كل الأشياء قبل أن تسمو مرة أخرى؛ لذا اسمح لطبيعتك بأن ترشدك وتحولك.

شاهد بالفديو: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

4. التخلص من الامتنان الناجم عن الشعور بالذنب والشعور "بالامتنان الحقيقي":

قد تكون عبارة "كن ممتناً" واحدة من أكثر "النصائح المتعبة" التي تستخدم استخداماً مفرطاً وتُوزع دائماً للمساعدة على تغيير حالتك المزاجية، ومع ذلك، يظهر الامتنان مراراً وتكراراً كطريقة لتحويل العقلية السلبية والمتشائمة تحويلاً إيجابياً إلى عقلية قوية ومتفائلة وتحركها الاختيارات.

الأمر الأهم هو الشعور بـ "الامتنان الحقيقي" والتعبير عنه، وتجاوز الامتنان الذي يدفعه الشعور بالذنب مثل أن تقول لنفسك: "يجب أن أكون ممتناً؛ وذلك لأنَّه لدي وظيفة في هذه الجائحة، على الرغم من أنَّني أكرهها"، أو "يجب أن أكون ممتناً لعدم إصابتي بالكورونا على الرغم من أنَّها تفسد حياتي"، أو "يجب أن أشعر بالامتنان لأنَّ لدي شخصاً أشارك معه حياتي على الرغم من أنَّني غير سعيد بعلاقتي".

أظهرت أبحاث علم النفس الإيجابية التي أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School) أنَّ الامتنان يرتبط بقوة وثبات بزيادة السعادة؛ إذ يساعد على الشعور بمشاعر أكثر إيجابية، والاستمتاع بالتجارب الجيدة، وتحسين الصحة، والتعامل مع الصعاب، وبناء علاقات قوية؛ حيث جمع مركز علم النفس الإيجابي المشهور عالمياً بجامعة بنسلفانيا (University of Pennsylvania) العديد من الدراسات التي تُظهر الآثار الإيجابية للتعبير عن الامتنان على جميع جوانب الصحة.

لذا إليك تحدي الامتنان الذي عليك خوضه: اعثر عليه حقاً واشعر به حقاً، حاول إنهاء الجملة: "إذا كنت سأشعر بالامتنان لشيء ما فسيكون ..." في بعض الأحيان، قد تثير هذه العبارة البسيطة الشيء الوحيد الذي تحتاج إلى سماعه من نفسك وعن نفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تقدِّر الحياة وتكون أكثر امتناناً؟

5. التحرك بهدف تغيير حالتك المزاجية:

يمكن للحركة أن تغير حالتك المزاجية، فالرقص مثلاً يجعلك مستمتعاً، بينما تجعلك الرياضة هادئاً، ويبدأ تأثير الحركة خلال أقل من 20 دقيقة، فقد أظهرت الدراسات التي أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School) أنَّ عقلك وجسمك مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وأنَّ الطريقة التي تتحرك بها تؤثر في طريقة تفكيرك وشعورك.

غالباً ما تُستخدم العلاجات الحركية للمساعدة على التغلب على الاكتئاب والقلق، عندما لا يكون المعالجون النفسيون وحدهم كافيين، وقد ثبت أنَّ الحركة تساعد على رؤية موقف ما مليء بالتحديات من منظور أكثر إيجابية، وتسمح للعقل برؤية حل إبداعي لموقف قاتم، وتوليد التفكير الموجه نحو الحلول للمساعدة على حل المشكلة، لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بالحزن أو الاستياء، تحرك.

سيبدأ جسمك تلقائياً بالاتصال بالعقل لإنشاء تحوُّل عقلي إيجابي سواء كانت الحركة أكثر استرخاء مثل رياضات التأمُّل أو اليوغا أو مجرد التمدد، أم أكثر نشاطاً مثل التمرين في صالة الألعاب الرياضية، أو الجري في الحديقة، أو المشي على جهاز الجري، أو الرقص بحرية.

المصدر




مقالات مرتبطة