5 طرق لتحويل التشاؤم إلى تفاؤل

سألني والدي ذات مرة إن كنت أعرف الفارق بين المتفائل والمتشائم؟ فقلت لا، فأخبرني أنَّ المتشائم يقول في أثناء مروره بموقف صعب: "لا يمكن أن يصبح الوضع أسوأ ممَّا هو عليه على الإطلاق"، بينما يقول المتفائل: "أنَّ الأسوأ وارد الحدوث دوماً"؛ ولأنَّني متفائل بطبيعتي، وجدت هذا ممتعاً للغاية.



ملاحظة:هذا المقال مأخوذ عن الكاتب فيكتور ستيبانتشيكوف (Victor Stepanchikov)، والذي يحدثنا فيه عن بعض الخطوات البنَّاءة لتحويل التشاؤم إلى تفاؤل.

يدرك غالبية الناس تمام الإدراك أنَّ العيش بتفاؤل أفضل من التشاؤم بكثير؛ لكن من الناحية المنطقية، كيف يمكن أن تكون هذه الرؤية السلبية للعالم مفيدة لنا؟ رغم فهم معظمنا لذلك، إلَّا أنَّ سلوكنا بعيد كل البعد عن التفاؤل؛ فعندما نكبر، تزداد مسؤولياتنا، وننخرط في الحياة العملية، ويمرض الناس من حولنا، ونلتزم بدفع الضرائب، ويكبر الأطفال لتزداد همومهم، وغيرها؛ فتبدو الحياة أكثر صعوبة مع مضي كل مرحلة منها، ونرى جميعاً أنَّ التشاؤم هو الخيار الأسهل.

ليس الهدف هو الإيمان الأعمى بغد أفضل، بل فهم لماذا قد يكون المستقبل أفضل من الحاضر، وأنَّ السعادة الدائمة وهم لا وجود له، وليست هي كل ما يدور التفاؤل حوله أصلاً؛ لكنَّها تنشأ من التفاؤل الصحي، ومن فهم أنَّ العالم لا يتآمر علينا، ولا يحاول جعل حياتنا أكثر صعوبة؛ لذا فإنَّ التفاؤل مع الالتزام بالواقعية هو ما يجب أن نهدف إليه.

لكي نفهم الموضوع بشكل أفضل، دعونا ننظر إلى بعض الأمثلة عن الاختلاف بين عقلية المتشائم وعقلية المتفائل:

1. المخاطرة:

قد يبدو لك للوهلة الأولى أنَّه عندما يتعلق الأمر بالمخاطرة، قد يكون تشاؤمك أمراً جيداً في الواقع؛ إذ يعني الخطر احتمالية الفشل؛ لذا فمن الجيد تحليل جميع المخاطر المحتملة وإدراكها مسبقاً، حيث نصبح بهذه الطريقة قادرين على الاستعداد لها بجميع السبل المتاحة؛ لكنَّ المشكلة في ذلك هي ميل المتشائمين إلى التركيز على المخاطر، أكثر بكثير من التركيز على النجاح بحد ذاته؛ ممَّا يعيق عملية المخاطرة بأكملها. وفضلاً عن ذلك، إذا كانت فرص النجاح ليست عالية بما يكفي، فقد لا يخاطر المتشائم أبداً.

في المقابل، يركز المتفائلون في هذه الحالة على النجاح، ويبحثون عن طرائق لتحقيقه، ويأخذون المخاطر المحتملة في عين الاعتبار، ولا ينظرون إليها باعتبارها مشكلة خطيرة حتى لو حدثت بالفعل، ويكون موقفهم منها محايداً؛ وإذا حدثت، فلا مشكلة في ذلك.

أخيراً، يعطي المتشائمون المخاطر قيمة أعلى من قيمتها الفعلية، رغم إمكانية تحقيق نتائج أكثر أهمية مع قدر أكبر من المخاطر؛ وكما يقول المثل: "إذا لم تخاطر، فلن تربح شيئاً".

إقرأ أيضاً: كيف تتغلب على خوفك من المخاطرة؟

2. النظر إلى المشكلات باعتبارها مؤقتة أو دائمة:

من المميزات الشائعة للتشاؤم رؤية المشكلات على أنَّها دائمة، فعلى سبيل المثال: تخيل حدوث تغيُّر في العمل أدَّى إلى انخفاض المبيعات لأي سبب كان.

قد يعتقد المتشائم أنَّ المبيعات ستستمر في الانخفاض إلى الأبد، ممَّا يؤدي إلى الذعر المفرط، وربَّما الانسحاب من السوق، وقد يستسلم رب العمل المتشائم تماماً؛ في حين سيتأنى المتفائل في الموقف نفسه لبعض الوقت قبل اتخاذ أي خطوات مصيرية.

لا يُقلِّل هذا الصبر والإيمان بمستقبل أفضل من مقدار التوتر فحسب، بل يتيح أيضاً مساحة لإعادة التكيف مع الموقف والتعلم منه؛ وبدلاً من الذعر، قد يضع المتفائل استراتيجية جديدة، ممَّا يخلق مزيداً من الفرص لتحقيق مزيد من النجاح.

إقرأ أيضاً: التشاؤم: علاماته، وأسبابه، وأعراضه، وطرائق علاجه

3. التعميم:

هل سبق لك وأن لاحظت أنَّ مشكلة واحدة قد تُفزِع شخصاً ما لدرجة هستيرية؟ أو هل سمعت أشخاصاً يقولون أنَّ يومهم سيئ لأنَّ شيئاً واحداً قد سار على نحو خاطئ؟ إذا كان الأمر كذلك، فلدى هذا الشخص على الأرجح نظرة متشائمة إلى الحياة.

غالباً ما يعمم المتشائمون المشكلات ويعطونها أكبر من حجمها الحقيقي؛ وعندما تحدث مشكلة ما، يميلون إلى رؤية الكثير من المشكلات الإضافية الأخرى أيضاً؛ بينما ينظر المتفائلون إلى المشكلة كحدث قائم بحد ذاته، ويتعاملون معها بمعزل عن المشكلات الأخرى؛ مما يقلِّل مقدار التوتر والقلق والارتباك، ويسمح بإيجاد حل أسرع لها.

إقرأ أيضاً: أشهر أخطاء التفكير وطرق تجنُّبها

4. تجاوُز أحد المواقف أو الوقوف عندها:

يربط المتشائم الكثير ممَّا يحدث في العالم ارتباطاً مباشراً به شخصياً، فعلى سبيل المثال: إذا رمقه أحدهم بنظرة غريبة حتى دون أن يقصد، فقد يأخذ الأمر على محمل شخصي، ويعتقد أنَّ الشخص الذي ينظر إليه يفكر فيه أو يتكلم عنه بطريقة سلبية؛ بينما إذا مرَّ المتفائل بموقف كهذا، فلن يكترث، أو سيعتقد أنَّ هذا الشخص يمر بيوم سيئ وحسب.

وأيضاً: عندما يرتكب المتشائم خطأً في أثناء القيادة، فسرعان ما يقول أنَّ جميع السائقين الآخرين مخطئون، وقد يكيل لهم الشتائم أيضاً؛ بينما يهتم المتفائل بشؤونه الخاصة، ويركز أكثر على الطريق بدلاً من تحليل مهارات القيادة للآخرين.

شاهد بالفيديو: أقوال وحكم تساعدك على تجاوز الأوقات الصعبة

5. الأمانة والصدق:

إنَّ الأشخاص الذين يركزون أكثر على السلبيات هم الأشخاص نفسهم الذين يعانون من مشكلات في الثقة بالآخرين؛ وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات الشخصية، فعادة ما يحتاج المتشائمون إلى مزيد من الوقت للاعتياد على الشخص الآخر والثقة به.

ورغم أنَّهم ليسوا أنانيين بالضرورة، إلَّا أنَّهم قد يواجهون مشكلات في تصديق الشخص الآخر وأمانته بالكامل؛ لذا إذا أصبحت العلاقة صعبة، فمن الأفضل أن تنهيها، وتكون في علاقة مع شخص متفائل.

يميل المتشائمون إلى توقع الخطط والنوايا الخفية للآخرين، فعلى سبيل المثال: قد يساعد شخص ما شخصاً آخر في الانتقال إلى مدينة مختلفة، أو من خلال تعليمه لغة أجنبية؛ وقد يرغب الشخص الذي يُقدِّم المساعدة في طلب المال مقابل الخدمة التي قدمها؛ فيتجاهل المتشائم في هذه اللحظة كل القيمة والمساعدة التي يتلقاها، ويركِّز فقط على جزئية أنَّه يتعين عليه دفع المال لذلك الشخص، ويعتقد أنَّ المال كان السبب الرئيس وراء مساعدة ذلك الشخص له.

في حين لا يركز المتفائل في هذه الحالة على المعلومات القيمة والمساعدة التي تلقاها فحسب، بل يركز أيضاً على الدفع للشخص قبل أن يطلب منه حتى؛ إذ يفهم المتفائلون أنَّ عليهم رد الجميل للآخرين، وأنَّ الأشخاص الذين يقدمون المساعدة يستحقون الشكر بطريقة ما، سواء كان ذلك بالمال أم برد المساعدة.

رغم وضوح الفوائد المترتبة على التفاؤل، يجد الناس صعوبة في العيش بهذه الطريقة؛ والواقع أنَّ التفاؤل ليس شيئاً تتبعه من حين إلى آخر، بل هو أسلوب حياة؛ فبينما يركِّز العديد من الناس أكثر على السلبيات، تنتهج الغالبية العظمى كلا النهجين المتشائم والمتفائل في حياتهم، وهذا ليس سيئاً أيضاً؛ لكن إذا كنت تشعر أنَّك تنتمي أكثر إلى المجموعة المتشائمة من الناس، فمن الأفضل إعادة النظر في نظرتك إلى العالم.

استخدم الأمثلة المذكورة أعلاه كي تدرك الطريقة التي تنظر بها إلى الحياة؛ إذ لن يساعدك التفاؤل على الشعور بمزيد من الابتهاج والسلام والسعادة فحسب، بل سيؤثر إيجاباً في الأشخاص من حولك أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة